حقيقة السحر وعلاقة الشياطين به بأدلة الكتاب والسنة :
قال تعالى : ( قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤ بسحر عظيم (116) وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون (117) فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون (118) الأعراف
( فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ) (81) يونس
قال تعالى ( قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) (66) طه
(وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) (69) طه
وقال سبحانه ( ومن شر النفاثات في العقد ) الفلق (4)
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سحر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال الليث : كتب إلي هشام أنه سمعه ووعاه عن أبيه ، عن عائشة قالت : سحر النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله ، حتى كان ذات يوم دعا ودعا ، ثم قال : " أشعرت أن الله أفتاني فيما فيه شفائي ، أتاني رجلان : فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال أحدهما للآخر ما وجع الرجل ؟ قال : مطبوب ، قال : ومن طبه ؟ قال لبيد بن الأعصم ، قال : فيما ذا ، قال : في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر ، قال فأين هو ؟ قال : في بئر ذروان " فخرج إليها النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم رجع فقال لعائشة حين رجع : " نخلها كأنه رءوس الشياطين " فقلت استخرجته ؟ فقال : " لا ، أما أنا فقد شفاني الله ، وخشيت أن يثير ذلك على الناس شرا " ثم دفنت البئر * متفق عليه
فلقد بين الله جل في علاه في محكم الآيات الآنفات وفي الحديث أن الذي يصنع ويعمل ويقوم بالسحر هو الساحر ونسب السحر إلى الساحر فقط .
والله سبحانه هو عالم الغيب والشهادة ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ولم يذكر أن الشياطين هي التي تعمل السحر أو تعاون الساحر في صناعة السحر أو تخدم السحر بالحراسة والمحافظة عليه .
أو أنها تدخل في بدن الإنسان مع السحر المأكول أو المشروب كما يزعم ممتهني الرقية لتحرس السحر !!
بل بين الله سبحانه وتعالى أن دور الشياطين في السحر وهو التعليم فقط فقال :
( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون )
قال القرطبي في المنتقى شرح الموطإ» (7/ 118):
( ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} [البقرة: 102] : فجعلهم كفارا بتعليمه )
قلت : دور الشياطين هو تعليم الناس السحر فحسب . وأرى والله أعلم أن السحر قد علمته الشياطين للناس في عهد سليمان وقبله ثم كان الناس يعتمدون على تلك الكتب على مر الزمان كما صح ذلك عن ابن عباس مما يرويه من الإسرائيليات التي لا تكذب ولا تصدق .
( أما إني أحدثكم من ذلك أنه كانت الشياطين يسترقون السمع من السماء فيأتي أحدهم بكلمة حق قد سمعها ، فإذا حدث منه صدق كذب معها سبعين كذبة ، قال : فيشربها قلوب الناس ؛ فأطلع الله عليها سليمان فدفنها تحت كرسيه . فلما توفي سليمان بن داود قام شيطان بالطريق فقال : ألا أدلكم على كنزه الممنع الذي لا كنز مثله ؟ تحت الكرسي . فأخرجوه ، فقالوا : هذا سحر . فتناسخها الأمم ، حتى بقاياهم ما يتحدث به أهل العراق . فأنزل الله عذر سليمان : واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) الطبري .
وقد يكون هناك أنواعا أخرى من السحر غير سحر اليهود المذكور كسحر الصابئة واليونانيين غيرهم .
ولم يذكر الله تعالى دورا آخر للشياطين غير التعليم . ومن يدعي دورا آخر للشياطين فقد خاض بالغيب وقال على الله بغير علم .
وفيما يلي أقوال العلماء في أن السحر هو من عمل الساحر مستندين بذلك على كلام الله سبحانه .
ففي تفسير مقاتل بن سليمان ت 150 » (4/ 934):
ومن شر النفاثات في العقد يعنى السحر وآلاته يعنى الرقية التي هي لله معصية يعني به ما تنفثن من الرقى في العقدة. )
وفي الجامع لعلوم الإمام أحمد - التفسير وعلوم القرآن» (13/ 521):
«النَّفَّاثَاتِ }: السحر، و {الْعُقَدِ}: الذين يعقدون السحر»
وفي تفسير التستري ت 283» (ص210):
«وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ أي السواحر تنفث في العقد»
وفي تفسير الطبري (24/ 704):
«وقوله: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) يقول: ومن شرّ السواحر الّلاتي ينفُثن في عُقَد الخيط، حين يَرْقِين عليها»
وفي تفسير ابن كثير (8/ 536):
«وقوله: {ومن شر النفاثات في العقد} قال مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة والضحاك: يعني: السواحر -قال مجاهد: إذا رقين ونفثن في العقد»
وقال حسن القاهري ( 804 – 870 ) في اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح» (14/ 366):
«وهو أمرٌ خارقٌ للعادة صادرٌ من نفسٍ شريرةٍ لا يتعذَّر معارضتُه، وقد أنكرَه قومٌ وقالوا: إنما هو خيالاتٌ باطلةٌ لا حقيقةَ لها، وأكثرُ الأُمم من العرب والرُّوم والهند والعجم على ثبوته ووجوده حقيقةً، وله تأثيرٌ، وليس بمستحيلٍ عقلًا أن الله تعالى يَخرقُ العادةَ عندَ النطق بكلامٍ مُلفَّقٍ وتركيبِ أجسامٍ على وجهٍ لا يَعرفُه كلُّ أحدٍ "
وفي فتح الباري لابن حجر» (10/ 222):
وقال المازري جمهور العلماء على إثبات السحر وأن له حقيقة ونفى بعضهم حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة وهو مردود لورود النقل بإثبات السحر ولأن العقل لا ينكر أن الله قد يخرق العادة عند نطق الساحر بكلام»
وقال الأمير الصنعاني ت 1182)التحبير لإيضاح معاني التيسير» (4/ 714):
«من قوله تعالى: {*النَّفَّاثَاتِ (5) فِي الْعُقَدِ (4)} (6) أي: النساء السواحر اللواتي ينفثن في العقد يتكلمن بشيء من الكلمات المخالفة للشريعة التي هن كلمات كفرية ثم ينفثن، والنفث دون النفخ، ثم يعقدن ما نفثن فيه فيكون بإذن الله سحراً»
وقال الشوكاني في فتح القدير » (1/ 141):
( وقوله: ما يفرقون به بين المرء وزوجه في إسناد التفريق إلى السحرة وجعل السحر سببا لذلك دليل على أن للسحر تأثيرا في القلوب بالحب والبغض، والجمع والفرقة، والقرب والبعد )
وقال في نيل الأوطار» (7/ 211):
«ولا يستنكر في العقل أن الله سبحانه يخرق العادة عند النطق بكلام أو تركيب أجسام أو المزج بين قوى على ترتيب لا يعرفه إلا الساحر، وإذا شاهد الإنسان بعض الأجسام منها قاتلة كالسموم، ومنها: مسقمة كالأدوية الحادة، ومنها: مضرة كالأدوية المضادة للمرض لم يستبعد عقله أن ينفرد الساحر بعلم قوى قتالة أو كلام مهلك أو مؤد إلى التفرقة»
وفي تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص937):
«{وَمِنْ شَرِّ *النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر»
وفي شرح رياض الصالحين لابن عثيمين» (5/ 545):
«ومن شر *النفاثات في العقد} أي الساحرات اللاتي يعقدن عقد السحر وينفثن فيها بالطلاسم والتعوذات والاعتصام بالشياطين والاستعانة بهم والعياذ بالله»
وفي فتاوى نور على الدرب لابن باز (3/ 272):
بيان أن شياطين الجن هم الذين يعلمون السحر للسحرة
س: الأخ: ص. ش. من الجمهورية العربية السورية، يسأل ويقول: هل يستطيع الساحر الاتصال بالشياطين كما يزعم فعلا؟ وبالتالي يستطيع أن يغير ما يريده الشخص المسلم الواعي، والذي يحفظ قدرا كبيرا من القرآن وذلك بواسطة هؤلاء الشياطين؟ وإن كان ذلك ممكنا، فماذا يترتب على الشخص أن يفعل إذا ابتلي بالسحر؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (1)
ج: السحر بين الله جل وعلا في كتابه العظيم، وهكذا رسوله صلى الله عليه وسلم أنه موجود، وأن السحرة موجودون، وأن الشياطين هم الأساتذة، هم الذين يعلمونهم السحر، شياطين الجن هم الذين يعلمون شياطين الإنس السحر، والسحر يكون بالرقى الشيطانية والتعوذات الشيطانية والعقد والنفث، كما قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (2) يعني السواحر اللاتي ينفثن في العقد، بكلمات ضالة، خاطئة، يردن بها إيذاء المسحور، ويقع بالتخييل، كما قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (3) فيخيلون للإنسان أن الحبل حية ...
_________
(1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 267
قلت : وحقيقة السحر هو أنه عمل يضاد الرقية المشروعة بكل أركانها :
فالرقية هي كلام خاص ( الرقى المأثورة ) فيه توحيد واستعانة واستعاذة بالله تعالى يقصد به الاستشفاء من الأمراض يقرأ على المرض بنفث أو تفل أو بدونهما .
وأما السحر فهو كلام خاص فيه شرك واستعانة واستعاذة بغير الله من الشياطين يقصد به الإضرار بالمسحور ينفث به على العقد وغيرها .
فكما أن الرقية تؤثر في الإنسان وترفع عنه المرض وهي مجرد كلام فكذلك السحر وهو كلام أيضا يؤثر في الإنسان فيمرضه ويضره بمختلف الأضرار .
ولا تنفع الرقية ولا يضر السحر إلا بإذن الله تعالى .
ولأن السحر يضاد الرقية والرقية تضاد السحر لذلك جعل الله تعالى الرقية هي العلاج الأنجع للسحر .
فبالمعوذتين أبطل النبي صلى الله عليه وسلم سحر اليهودي .
كان رجلٌ [ من اليهودِ ] يدخلُ على النَّبيِّ ، [ وكان يأمنُه ] ، فعقد له عقدًا ، فوضعه في بئرِ رجلٍ من الأنصارِ ، [ فاشتكَى لذلك أيَّامًا ، وفي حديثِ عائشةَ : ستَّةً أشهُرٍ ) ] ، فأتاه ملَكان يعودانه ، فقعد أحدُهما عند رأسِه ، والآخرُ عند رِجلَيْه ، فقال أحدُهما : أتدري ما وجعُه ؟ قال : فلانٌ الَّذي [ كان ] يدخُلُ عليه عقد له عُقَدًا ، فألقاه في بئرِ فلانٍ الأنصاريِّ ، فلو أرسل [ إليه ] رجلًا، وأخذ [ منه ] العَقَدَ لوجد الماءَ قد صُفِّر [ فأتاه جبريلُ فنزل عليه بالمُعوِّذتَيْن ) ، وقال : إنَّ رجلًا من اليهودِ سحرك ، والسِّحرُ في بئرِ فلانٍ ، قال : ] فبعث رجلًا وفي طريقٍ أخرَى : فبعث عليًّا ) [ فوجد الماءَ قد اصفَرَّ ] فأخذ العُقَدَ [ فجاء بها ] ، [ فأمره أن يحِلَّ العُقَدَ ويقرأَ آيةً ] ، فحلَّها ، [ فجعل يقرأُ ويحِلُّ ] ، [ فجعل كلَّما حلَّ عُقدةً وجد لذلك خفَّةَ ] فبرأ ، (وفي الطَّريقِ الأخرَى : فقام رسولُ اللهِ كأنَّما نشط من عِقالٍ ) ، وكان الرَّجلُ بعد ذلك يدخلُ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يذكُرْ له شيئًا منه ، و لم يعاتِبْه [ قطُّ حتَّى مات ]
قال المحدث الألباني – صحيح ـ المصدر: السلسلة الصحيحة - الرقم 2761
ومن أقوال العلماء في معنى ما قدمتُ :
قال الدينوري ت 276 في تأويل مختلف الحديث» (ص262):
«وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} 1 فأعلمنا أَنَّ السَّوَاحِرَ، يَنْفُثْنَ فِي عُقَدٍ يَعْقِدْنَهَا كَمَا يَتْفُلُ الرَّاقِي وَالْمُعَوِّذُ»
وفي شرح صحيح البخارى لابن بطال» (5/ 359):
«لأن الله قال لرسوله: (قل أعوذ برب الفلق (إلى قوله: (ومن شر النفاثات فى العقد (والنفاثات: السواحر ينفثن فى العقد كما ينفث الراقى فى الرقية)
قلت : وأما قول من قال أن السحر يكون بمعونة الشياطين فليس عليه دليل من الكتاب أو السنة وإنما ربما أخذوه عن الراغب الأصفهاني النحوي وغيره فقد ذكر ابن حجر في فتح الباري » (10/ 222) :
(قوله باب السحر) : قال الراغب وغيره السحر يطلق على معان : ... الثالث ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس (
ثم تناقل كلامه من جاء بعد الحافظ ابن حجر .
وقد قدمت آنفا أن الساحر يستغيث ويستعين بالشياطين ويدعوهم بما يقرأه من رقى كفرية فيقع السحر إذا شاء الله وهذا كما يستجيب الله لمن يشاء من الذين يدعون الموتى أو الغائبين لقضاء حاجاتهم .
فالذي يدعو ميتا ويتقرب إليه بالنذر والذبح والقربات ويطلب منه حاجته كشفاء مرض أوطلب ذرية أو رزق ونحو ذلك ثم يحصل له ما طلب كما طلب لا شك أن الله تعالى هو من قضى حاجاته استدراجا لمن اختار الشرك وهو يظن أن الميت هو الذي قضى حاجته .
وكذلك من يستعين ويدعو ويستغيث بالشياطين ويعبدهم من دون الله تعالى ليسحر إنسانا فالله هو الذي يأذن بوقوع الضرر الذي أراده الساحر ويظن الساحر أن الشيطان الذي تقرب إليه هو من قضى له حاجته .
وكذا من قال بذلك من العلماء فهو يظن أن الشيطان هو الذي يقضي حاجة الساحر والحق أن الأمر غيبي ولا دليل على ذلك من كلام عالم الغيب والشهادة سبحانه بل هو مجرد ظن عقلي وربما أخذوه من أفواه أو كتب السحرة الذين تلاعبت بهم الشياطين .
والذي لا يقبل عقله أن يقع السحر بدون تدخل الشياطين فكيف يقبل عقله ان يقع الشفاء من سم العقرب أو الأفعى القاتل بمجرد الرقية وكيف يقبل عقله أن تذهب الحمى أو الالتهاب الحاد أو أشد الأمراض والأوجاع بمجرد الرقية التي هي كلام ونفث ؟!.
فهذه كتلك وتلك كهذه مع التضاد
ومن قال من العلماء أن السحر يكون بالاستعانة بالشياطين فإنما هو بمعنى ما قدمتُ كالفتوى التالية :
ما هي الأدلة الواضحة على أن للجن دورا في السحر؟ ما حكم السحر ؟
الجواب : الحمد لله.
أولا :السحر من المنكرات العظيمة ، ومن كبائر الموبقات ، بل هو من نواقض دين الإسلام ، إذا كان تعلمه ومباشرته عن طريق الاستعانة بالشياطين .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله" : تعليم السحر وتعلمه منكر عظيم ، ومن الشرك الأكبر ؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن ، والاستغاثة بهم والتقرب إليهم ، وما يهديهم من الذبائح والنذر " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (1/ 355-356) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" السحر أكبر الكبائر بعد الشرك ، وهو كفر بالله عز وجل ، وهو قرين الشرك ، فالساحر والذي يصدق بالسحر كلاهما سواء " .
انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ صالح بن فوزان" (1/ 42) .
أما إذا كان صاحبه يتوصل إليه باستخدام عقاقير محسوسة ، ومواد كيميائية ، ونحو ذلك : فلا يكفر صاحبه .
والساحر حده القتل بكل حال .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" السحر نوعان : نوع كفر، ونوع عدوان وظلم.
أما الكفر : فهو الذي يكون متلقىً من الشياطين ، فالذي يُتلقى من الشياطين : هذا كفر مخرج عن الملة ، يُقتل متعاطيه .
النوع الثاني من السحر: سحر لا يكون بأمر الشياطين ، لكنه بأدوية وعقاقير وأشياء حسية ، فهذا النوع لا يُكفِّر ، ولكن يجب أن يقتل فاعله درءاً لفساده وإفساده " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (4/ 2) بترقيم الشاملة .
ثانيا :
من الأدلة الشرعية على أن السحر يكون عن طريق مردة الجن وهم الشياطين : قول الله عز وجل : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) البقرة/ 102 .
قال ابن جرير رحمه الله :
" معنى الكلام : واتبعوا ما تتلوا الشياطين من السحر على ملك سليمان ، وما كفر سليمان ، فيعمل بالسحر، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " .
انتهى من " تفسير الطبري " (2 /417) .
وقَالَ مُجَاهِدٌ : " كَانَتِ الشَّيَاطِينُ تَسْتَمِعُ الْوَحْيَ ، فَمَا سَمِعُوا مِنْ كَلِمَةٍ إِلَّا زَادُوا فِيهَا مِائَتَيْنِ مِثْلَهَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ عَلَّمَتْهُ النَّاسَ ، وَهُوَ السِّحْرُ " .
انتهى من " تفسير ابن كثير" (1/ 348) .
وقال قتادة : " ذكر لنا، والله أعلم ، أن الشياطين ابتدعت كتابا فيه سحر وأمر عظيم ، ثم أفشوه في الناس وعلموهم إياه " .
انتهى من " تفسير الطبري " (2/ 410) .
وفي تفسير قول الله عز وجل : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) الفلق/ 4 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" النفاثات في العقد : هن الساحرات ، يعقدن الحبال وغيرها، وتنفث بقراءة مطلسمة ، فيها أسماء الشياطين على كل عقدة ، تعقد ثم تنفث ، تعقد ثم تنفث ، تعقد ثم تنفث ، وهي بنفسها الخبيثة تريد شخصاً معيناً، فيؤثر هذا السحر بالنسبة لهذا المسحور " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (107/ 11) بترقيم الشاملة .
قال ابن باز رحمه الله :
" السحر : بين الله جل وعلا في كتابه العظيم ، وهكذا رسوله صلى الله عليه وسلم : أنه موجود ، وأن السحرة موجودون ، وأن الشياطين هم الأساتذة ، هم الذين يعلمونهم السحر ، شياطين الجن هم الذين يعلمون شياطين الإنس السحر ، والسحر يكون بالرقى الشيطانية ، والتعوذات الشيطانية ، والعقد والنفث ، كما قال تعالى: ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (3/ 272) .
فتوى الإسلام سؤال وجواب
قلت : كلام الشيخ ابن باز رحمه الله صريح ببيان دور الشيطان ودور الساحر إذ قال أن شياطين الجن تعلم شياطين الإنس السحر ثم أردف أن السحر هو بالرقى الشيطانية والنفث بها في العقد وهذا هو دور الساحر بنص القرآن . وسبقه كلام كبار التابعين كمجاهد وقتادة وإمام المفسرين الطبري وفيرهم مما ذكرتُ آنفا .
والله أعلم .
المعيصفي