مضار العادة السرية :
1- أنها تسبب لصاحبها أمراضاً جسيمة خطيرة كالسل وفقر الدم وضعف البصر وغيرها .
2- تسبب الأمراض النفسية مثل القلق النفسي والتوتر والتوهم المرضي .
3- يترتب عليه مرض اجتماعي خطير هو سلوك المرأة وبحثها عما يشبع نهمها الجنسي ، فتنتشر الرذيلة بذلك .
علاج هذه العادة / 1- العمل على شغل الذهن بما ينفع مثل بعض الهوايات المباحة .
2- مراعاة قواعد النظافة ، والبعد عن الملابس الضيقة ومنع المثيرات ، والإكثار من الفسح والهواء الطلق.
3- تحذير المراهقين من خطورة هذه العادة على الدين والنفس .
ثامناً / حكم الوطء في نكاح مجمع على بطلانه والعقوبة فيه .
ذهب جمهور العلماء أن كل وطء في نكاح مجمع على بطلانه مثل الزواج بخامسة أو متزوجة أو معتدة ، يجب فيه الحد واستدلوا بحديث المرأة التي تزوجت في عدتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل علمتما قالا : لا ، قال : لو علمتما لرجمتكما ، فجلده أسواطاً ثم فرق بينهما .
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجب فيه الحد ، ورجح المؤلف قول الجمهور ، أما إذا كان الوطء في نكاح مختلف فيه كنكاح المتعة ونكاح الخامسة في عدة الرابعة فقد اختلف العلماء ما بين الموجب للحد وعدمه ، ولم يرجح المؤلف قولاً .
تاسعاً / حكم الوطء بالإكراه والعقوبة فيه .
أ/ معنى الإكراه : حمل الغير على ما يكرهه بالوعيد .
ب/ أنواع الإكراه : 1- إكراه تام أو ملجئ مثل التهديد بالقتل والقطع والضرب .
2- إكراه ناقص أو غير ملجئ أي يبقى الفاعل مستقلاً في قصده أن يكون الإكراه بالحبس أو قيده .
جـ / إكراه المرأة : ذهب الجمهور من العلماء أنه لا حد على المرأة إن كانت مكرهة مستدلين بالآيات والأحاديث والآثار الواردة في العذر بالإكراه ، وكذلك في اللواط فإن المفعول به المكره لا يحد .
د / إكراه الرجل : اختلف العلماء فيه ما بين موجب للحد وعدمه ، ورجح المؤلف عدم الحد لعموم الأدلة الدالة على العذر في الإكراه .
عاشراً / حكم إتيان البهائم .
أجمع العلماء على تحريم إتيان البهائم ، واختلفوا في عقوبته فذهب جمهور العلماء إلى وجوب التعزير لأنه ليس زنى وليس في معناه وروى ذلك عن ابن عباس وذهب بعضهم إلى أنه يقتل محصناً كان أو غير محصناً استدلالاً بقوله صلى الله عليه وسلم (ومن وجدتموه يأتي البهيمة فاقتلوه واقتلوها معه ) وذهب بعضهم إلى أنه يحد حد الزاني ، ورجح المؤلف قول التعزير ، وذلك لضعف حديث (من وجدتموه يأتي بهيمته فاقتلوه ) .
حكم البهيمة المأتية : يرى المؤلف رحمه الله وجوب قتل البهيمة ، وذلك لورود الأحاديث في ذلك ، وربما أتت بولد مشوه الخلق ، ورد المؤلف قول من قال كيف يعمل بالحديث في حق البهيمة ، ولا يعمل في حق آتيها ، بأن قتل الفاعل حد والحدود تدرأ بالشبهات أما قتل البهيمة فلا تؤثر فيه الشبه ، والآدمي له حرمته ، وهذا لا يلزم في المال والحيوان ، واختلف العلماء في حكم أكل لحمها ، ورجح المؤلف بكره أكله لشبهة التحريم ، ويجب قتل البهيمة عند ثبوت هذا العمل ببينة ، واختلفوا في عدد الشهود .
بعض المسائل المتفرقة : إذا وطئ شخص امرأة ميتة غير زوج في قبلها أو دبرها وهو من أهل الحد فاختلفوا في ذلك ما بين الحد والتعزير ، ورجح المؤلف التعزير لأن الميتة لا تشتهي طبعاً ، ومن وطء المبيحة نفسها فهو زان ولو كان ذلك بإذن وليها ، ومن وطء امرأة أجنبية وليست نفسها على أنها زوجته لم يحدو تعتبر المرأة زانية ، ومن استأجر امرأة ليزني بها وجب الحد عليهما .
الوطء بشبهة :
الشبهة : ما يشبه الشيء الثابت وليس بثابت في نفس الأمر .
الشبهة ثلاثة أنواع :-
1- شبهة الطريق أو الجهة أو العقد ، كنكاح بلا ولي وشهود ونكاح المتعة ، فهذا مما اختلف فيه العلماء .
2- شبهة الفاعل كأن يظن المرأة الأجنبية زوجته فيطؤها فلا حد عليه .
3- شبهة في المحل : كمن وطأ أمة مشتركة بينهما أو وطء جارية ولده .
ودليل الشبهة قول النبي صلى الله عليه وسلم (إدراء والحدود بالشبهات ) .
العجز عن ادعاء الشبهة : اختلف العلماء فيمن عجز عن أداء الشبهة ، كالأخرس والمجنون ، ورجح المؤلف عدم وجوب الحد عليه لاحتمال أن تكون له شبهة لا يقدر على بيانها .
بقاء البكارة : يعتبر بعض العلماء عدم زوال البكارة شبهة في حق المشهود عليها بالزنى ، وذهب بعض العلماء إلى عدم ذلك ، ورجح المؤلف أنه لا يسقط الحد لأن الطب الشرعي يثبت أن الإدخال والإنزال قد يتم دون أن يمزق غشاء البكارة .
إذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة مكلفة : اختلف العلماء في ذلك على وجوب الحد وعدم وجوب الحد عليها ، ورجح المؤلف القول بوجوب الحد دراءً للمفاسد ، وقطعاً لجرائم تلك الفاحشة .
إذا زنى الرجل البالغ العاقل بصبية أو مجنونة: إذا زنى الرجل البالغ العاقل بمجنونة وجب عليه الحد ، واختلفوا فيمن زنى بصبية والراجح هو وجوب الحد .
والزنى في دار الحرب ، والبغي : لا يوجب الحنفية الحد عند الحنفية لأن المقصود الإنجاز وهو غير حاصل لانقطاع الولاية ، ولو تمز الإمام ومن له ولاية فإنه يقيم الحد عليه .
الباب الثاني / في أحكام العبيد والإماء .
أولاً / في عقوبة الزنى المقدرة عليهم :
اختلف الفقهاء في عقوبة العبد والأمة إذا زنيا ، فقال الجمهور أن حدهما خمسون جلدة بكرين كانا أم ثيبين ، لقوله تعالى (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) ورود بعض الأحاديث في ذلك وقال آخرون عليها نصف الحد إن كانا مزوجين ، والرأي الثالث إن لم يحصنا بتزويج فعليهما الحد وغن أحصنا فعليهما الرجم ، والراجح عند المؤلف قول الجمهور لعموم الأدلة .
تغريب العبد : اختلف العلماء في تغريبه وعدمه ، ورجح المؤلف في عدم التغريب لعموم الأدلة الدالة على جلدهما وعدم تغريبهما .
ثانياً / في إحصانهم ومن يتولى الحد عليهم :
حيث اتفق العلماء أنهما ليسا بمحصنين سواءً كانا متزوجين أم لا .
أ / من يتولى إقامة الحد عليهم : إذا زنى الحر فإن الذي يتولى إقامة الحد عليه هو الإمام لكن اختلفوا في العبد والأمة ، ورجح المؤلف أن السيد أن يقيم حد الزنى على مملوكه إذا اختص به ملكاً ، وثبت عليه الحد وتوفرت الشروط الآتية : أن يكون الحد جلداً كحد الزنى والقذف والشرب ، وأن يكون العبد مملوكاً لواحد ، وأن يثبت الحد ببينة أو إقرار وأن يكون السيد بالغاً عاقلاً عالماً بالحدود وكيفيتها .
ثالثاً / في عقوبة المكاتب والمبعض والمدبر وأم الولد ومن يتولى إقامتها :
للعلماء فيمن يتولى إقامة الحد على المكاتب قولان : سيده أو الإمام وأما المدبر وأم الولد ، والمعلق بصفة مكالفت في الحد لأنه رفيق كله ، وأما عقوبة المكاتب والمدبر وأم الولد والمعلق عنقه بصفة كالقن لأن رفيق كله .
إذا كان السيد فاسقاً أو امرأة أو مكاتباً أو كافراً ، فهل يحدون عبيدهم أو لا :-
إذا كان السيد فاسقاً فاختلف العلماء ما بين أنه يملك بإقامة الحد أم لا ، ولم يرجح المؤلف قولاً وإن كان السيد مكاتباً ففيه احتمالان أنه يملكه ولا يملكه وكذلك المرأة ، ولم يرجح المؤلف قولاً .
الباب الثالث / في شروط تنفيذ العقوبة .
أولاً / ما يشترط في إقامة الحد مطلقاً رجماً كان أم جلداً .
1- أن يكون مكلفاً بالغاً عاقلاً .
2- أن يكون ملتزماً أحكام المسلمين فيخرج الحربي والمستأمن ويدخل فيه الذمي .
3- أن يكون عالماً بالتحريم .
4- أن يكون مختاراً غير مكره .
5- أن يطأ في فرج أصلي من آدمي حي قبلاً كان أم دبراً بذكر أصلي .
6- أن تنتفي الشبهة .
7- ثبوت الزنى ولا يثبت إلا بالإقرار أو شهود أربعة مسلمين ، ويشرط في الحاد أن ينوي التنفيذ ، وأن يقيمها على الأحرار لإمام أو نائبه .
واختلف العلماء في مسائل : هل يملك الإمام إسقاط الحد أم لا : فذهب الجمهور إلى عدم الجواز وقال البعض بالجواز والصحيح عدم جواز لأن حق لله تعالى ، واختلفوا : هل يجب على الشهود حضور إقامة الحد إن ثبت بهم ، والبدء بالرجم ما بين مستحب وعدمه، واختلفوا هل تجب إقامة الحد على الفور أو يجوز التراخي فيها : فذهب الجمهور إلى عدم جواز التأخير إلا لعذر ، وخالهم بعض العلماء ، والعذر عندهم هو المتعلق بالزمان فقد يكون الجو حاراً أو بارداً شكل مفرط يخش على المحدود الموت ، أو قد يكون متعلقاً بشخص كان يكون مريضاً فلا يجلد حتى يشفى وخالف بعض العلماء ذلك ، وإن كان رجماً فإنه لا يؤخر ،وإن كان المريض لا يرجى برؤه فرأي الجمهور أنه يقام عليه الحد في الحال ولا يؤخر ، واشترطوا أن يقام الحد بسوط يؤمن معه التلف مثل شمراخ النخل ، ويمكن جزية ضربه واحد بمائة شمراخ ، لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ب / المرأة الحامل :
أجمع الفقهاء على أن المرأة الحامل لا يقام عليها الحد حتى تضع سواء الحمل من الزنى أم من غيره ، لورود الدليل على ذلك ، فإن وضعت فإنها لا ترجم حتى تطعم ولدها وإن كان الحد جلداً فإن لا تجلد حتى تضع الحمل وتعالى من نفاسها ، وتصبح قوية .
2- ما يشترط في إقامة الحد إذا كان جلداً .
اتفق العلماء على أن الزاني إن كان حراً مكلفاً غير محصن : حده مائة جلدة ، واختلفوا في التغريب كما ذكرنا سابقاً ، ويشترط لتنفيذ العقوبة : الإقرار وعدم رجوعه فإن رجع سقط الحد ويشترط عدم رجوع الشهود ، فلو رجع واحد منهم سقط الحد .
- ما يتعلق بتنفيذ عقوبة الجلد :
اختلف العلماء هل تجب الموالاة في الجلد أم ، ورجح المؤلف اشتراط الموالاة وذلك لأن ظاهر النصوص تدل على ذلك ، والوقائع أيضاً من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة تدل عليها .
واشترط الفقهاء أن يكون المحدود مستوراً ، وخالف البعض ورجح المؤلف القول بالستر لأن الظاهر هو الزجر لا الإتلاف ، وقال بعض العلماء أن الضارب لا يبدي إبطه عند الضرب ، أما المرأة فتستر وبترك ما عليها ولا يقيها الضرب .
هل يجلد قائماً : اختلف العلماء هل يجلد قائماً أو جالساً حيث ذهب الجمهور إلى القول الأول ، ورجح المؤلف هذا القول استدلالاً بقول علي رضي الله عنه (لكل موضع في الجسد حطه إلا الوجه والفرج ) ولا يمكن أن يعطى كل عضو حظه من الضرب إلا بالقيام .
ثالثاً / ما يشترط في التغريب .
حيث اتفق الفقهاء القائلين بالتغريب أن يغرب سنة للحر ذكراً كان أم أنثى ، واختلفوا في عدة مسائل ذكرناها سابقاً .
رابعاً / ما يشترط في حد الرجم .
اتفق العلماء على أن الزاني الحر المحصن حده الرجم بالحجارة حتى الموت واختلفوا في مسألتين :-
الأولى هل يحفر للمرجوم أم لا ، فذهب بعضهم إلى أنه يحفر للرجل إلى سرته وللمرأة إلى ثديها ، وهذا ندباً ولأنه لم يحفر لماعز ، وذهب بعضهم إلى عدم ذلك ولا يوثق لأن هذه عقوبة لم يرد الشرع بها ، وقالوا يستحب للمرأة المعزال الصدر ستراً لها لفعله صلى الله عليه وسلم .
المسألة الثانية : إذا هرب المرجوم هل يتبع أم لا : ذهب الجمهور أنه إذا هرب المرجوم فإنه يترك ولا يتبع وذلك لاحتمال رجوعه ، فيسأل فإن رجع ترك وإلا أقاموا عليه الحد ، واتفقوا إن ثبت زناه ببينة فإن يتبع ويرجم حتى الموت .
ما يفعل بالمرجوم بعد موته :- اتفق العلماء على أن المرجوم في الزنى يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ، وكره مالك أن يصلى عليه الإمام الذي حكم عليهم بالرجم والصحيح أنه يصلي عليه ، أما حديث لما رجم ماعز قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم فيحمل على انشغاله صلى الله عليه وسلم بما هو أهم من الصلاة عليه .
الباب الرابع / فما تثبت به الفاحشة .
أولاً / ثبوتها بالشهادة ، وما يشترط في الشهود .
1- تعريف الشهادة / هي إخبار أعيان بلفظ الشهادة في مجلس القاضي بحق للغير على آخر وهو الشهادة .
2- حكم الشهادة في الزنى / حكم الشهادة في الزنى مكروهة ترغيباً في الستر على المسلم وهذا مقيد بما إذا لم يتعد الفاجر الفجور وينتهك حرمات الله ويتعد حدوده ، ففي هذا الحال الشهادة أفضل ويندب إليها .
3- هل تحتاج الشهادة أن تقدم دعوى ؟
لا يعلم حلافاً بين الفقهاء في أن الشهادة في الزنى بحاجة إلى تقديم دعوى لأنها من حقوق الله تعالى .
شروط الشهادة بالزنى :
أولاً / الشروط المتفق عليها :-
1- أن يكون الشهود أربعة ، لورود الأدلة في ذلك حيث أنه إذا لم يكونوا أربعة لم تقبل منهم ، وأنه لا حد عليهم كان أحدهم فاسقاً .
2- أن يكونوا رجالاً ، وإن لم يكونوا رجالاً فإنهم يحدوا رجالاً ونساءً .
3- أن يكونوا مسلمين .
4- أن يكونوا عدولاً ظاهراً : واختلفوا في معنى العدالة ، ويرى المؤلف أن الشهادة تفترض في الشهادة حتى يقوم الدليل بعكسها .
5- أن يكونوا أحراراً : فجمهور الأئمة لا يقبلون شهادة العبيد ، وإذا اختل شرط من الشروط الثلاثة وهي الإسلام والعدالة والحرية فإن المشهود عليه لا يحد أما الشهود فاختلفوا في حدهم وعدمه ، ورجح المؤلف أنه لا حد عليهم إن كانوا غير عاملين بفسق أحدهم أو بكونه عبداً أو محدوداً ، أما إذا كانوا يعلمون ذلك ، أو يعلمون أن أحدهم أعمى فإنهم يحدوا لأنهم مقصرون ومفرطون .
6- أن يصفوا الزنى بما يفيد تحقق وقوعه : وهذا مجمع بين العلماء ، فإن قال رأيناهما ينامان ، فلا تقبل ويحدوا جميعاً .
ثانياً / الشروط المختلف فيها :
1- عدم التقادم : أي أنه يشهد على الفور وذلك لو ستره كان أفضل فإذا شهد بعد ذلك دل على الضغينة ، وهذا رأي أبو حنيفة ، وخالف ذلك الجمهور لأطلاق الأدلة وعدم تقييدهم بزمن معين ، وأما زمن التقادم عند من قال به فأرجعه بعضهم إلى الحاكم وقيده بعضهم بستة أشهر .
2- اتحاد مجلس الشهادة : وقد اشترطه مالك وأبو حنيفة ، وذهب الآخرون إلى عدم أشترطه لإطلاق الآيات الدالة على ذلك ، وقال أحمد يجوز أن يكونوا متفرقين مادام أنهم في مجلس العقد ، ورجح المؤلف القول الأول .
3- ألا يكون الزوج أحد الأربعة : وهذا رأي الجمهور ، وخالف فيه أبو حنيفة وفرق ابن حزم بين الزوج القاذف والشاهد ، ورجح المؤلف قول الجمهور وذلك أن الزوج إذا يقذف بالزنى يكون متهماً ، فإذا شهد الزوج فلا تحد المرأة عند الجمهور ، ولا يحد الشهود إلا إذا تلاعن الزوجان .
4- تعيين الزانيين والزمان والمكان : وهذا رأي الجمهور ، وخالفهم أحمد في رواية عنه ، ورجح المؤلف قول الجمهور لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ماعز بمن زنى .
وعلى هذا فإنها لا تحد المرأة ، ويحد الشهود ، أما إذا اختلفوا في تعين الزمان والمكان ، فمذهب الجمهور أنهم يحدوا ، أما إذا اختلفوا في ملبس المزني بها فاختلف فيه العلماء ويرى المؤلف رد شهادتهم وحدهم للقذف ، أما إذا شهد اثنان أنه زنى بها طواعية ، وشهد الآخرون أنها مكرهة ، فلا تحد المرأة ويحد الرجل وأما الشهود فاختلفوا ما بين حدهم وعدمه ، أو حد الذين قالوا بالطواعية لأن الذين قالوا بالإكراه لم يقذفوا المزني بها .
موانع الشهادة :- 1- القرابة وهذا رأي الجمهور ، وهذا ما رجحه المؤلف لعموم الأدلة .
2- العداوة : وهذا رأي الجمهور وخالفهم الظاهرية ولم يرجح المؤلف .
3- التهمة : وهي أن يكون بين الشاهد والمشهود له ما يبعث على الظن بأن الشاهد يحابي المشهود له .
4- الرجوع عن الشهادة فإن رجعوا قبل القضاء أو أحدهم فمذهب الجمهور هو حدهم ، وخالفهم الشافعي وغيره ، ورجح المؤلف قول الأول ، وإذا رجعوا بعد القضاء وقبل الاستيفاء فإنه لا يقام الحد على المشهود عليه ، وأما الشهود فاختلفوا في حد الجميع أو الراجح فقط ورجح المؤلف أنه يحد الراجع فقط .
أما إذا رجعوا بعد إقامة الحد فاجمعوا على أن الشاهد يلزمه ربع الدية .
ثانياً / ثبوتهما بالإقرار ، وحكم ما إذا رجع المقر عن إقراره قبل الحد وأثنائه .
معنى الإقرار : هو الإخبار بحق الغير على المخبر سواء كان الحق مالياً أم لا وسواء كان الغير خالفاً أو مخلوقا .
حكم الإقرار : اتفق العلماء على وجوب الإقرار بالحقوق المالية كالديون ، واتفقوا على جواز ستر الإنسان عن نفسه في حقوق الله كالزنا ، ولكنهم اختلفوا في أيهما أفضل ، الفاشلون بأن الإقرار أفضل بعموم اعتراف الذين رجمهم النبي صلى الله عليه وسلم ، واستدل القائلون بأن الستر أفضل بأحاديث الأمر بالأستار من المعاصي ، وقد رجح المؤلف القول بالستر ، وذلك لأن الذين اعترفوا بالذنب أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عرضه التوبة والندم .
وإذا أقر المذنب فيلزم العمل به بدليل الكتاب والسنة والإجماع .
شروط الإقرار المتفق عليها :
1- البلوغ والعقل : وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قصة ماعز (أبه جنون) وكذلك النائم والنائمة ، أما السكران فيقام عليه الحد ، أما إن أقر وهو سكران فلا يؤخذ بقراره .
2- الطوع : أي عدم الإكراه على الإقرار بالزنى .
3- أن يذكر حقيقة الفعل : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز (لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ) وسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض أوصاف الزنى وحقيقته .
4- القدرة على الوطء : مثل المجبوب ، أو الخصي .
الشروط المختلف فيها : 1- تكرار الإقرار أربع مرات وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم واختلف العلماء فيه ، ورجم المؤلف قول من قال أنه إن أستظهر صدقة فلا يكرر ، أما إن شك وسأله عند قرائن فإنه يكرر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ماعز .
2- تعدد مجلس الإقرار واختلف العلماء فيه إلى قولين ورجح المؤلف عدم التعود لأن ماعز أقر عدة مرات في مجلس واحد .
3- عدم التقادم : واتفق الجمهور على عدم أشتراطه ، وخالفهم زمر من الحنفية .
4- أن يكون المقر ناطقاً ، حيث ذهب الجمهور إلى عدم إشتراطه ، وخالفهم أبو حنيفة ، ورجح المؤلف رأي الجمهور وذلك لاحتمال وجود شبهة لا يقدر التعبير عنها .
5- أن يكون أمام حاكم ، ولم يشترط الجمهور هذا الشرط ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأنيس (واعد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) .
6-عدم تكذيب المزني بها : وهذا محل خلاف فذهب الجمهور إلى عدم اشتراطه وهو الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل المرأة التي زنى بها ماعز .
حكم إذا رجع عن إقراره قبل الحد أو أثنائه : فذهب الجمهور إلى سقوط الحد ، وهو الراجح لأنه لما رجم ماعز هرب لما وجد مس الحجارة فقال النبي صلى الله عليه وسلم (هلا تركتموه ) .
ثالثاً / ثبوت الزنى بالجمل الظاهر .
اختلف العلماء في ذلك فقال الجمهور أنها تحد ، فإن ادعت أنها أكرهت أو وطئت بشبهة لم تحد استدلالاً بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
الباب الخامس : في تعدد العقوبات وموانع تنفيذها .
إذا تعددت العقوبات المحكوم بها على الجاني نفذت جميعاً ما لم تتداخل ، وأي تعاقب عدة جرائم بعقوبة واحد ، والتداخل نوعان :
النوع الأول : إذا كانت الجريمة من نوع واحد ووقعت عدة مرات قبل وقوع العقوبة عليه فإنه يعاقب عقوبة واحدة ، فالعبرة بالتداخل تنفيذ العقوبة فالعقوبات تتداخل مادام أنها لم تنفذ ، هذا مذهب الأمة الأربعة وخالفهم ابن حزم ورجح المؤلف قول الجمهور .
النوع الثاني : إذا كانت من جنسين فأكثر فلا تخلو من ثلاث حالات :-
الأولى : أن تكون حقاً لله ، فإن كان فيها قتل وسرقة وزنى فذهب بعضهم إلى القتل فقط وذهب الشافعي ورجحه المؤلف إلى أنه يستوفي كل حق ثم يقتل ، وإن كان ليس فيها قتل فيجب استيفاءه جميعاً .
الثانية : أن تكون خالصة للآدمي فهذا تستوفي كلها .
الثالثة : أن تجتمع حقاً لله وللآدمي ، فإن كان ليس فيها قتل فهذا تستوفي كلها ، وإن اختلف الحدان ويكون فيهما قتل فحقوق الله تدخل في القتل سواء كان رجم زنى أو قتل محارب أو ردة .
وإن اتفق الحدان في حد واحد فإن كان قتلاً برئ بأسبقهما فعلاً ، وإن اجتمع قطع وقصاص قدم القصاص على حق الله تعالى .
ثانياً / موانع التنفيذ .
1- سقوط الحد برجوع المقر عن إقراره .
2- بعدول أحد الشهود عن شهادته قبل التنفيذ .
3- تكذيب أحد الزانيين للآخر ، أو ادعاءه النكاح إذا كان الزنى ثابتاً ، وعارض هذا الشرط جمهور العلماء .
4- بطلان أهلية الشهود قبل التنفيذ ، وبعد الحكم ، وعارض الجمهور هذا الشرط .
5- موت أحد الشهود قبل الرجم خاصة ولم يأخذ بهذا الشرط الجمهور .
6- زواج الزاني بالمزني بها ، ويعارض فقهاء المذاهب الأربعة هذا الرأي .
7- امتناع الشهود من الابتداء سقط للحد وكذا غيبتهم وهذا مذهب أبو حنيفة .
ثالثاً/ الشفاعة في الحدود .
لا يخلو ذلك من حالتين :
أ – أن تصل إلى الوالي وتثبت عنده فالشفاعة محرمة لعموم الأدلة .
ب – الشفاعة قبل الرفع والثبوت عند الحاكم ليطلقه ويستر عليها فهذا جائز .
رابعاً / الحدود كفارات للآثام .
حيث اختلف فيها العلماء هل الحدود كفارات أم زواجر ، ويرى المؤلف أن كليهما صحيح فهي كفارات للمؤمنين وزجراً للكافرين والفاسقين لأن الله غفور رحيم .
خامساً / دفع الصائل عن العرض .
شرع دفع العائل عن العرض وذلك لعموم الأدلة من الكتاب كقوله تعالى : (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم (ومن قتل دون أهله فهو شهيد ) .
أ / شروط دفع الصائل :
1- أن يقع الاعتداء على العرض .
2- أن يكون الاعتداء حالاً بمعنى أن يكون يباشر الاعتداء أن يستعد له مع وجود ظن راجح لذلك .
3- ألا يمكن منع الاعتداء بطريق آخر غير الدفع .
4- يلزم على الدافع أن يستعمل القوة اللازمة لدفع الاعتداء فيبدأ بالأخف فالأخف ، أما في جريمة الزنا ، فيرى الجمهور حوار قتل العائل ابتداءً .
ب / حكم دفع الصائل : إذا توافرت الشروط الأربعة يكون واجب دفع الصائل عن العرض ، ويكون واجباً على المسلمين في مكان ووقت حصوله .
وفي آخر المبحث تكلم المؤلف رحمه الله عن الشبهات التي يقيمها أعداء الإسلام ومن والاهم من المسلمين حول الحدود سواء حد السرقة أو الزنى أو القصاص وغيرها ، حيث بين أنها نهج رباني تربوي ، والواقع يثبت ذلك .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
منقول