المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي
فلماذا صار الساكن في دور القرامطة كافرا بمجرد الإقامة معهم عند ابن حزم؟
بعد تحرير الكلام على دولة العبيديين ودولة القرامطة فى المشاركة السابقة والفرق بين القرامطة المعلنون بالكفر وترك الإسلام ودولة العبيديين الزنادقة المنافقون المظهريين للاسلام المبطنون للكفر
يتبين لنا لماذا يصير الساكن فى دور القرامطة كافرا بمجرد الاقامة فى ديارهم من جهة الظاهر فهو واضح جدا
لأنها دولة تتظاهر بالكفر ومعادات الاسلام-
أما دولة العبيديين فهى تتظاهر بالاسلام وتبطن الزندقة والنفاق وهذا الوصف مؤثر على أحكام المقيمين من جهة الظاهر
ولبيان ذلك أخى ابو محمد المأربى-تأمل كلام الشيخ حمد بن عتيق – رحمه الله تعالى – لمن ناظره في أهل مكة :قال
" قد بعث الله محمدا – صلى الله عليه وسلم – بالتوحيد الذي هو دين جميع الرسل، وحقيقته هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله، وهو أن يكون الله معبود الخلائق فلا يتعبدون لغيره بنوع من أنواع العبادة ومخ العبادة هو الدعاء ومنها الخوف والرجاء والتوكل والإنابة والفزع والصلاة وأنواع العبادة كثيرة وهذا الأصل العظيم الذي هو شرط في صحة كل عمل، والأصل الثاني: هو طاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم – في أمره وتحكيمه في دقيق الأمور وجليلها وتعظيم شرعه ودينه والإذعان لأحكامه في أصول الدين وفروعه،
فالأول: ينافي الشرك،
والثاني ينافي البدع ولا يستقيم مع حدوثها،
فإذا تحقق وجود هاذين الأصلين علما وعملا ودعوة
وكان هذا دين أهل البلد أي بلد كان بأن عملوا به ودعوا إليه وكانوا أولياء لمن دان به ومعادين لمن خالفه فهم موحدون،
وأما إذا كان الشرك فاشيا، مثل دعاء الكعبة والمقام والحطيم ودعاء الأنبياء والصالحين وإفشاء توابع الشرك، مثل الزنا والربا وأنواع الظلم، ونبذت السنة وراء الظهر وفشت البدع والضلالات وصار التحاكم إلى الأئمة الظلمة ونواب المشركين وصارت الدعوة إلى غير القرآن والسنة
وصار هذا معلوما في أي بلد كان، فلا يشك من له أدنة علم أن هذه البلاد محكوم عليها بأنها بلاد كفر وشرك، لاسيما إذا كانوا معادين لأهل التوحيد وساعين في إزالة دينهم ومعنيين في تخريب بلاد الإسلام وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك وجدت القرآن كله فيه وقد أجمع عليه العلماء فهو معلوم بالضرورة عند كل عالم "،
وقال كذلك:" ومن له مشاركة فيما قرره المحققون قد اطلع على أن البلد إذا ظهر فيها الشرك وأعلنت فيها المحرمات وعطلت فيها معالم الدين أنها تكون بلاد كفر تغنم أموال أهلها وتستباح دماؤهم وقد زاد أهل هذه البلدة ، بإظهار المسبة لله ولدينه ووضعوا قوانين ينفذونها في الرعية مخالفة لكتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وقد علمت أن هذه كافية لوحدها في إخراج من أتى بها من الإسلام " وقال :" هذا ونحن نقول قد يوجد فيها من لا يُحكم بكفره في الباطن من مستضعف ونحوه و أما في الظاهر فالأمر ولله الحمد واضح "
ثم ردّ الشيخ حمد ابن عتيق على عبد الله بن حسين لما اعترض عليه قائلا أن أهل الأحساء يصلّون فجعل ذلك أمرا كافيا للحكم عليهم بالإسلام ظاهرا، ومخطئا للشيخ في حكمه عليهم بالكفر ظاهرا مع أدائهم لشرائع الدين الظاهرة كالصلاة
فقال الشخ حمد بن عتيق فى جوابه:" فيا عباد الله، أين عقولكم ؟ فإن النزاع بيننا وبين هؤلاء ليس في الصلاة وإنما هو في تقرير التوحيد والأمر به وتقبيح الشرك والنهي عنه والتصريح بذلك.... هذا هو إظهار الدين يا عبد الله بن حسين ".
ونزل هذه الفتوى اخى أبو محمد المأربى على القرامطة-
وأما استيلاء دولة العبيديين على مصر أو غيرها مما استولوا عليه من بلاد المسلمين فالساكن فى الديار التى حكموها وبسطوا نفوذهم عليها أحكام أخرى- أما دولتهم التى تسمى الفاطمية او العبيدية فقد تقدم فى كلام الشيخ محمد ابن ابراهيم (أَجْمَعَ العُلَمَاءُ) في وَقْتِهِم (عَلَى كُفْرِهِم وقِتَالِهِم) وَلاَ جَعَلُوا الشَّهَادَتَيْن ِ والصَّلاَةَ والزَّكَاةَ والجُمُعَةَ والجَمَاعَةَ فَرْقًا مُؤَثِّرًا، بل رَأَوْهُ لاَغِيًا،وذلك أَنَّه وُجِدَ مُكَفِّرٌ فَلَمْ يَنْفَعْهُم مَا هُمْ فِيهِ (و) أَجْمَعُوا في وَقْتِهِم عَلَى (أَنَّ بِلاَدَهُم بِلاَدُ حَرْبٍ) وَأَنَّ جِهَادَهُم أَفْضَلُ جِهَادٍ.(وغَزَاهُم المُسْلِمُونَ حَتَّى اسْتَنْقَذُوا مَا بِأَيْدِيهِم مِن بُلْدَانِ المُسْلِمَينَ) وَصَنَّفَ ابنُ الجَوْزِيِّ كِتَابًا سَمَّاهُ: (النَّصْرُ عَلَى مِصْرَ) فَكَيْفَ بِمَا نَحْنُ فيه مِن التَّظَاهُرِ بِدِينِ الإِسْلاَمِ مَعَ نَقْضِ أَسَاسِ المِلَّةِ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ؟
************
وقد تكرر ما حصل مع العبيديين مع دولة التتار وقد بين ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فى كلامه على حكم دولة ماردين
*******
وفى زمن الجاهلية قبل دعوة الامام محمد ابن عبد الوهاب تغير حال الناس وفشا الشرك بينهم
قال المؤرخ الشيخ حسين ابن غنام – رحمه الله تعالى – " كان أكثر المسلمين في مطلع القرن الثاني عشر الهجري – قد ارتكسوا في الشرك وارتدوا إلى الجاهلية، وانطفأ في نفوسهم نور الهدى لغلبة الجهل عليهم واستعلاء ذوى الأهواء والضلال... فنبذوا كتاب الله تعالى وراء ظهورهم .... فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين أمواتهم وأحيائهم يستغيثون بهم في النوازل والحوادث ويستعينون بهم على قضاء الحاجات وتفريغ الشدائد.... وأحدثوا من الكفر والفجور والشرك بعبادة أهل القبور وصرف النذور إليهم والابتهال بالدعاء لهم ما زادوا به على أهل الجاهلية.... ولقد حدث الغيّ والضلال والتغير في الدين منذ زمن قديم.... ولقد انتشر هذا الضلال حتى عم ديار المسلمين كافة " تاريخ نجد (13-14) وقال الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله :
" كنا والناس فيما مضى على دين واحد ندعوا الله وندعوا غيره... إلى أن قال فقام الامام محمد ابن عبد الوهاب بدعوة الناس الى التوحيد وترك الشرك: وقمنا معه وقام علينا الناس بالعدوان والإنكار لما خالف دين الآباء والأجداد " الدرر (1/279)،
وقال أيضا:" لما من الله علينا بمعرفة ذلك وعرفنا دين الرسل اتبعناه ودعونا الناس إليه وإلا فنحن قبل ذلك على ما عليه غالب الناس من الشرك بالله من عبادة أهل القبور و الإستغاثة بهم والتقرب إلى الله بالذبح لهم وطلب الحاجات منهم.." الدرر (1/226)
********************
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيباً، فَطُوبى لِلْغُرَبَاءِ" رواه مسلم.
قال القرطبي رحمه الله:" يُحتمل أن يراد بالحديث: المهاجرين، إذ تغربوا عن أوطانهم فراراً بأديانهم، فيكون معناه: أن آخر الزمان تشتد فيه المحن على المسلمين فيفرون بأديانهم، ويغتربون عن أوطانهم، كما فعل المهاجرون" [انظر المفهم 1/ 363].
قال النووي رحمه الله:
" قال القاضي: وظاهر الحديث العموم، وأن الإسلام بدأ في آحاد الناس وقلة، ثم انتشر وظهر، ثم سيلحقه النقص والإخلال حتى لا يبقى إلا في آحاد وقلة أيضاً " [انظر شرح النووي لمسلم 2/ 354]
والمراد بالإسلام في هذا الحديث هو التوحيد ( إفراد الله تعالى بالعبادة واجتناب الشرك والبراءة منه وممن فعله ) وليست غربة فى الشرائع ،غربة الإسلام التي تكلم عنها النبى صلى الله عليه وسلم – هي غربة التوحيد وليست غربة شرائع، وإلا لزم القول بأن الإسلام اليوم وقبل اليوم ظاهر معروف لا غربة فيه لأن الشرائع موجودة منتشرة بين الناس في شتى البقاع والأصقاع بل حتى عباد القبور والاوثان يؤدونها ويعمرون المساجد ويحفظون القرآن عن ظهر قلب