المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف
فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه ، ولكن إن أمكنه بلسانه وإلا فبقلبه ، مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه ، إما أن يظهر دينه وإما أن يكتمه ، وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله ، بل غايته [5] أن يكون كمؤمن [ آل ]فرعون - وامرأة فرعون - وهو لم يكن موافقا لهم على جميع دينهم ، ولا كان يكذب ، ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، بل كان يكتم إيمانه .
وكتمان الدين شيء ، وإظهار الدين الباطل شيء آخر . فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره ، بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر
.... - قال إبن القيم في إجتماع الجيوش الإسلامية ص 76:
نقلا عن شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله - هؤلاء أصناف بني آدم في العلم و الإيمان و لا يجاوز هذه السنة إلا من أظهر الكفر و أبطن الإيمان
كحال المستضعف بين الكفار الذي تبين له الإسلام و لم يمكنه المجاهرة بخلاف قومه ,و لم يزل هذا الضرب في الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعده,و هؤلاء عكس المنافقين من كل وجه.
و على هذا فالناس إما مؤمن ظاهرا و باطنا,و إما كافرا ظاهرا و باطنا,و إما مؤمن ظاهرا كافرا باطنا,و إما كافر ظاهرا مؤمن باطنا.و الأقسام الأربعة قد إشتمل عليها الوجود,و قد بين القرآن أحكامهافالاقسام الثلاثة الأول ظاهرة و قد إشتمل عليها أول سورة البقرة.
و أما القسم الرابع,ففي قوله تعالى"...و لولا رجال مؤمنون و نساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم الآية" فهؤلاء كانوا يكتمون إيمانهم في قومهم و لا يتمكنون من إظهاره,و من هؤلاء مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه,و من هؤلاء النجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه كان ملك نصارى الحبشة و كان في الباطن مؤمنا. وتقدم فى كلام شيخ الاسلام -
فقد أخبر سبحانه أنه حاق بآل فرعون سوء العذاب وأخبر أنه كان من آل فرعون رجل مؤمن يكتم إيمانه وأنه خاطبهم بالخطاب الذي ذكره فهو من آل فرعون باعتبار النسب والجنس والظاهر وليس هو من آل فرعون الذين يدخلون أشد العذاب وكذلك امرأة فرعون ليست من آل فرعون هؤلاء قال الله قوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. وامرأة الرجل من آله بدليل قوله: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ}. وهكذا أهل الكتاب فيهم من هو في الظاهر منهم وهو في الباطن يؤمن بالله ورسوله محمد يعمل بما يقدر عليه ويسقط عنه ما يعجز عنه علما وعملا و{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} وهو عاجز عن الهجرة إلى دارالإسلام كعجز النجاشي حكم مجاعة نفس حكم النبى صلى الله عليه وسلم على العباس رضى الله عنه فى مكة - قال الشيخ سليمان بن سحمان فى كشف الاوهام- وأما حكم العاصي الظالم القادر على الهجرة الذي لا يقدر على إظهار دينه فهو على ما ظهر من حاله فإن كان ظاهره مع أهل بلده فحكمه حكمهم في الظاهروإن كان مسلما يخفي إسلامه لما روى البخاري في صحيحه من حديث موسى بن عقبة قال ابن شهاب حدثنا أنس بن مالك أن رجالا من الأنصار قالوا يا رسول الله ائذن لنا فنترك لابن أختنا عباس فداءه فقال لا والله لا تذرون منه درهما
وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة عن الزهري عن جماعة سماهم قالوا بعث قريش في فدى أسراهم ففدى في كل قوم أسيرهم بما رضوا وقال العباس يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله أعلم بإسلامك فإن يكون كما يقول فإن الله يجزيك به وأما ظاهرك فقد كان علينا
فافتد نفسك وابنى أخيك وأخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وخليفك عتبة بن عمر وأخي بني الحارث بن فهر قال ما ذاك عندي يا رسول الله فقال فأين المال الذين دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم قال والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله هذا لشيء ما علمه غيري وغير أم الفضل فأحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال رسول الله لا ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه
الحديث
فاستحل رسول الله فداءه والمال الذي كان معه لأن ظاهره كان مع الكفار بقعوده عندهم وخروجه معهم ومن كان مع الكفار فله حكمهم في الظاهر -من جهة الظاهر الامر واضح لا اشكال فيه المشكلة فى تحرير المسألة - لأن خالد رضى الله عنه علم منه ما علمه النبى صلى الله عليه وسلم من العباس قال العباس يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله أعلم بإسلامك فإن يكون كما يقول فإن الله يجزيك به وأما ظاهرك فقد كان علينا --وهو نفس ما قاله مجاعة لخالد رضى الله عنه وكذلك رد خالد كان كرد النبى صلى الله عليه وسلم على العباس رضى الله عنه -----
لمَّا بَنَيْتَ الحكم خاطئ حصل عندك الاشكال -قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن فى الدرر السنية- عن حكم المقيم في بلدان المشركين، من المنتسبين إلى الإسلام، فهذا الجنس من الناس مشتركون في فعل ما نهى الله عنه ورسوله، إلا من عذره القرآن، في قوله: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِ ينَ}؛ ثم هم مختلفون في المراتب، متفاوتون في الدرجات، بحسب أحوالهم، وما يحصل منهم من موالاة المشركين والركون إليهم، فإن ذلك قد يكون كفراً، وقد يكون دونه، قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}------وأما من ليس له عذر في ترك الهجرة وجلس بين أظهرهم وأظهر لهم أنه منهم وأن دينهم حق ودين الإسلام باطل فهذا كافر مرتد، ولو عرف الدين بقلبه لأنه يمنعه عن الهجرة محبة الدنيا على الآخرة، وتكلم بكلام الكفر من غير إكراه فدخل في قوله: {ولكن من شرح بالكفر صدرا}الدرر السنية ----------
عفى عنه لانه علم اسلامه وعلم انه لم يشارك بقول او فعل--المسلم الذي بين أظهرهم ولا يمكنه إظهار دينه تجب عليه الهجرة، إذا لم يكن ممن عذر الله فإن لم يهاجر فحكمه حكمهم في القتل وأخذ المال. اهـ.--- فيعفوا اذا علم اسلامه وعدم مشاركته - فلا يأخذ جميع الاحكام فتدبر ذلك الساكت لم يفعل الكفر -لذلك اختلف حكمه----من أتى بكلمة الكفر أوفعل الكفر كَفَر ، سواء أتى به جادا أو هازلا ، ومن أصغى إليه ولم ينكر عليه ، ورضي بما قال أو فَعَل : فهو كافر مثله .
اما من لم يرض بذلك المنكر ، وكرهه بقلبه ، ثم لم يقم من مكانه ، وهو قادر على ذلك : كان آثما بمجرد الجلوس ؛ فلو سلم من الكفر ، لم يسلم من الوقوع في إثم الجلوس في ذلك المكان............فالجالس يكفر كفرا" ظاهرا" تبعا" يزول هذا الحكم بمعرفتنا بمعتقده وعدم مشاركته