تحسين أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً ... ) .
أخرجه أبو داود في ( الزهد ) ( ص 98 ) :
83 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْمُقْرِئِ، قَالَ: نا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: مَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهْمَةِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ فِي يَدِهِ، وَضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ حَتَّى يَأْتِيَكَ مِنْهُ مَا يَغْلِبُكَ، وَمَا كَافَأْتَ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِيكَ مِثْلَ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ فِيهِ، وَعَلَيْكَ بِصَالِحِ الْإِخْوَانِ، أَكْثِرِ اكْتِسَابَهُمْ فَإِنَّهُمْ زَيْنٌ فِي الرَّخَاءِ، وَعِدَّةٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَلَا تَسَلْ عَمَّا لَمْ يَكُنْ حَتَّى يَكُونَ، فَإِنَّ فِي مَا كَانَ شُغْلًا عَنْ مَا لَمْ يَكُنْ، وَلَا يَكُنْ كَلَامُكَ بَدْلَةً إِلَّا عِنْدَ مَنْ يَشْتَهِيهِ وَيَتَّخِذُهُ غَنِيمَةً، وَلَا تَسْتَعِنْ عَلَى حَاجَتِكَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ نَجَاحَهَا، وَلَا تَسْتَشِرْ إِلَّا الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّهَ، وَلَا تَصْحَبِ الْفَاجِرَ فَتَعَلَّمَ مِنْ فُجُورِهِ، وَتَخَشَّعْ عِنْدَ الْقُبُورِ. ) .
قلت : هذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود ، قال الحافظ : ( صدوق اختلط قبل موته ، و ضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط ) .
قلت : وعبدالله بن يزيد مدني .
وجعفر بن مسافر ، قال الحافظ : ( صدوق ربما أخطأ ) .
وأخرجه محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا البغدادي المخَلِّص (المتوفى: 393هـ) في كتابه ( المخلصيات وأجزاء أخرى لأبي طاهر المخلص ) :
- (40) حدثنا أبوطاهرٍ محمدُ بنُ عبدِالرحمنِ بنِ العباسِ المُخلِّصُ مِن كتابِه قالَ: حدثنا أبوأحمدَ / عبدُالواحدِ بنُ المُهتدي قالَ: حدثني أبوالعباسِ أحمدُ بنُ بكرٍ قالَ: حدثني هشامُ بنُ عمارٍ الدمشقيُّ قالَ: حدثنا إبراهيمُ بنُ موسى المكيُّ - وكانَ ثقةً - عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن سعيدِ بنِ المسيبِ قالَ:
وَضعَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه للناسِ ثمانيةَ عشرَ كلمةً حِكمٌ كلُّها، قالَ:
ما عاقبتَ مَن عَصى اللهَ فيكَ بمثلِ أَن تُطيعَ اللهَ فيهِ.
وضعْ أمرَ أَخيكَ على أَحسنِهِ حتى يجيئَكَ ما يغلبُكَ.
ولا تظنَّ بكلمةٍ خرجتْ مِن مسلمٍ شراً وأنتَ تجدُ لها في الخيرِ مَحملاً.
ومَن تعرضَ بالتُّهمةِ فلا يلومَنَّ مَن أساءَ به الظنَّ.
ومَن كتمَ سرَّه كانَت الخيرةُ في يدَيه.
وعليكَ بإخوانِ الصدقِ فعِشْ في أكنافِهم، فإنَّهم زينةٌ في الرَّخاءِ وعدةٌ في البلاءِ.
وعليكَ بالصدقِ وإنْ قتلَكَ.
ولا تعرَّضْ فيما لا يعنيكَ.
ولا تسألْ عمَّا لم يكنْ، فإنَّ في [ما] (1) كانَ شغلٌ عمَّا لم يكنْ.
ولا تطلبنَّ حاجةً إلى مَن لا يحبُّ نجاحَها.
ولا تَهاونْ بالحلفِ الكاذبِ فيهينَكَ اللهُ.
ولا تصحَب الفجارَ لتعلمَ مِن فجورِهم.
واعتزلْ عدوَّكَ.
واحذرْ صديقَكَ إلا الأَمينَ، ولا أمينَ إلا مَن خشيَ اللهَ.
وتخشَّعْ عندَ القبولِ - قالَ لنا أبوطاهرٍ: وهو عِندي في موضعٍ آخرَ: عندَ القبورِ -.
وذلَّ عندَ الطاعةِ.
واعتصمْ عندَ المعصيةِ. )
قلت : هذا إسناد حسن بما قبله ، عبدُالواحدِ بنُ المُهتدي كان رجلا صالحا ورعا زاهدا .
وأحمدُ بنُ بكرٍ وثقه أحمد بن الفرج بن منصور ، وضعفه الدارقطني .
قلت : ولكن تابعه أَحْمَد بن محمد بن بكر النَّيْسَابُوري الوَرَّاق القصير وهو ثقة كما في ( المتفق والمفترق ) للخطيب البغدادي ( ص 304 ) .
وهشام بن عمار قال الحافظ : ( صدوق مقرىء كبر فصار يتلقن ، فحديثه القديم أصح ) .
إبراهيم ابن موسى المكي ، وثقه هشام كما رأيت ، ولكن قال الحافظ الذهبي والحافظ العسقلاني كمافي ( اللسان ) : ( "إبراهيم" بن موسى الدمشقي مجهول لم يرو عنه إلا هشام بن عمار وفي ثقات بن حبان: إبراهيم بن موسى المكي يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، وعنه هشام بن عمار .
فهو هذا بلا ريب . ) .
قلت : وأخرجه البيهقي في ( شعب الإيمان ) ( 10 / 559 ) :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ، نا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ بِمِصْرَ، نا مُوسَى بْنُ نَاصِحٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَيِّبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ بَعْضُ إِخْوَانِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْ ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ مَا لَمْ يَأْتِكِ مَا يَغْلِبُكَ، وَلَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ شَرًّا وَأَنْتَ تَجِدُ لَهُ فِي الْخَيْرِ مَحْمَلًا، وَمَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهَمِ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ فِي يَدَيْهِ، وَمَا كَافَأْتَ مَنْ عَصَى اللهَ فِيكَ بِمِثْلِ أَنْ تُطِيعَ اللهَ فِيهِ، وَعَلَيْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ، فَكَثِّرْ فِي اكْتِسَابِهِمْ، فَإِنَّهُمْ زِينَةٌ فِي الرَّخَاءِ، وَعُدَّةٌ عِنْدَ عَظِيمِ الْبَلَاءِ، وَلَا تَهَاوَنْ بِالْحَلِفِ فَيُهِينَكَ اللهُ، وَلَا تَسْأَلَنَّ عَمَّا لَمْ يَكُنْ حَتَّى يَكُونَ، وَلَا تَضَعْ حَدِيثَكَ إِلَّا عِنْدَ مَنْ يَشْتَهِيهِ، وَعَلَيْكَ بِالصِّدْقِ وَإِنْ قَتَلَكَ الصِّدْقُ، وَاعْتَزِلْ عَدُوَّكَ، وَاحْذَرْ صَدِيقَكَ إِلَّا الْأَمِينَ، وَلَا أَمِينَ إِلَّا مَنْ خَشِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَشَاوِرْ فِي أَمْرِكَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ " .
وَقَدْ رُوِّينَا بَعْضَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .
قلت : إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَيِّبَةَ لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المصادر ...
وموسى بن ناصح ذكره ابن حبان في ( الثقات ) وروى عنه جمع من الثقات الأثبات .
قلت : وللأثر طرق أخرى ولكنها ضعيف جدا ....
ولعل ما ذكرناه يكفي في إثبات صحته والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً ...
كتبه /طاهر نجم الدين المحسي