دولة الصفويين.. تاريخ من العمالة والقتل
لجأ الشاه إسماعيل وخلفاؤه من بعده إلى أسلوب (القتل العام)! وارتكاب مختلف أنواع الجرائم من حرق وتدمير وتعذيب واغتصاب، من أجل تغيير عقائد أهل البلاد من السنّة
منذ اليوم الأول لقيام هذه الدولة الخبيثة، عملت على إضعاف الدولة العثمانية وطعنها من الخلف، بنشر الفتن المذهبية في منطقة الأناضول؛ مما خفف من اندفاع العثمانيين في فتوحاتهم الأوروبية
قد مر بالعالم الإسلامي مآس تاريخية كان بعضها أشد من بعض، ومن أشد هذه المآسي ما فعله الصفويون بالمسلمين من قتل وتشريد، ولا بد للمسلم أن يعرف هذا التاريخ الأسود الذي تلطخ بدماء الأبرياء من العلماء الصالحين وجميع شرائح المجتمع المسلم حتى لا ينخدع ببعض الشعارات التي يحملها أصحاب الأفكار التدميرية الذين لا يألون جهدا لتدمير مكتسبات الأمة والتعاون مع الأعداء رغم تظاهرهم بروح المقاومة والدفاع عن الأمة ولكن تاريخ أمتنا يمثل مرآة عاكسة لأعداء الأمة والمتعاونين معهم، ويؤكد لنا أن الشاه الصفوي إسماعيل أول ملوك الدولة الصفوية كان يجمع بين التعصب المذهبي والغلو والتكفير وبين الدموية، وكان من دمويته أنه نبش قبور العلماء والمشايخ السنة وأحرق عظامهم، وكان إذا قتل أميراً من الأمراء أباح زوجته وأمواله لمن يختار، وفي الأسطر القادمة فقرات من هذه الصفحات التاريخية التي ينبغي أن نعيها حتى لا تتكرر.يـنسب الصفويون إلى (الدولة الصفوية) التي حكمت إيران في الفترة من 907 إلى 1148هـ (1501-1724م)، والتي أسسها الشاه إسماعيل الصفوي، ولقب (الصفوي) نسبة إلى الشيخ صفي الدين الأردبيلي، الذي كان يتزعّم طريقة صوفية باطنية متطرفة، تتبنى الكثير من مبادئ الباطنية.
الأسرة الصفوية
توارث أبناء هذه الأسرة زعامة الطريقة الصوفية الصفوية على النحو التالي:
1) صفي الدين الأردبيلي (ت 735هـ)، مؤسس الطريقة، والمقيم في أردبيل، من مدن أذربيجان.
2) صدر الدين بن صفي الدين (ت794هـ).
3) خواجة علي بن صدر الدين (ت830هـ).
4) إبراهيم بن خواجة علي (ت851هـ).
5) جنيد بن إبراهيم (ت 861هـ)، وهو أول من أعلن تبنيه المذهب الاثناعشري.
6) حيدر بن جنيد (ت 893هـ).
7) إسماعيل بن حيدر (ت930هـ/ 1524م)، وهو أول ملوك الدولة الصفوية.
وقد بدأت الصفوية كحركة دينية، ذات تطلعات سياسية خفية، وأخذت توسع من اهتماماتها السياسية شيئا فشيئا، حتى انتهت إلى إقامة دولة مترامية الأطراف، على أشلاء الملايين من أبناء أهل السنة والجماعة، الذين كانوا يشكلون الأغلبية الساحقة من سكان إيران.
وقد قاد عمليات التصفية هذه الشاه إسماعيل وخلفاؤه، اعتمادا على قوة (القزلباش)، وهم طائفة من التركمان الذين اعتنقوا مبادئ هي مزيج من النصيرية والتصوف الباطني، ثم تحولوا إلى الاثناعشرية.
جرائم الدولة الصفوية
اتسمت الصفوية بجرائمها الثلاث الكبرى:
1) الإمعان في تحريف الدين الإسلامي.
2) اعتماد منهجية العنف الدموي الشديد في نشر التشيع.
3) إقامة التحالفات مذهبهم الغادرة ضد أهل السنة، وخاصة الدولة العثمانية.
المجازر ضد أهل السنة
لجأ الشاه إسماعيل وخلفاؤه من بعده إلى أسلوب (القتل العام)! وارتكاب مختلف أنواع الجرائم من حرق وتدمير وتعذيب واغتصاب، من أجل تغيير عقائد أهل البلاد من السنّة، فشهدت إيران من الأعمال المروعة ما لم تشهده طوال تاريخها، حتى على يد المغول! وهذه بعض النماذج:
- مدينة تبريز: دخل إسماعيل الصفوي المدينة في ربيع عام 1501م، واعتلى منبر المسجد الجامع وأعلن البراءة من السنّة ولعْن أبي بكر وعمر وعثمان.. وجرت مقتلة عظيمة في المسجد.. وكان اغتصاب الفتيات والفتيان وشق بطون النساء الحوامل وإضرام النار في أجساد القتلى أمرا معتادا في الأيام التالية.. وبلغ عدد القتلى من أهل تبريز عشرين ألفا.
- مدينة أصفهان: لقد أقدم القزلباش في أصفهان على القيام بتلك الفجائع التي تتضاءل أمامها جرائمهم في أذربيجان، فقد أصابت أضرارهم كل ما بقي في أصفهان من مساجد ومدارس وأبنية تاريخية.. واستمرت مذبحة سكان أصفهان عدة أيام متواصلة، وقتل قسم عظيم من سكان المدينة قتلا عاما، ونهبت أموال الناس، وأضرمت النيران في المزارع والحدائق.
- مدينة كازرون: أصدر الشاه إسماعيل أمرا بالقتل العام لسكان كازرون وتخريبها.. وأمر بتخريب المساجد والمدارس وما سماها (بقاع الملاحدة ومزاراتهم)!.. وبقي على قيد الحياة مِن سكان المدينة مَن استطاع الفرار.
- مناطق الأكراد: تعرض الأكراد للقتل والاضطهاد على يد ملوك الصفويين بصورة مستمرة، ومن ذلك ما ارتكبه الشاه طهماسب بن إسماعيل (ت 1576م) ضد أكراد (لورستان) و(كرمنشاه).. وجرائم الشاه عباس الكبير (ت 1629م) ضد أكراد مدينة (أورمية)، وإصداره (فرَمانا) بالقضاء التام على جميع أفراد عشيرة (الموكري)، حيث قتل الآلاف من أبناء العشيرة، وأسر الآلاف من النساء والأطفال، وهجّر آلاف آخرين من مناطقهم.
التحالف مع أعداء الأمة
كان تحالف الدولة الصفوية وتعاونها مع القوى المعادية للإسلام سمة من سمات هذه الدولة:
- منذ اليوم الأول لقيام هذه الدولة الخبيثة، عملت على إضعاف الدولة العثمانية وطعنها من الخلف، بنشر الفتن المذهبية في منطقة الأناضول؛ مما خفف من اندفاع العثمانيين في فتوحاتهم الأوروبية.
ومن ذلك، تلك المؤامرة التي أعد لها الشاه إسماعيل وأدت إلى نشوب فتنة استمرت زهاء سنتين (915-917هـ) قتل فيها الكثير من الجنود والمدنيين من مواطني الدولة العثمانية.
وهذه الفتنة وأمثالها، كانت سببا رئيسا من الأسباب التي أدت بالسلطان سليم الأول العثماني (918-926هـ / 1512-1520م) لسحب جانب كبير من الجيوش العثمانية من الميدان الأوروبي والتوجه لإيران، وإلحاق هزيمة قاسية بالشاه إسماعيل في معركة (جالديران) عام 920هـ (1514م).
- بدأ البرتغاليون والصفويون بتبادل الرسائل (الودية) بينهما منذ اليوم الأول لوصول البرتغاليين للمياه الإسلامية. ودخل البرتغاليون إلى الخليج في سنة 912هـ/ 1507م، أي بعد سنوات قليلة من تأسيس الدولة الصفوية، وكانوا قبل ذلك احتلوا جزيرة سوقطرة قبالة اليمن، لكنهم شعروا بعدم جدوى احتلالها لفقرها من الموارد الطبيعية، ثم حاولوا احتلال عدن، لكنهم لم يستطيعوا ذلك فرأوا أن يتجهوا شطر منافذ الخليج العربي، ومنها القطيف.
وخشي القائد البرتغالي (البوكيرك) أن يثير تحركه هذا حفيظة الشاه إسماعيل الصفوي، فأراد أن يكسب ودّه، ويأمن جانبه، وليخيف بهذا التقرب، عرب الخليج، فأرسل البوكيرك إلى إسماعيل رسالة فيها: «إني أقدّر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو أن تهاجم مكة! ستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدّة أو في عدن أو في البحرين أو في القطيف أو في البصرة، وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي، وسأنفذ له كل ما يريد».
وقد عقدت اتفاقية بين الشاه إسماعيل الصفوي والبوكيرك الحاكم البرتغالي في الهند، نصت على ما يلي:
- تصاحب قوة بحرية برتغالية الصفويين في حملتهم على البحرين والقطيف.
- تتعاون البرتغال مع الدولة الصفوية في إخماد ثورات بلوشستان ومكران.
- تتحد الدولتان في مواجهة الدولة العثمانية.
- تصرف حكومة إيران النظر عن جزيرة هرمز, وتوافق أن يبقى حاكمها تابعاً للبرتغال.
قارن بين هذا الموقف الصفوي المخزي، وموقف (الدولة الجبرية) التي كانت تحكم الأجزاء الشرقية للجزيرة العربية؛ إذ تصدت هذه الدولة للاستعمار البرتغالي بكل صور البطولة والفداء، حتى سقط زعيمها السلطان مقرن بن زامل الجبري رحمه الله شهيدا عام 1521م وهو يدافع عن البحرين.
- أخذ الشاه عباس بإجراء اتصالات مع القوى الأوروبية المعادية للعثمانيين لتشكيل حلف مشترك، وقدّم عروضا لإسبانيا لتقاسم أراضي الدولة العثمانية!
ولم يكن هذا العرض سوى واحد من عروض كثيرة حملها سفراء إيرانيون كانوا يقطعون المسافة بين أوروبا وإيران جيئة وذهابا، ومن ذلك إرسال وفد عام 1008هـ (1599م) برئاسة الإنجليزي (السير أنطون شيرلي) إلى كل من البابا وإنجلترا والبندقية وفرنسا وبولندا، في الوقت الذي كانت الحرب بين الدولة العثمانية والنمسا مشتعلة الأوار.
هذه هي الصفوية.. مصطلح نختزل به كل معاني الزندقة والشعوبية والخيانة والظلم.
اعداد: عمر خليفة