صارحينــي..!


ريم صلاح الصالح


عندمــا يجتـاح القلق والخـوف قلب الأم نحـو ابنتهـا تبـدأ بإرسـال رسـائل خفيـة للأب مفـادهـا الوحيـد: «انتبـه على ابنتـك فهنـاك حتمـاً شيء يحـدث من وراء ظهورنـا»، وكمـا قلت تكون رسالـةً خفيـة لا تنطـق باللسـان ولكنهـا تُصـب في القـلب من النظـرات والرعـدات، فيحـاول الاثنـان اقتحـام أسوار الفتـاة لمعـرفـة ما تخفيـه ولا ترغب في الحـديث عنه، وهكـذا تماماً ستكـون نظرة الفتـاة المـراهقة لأبويهـا اللذين يحـاولان معـرفة ما في جوفهـا، علـى أن الأمـر اقتحـــام لخصـوصياتها التي ينبغي ألا يحاول أحد الاقتـراب منهـا، والسؤال هـو كيـف يمكــننا لوم المـراهقـة على تصورهـا للأمر بهـذه الطريقـة عندمـا ترى والدتهـا التي كانت ترغب في سمــاع كل التفاصيل المملة عن يومها الدراسي والأفكار التي خطرت لها لتسريـح شعـر لعبتهـا، تراها الآن تنشغـل عنها ولا يهمهـا أي حديث معهـا وعندما أرادت أن تعرف أمراً أحيط بالخطوط الحمراء والجدران النارية، جــاءت هكذا دون سابقة إنذار أو تمهيد..!
عزيزتي الأم.. لربمـا استغربت من الطريقـة الفظـة والأسلـوب القاسي الذي تكلمـت به قبل قليـل، ولكــن هذا تماماً ما يدور في رأس الفتـاة عندمـا تـرى أن أحد أبـويها قد حـاول أن يعـرف أمـراً كبيـراً في حيـاتهـا.. ومع هـذا فإنـه من المهـم جـداً أن يكـون هنـاك التحـام بيـن الفتـاة ووالدتـها، فتفضفض الأولى للثــانية بكـل أريحيـة واتصـال وهنـا تكمـن الصعـوبة، هنـا يجب وضـع عدسـات التكبيـر ومعـرفـة كيف يمكـن التـواصل مع الفتـاة المـراهقـة بأريحيـة تامـة ودون أن يتســبب أحد في انزعـاج الآخــر.. إنــه من الواجـب على الأم أولاً أن تكـوّن الصـلة بينهـا وبين ابنتهـا قبل أن تقفـز إلى أمر كبير جــداً سيكشـف الأمر برمته، ما أعنيـه هو أنه لا بـد لك -عزيزتي الأم- أن تتواصلي مع ابنتـك بالأمور العادية جداً كالمدرسـة والفتيـات والهوايات، دون أن تضغطـي عليها بكثرة السؤال والإلحـاح أو تجاهل طلباتها إذا أرادت عدم التحدث في الموضوع في الوقت الحالي أو أن تفاجئيــها بأسئلة كثيرة حول حالتها وما حدث معها، فستستغرب تغيرك السريع هذا وستكشفك على الفور؛ لذلك لا تنسي التمهـل في بنـاء علاقتك مع ابنتـك، وحاولي أن يكون (أسمنت) بناء علاقتكمــا هو الراحة والعفويـة التـامة.
لا تنسي -عزيزتي الأم- أن تخرجي مع ابنتـك لوحدكما لمكان تحبـه أو لتنـاول (الآيس كريم) فتتجاذبا أطراف الحديـث، ولا بد لك أن تستمعي لهـا وتقللــي من إلقـاء حكم حياتك عليهـا فهي تريد الفضفضـة لا المحاضرات، حاولي أن تتذكـري -عزيزتي الأم- كيف كنت تحتاجيـن لهذا الأمر عندمــا كنت مـراهقـة، عنـدها ستتفهمـين حاجـة ابنتـك ؛ فتـذكرك لمـراهقتـك السـابقـة يسـاعدك كثيـراً على تفهم ابنتـك برغبـاتها واحتياجاتها، ولا بد لكِ أن تثقـي بابنتـك إن كـانت أهلاً للثقـة، وأن تشعـريها بذلك مع المراقبة الخفيـة التي يستحيـل أن يتم اكتشافهـا؛ عنـدهـا ستشـعر بمـزيد من الأمـان كلمـا كانت معـك وعند وجودك بقـربهـا..
أن تصلي لكسب ثقـة ابنتـك بك لمصـارحتـك بأمور تخصها، أمر ليس بالسهـل فهي ذكيـة، ولكنـه ليس بالمستحيــل؛ فهي عاطفيـة لا تحتاج سوى أن تبادليها العاطفة وأن تستمعي لهـا.