6411 - (لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ، قَامَ وِجَاهَ الْكَعْبَةِ فَصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ هَذَا الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ! إِنَّكَ تَعْلَمُ سَرِيرَتِي وَعَلَانِيَتِي، فَاقْبَلْ مَعْذِرَتِي، وَتَعْلَمُ
حَاجَتِي، فَأَعْطِنِي سُؤْلِي، وَتَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي.
اللَّهُمَّ! إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَاناً يُبَاشِرُ قَلْبِي، وَيَقِيناً صَادِقاً حَتَّى أَعْلَمُ أَنَّهُ
لَا يُصِيبُنِي إِلَّا مَا كَتَبْتَ لِي، وَرِضاً بِمَا قَسَمْتَ لِي! فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ:
يَا آدَمُ! إِنِّي قَدْ قَبِلْتُ تَوْبَتَكَ، وَغَفَرْتُ لَكَ ذَنْبِكَ، وَلَنْ يَدْعُنِي
أَحَدٌ بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلَّا غَفَرْتُ لَهُ ذَنْبَهُ، وَكَفَيْتُهُ الْمُهِمَّ مِنْ أَمْرِهِ، وَزَجَرْتُ
عَنْهُ الشَّيْطَانَ، وَاتْجَرْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تَاجِرٍ، وَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ الدُّنْيَا
رَاغِمَةً، وَإِنْ لَمْ يُرِدْهَا) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:

منكر.
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/66/1/6112) ، وابن عساكر
في "تاريخ دمشق" (2/642) من طريق النَّضْر بْن طَاهِرٍ:حدثني مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْأنصاري عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ... مرفوعاً. وقال الطبراني:
"لَمْ يَرْوِه إِلَّا مُعَاذُ، تَفَرَّدَ بِهِ النَّضْرُ ".
قلت: وهو ضعيف جداً، يسرق الحديث ويحدث عمن لم يرهم، ولا يحمل
سنه أن يراهم، كما قال ابن عدي في "الكامل" (7/27) ، ثم ساق له عدة أحاديث
سرقها، يصرح فيها بالتحديث ممن لم يسمعه منه، وهذا معناه: أنه يكذب في التحديث عمن لن يلقه، وهذا ما صرح به ابن أبي عاصم في "السنة" عقب
حديث أبي رزين، فقال (1/289) :
"ثم وقفت من هذا الشيخ بعد على الكذب، ورأيته بعدما كف بصره يحدث
عن الوليد بن مسلم، وعن غيره بأحاديث ليس من حديثه، وتتابع في الكذب،
نسأل الله العصمة ".
وخفي هذا على ابن حبان، فأورده في "الثقات" (9/214) ، وقال:
ربما أخطأ ووهم "!
ولما ذكر الحافظ في "اللسان" كلام ابن أبي عاصم المتقدم، أتبعه بقوله:
"وكأن ابن حبان ما وقف على كلام ابن أبي عاصم هذا ".
ثم ذكر كلام ابن حبان.
وقد روي الحديث عن بريدة بن الحصيب، فرواه ابن عساكر أيضاً من طريق
أخرى عن النضر بن طاهر أيضاً: نا حفص بن سليمان عن علقمة بن مرثد عن
سليمان بن بريدة عن أبيه ... به.
قلت: وحفص بن سليمان هذا - وهو: القاري - ضعيف جداً، فإن كان النضر
ابن طاهر، لم يسمعه منه، وإنما سرقه، فإنه لم يَعْرِف ممن يسرق!!
لكن قد روي الحديث من غير هذه الطريق، يرويه محمد بن كثير العبدي:
حدثنا عبد الله بن المنهال عن سليمان بن قسيم عن سليمان بن بريدة ... به.
أخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير" (231) ، ومن طريقه ابن عساكر
(2/640 - 641) ، وأخرجه الحافظ ابن حجر في "المسلسلات" (ق 113/1 - 2)
من طريق أخرى عن محمد بن كثير، لكن وقع فيه: (المنهال بن عمرو) ، ولعله
خطأ من الناسخ. وفي رواية لابن عساكر: عبيد بن المنهال، وقال عقبهما:
"كذا قال: (عبيد بن المنهال) ... وإنما هو: (عبيد الله بن المنهال) ،وأسقط منه:
(سليمان بن قسيم) ".
وأقول: عبد الله هذا - أو عبيد، أو: عبيد الله -: لم أجد له ترجمة.
وشيخه سليمان بن قسيم - ويقال: ابن يسير -: ضعيف اتفاقاً. وقال ابن
حبان (1/329) :
"يأتي بالمعضلات عن أقوام ثقات".
فأقول: وإن مما [لا] شك فيه أن هذه الحديث من معضلاته، لمخالفته للنص
القرآني: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ... } الآية، وما يذكر
في بعض الآثار: أن القواعد كانت قبلهما، وأنهما رفعا البيت عليها، فليس في
شيء منها ما يصلح للاحتجاج به رواية، لأنها بلاغات ومقطوعات، ليس فيها
مرفوع إلا هذا الحديث المنكر، كما يظهر ذلك لمن درس أسانيدها في "تاريخ ابن
عساكر"، و"تفسير ابن جرير الطبري" وغيرهما، مع مخالفتهما للآية - كما تقدم -.
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قد ذكر نحو هذا في تاريخه "البداية" فقال (1/163) :
"ولم يجئ في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنياً قبل الخليل عليه
السلام، ومن تمسك في هذا بقوله {مكان البيت} ، فليس بناهض ولا ظاهر،
لأن المراد: مكانه المقدر في علم الله المقرر في قدرته، المعظم عند الأنبياء موضعه، من
لدن آدم إلى زمان إبراهيم، وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة، وأن الملائكة قالوا
له: قد طفنا قبلك بهذا البيت، وأن السفينة طافت به أربعين يوماً أو نحو ذلك،
ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل. وقد قررنا أنها لا تصدق، ولا تكذب،
فلا يحتج بها، فأما إن ردها الحق فهي مردودة، وقد قال الله: {إن أول بيت
وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين} ".