حامد محمود بن سليمان الكبيسي رحمه الله
هو الشيخ حامد محمود بن سليمان الكبيسي، ولد عام 1926في محلة عباس افندي خلف جامع منورة خاتون ببغداد ومحلة عباس افندي والعاقولية والبارودية) هي من بداية الزقاق المتفرع من ساحة الجسر العتيق (تمثال الرصافي حاليا) الذي يؤدي إلى مدخل محلة العاقولية، ومازال هذا الزقاق على حاله حتى اليوم (المصدر جريدة المدي في موضوع لماذا بدل الحاج زبالة اسمه الى زيدان).
لما بلغ مرحلة الصبا تعلم القران على يد الشيخ احمد ابراهيم الموصلي عام ،1937ثم درس على يد العلامة عبد القادر الخطيب عام 1939وهي المرة الاولى قبل ان يأخذ منه الإجازة العلمية، ثم درس على العلامة امجد الزهاوي في مدرسة السليمانية، ثم على العلامة قاسم القيسي في مدرسة نائلة خاتون عام 1943،واستمر على هذا النهج في الدراسة على العلماء في بيوت الله سبحانه حتى عام 1955فرجع إلى الشيخ عبد القادر الخطيب، إمام القراءات ببغداد ونال منه الإجازة العلمية ومنها ما يتعلق بعلم القراءات وعلوم الآلة وغيرها.
تقدم للامتحان إمام اللجنة المختصة فنجح في الاختبار وعين بعدها إماما في جامع الفضل عام 1945ثم عين خطيبا في جامع حمام الملح (احمد بو شناق )عام 1960-كانت بغداد تنتشر فيها الحمامات القريبة من البيوت خاصة في منطقة الفضل ،ويرجع تأسيسها إلى ولاة الدولة العثمانية – نقل بعدها إلى جامع الحيدر خانة عام 1964– وسط شارع الرشيد ول ايزال اليوم قائما شاهدا على حضارة بلاد الرافدين – وقد قام الرئيس الراحل صدام رحمه الله بترميم المسجد مع مجموعة كبيرة من المساجد القديمة حتى عادت في عمارتها وزخرفتها الإسلامية فائقة الجمال والروعة، ثم نسب الشيخ في أخر حياته إلى جامع الاورفه لي –الى حين وفاته رحمه الله -قريبا من ساحة التحرير وبصورة دائمة عام 1967ومحاضرا في مدرسة تعليم القران – ألغيت تلك المدرسة عام 1968وحلت محلها مدارس عديدة منها مدرسة الشيخ عبد القادر الكيلاني – .
علمه
درس على عدد من مشايخ بغداد منهم: العلامة عبد القادر الخطيب امام الحضرة الاعظمية، واجازه بالفقه الحنفي، وهو اجازني به كنت اقراء عليه يوميا صفحة واحدة فقط.
وهذه صورة الاجازة: (بعد حمد الله والصلاة على رسوله فان مرشد محمد شيت قد قراء على الفقه الحنفي(متن القدوري ) قراءة متقنة واني اجيزه كما اجازني شيخنا عبد القادر الخطيب امام وخطيب الحضرة الاعظمية ...........)
وقد ابتدات القراءة عليه من تاريخ 1/7/1997 وانتهيت من القراءة عليه في 29/5/1999
- تولى الامامة والخطابة في عدد من مساجد بغداد اخرها مسجد الاورفلي شارع السعدون، وهو المسجد الذي قراء فيه الشيخ المنشاوي رحمه الله في سنة 1967 ،كما اخبرني بذلك الحاج محمد سليمان .
- له اطلاع واسع جدا بجميع العلوم والفنون منها :علم الفلك والادب والمناظرة ،ولكنه اصابه النسيان لما كبر سنه في الايام الاخيرة وقد طلبت منه ان اقراء عليه شرح المنارفي الاصول على مذهب الاحناف الاانه اعتذر لتدهور صحته ولضعف بصره.
- حافظا لكتاب الله له ،المام بالتفسير وله استدراكات لطيفة وتلميحات عجيبة .
- تتلمذ على يديه العشرات من طلبة العلم، وهو صديق العلامة عبد الكريم بيارة مفتي الشافعية في مسجد عبد القادر الكيلاني ،كما انه مفتي الاحناف ،وكان يزورالعلامة بيارة في مسجده عندما مرض ماشيا على الاقدام رغم بعد المسافة، وهو ايضا قرين الشيخ جلال الحنفي وشيخنا الشيخ عمر الديبكي امام حامع الفاروق والاخير قد توفي ايضا .
القارئ المجيد المتقن
- قارئا للقران بصوت مميز يجيد القراءة على الانغام والمقامات ،وله ترتيل في الصلاة اقرب الى التجويد والتحقيق منه الى الحدر او التدوير ،وقراته على المقام الاصيل الرائع جدا يجعل من يستمع اليه يهيم ويتذوق حلاوة الخشوع والقرب من الله سبحانه وتعالى،واني اتعجب لم لم يترجم لهذا المقرئ في تراجم العراقيين مثلا مع اي صنف كانوا.
اخلاقه وصفاته
-عظيم التواضع لا يردّ من يطلب الدراسة عنده مهما كان اتجاهه (لا كما يفعل عندما يسال عن اتجاه الشخص ثم يدرسه )،ولقد انتفع منه الكثيرون من طلبة العلم منهم من توفاه الله ومنهم من لايزال على قيد الحياة .
- كان خطيبا مفوها انتفع منه الكثير من ابناء محلة البتاوين (منطقة يكثر فيها النصارى ) ،ويقيم فيها الاخوة السودانيون ،وكان متسامحا الى درجة كبيرة مع الجميع يساعد فقراءئهم ويلبي طلباتهم ،واسلم في مسجده بعض النصارى لحسن تصرفه وتدبيره الحسن للمسجد منهم الاخ عصام الذي حفظ الكثير من سور القران ،وقد هدده والده وحاول معه بكل الوسائل لكن الايمان اذا خالظ القلب فعل افعالا عجيبة من الصبر والثبات .
خشوعه وتقواه
- كان لايملك نفسه من البكاء في صلاته، وتاخذه العبره ويتوقف احيانا في الصلاة، ويظن الجميع انه قد نسي.
- كان ورعا يابى ان ياخذ شيئا لايعرف مصدره، وكان ياتي الى المسجد من مسافة 20كليو متر في سيارة اجرة ،لانه يعتقد ان ماياخذه من راتب الامامة لابد من ان يؤدي فيه الحق
-كثير النوافل والتطوع لله كثير الذكر لله، وهكذا كل من ادركنا من المشايخ كانوا لايتركون الذكر مهما كانت الظروف.
عنده مكتبة في المسجد فيها من الكتب النفيسة القديمة المطبوعةعلى الحجر مؤتمن عليها ،حاولت جاهدا ان استعير منها فكان يابى لانها امانة عنده.
- سكن اخر حياته في منطقة حي جميلة في جانب الرصافة ،وهو فقير الحال قانع بما رزقه الله محتسب أعزه الله بكتابه وسنة نبيه.
- زرته في بغداد في مرضه، وكان يحب الانفاق رغم انه غير ميسور الحال، واعطاني مبلغا لما رائ بي من ضيق الحال وحاولت رده ولكنه ابى.
-كان يكلفني بالخطابة والامامة اثناء فترة غيابه بل ويشجعني، وخطبت فيه جمع عديدة ،والقيت دروسا وهو حاضر فتبدو على محياه سرائر الرضى والقبول.
- كان يرتدي جبة وطربوش ،ويهتم جدا بزي العلماء، ويعتبر ذلك من تمام الاسلام واحترام الدين.
- اشتد عليه المرض في اواخر 2000 وقتها زرته في بيته واوصاني بوصيا عدة و سألته يوما عن كل هذا الضيق والبلاء قبل الاجتياح الظالم فأجاب: "لم تروا شيئا بعد." قلت له كل هذا مانحن فيه؟ قال نعم وسترون بلاء اكثر، كان رحمه الله سريع البديهه وله فراسة عجيبة.
تغمد الله شيخنا بواسع رحمته، وعظيم فضله ونواله ،وانزل الله على قبره سحائب الرحمة والرضوان ،ورفع عن بلاد الرافدين الظلم والطغيان ،انه سميع مجيب الدعوات،والحمد لله رب العلمين ،وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى اله وصحبه أجمعين اسال الله ان يرحم مشايخنا الكرام انه على ما يشاء قدير وبالاجابة جدير .
كتبه مرشد الحيالي.....