6- معنى قوله تعالى { فأخرجهما مما كانا فيه }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : وأمّا تأويل قوله: {فأخرجهما} فإنّه يعني: فأخرج الشّيطان آدم وزوجته ممّا كانا، يعني ممّا كان فيه آدم وزوجته من رغد العيش في الجنّة، وسعة نعيمها الّذي كانا فيه .
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : قوله { فأخرجهما مما كانا فيه }
-حدّثنا عليّ بن الحسين بن أشكاب، ثنا عليّ بن عاصمٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرّأس كأنّه نخلةٌ سحوقٌ، فلمّا ذاق الشّجرة سقط عنه لباسه، فأوّل ما بدا منه عورته، فلمّا نظر إلى عورته جعل يشتدّ في الجنّة فأخذت شعره شجرةٌ فنازعها، فناداه الرّحمن يا آدم منّي تفرّ؟ فلمّا سمع كلام الرّحمن، قال: يا ربّ لا ولكن استحياءً).
حدّثني جعفر بن أحمد بن الحكم القومسيّ سنة أربعٍ وخمسين ومائتين، ثنا سليم بن منصور بن عمّارٍ، ثنا عليّ بن عاصمٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (لمّا ذاق آدم من الشّجرة فرّ هاربًا فتعلّقت شجرةٌ بشعره فنودي: يا آدم، أفرارًا منّي؟ قال: بل حياءً منك، قال: يا آدم اخرج من جواري، فبعزّتي لا أساكن فيها من عصاني، ولو خلقت ملء الأرض مثلك خلقًا ثمّ عصوني لأسكنتهم دار العاصين).
حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، قال الرّبيع بن أنسٍ:( فأخرج آدم من الجنّة للسّاعة التّاسعة أو العاشرة، فأخرج آدم معه غصنًا من شجر الجنّة، على رأسه تاجٌ من شجر الجنّة، وهو الإكليل من ورق الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 78-88].
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه): وقوله تعالى: {فأخرجهما ممّا كانا فيه} يحتمل وجوها :
فقيل: أخرجهما من الطاعة إلى المعصية ، وقيل أخرجهما من نعمة الجنة إلى شقاء الدنيا،وقيل من رفعة المنزلة إلى سفل مكان الذنب .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله يتقارب
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) : قد قال ابن أبي حاتمٍ هاهنا: حدّثنا عليّ بن الحسن بن إشكاب، حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ اللّه خلق آدم رجلًا طوالا كثير شعر الرّأس، كأنّه نخلةٌ سحوق، فلمّا ذاق الشّجرة سقط عنه لباسه، فأوّل ما بدا منه عورته، فلمّا نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنّة، فأخذت شعره شجرةٌ، فنازعها، فناداه الرّحمن: يا آدم، منّي تفرّ! فلمّا سمع كلام الرّحمن قال: يا ربّ، لا ولكن استحياءً)ـ
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) : {فأخرجهما ممّا كانا فيه} أي: من اللّباس والمنزل الرّحب والرّزق الهنيء والرّاحة.
7- معنى هبط
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : يقال: هبط فلانٌ أرض كذا ووادي كذا: إذا حلّ ذلك، كما قال الشّاعر:
ما زلت أرمقهم حتّى إذا هبطت ........ أيدي الرّكاب بهم من راكسٍ فلقا
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : الهبوط النزول من علو إلى أسفل .
8- هل كان هبوط المخاطبين بوقت واحد ؟
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): القول في تأويل قوله تعالى: {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ}:
ودلّ بذلك أيضًا على أنّ هبوط آدم وزوجته وعدوّهما إبليس كان في وقتٍ واحدٍ. لجمع اللّه إيّاهم في الخبر عن إهباطهم، بعد الّذي كان من خطيئة آدم وزوجته، وتسبّب إبليس ذلك لهما، على ما وصفه ربّنا جلّ ذكره عنهم.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):جمع الله للنبي -صلى الله عليه وسلم قصة هبوطهم، وإنما كان إبليس أُهبِطَ أولاً، والدليل على ذلك قوله عزّ وجل: {اخرج منها فإنّك رجيم}، وأهبط آدم وحواء بعد، فجمع الخبر للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم قد اجتمعوا في الهبوط، وإن كانت أوقاتهم متفرقة فيه .
9-من المخاطب في قوله تعالى { اهبطوا }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207ه): فإنه خاطب آدم وامرأته، ويقال أيضا: آدم وإبليس، وقال: "اهبطوا" يعنيه ويعني ذرّيته، فكأنه خاطبهم، وهو كقوله: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين} المعنى -والله أعلم-: أتينا بما فينا من الخلق طائعين، ومثله قول إبراهيم: {ربّنا واجعلنا مسلمين لك} ثم قال: {وأرنا مناسكناً} وفي قراءة عبد الله: (وأرهم مناسكهم) فجمع قبل أن تكون ذرّيته، فهذا ومثله في الكلام مما تتبيّن به المعنى، أن تقول للرجل: قد تزوّجت وولد لك فكثرتم وعززتم). [معاني القرآن: 1/ 31]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): وقال: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} فإنما قال: {اهبطوا} -والله أعلم- لأنّ إبليس كان ثالثهم، فلذلك جمع). [معاني القرآن: 1/ 53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} يعني: الإنسان وإبليس، ويقال: والحيّة.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
وقد اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {اهبطوا} مع إجماعهم على أنّ آدم وزوجته ممّن عني به.
- فحدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: آدم، وحوّاء، والحيّة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وموسى بن هارون، قالا: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (فلعن الحيّة وقطع قوائمها وتركها تمشي على بطنها وجعل رزقها من التّراب، وأهبط إلى الأرض آدم وحوّاء وإبليس والحيّة).
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى بن ميمونٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: في قول اللّه: كم لبعضٍ{اهبطوا بعض عدوٌّ} قال:(آدم، وإبليس والحيّة).
- وحدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: «{اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} آدم، وإبليس، والحيّة، ذرّيّةٌ بعضهم أعداءٌ لبعضٍ»
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (آدم وذرّيّته، وإبليس وذرّيّته).»
وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا آدم بن أبي إياسٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (يعني، وآدم، إبليس).
- حدّثني المثنّى، قال، حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال:( بعضهم لبعض عدوٌّ: آدم، وحوّاء، وإبليس، والحيّة).
- وحدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن إسماعيل السّدّيّ، قال: حدّثني من سمع ابن عبّاسٍ يقول: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال:( آدم، وحوّاء، وإبليس، والحيّة).»
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (لهما ولذرّيّتهما)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه): وقوله {بعضكم لبعض عدوّ}: إبليس عدو للمؤمنين من ولد آدم.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : قوله: {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ}
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أخبرني ابن وهب، حدثني عبد الرحمن ابن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن إسماعيل السّدّيّ، حدّثني من سمع ابن عبّاسٍ يقول: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (آدم وحوّاء وإبليس والحيّة»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 89].
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352ه ) : (ثنا إبراهيم، قال: نا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {بعضكم لبعض عدو}: «يعني إبليس وآدم»). [تفسير مجاهد: 73].
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه):واختلف من المخاطب بالهبوط
- فقال السدي وغيره: (آدم وحواء وإبليس والحية).
- وقال الحسن: (آدم وحواء والوسوسة).
- قال غيره: (والحية لأن إبليس قد كان أهبط قبل عند معصيته).
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) :وأما قوله {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو} أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، -واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو} قال: (آدم وحواء وإبليس والحية).
-وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعض عدو} قال: (آدم والحية والشيطان).
-وأخرج أبو الشيخ عن قتادة عن أبي صالح قال: {اهبطوا} قال: (آدم وحواء والحية).
-وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ({اهبطوا} يعني: آدم وحواء وإبليس).
10- طبيعة العداوة مابين آدم وزوجته ، وإبليس والحية
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
-وقيل : أمّا عداوة إبليس آدم وذرّيّته، فحسده إيّاه، واستكباره عن طاعة اللّه في السّجود له حين قال لربّه: {أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ}.
- وأمّا عداوة آدم وذرّيّته إبليس، فعداوة المؤمنين إيّاه لكفره باللّه وعصيانه لربّه في تكبّره عليه ومخالفته أمره؛ وذلك من آدم ومؤمني ذرّيّته إيمانٌ باللّه.
- وأمّا عداوة إبليس آدم، فكفرٌ باللّه ..
- وأمّا عداوة ما بين آدم وذرّيّته، والحيّة، فقد ذكرنا ما روي في ذلك عن ابن عبّاسٍ ووهب بن منبّهٍ، وذلك هي العداوة الّتي بيننا وبينها، كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ فمن تركهنّ خشية ثأرهنّ فليس منّا) .
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثني حجّاج بن رشدٍين، قال: حدّثنا حيوة بن شريحٍ، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ، فمن ترك شيئًا منهنّ خيفةً فليس منّا ).
- وأحسب أنّ الحرب الّتي بيننا كان أصله ما ذكره علماؤنا الّذين قدّمنا الرّواية عنهم في إدخالها إبليس الجنّة بعد أن أخرجه اللّه منها حتّى استزلّه عن طاعة ربّه في أكل ما نهي عن أكله من الشّجرة .
- وحدّثنا أبو كريبٍ، قال حدّثنا معاوية بن هشامٍ، وحدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا آدم، جميعًا، عن شيبان، عن جابرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: عن قتل الحيّات، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خلقت هي والإنسان كلّ واحدٍ منهما عدوٌّ لصاحبه إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته، فاقتلها حيث وجدتها»). [جامع البيان: 1/ 571-575] .
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه) : ، وعداوته لهم: كفر، والمؤمنون أعداء إبليس، وعداوتهم له: إيمان.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) :
- وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيات، فقال: (خلقت هي والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه، إن رآها أفزعته وإن لدغته أوجعته، فاقتلها حيث وجدتها).
- يقول ابن عباس:( فاقتلوها حيث وجدتموها اخفروا ذمة عدو الله فيها ) .
11- مكان هبوط كلا من آدم وحواء وابليس والحية
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) :
- حدّثنا أبو هارون محمّد بن خالدٍ الخرّاز، ثنا يحيى بن زيادٍ، حدّثني ابن أبي الخطيب، أخبرني ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، قال: (أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئًا رأسه، وأهبط إبليس مشبّكًا بين أصابعه رافعًا رأسه إلى السّماء).
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن أبي عديٍّ -يعني الزّبير بن عديٍّ-، عن ابن عمر قال: (أهبط آدم بالصّفا، وحوّاء بالمروة)
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ، ثنا عمران بن عيينة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: (إنّ أوّل ما أهبط اللّه آدم إلى الأرض أهبطه بدحنا، أرضٌ بالهند)
حدّثنا أبو زرعة، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال:( أهبط آدم -عليه السّلام- إلى أرضٍ يقال لها: دحنا بين مكّة والطّائف)
حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا هشام بن عمرٍو الغسّانيّ، ثنا عبّاد بن ميسرة، عن الحسن قال: (أهبط آدم بالهند، وحوّاء بجدّة، وإبليس بدست ميسان من البصرة على أميالٍ، وأهبطت الحيّة بأصبهان).
حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: «قال اللّه: {اهبطوا منها جميعًا} فهبطوا فنزل آدم بالهند، وأنزل معه الحجر الأسود وقبضةٍ من ورق الجنّة فبثّه بالهند فنبتت شجر الطّيب، فإنّما أصل ما يجاء به من الطّيب من الهند من قبضة الورق الّتي هبط بها آدم، وإنّما قبضها آدم حين أخرج من الجنّة أسفًا على الجنّة حين أخرج منها»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 88-89].
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وروي أن آدم نزل على جبل من جبال سرنديب وأن حواء نزلت بجدة، وأن الحية نزلت بأصبهان، وقيل: بميسان، وأن إبليس نزل على الأبلة). [المحررالوجيز: 1 /184-188] .
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) :
- وقال السّدّيّ: «قال اللّه تعالى: {اهبطوا منها جميعًا} فهبطوا فنزل آدم بالهند، ونزل معه الحجر الأسود، وقبضةٌ من ورق الجنّة فبثّه بالهند، فنبتت شجرة الطّيب، فإنّما أصل ما يجاء به من الهند من الطّيب من قبضة الورق الّتي هبط بها آدم، وإنّما قبضها آدم أسفًا على الجنّة حين أخرج منها) .
- وقال عمران بن عيينة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: (أهبط آدم من الجنّة بدحنا، أرض الهند)
- وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن سعيدٍ عن ابن عبّاسٍ قال: (أهبط آدم، عليه السّلام، إلى أرضٍ يقال لها: دحنا، بين مكّة والطّائف)
- عن الحسن البصريّ قال: «أهبط آدم بالهند، وحوّاء بجدّة، وإبليس بدستميسان من البصرة على أميالٍ، وأهبطت الحيّة بأصبهان». رواه ابن أبي حاتمٍ
- وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، حدّثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، حدّثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن ابن عديٍّ، عن ابن عمر، قال:( أهبط آدم بالصّفا، وحوّاء بالمروة) .
- وقال رجاء بن سلمة: (أهبط آدم، عليه السّلام، يداه على ركبتيه مطأطئًا رأسه، وأهبط إبليس مشبّكًا بين صابعه رافعًا رأسه إلى السّماء) .
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه)
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال:«أهبط آدم إلى أرض يقال لها: دجنا بين مكة والطائف»
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: «أهبط آدم بالصفا، وحواء بالمروة»
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس: «أن أول ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند»، وفي لفظ: «بدجناء أرض الهند».
- وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في البعث، وابن عساكر عن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: «أطيب ريح الأرض الهند، أهبط بها آدم فعلق ريحها من شجر الجنة».
- وأخرج ابن سعد، وابن عساكر عن ابن عباس قال:«أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، فجاء في طلبها، حتى أتى جمعا فازدلفت إليه حواء، فلذلك سميت المزدلفة، واجتمعا بجمع فلذلك سميت جمعا».
- وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن أبي سلمة قال: «أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئا رأسه، وأهبط إبليس مشبكا بين أصابعه رافعا رأسه إلى السماء».
- وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حميد بن هلال قال: «إنما كره التخصر في الصلاة لأن إبليس أهبط متخصرا».
- وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزل آدم عليه السلام بالهند فاستوحش، فنزل جبريل بالأذان: الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمد رسول الله مرتين، فقال: ومن محمد هذا؟ قال: هذا آخر ولدك من الأنبياء».ـ
12- تأويل قوله تعالى { ولكم في الأرض مستقر}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):{ولكم في الأرض مستقرٌّ}: موضع استقرار.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك :
- فقال بعضهم بما حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (هو قوله: {الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}).
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (هو قوله:{جعل لكم الأرض قرارًا})
وقال آخرون: معنى ذلك: ولكم في الأرض قرارٌ في القبور. ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال:(القبور).
-وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن إسماعيل السّدّيّ، قال: حدّثني من، سمع ابن عبّاسٍ، قال: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (القبور).
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (مقامهم فيها).
والمستقرّ في كلام العرب هو موضع الاستقرار فإذا كان ذلك كذلك، فحيث كان من الأرض موجودًا حالًّا، فذلك المكان من الأرض مستقرّه ..
وإنّما عنى اللّه جلّ ثناؤه بذلك: أنّ لهم في الأرض مستقرًّا ومنزلاً بأماكنهم ومستقرّهم من الجنّة والسّماء.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه):وقوله عزّ وجلّ {ولكم في الأرض مستقرّ} أي: مقام وثبوت.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه) قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال:( المستقرّ: القبور).
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن حاتمٍ الزّمّيّ، ثنا عبيدة بن حميدٍ، عن عمّارٍ الدّهنيّ، عن حميدٍ المدنيّ، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (مستقرٌّ فوق الأرض، ومستقرٌّ تحت الأرض) .
حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: «هو قوله: {الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 89-90]ـ
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437ه): {مُسْتَقَرّ}: ثبات ـ
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
- {ولكم في الأرض مستقرٌّ} أي: موضع استقرار قاله أبو العالية وابن زيد
- وقال السدي: «المراد الاستقرار في القبور، والمتاع ما يستمتع به من أكل ولبس وحياة، وحديث، وأنس، وغير ذلك». وأنشد سليمان بن عبد الملك حين وقف على قبر ابنه أيوب إثر دفنه :