بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد:
فهذا تخريج لحديث "اللهم إني أسألك علما نافعا" في أذكار الصباح، وفيه إيضاح عدم صحة تقييده بأذكار الصباح
فعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم:
"اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا".
والحديث ضعيف بالتقييد بأذكار الصباح.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مقيدا ببعد صلاة الصبح عن كل من:
١- أبي الدرداء رضي الله عنه.
٢- أم سلمة رضي الله عنها، ولا يصحان.
٣- وروي من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو لفظه، ولكن من الدعاء المطلق غير مقيد ببعد صلاة الصبح، ولا يصح أيضا.
٤- ورواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما موقوفا بنحو معناه، ولكن في الدعاء عند الشرب من ماء زمزم.
٥- ورواه جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما مرفوعا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير مقيد ببعد صلاة الصبح.
٦- وروي من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير مقيد ببعد صلاة الصبح، ولا يصح.
١- أما حديث ابي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا مقيدا ببعد صلاة الصبح فرواه عنه أبو عمر الصيني
أخرجه الطبراني رحمه الله تعالى في الدعاء (٦٧٠) عقب حديث أم سلمة رضي الله عنها (٦٦٩) المقيد ببعد صلاة الصبح، فقال الطبراني رحمه الله:
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو كريب، ثنا أبو معاوية، وعبد الله بن نمير، قالا: ثنا مالك بن مغول، عن الحكم، عن أبي عمر، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، أي: مثل حديث أم سلمة رضي الله عنها.
وأخرجه الطبراني رحمه الله تعالى في نفس المصدر (٧١١) بنفس الإسناد السابق عن محمد بن عبد الله الحضرمي عقب حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا: "قلنا: يا رسول الله ذهب الأغنياء بالصدقة والجهاد ونحو ذلك ..." الحديث، وقال الطبراني فيه أيضا: مثله.
والذي يترجح عندي أن الموضع الأول خطأ من الطبراني رحمه الله تعالى أو من أحد نساخ الكتاب، لأن أبا عمر الصيني لم يرو عن أبي الدرداء إلا حديثا واحدا، ولا يعرف أبو عمر إلا به.
قال فيه أبو زرعة رحمه الله تعالى في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم رحمهما الله (٤٠٧/٩): لا نعرفه إلا برواية حديث واحد عن أبى الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم: سبقنا الأغنياء بالدنيا والآخرة؛يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم ... الحديث، ولا يسمى.
وقال فيه الدارقطني في علله (٢١٤/٦): لا يعرف، ولا روي عنه غير هذا الحديث. أه
يعني حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: قال: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضول أموالهم، ... الحديث في فضل التسبيح.
وأما حديث أبي عمر الصيني، عن أبي الدرداء رضي الله عنه على جادته فقد رواه:
على بن الجعد في مسنده (١٥٦)، وابن أبي شيبة في المصنف (٢٩٢٦٧) (٣٥٠٣٩)، وأحمد في المسند (٢١٧٠٩) (٢٧٥١٥) وفي العلل برواية عبد الله (٤٠٩١)، والنسائي في الكبري (٩٩٠٢) (٩٩٠٣)، وفي عمل اليوم والليلة (١٥٠)، وغيرهم.
٢- وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها، فجاء عن كل من:
(١) مولى لها، عنها مرفوعا.
(٢) وروي عن الشعبي، عن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعا.
(١) فأما حديث مولاها عنها، فقد رواه عنه موسى بن أبي عائشة، واختلف على موسى فيه:
١) فروي عنه، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعا.
٢) وروي عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أم سلمة مرفوعا.
٣) وروي عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعا.
١) فأما من رواه عنه، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعا، فكل من:
[١]شعبة بن الحجاج، رواه عنه:
١] أبو داود الطيالسي في مسنده (١٧١٠).
٢] شبابة بن سوار، رواه عنه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (٢٩٢٦٥)، ورواه ابن ماجه عن الأخير في سننه (٩٢٥).
٣] روح بن عبادة، رواه عنه أحمد في المسند (٢٦٦٠٢).
٤] محمد بن جعفر غندر، رواه عنه أحمد في المسند (٢٦٧٠١) (٢٦٧٣١)، وأخرجه أبو يعلى الموصلى في مسنده (٦٩٣٠) من طريق غندر.
٥] النضر بن شميل، رواه عنه إسحاق بن راهويه في مسنده (١٩٠٩).
٦] أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو القيسي، رواه عنه عبد بن حميد في مسنده (١٥٣٥).
٧] بهز بن أسد، أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٦٩٥٠)، ورواه ابن السني عن الأخير في عمل اليوم والليلة (٥٤).
٨] يحيى بن سعيد القطان، أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٦٩٩٧)، ورواه ابن السني عن الأخير في عمل اليوم والليلة (١١٠).
٩] مسلم بن إبراهيم، أخرجه الطبراني في الدعاء (٦٧١).
١٠] الحارث بن خليفة، أخرجه أبو الحسن بن شاذان في الأول من حديثه (ق١٢٠/ب) مخطوط بالظاهرية رقم ٣٧٦٨عام (٣١مجاميع)، وأخرجه أيضا في جزء من حديثه (ق٩/ب) مخطوط بالظاهرية رقم ٣٨٢٦عام (٩٠مجاميع).
١١] يحيى بن أبي بكير، أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير (١١٩).
١٢] وهب بن جرير، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (١٦٤٥).
[٢] سفيان بن سعيد الثوري، رواه عنه:
١] عبد الرزاق بن همام في مصنفه (٣١٩١)، ولكن قال فيه: عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، سمع أم سلمة، وأخرجه من طريق عبد الرزاق الطبراني في الكبير (٣٠٥/٢٣).
٢] وكيع بن الجراح، رواه أحمد في مسنده (٢٦٥٢١) (٢٦٧٠٠)، وأخرجه النسائي في الكبرى (٩٨٥٠) وفي عمل اليوم والليلة (١٠٢).
٣] أبو نعيم الفضل بن دكين، أخرجه الطبراني في الدعاء (٦٦٩).
٤] عمرو بن إسماعيل البجلي، رواه عنه:
{١} محمد بن علي بن مخلد الفرقدي، أخرجه الخطيب البغدادي في السابق واللاحق (ص١٣٨)، ويحيى بن الحسين الشجري في أماليه (٩٠/١) (٣١٩/١).
{٢} محمد بن نصير المدني، أخرجه يحيى بن الحسين الشجري في أماليه (٩٠/١) (٣١٩/١) (٣٣١/١).
{٣} محمود بن أحمد بن الفرج، ورواه عنه:
١} أبو الشيخ الأصبهاني، أخرجه يحيى بن الحسين الشجري في أماليه (٩٠/١) (٣١٩/١).
٢} الطبراني في المعجم الكبير (٣٠٥/٢٣)، ولكن رواه عنه، عن إسماعيل، عن الثوري، عن منصور، عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعا.
قلت: ورواية الطبراني شاذة، خالف فيها رحمه الله تعالى كل هذا الجمع ممن رووه عن سفيان الثوري، فضلا على مخالفته لكل من روى الحديث عن الحفاظ الذين وافقوا الثوري في روايته.
[٣] عبد الرحمن بن مهدي، أخرجه أحمد في مسنده (٢٦٧٠٠).
[٤] عمرو بن سعيد الثوري، أخرجه الحميدي في مسنده (٣٠١)، ومن طريقه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٦٢٦/١).
[٥] أبو عوانة اليشكري، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣٠٥/٢٣) وفي الدعاء (٦٧٢)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٦٢٦/١).
[٦]مسعر بن كدام، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣٠٥/٢٣).
[٧]رقبة بن مصقلة، أخرجه أبو يعلى الفراء في السادس من أماليه (٧٨)، وأشار إليه الدارقطني في علله (٢٢٠/١٥) بدون إسناد.
٢) وروي عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أم سلمة مرفوعا
قال الدارقطني رحمه الله تعالى في علله (٢٢٠/١٥):
فرواه شاذان[وهو الأسود بن عامر]، عن الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن أم سلمة، قاله أحمد بن إدريس المخرمي، عن شاذان.
وغيره يرويه، عن الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة، رحمها الله.
وكذلك قال عمرو بن سعيد بن مسروق، ورقبة بن مصقلة، عن موسى بن أبي عائشة، وهو الصواب.
حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس المخرمي، قال: حدثنا شاذان، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى يقول: "اللهم إني أسألك علما نافعا، وعملا متقبلا، ورزقا طيبا" يكررها ثلاث مرات.
لم يقل فيه: عن عبد الله بن شداد، غير المخرمي، عن شاذان. أه كلام الدارقطني.
ونقل الخطيب البغدادي في تاريخه (٦٥/٥) كلام الدارقطني الماضي ثم قال بعده:
قلت: غيره يرويه عن سفيان، عن موسى، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة.
٣) وروي عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة مرفوعا
فرواه إسماعيل بن عمرو البجلي، عن الثوري، عن منصور، عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة، تفرد به أبو القاسم أحمد بن سليمان الطبراني، عن محمود بن أحمد بن الفرج، عن إسماعيل.
وغيره يرويه، عن الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها.
لم يقل فيه: عن منصور، عن موسى بن أبي عائشة، عن سفينة مولى لأم سلمة، عن أم سلمة غير الطبراني عن محمود بن أحمد بن الفرج، عن إسماعيل بن عمرو البجلي، وخالفه أبو الشيخ الأصبهاني في محمود بن أحمد بن الفرج في متابعة تامة فراوه عن محمود، عن إسماعيل، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها، كرواية الجماعة.
وقد سبقت الإشارة إلى شذوذ هذه الرواية من الطبراني أو ممن بعده من نساخ كتابه (الدعاء) في نهاية تخريج طرق رواية سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة.
(٢) وروي عن الشعبي، عن أم سلمة رضي الله عنها
أخرجه الإسماعيلي في معجم أسامي الشيوخ (٢٥٥)، والطبراني في المعجم الصغير (٧٣٥)، وأبو نعيم الأصبهاني من طريق الأخير في تاريخ أصبهان (٤٦٤/١).
رواه أبو المنذر النعمان بن عبد السلام الأصبهاني، عن الثوري، عن منصور، عن الشعبي، عن أم سلمة رضي الله عنها، تفرد به عامر بن إبراهيم بن واقد الأصبهاني، عن النعمان.
وغيره يرويه، عن الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لأم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها.
لم يقل فيه: عن منصور، عن عامر الشعبي، عن أم سلمة، غير عامر بن إبراهيم عن النعمان، وخالفه كل من رواه عن سفيان.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٦٩٧٩) (١١١/١٠): رواه الطبراني في الصغير، ورجاله ثقات.
وقال الألباني في تمام المنة (ص٢٣٣): لكن أخرجه الطبراني في المعجم الصغير بإسناد جيد! ليس فيه المجهول كما بينته في الروض النضير (١١٩٩).
قال الطبراني بعده في الموضع السابق: لم يروه عن سفيان إلا النعمان، تفرد به عامر.
قلت: فهذا إسناد شاذ، ومثله لا يصلح الاعتبار به في المتابعات والشواهد.
قال العراقي رحمه الله تعالى في ألفية الحديث:
٥٨ - فَإِنْ يُقَلْ يُحْتَجُّ بِالضَّعِيفِ ... فَقُلْ إِذَا كَانَ مِنَ الْمَوْصُوفِ.
٥٩ - رُوَاتُهُ بِسُوءِ حِفْظٍ يُجْبَرُ ... بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ يُذْكَرُ.
٦٠ - وَإِنْ يَكُنْ لِكَذِبٍ أَوْ شَذَّا ... أَوْ قَوِيَ الضَّعْفُ فَلَمْ يُجْبَرْ ذَا.
٣- وأما حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو لفظه، ولكن من الدعاء المطلق غير مقيد ببعد صلاة الصبح، فقد أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (١٣١٥) فقال:
حدثنا أحمد [هو ابن محمد بن صدقة]، قال: نا الحسين بن علي بن جعفر الأحمر، قال: نا أبي، عن إسحاق بن منصور السلولي، عن جعفر الأحمر، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أسألك علما نافعا، وعملا متقبلا».
وقال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سوقة إلا جعفر، ولا عن جعفر إلا إسحاق، تفرد به: حسين بن علي، عن أبيه.
قلت: رواه عن محمد بن المنكدر، عن جابر به، كل من:
(١) عبد الله بن لهيعة.
(٢) محمد بن سوقة.
(٣) أسامة بن زيد الليثي.
وسيأتي تخريج طرق حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا بنحو معناه - وليس بنحو لفظه -، ولكن من الدعاء المطلق غير مقيد ببعد صلاة الصبح، ولفظه:
"اللهم إني أسألك علما نافعا، وأعوذ بك من علم لا ينفع".
وسيأتي بيان تفرد الحسين بن علي بن جعفر هنالك عن كل من رواه عن محمد بن المنكدر، ومخالفته لهم.
قال ابن حجر في تقريب التهذيب (١٣٣٢): الحسين بن علي بن جعفر الأحمر الكوفي، مقبول، من الحادية عشرة، د س.
وقال في المقدمة في بيان مراتب الرواة: السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.
قلت: فالحسين بن علي بن جعفر الأحمر ممن لا يقبل تفرده، والله أعلم.
٤- وأما حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما موقوفا بنحو معناه، ولكن في الدعاء عند الشرب من ماء زمزم؛ فقد رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما كل من:
(١) عبد الله بن أبي مليكة.
(٢) عكرمة مولى ابن عباس.
(٣) مجاهد بن جبر.
(١) أما رواية ابن أبي مليكة فأخرجها ابو عبد الله الفاكهي في أخبار مكة (٤١/٢) (١١٠٧) فقال:
وحدثنا هدية بن عبد الوهاب الكلبي، قال: ثنا الفضل بن موسى، قال: ثنا عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنه رأى رجلا يشرب من ماء زمزم فقال: "هل تدري كيف تشرب من ماء زمزم؟"، قال: وكيف أشرب من ماء زمزم يا أبا عباس؟، فقال: "إذا أردت أن تشرب من ماء زمزم فانزع دلوا منها، ثم استقبل القبلة وقل: بسم الله، وتنفس ثلاثا حتى تضلع، وقل: اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء".
قلت: هذا إسناد صحيح لغيره.
- هدية - بفتح أوله وكسر ثانيه وتشديد المثناة التحتانية - ابن عبد الوهاب المروزي أبو صالح، صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين، ق، التقريب (٧٢٧٠).
- الفضل بن موسى السيناني - بمهملة مكسورة ونونين - أبو عبد الله المروزي، ثقة ثبت وربما أغرب، من كبار التاسعة، مات سنة اثنتين وتسعين ومائة في ربيع الأول، ع، التقريب (٥٤١٩).
- عثمان بن الأسود بن موسى المكي مولى بني جمح، ثقة ثبت، من كبار السابعة، مات سنة خمسين أو قبلها، ع، التقريب (٤٤٥١).
- عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة - بالتصغير - ابن عبد الله بن جدعان، يقال اسم أبي مليكة زهير التيمي المدني، أدرك ثلاثين من الصحابة، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة، ع، التقريب (٣٤٥٤).
(٢) وأما رواية عكرمة فأخرجها أبو عبد الله الفاكهي في أخبار مكة (٣٤٣/١) (٧٠٨) فقال:
حدثنا الربعي عبد الله بن شبيب، عن نعيم بن حماد، قال: أخبرني إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة قال: وجدت في كتاب ابن عباس رضي الله عنهما يقول: "إذا أردت وداع البيت فارتحل ثم ائت المسجد فطف بالبيت سبعا، فإذا فرغت من سبعك فأت الملتزم بين الركن والباب، فضع خديك بينهما، وابسط يديك، وقل: اللهم هذا وداعي بيتك فحرمني وعيالي على النار، اللهم خرجت إليك بغير منة عليك، أنت أخرجتني، فإن كنت قد غفرت ذنوبي، وأصلحت عيوبي، وطهرت قلبي، وكفيتني المهم من دنياي وآخرتي، فلا ينقلب المنقلبون إلا لفضل منك، وإن لم تكن فعلت ذلك فذنوبي وما قدمت يداي فاغفر لي وارحمني، ثم تنح خلف المقام فصل ركعتين، وتطيل فيهما، ولا تأل أن تحسن الدعاء، ثم تنصرف إلى زمزم، فاستق دلوا فاشرب، واستقبل القبلة، ثم تقول: اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء، ثم تنصرف حتى إذا كنت على بعض الأبواب من المسجد رميتها بطرفك، وتحزن على فراقها، وتمن الرجعة إليها، فإذا فعلت ذلك فقد أحسنت الوداع، إن شاء الله".
قلت: هذا إسناد واه، لا يصلح في المتابعات والشواهد، فيه عبد الله بن شبيب الربعي وهو ذاهب الحديث - تاريخ بغداد (١٤٩/١١) -، ولكن جاءت الرواية عن عكرمة من طريق آخر.
أخرجها الدارقطني في سننه (٢٧٣٨) فقال:
نا محمد بن مخلد، نا عباس الترقفي، نا حفص بن عمر العدني، حدثني الحكم، عن عكرمة، قال: كان ابن عباس - إذا شرب من زمزم - قال: "اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء".
قلت: هذا إسناد حسن لغيره.
- محمد بن مخلد بن حفص أبو عبد الله الدوري العطار، ثقة مأمون، سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (٢٠).
- العباس بن عبد الله بن أبي عيسى الواسطي نزيل بغداد المعروف بالتَّرْقُفِيِّ الباكسائي، ثقة عابد، من الحادية عشرة، مات سنة سبع أو ثمان وستين، ق، التقريب (٣١٧٢).
- حفص بن عمر بن ميمون العدني الصنعاني أبو إسماعيل لقبه الفَرْخ، ضعيف، من التاسعة، ق، التقريب (١٤٢٠).
- الحكم بن أبان العدني أبو عيسى، صدوق عابد وله أوهام، من السادسة، مات سنة أربع وخمسين وكان مولده سنة ثمانين، ر٤، التقريب (١٤٣٨).
- عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس أصله بربري، ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، من الثالثة، مات سنة أربع ومائة وقيل بعد ذلك، ع، التقريب (٤٦٧٣).
(٣) واما رواية مجاهد بن جبر فأخرجها الحاكم في مستدركه (٦٤٦/١) (١٧٣٩) قال:
حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا أبو عبد الله محمد بن هشام المروزي، ثنا محمد بن حبيب الجارودي، ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له، فإن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته مستعيذا [أ]عاذك الله، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه».
قال: وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: «اللهم أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء».
قال الحاكم بعده: هذا حديث صحيح الإسناد إن سلم من الجارودي، ولم يخرجاه.
قلت: هذا إسناد ضعيف، لا يصلح للاعتبار به في المتابعات والشواهد.
- علي بن حمشاذ -واسمه محمد- بن سختويه بن نصر بن مهرويه بن كثير بن أحمد، أبو الحسن، النيسابوري، ثقة حافظ متقن، الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم (٦٠٩).
- محمد بن هشام بن علي أبو عبد الله المروزي، مجهول العين، إرواء الغليل (٣٣٠/٤).
- محمد بن حبيب بن محمد الجارودي البصري، وثقه ابن حبان في ثقاته (١١٠/٩)، وقال الخطيب البغدادي في تاريخه (٨٧/٣): كان صدوقا، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (٢١٠/٢): سلم منه فإنه صدوق، قاله الخطيب البغدادي وغيره، لكن الراوي عنه محمد بن هشام المروزي لا أعرفه.
قال ابن حجر في التلخيص الحبير (٥٧١/٢):
والجارودي صدوق إلا أن روايته شاذة، فقد رواه حفاظ أصحاب ابن عيينة، والحميدي، وابن أبي عمر، وغيرهما عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله.
وقال في فتح الباري (٤٩٣/٣):
وفي المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعا: "ماء زمزم لما شرب له"، رجاله موثقون، إلا أنه اختلف في إرساله ووصله، وإرساله أصح.
قال الألباني في إرواء الغليل (٣٣١/٤):
وإنكار الذهبى منصب على الحديث المرفوع الموصول، فهو الذى نفاه بقوله: "ما رواه ابن عيينة قط".
٥- وأما حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما مرفوعا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير مقيد ببعد صلاة الصبح، ولفظه:
"اللهم إني أسألك علما نافعا، وأعوذ بك من علم لا ينفع".
رواه محمد بن المنكدر، عن جابر به، ورواه عن ابن المنكدر كل من:
(١) عبد الله بن لهيعة، أخرجه الطبراني في الأوسط (٩٠٥٠).
(٢) محمد بن سوقة، أخرجه الطبراني في الأوسط (١٣١٥)، ولكن جعل لفظه: "اللهم إني أسألك علما نافعا، وعملا متقبلا".
وقال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سوقة إلا جعفر، ولا عن جعفر إلا إسحاق، تفرد به: حسين بن علي، عن أبيه.
قلت: والحمل فيه - والله أعلم - على الحسين بن علي بن جعفر الأحمر فهو ممن لا يقبل تفرده.
وقد سبقت الإشارة قريبا إلى شذوذ رواية الحسين الأحمر.
قال ابن حجر في تقريب التهذيب (١٣٣٢): الحسين بن علي بن جعفر الأحمر الكوفي مقبول من الحادية عشرة د س.
وقال في المقدمة في بيان مراتب الرواة: السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.
(٣) أسامة بن زيد، واختلف عليه في لفظه، فمنهم من رواه كرواية ابن لهيعة بصيغة الدعاء مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من رواه بصيغة الأمر مرفوعا: "سلوا الله علما نافعا، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع".
١) فأما من رواه عن أسامة بن زيد بصيغ الأمر فكل من:
[١] عبد العزيز بن محمد الدراوردي، أخرجه أبو محمد الفاكهي في فوائده (١٧٨)، ومن طريقه البيهقي في الدعوات الكبير (٢٠٠).
[٢] محبوب بن محرز، أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٢٢٦) (١٩٨٠)، وأبو بكر الشافعي في فوائده المشهورة بالغيلانيات (٦١٥).
[٣] وكيع بن الجراح، رواه عنه كل من:
١] علي بن محمد الطنافسي، رواه عنه ابن ماجه في سننه (٣٨٤٣).
٢] سفيان بن وكيع بن الجراح، رواه عنه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٢١٩٦).
٣] أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (٢٦٧١٢) (٢٩١٢٢)، رواه عنه كل من:
{١} عبد بن حميد في مسنده (١٠٩٣).
{٢} أبو يعلى الموصلي في مسنده (١٩٢٧).
{٣} سفيان بن الحسن، رواه عنه ابن حبان في صحيحه (٨٢) - بترتيب ابن بلبان -، ولكن جعل لفظه بصيغة الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: وما جاء عند ابن حبان شاذ مخالف لما رواه ابن أبي شيبة نفسه في مصنفه، ومخالف لكل من روى الحديث عنه، ولا أدري آلحمل فيه على سفيان بن الحسن أم على أبي حاتم بن حبان البستي، والله أعلم.
٢) وأما من رواه عن أسامة بن زيد بصيغ الدعاء فهو عبد الله بن وهب المصري، أخرجه النسائي في الكبرى (٧٨١٨)، والآجري في أخلاق العلماء (ص١٢٣)، وأبو طاهر المخلص في الحادي عشر من المخلصيات (٢٧٥٠).
قلت: والحمل فيه - والله أعلم - على أسامة بن زيد الليثي مولاهم أبو زيد المدني، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين وهو ابن بضع وسبعين، خت م ٤، تقريب التهذيب (٣١٧).
فيحتمل أنه كان في الأغلب يحدث به على صيغة الأمر، وأحيانا كان يحدث به بصيغة الدعاء، والله أعلم.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (١٣٥٣): إسناده صحيح، رجاله ثقات.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٧٤١٧): رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده صحيح.
وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٥١١) (١٦/٤).
٦- وأما ما روي من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا بنحو معناه، ولكن من الدعاء المطلق غير مقيد ببعد صلاة الصبح فقد أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٧١٣٩) قال:
حدثنا محمد بن نوح بن حرب، ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، ثنا قريش بن أنس، نا هشام بن حسان، عن حازم بن حاتم أبي حاتم، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إني أسألك علما نافعا، وأعوذ بك من علم لا ينفع».
قال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا قريش بن أنس.
قلت: أبو حاتم حازم بن حاتم مجهول العين ولا يعرف إلا برواية هشام بن حسان عنه عن عائشة.
قال مسلم رحمه الله تعالى في الكنى والأسماء (٨٥٣):
أبو حاتم حازم بن حاتم عن عائشة، روى عنه هشام بن حسان.
قال محمد بن إسحاق بن منده في فتح الباب في الكنى والألقاب (٢١٦٣)
أبو حاتم حازم بن حاتم، حدث عمن سمع عائشة، روى عنه: هشام بن حسان.
أخبرنا علي بن نصر، ثنا الحسين بن محمد، ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، أنبأ قريش بن أنس , ثنا هشام بن حسان، حدثني حازم بن حاتم أبو حاتم، عن عائشة.
ووثقه ابن حبان في ثقاته (٢٤٤/٦) كعادته في توثيق المجاهيل عن الصحابة والتابعين ممن لم يعرفوا بجرح، ولا عبرة بهذا التوثيق، فقد حكم غيره من الأئمة بجاهلته.
والخلاصة الفقهية:
أن العزوف عن الدعاء بتلك الكلمات مطلقا لأنها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مرادا من هذا الإيضاح، ولكن المراد عدم اتخاذها وردا من أذكار الصباح والمساء لأن اتخاذها وردا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.