التنبيه السادس في موقع اسلام سؤال
لفظ "المكان" لم يرد في القرآن الكريم إثباته لله ولا نفيه عنه ، وهو من الألفاظ المجملة التي تحتمل حقا وباطلا ، فينبغي الاستفصال ممن أثبت هذا اللفظ لله تعالى أو نفاه ، فإن قصد حقا قُبل منه ، وكان التعبير بما ورد في القرآن والسنة من إثبات علو الله واستوائه على العرش : أولى ، وإن قصد باطلا كان مردودا .
فإن قصد بالمكان : أن الله جل جلاله قد حل في شيء ، أو أن شيئا من مخلوقاته يحيط به ، أو يحصره ، أو يحويه ؛ فلا شك أن هذه كلها معان باطلة ، ولا شك أيضا أن نفي هذا "المعنى" عن الله : حق ؛ ما في إطلاق النفي على اللفظ المحتمل من المأخذ الذي أشرنا إليه .
وإن قصد بالمكان : العلو فوق جميع الخلق ، وأن الله عالٍ بذاته فوق خلقه ، وأنه بائن عنهم ، ليس مختلطا بهم ، فهذا المعنى إثباته لله تعالى حق ، والتعبير عنه بالعلو والفوقية أولى ، ونفيه عن الله تعالى باطل ، لأنه نفي لعلو الله الثابت بنصوص القرآن والسنة .
قلت فاجتنبوا كلمة المكان ولا تقولوها نفيا ولا اثباتا بل استفصلوا عنه كما سبق وتوقفوا في اللفظ
التنبيه السابع
اعلموا رحمكم الله ان صفات الله الذاتية وصفاته الخبرية كلها قديمة بقدم أبدية بأبديته سبحانه وبحمده قال الله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم
أما صفات الله الفعلية فهي قديمة النوع نوعها قديم في حق الله سبحانه معنى ذلك أن الله سبحانه لم يزل فعالا ولا يزال فعال لم يزل متصفا بها ولا يزال قال الله تعالى فعال لما يريد
وكلام الله قديم أزلي أي ان الله لم يزل متكلما ولا يزال متكلما فهو باعتبار اصله صفة ذاتية أزلية أبدية وكلامه سبحانه صفة فعل أيضا أي أن الله لم يزل متكلما إذا شاء كيف شاء فكلام الله قديم والله يتكلم بمشيئته وقدرته قال الله تعالى إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وقال تعالى وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا
قال الإمام البخاري: “ولقد بيّن نعيم بن حماد أن كلام الرب ليس بخلق، وأن العرب لا تعرف الحيّ من الميت إلا بالفعل، فمن كان له فعل فهو حيّ، ومن لم يكن له فعل فهو ميت، وأن أفعال العباد مخلوقة، فضُيّق عليه حتى مضى لسبيله، وتوجّع أهل العلم لما نزل به، وفي اتفاق المسلمين دليل على أن نعيمًا ومن نحا نحوه ليس بمفارق ولا مبتدِع، بل البدع والترؤّس بالجهل بغيرهم أولى؛ إذ يفتون بالآراء المختلفة مما لم يأذن به الله”. وقال البخاري: “ففعل الله صفة الله، والمفعول غيره من الخلق”. وقال أيضًا: “وقالت الجهمية: الخلق هو المخلوق، وقال أهل العلم: التخليق فعل الله” خلق أفعال العباد وهو كتب مهمة في عقيدة أهل السنة أنصحكم بقراءته
وقال كذلك في كتاب التوحيد من صحيحه: “باب ما جاء في تخليق السموات والأرض وغيرها من الخلائق، وهو فعل الرب تبارك وتعالى وأمره، فالرب بصفاته وفعله وأمره وكلامه، وهو الخالق المكوِّن، غير مخلوق، وما كان بفعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مفعول مخلوق مكوَّن
ونوع الكلام في حق الله قديم لا الآحاد المعين والدليل على ذلك قوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم
فكلم الله نبيه آدم بعد خلقه وصوره وأمثال ذلك كثيرة في القرآن كقوله تعالى ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون وقوله تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه وقوله تعالى ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين إلى غير ذلك من الآيات من كتاب الله سبحانه الدالة على ذكرت
وكذلك نوع الأفعال في حق الله قديم لا الآحاد المعين بدليل قوله تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم
انما يكون ذلك يوم القيامة وقول الله تعالى الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش
فالله خلق السماوات والأرض ثم استوى على العرش كما وصف نفسه سبحانه
وكذلك يدل على ذلك حديث النزول المتفق على صحته ولفظه : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على ما سبق
والله سبحانه لم يزل متصفا بصفاته قديما بصفاته قبل خلقه كما لم يزل بها أزليا كذلك فلا يزال بها أبديا ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بعد احداثه البرية استفاد اسم البارئ بل الله هو الخالق والبارئ قبل خلقه للخلق وهو البارئ سبحانه قبل احداثه البرية وهكذا جميع صفات الله عز وجل فصفاته كذاته كلها قديمة ليس شيء منها مخلوقا ولا حادثا ولا محدثا لأن الله منزه عن أن تحدث صفة متجددة لم تكن
وأهل السنة يقولون بقيام الأفعال بمشيئته وإرادته على الوجه اللائق به، أما مصطلح (حلول الحوادث) فلا يثبتونه ولا ينفونه، إنما يُستفصل في مراد القائل، ولا يصفون الله به، كما لا يصح وصف الله بالجسم والجوهر والعرض، وإن كان يُفصّل فيه من جهة المعنى، فيُقبل الحق ويُرد الباطل.
و حلول الحوادث لفظ مجمل، يُستفصل فيه، فإن أُريد به الأفعال الاختيارية فالمعنى صحيح، وإن كانت اللفظة ذاتها من ابتداع أهل الكلام، وإذا أُريد به أن الله يحل فيه الحوادث المخلوقة أو التي تُحيله وتجعله محلًّا للتغيرات المخلوقة والاستحالات أو أن الله استحدث صفة لم تكن موجودة من قبل كما تقول الكرامية، فالمعنى واللفظ خطأ معًا بل الله منزه عن حدوث وصف متجدّد كما بين العلماء رحمهم الله.
التنبيه الثامن الإمام السفاريني رحمه الله في منظومته في العقيدة أجمل أشياء تحتاج الى تفصيل لهذا بعض أهل العلم ذكروا أن عليها بعض المآخذ وعلقوا عليها لهذا لا بد من مراجعة تعليقات وشروحات العلماء عليها
قال الشيخ ابن قاسم رحمه الله في شرحه عليها ما معناه ... أنها أرجوزة مفيدة ولكنه أدخل فيها من آراء المتكلمين ما لعله لم يتفطن إليه ..
وقال الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله ما معناه أنها منظومة جيدة إلا في بعض الوجوه فإنه دخلها من عقائد الأشعرية ما دخلها .... الفتاوى 1/ 201
فاحفظوا هذه الفوائد وعلموا الناس العقيدة السنية الصحيحة جزاكم الله خيرا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
|