مفاجأة .. وعودة إلى الله



- (الزلزال) كلمة مخيفة، تدل على الرجفة الشديدة والرعب، كما في قوله -تعالى-: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} (الزلزلة:1)، وقوله -جل وعلا-:{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}(الأحزا ب:11)، وهو آية رهيبة يخوف الله بها عباده، قال -عز من قائل-:{وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} (الإسراء:59).

- وحقيقةً، مهما مرت على الإنسان من ظروف، تصبح هينة أمام مفاجأة الكوارث التي يصعب التنبؤ بها، ومن ثم ينتج عنها ضحايا بأعداد كبيرة، وخسائر مادية تفوق الوصف. هذا تماما ما حصل مع زلزال تركيا وسوريا في السادس من هذا الشهر؛ حيث بلغت قوته 7.8 على مقياس (ريختر)، وأدى إلى وفاة أكثر من 20 ألف شخص، معظمهم تحت الأنقاض جراء سقوط الأبنية عليهم، مع إصابة أكثر من 100 ألف شخص.

- والتسارع الرهيب في حجم الكارثة لم يُجدِ معه تتبع الإحصائيات؛ فأعداد القتلى والجرحى والمشردين تزداد لحظة فلحظة، تزايدا يدمي القلب، ويحزن الفؤاد، مع سوء الأحوال الجوية، والطقس البارد، وصعوبة الوصول لمناطق الزلازل؛ بسبب تشقق الطرق وتصدعها. ورغم عالمية المساعدات وتدفقها، وتوالي فرق الإنقاذ والإسعاف من كل مكان، على مدينة (كهرمان مرعش) والمناطق السورية، إلا أن المصاب أكبر من المتوقع، وحجم الأضرار كبير وكبير جدا.

- لا يمكن التنبؤ بحدوث الزلازل، فضلا عن منع حدوثها؛ فإنها لا تحتاج إلى وقت كبير لإحداث مثل هذا الدمار الهائل، فقط هما دقيقتان أو أقل كافية لسقوط آلاف الضحايا تحت أنقاض المباني الضخمة! والدراسات العلمية حول باطن الأرض يمكن أن تساعد على ابتكار طريقة حديثة للتنبؤ بوقوع الزلازل وأماكن تولدها، ومن ثم يمكن تفادي الخسائر الكبيرة التي قد تنتج عنها، بطرائق الإنذار والإخلاء المبكر، وتوفير طواقم الطوارئ القادرة على التعامل في أسوأ ظروف.

- ومن المهم جدا تجنب البناء على الأماكن التي تكون عرضة للانزلاقات الأرضية، أو لتساقط الصخور من قمم الجبال في أثناء حدوث الزلازل، كما يمكن تصميم المباني المقاومة للزلازل في المناطق التي تعد خطرة وعرضة للزلازل، تصميما يستطيع مجابهة الزلازل وتحملها، ورفع كفاءة هذه المباني ولا سيما إذا كانت متعددة الطوابق.

- من جانب آخر، مثل هذه الكوارث هي عبرة وعظة للمؤمنين، تصيب المسلمين وغيرهم بما كسبت أيديهم، يقول الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: «ولا شك أنها أمور خطيرة، وأن هذه الزلازل، والبلايا من الوباء العام، والرياح العواصف، والسيول الجارفة كلها من العقوبات العامة، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ فيجب الحذر من هذه الأمور، ويجب على المسلمين أن ينتبهوا، وأن يستقيموا على أمر الله؛ ليدفع عنهم ما يضرهم؛ فإن الله -جل وعلا- يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى:30)».





سالم أحمد الناشي