أخرج الحكيم الترمذي في "العقل والهوى" (ص3) عن صالح بن عبد الله الترمذي، وجرير بن عبد الحميد الضبي عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: ((يا معاذ إن المؤمن قيده القرآن عن كثير مما تهوى نفسه وشهواتها وحال بينه وبين أن يهلك فيما تهوى بإذن الله...)).
قلت: عطاء بن السائب اختلط ، وصالح الترمذي ، لا يُعرف سمع منه قبل الاختلاط أم بعده ، أما جرير فقد سمع منه بعد الاختلاط ، قال أحمد - عن عطاء -: ((من سمع منه قديمًا كان صحيحًا، ومن سمع منه حديثًا لم يكن بشيء، سمع منه قديمًا شعبة وسفيان، وسمع منه حديثًا جرير)) ، وقال ابن معين: ((حديث سفيان وشعبة بن الحجاج وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب مستقيم، وحديث جرير بن عبد الحميد وأشباه جرير ليس بذاك، لتغير عطاء في آخر عمره)) ، وقال: ((جرير وابن فضيل وهؤلاء سمعوا من عطاء بن السائب بآخره)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((رواية جرير وابن فضيل وطبقتهم [عن عطاء] ضعيفة)).
وهذا مرسل ، محارب بن دثار تابعي.
وأخرج ابن أبي حاتم في "التفسير" (19270) ، وأبو نعيم في "الحلية" (31/10) عن أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ *الشَّيْبَانِيّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((يَا مُعَاذُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَدَى الْحَقِّ أَسِيرٌ، يَا مُعَاذُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَسْكُنَ رَوْعُهُ وَلا يَأْمَنُ اضْطِرَابُهُ حَتَّى يَخْلُفَ جِسْرَ جَهَنَّمَ خَلْفَ ظَهْرِهِ. يَا مُعَاذُ إِنَّ *الْمُؤْمِنَ *قَيَّدَهُ *الْقُرْآنُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ شَهَوَاتِهِ...)).
قال ابن أبي حاتم - كما نقله عنه ابن كثير في "التفسير" (397/8) -: ((يونس الحذاء وأبو حمزة مجهولان، وأبو حمزة عن معاذ مرسل. ولو كان عن أبي حمزة لكان حسنا)).
وقال ابن كثير: ((حديث غريب جدا وفي إسناده نظر وفي صحته)).
وأخرج الطبراني في "الأوسط" (8317) ، والدارقطني في "الأفراد" ، عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ، نا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نَسِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنَمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاذُ، إِنَّ *الْمُؤْمِنَ *قَيَّدَهُ *الْقُرْآنُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ هَوَى نَفْسِهِ»
قال الدارقطني كما في "أطراف الغرائب والأفراد" (4293): ((تفرد بِهِ ابْن علاثة عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن عبَادَة بن نسي عَنهُ)).
ومحمد ابن علاثة ، قال ابن معين ، وابن سعد: ((ثقة)) ، وقال أحمد: ((كان من أهل الجزيرة)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال أبو زرعة: ((صالح كأنه بصرى ، أصله من الجزيرة)) ، وقال البخاري: ((فى حفظه نظر)) ، وقال الأزدي: ((هو عندي واهي الحديث لا يحل يكتب حديثه ، حديثه يدل على كذبه)) ، وقال ابن عدي: ((حسن الحديث وأرجو أنه لا بأس به)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) ، وقال ابن حبان: ((كان يروى الموضوعات عن الثقات لا يحل ذكره إلا على جهة القدح فيه)) ، وقال الحاكم: ((يروى عن الأوزاعى وخصيف والنضر بن عربى أحاديث موضوعة ، ومدار حديثه على عمرو بن الحصين)) ، وقال: ((ذاهب الحديث ، له مناكير عن الأوزاعى وعن أئمة المسلمين)).
قلت: الراوى عن ابن علاثة عند الطبراني هو عمرو بن الحصين ، وهو متروك الحديث ، ولكن غالب الظن أن الدارقطني رواه من غير طريقه. فإن كان محفوظا عن ابن علاثة فهو من مناكيره ، وإلا فالإسناد ليس بشئ.
وأخرج الطبراني في "مسند الشاميين" (3540) عن حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، بَلَغَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ: ((يَا مُعَاذُ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَدَى الْحَقِّ أَسِيرٌ، إِنَّ *الْمُؤْمِنَ *قَيَّدَهُ *الْقُرْآنُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ هَوَى نَفْسِهِ وَشهَوَاتِهِ، وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَهْلِكَ فِيمَا يَهْوِي بِإِذْنِ اللَّهِ، يَا مُعَاذُ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَأْمَنُ قَلْبُهُ وَلَا يَسْكُنُ رَوْعَتُهُ، وَلَا يَأْمَنُ اضْطِرَابُهُ حَتَّى يَخْلُفَ جِسْرَ جَهَنَّمَ...)).
وعمر بن حفص ، يُحتمل أنه المدني الحجازي [مستور] ، ويُحتمل أنه العبدي البصري [متروك].
وعلى القول بأنه المدني ، فلا يٌقبل تفرده عن مكحول به ، فيكون الإسناد منكراً ، أما إذا كان العبدي فالإسناد ساقط.
وأخرج أبو نعيم في "الحلية" (26/1) ، ومن طريقه ابن قدامة في "الرقة والبكاء" (ص43) ، وأخرج قوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (1251) عن عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ بَهْرَامَ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ أَبِي حَاجِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ: فذكره.
وعلي بن يزيد بن بهرام ، مجهول.
وأخرج أبو نعيم في "الحلية" (26/1) عن ابن أبي حاتم، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي حَاجِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُعَاذٍ، وَعَنْ غَالِبِ، عن شَهْرٍ، عَنْ مُعَاذٍ، وَعَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذٍ، بَلَغَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَا مُعَاذُ» ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وأبو حاجب لم أعرفه.
وغالب العقيلي ، تركه وكيع ، وقال ابن معين: ((ليس بثقة)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال الدارقطني ، والعجلي: ((متروك)) ، وقال ابن المديني: ((كان ضعيفا وليس بشيء)) ، وقال: ((ما كتبت من حديثه شيئا)) ، وقال ابن سعد: ((كان ضعيف الحديث ليس بذاك)) ، وقال ابن عَدِي: ((وله غير ما ذكرت وله أحاديث منكرة المتن مما لم أذكره)) ، وقال أبو حاتم: ((متروك الحديث منكر الحديث)) ، وقال الهيثم بن خارجة: ((كان ضعيفا في الحديث)) ، وقال الجُوزْجَاني: ((غير مقنع)) ، وقال الحاكم: ((ساقط الحديث)) ، وقال السَّاجِي: ((ضعيف)) ، وقال البرقي: ((لا يكتب حديثه)) ، وقال النَّسَائي: ((ليس بثقة، وَلا يكتب حديثه)) ، وقال: ((متروك الحديث)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ضعيف، متروكُ الحديثِ، لا يُكتب حديثهُ، ولا يَروي عنه أهلُ العلم، إنما يروي عنه أهلُ الغفلة، فأما عقلاءُ أهلِ العلم فلا يعبؤون بحديثه)).
وشهر بن حوشب ، قال أبو حاتم: ((شهر عن بلال مرسل)) ، وقال: ((لَمْ يَسْمَعْ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ)).
قلت: إذا كان لم يسمع من بلال بن رباح (ت 20هـ) ، ولم يسمع من أبي الدرداء (ت 32هـ) ، فكيف له أن يسمع من معاذ ( ت 18هـ) ؟! ، فهو منقطع.
والله أعلم.