الصيام تهذيب للنفس واللسان والجوارح


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفُث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم»، (رواه البخاري برقم (1904)، ومسلم (1151) ).

معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله، فليقل: إني صائم»:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح" (4/105): المراد من الحديث أنه لا يُعامله بمثل عمله، بل يقتصر على قوله: إني صائم.

واختُلف في المراد بقوله: ((فليقل إني صائم))، هل يُخاطِب بها الذي يُكلِّمه بذلك، أو يقولها في نفسه، وبالثاني جزم المتولي، ونقله الرافعي عن الأئمة، ورجح النووي الأول في "الأذكار".

وقال في "شرح المهذب": كل منهما حسن، والقول باللسان أقوى، ولو جمعهما لكان حسنًا؛ اهـ.

قلت: وظاهر الحديث يُؤيد: القول بأن الصائم يُسمِع سابَّه بذلك، والله أعلم.

ولعلَّ الحكمة من قول الصائم لسابِّه إني صائم: هو أن الصيام لله، فنُهيَ الصائم أن يُقابِل السيَّء أو السفيه بمثل قوله وفعله، واستُحِبَّ له قول: إني صائم، بخلاف حال غير الصيام، فإن له الخيار بين العفو والمماثلة، والعفو أفضل، قال الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ} [الشورى: 40].

وقال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، والله أعلم.
______________________________ _________________
الكاتب: فواز بن علي بن عباس السليماني