قال الإمام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله في كتاب التوحيد :
"باب ما جاء أنَّ سبب كُفْرِ بني آدم وتركهم دينهم هو الغُلُوْ في الصالحين
"ثم ساق حديث ابن عباس رضي الله عنهما
في قول الله تعالى:{وَقَالُوا ْ لَاتَذَرُنَّ ءَالِهَتكُمْ وَلَا تَذَرُنَ وُدًّا وَلَاسُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَنَسْرًا } قال:
هذه أسماءُ رجالٍ صالحين من قوم نوح،فلمَّا هَلَكوُا أَوْحَى الشيطانُ إلى قومهم:
أن انْصِبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا،وسَمُّو ها بأسمائهم،فَفَعل وا،
فلم تُعْبَد حتَّى إذا هلك أولئك ونُسي العِلْمُ عُبدتْ.
وقال ابن القيِّم:
قال غيرُ واحدٍ من السلف:لمَّا ماتوا عكفوا على قبورهم
ثمَّ صوروا تماثيلهم،
ثمَّ طال عليهم الأمَدُ،فعَبَدُ وهم"
فلَّما كان نَصْبُ التماثيل و الأصنام و الأنصاب من الأشجار و الأحجار و العيون و الآبار،
من أعظم أسباب وقوع الشرك "بَلْ هو سببها الأعظم

قال الشيخ صالح آل الشيخ:
( كان مِنْ أوجب الواجبات،
وأَلْزم الفرائض المتحتِّمات
إزالتُها وهَدْمُهَا ومَحْوُ أثرها وتخريبها)

فهذا أبو الأنبياء وإمام الحنفاء إبراهيمُ الخليل عليه الصلاة و السلام
كسَّر الأصنام بيده لمَّا رأى قومه غَلَوْا فيها وعَبَدُوهَا من دون الله،قال تعالى:{وَلَقَدَ اتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ التِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُواْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا لهَاَ عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمُ أَنتُمْ وَ ءَابَآؤُكُمْ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ قاَلُواْ أَجِئْتَنَا بِالْحَقِ أَمَ اَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَ الَارْضِ اِلذِى فَطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَى ذَالِكُمْ مِّنَ الشَّاهِدِينَ وَتَالِله لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا اِلَّا كَبيًرا لَّهُمْ لَعَلَّهُمُ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ }
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السَّعدي رحمه الله:
"ولمَّا بيَّن أَنَّ أصنامهم ليس لها من التدبير شيء،أراد أن يُريهم بالفِعْل عَجْزَهَا وَعَدَم انتصارها،وليكيد كَيْدًا يَحْصُلُ به إقرارهم بذلك،فلهذا قال:{وَتَالِله لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم }
أي:أكسرها على وَجْهِ الكَيْدِ
{ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ }عنها إلى عيدٍ مِنْ أعيادهم،
فلمَّا تولَّوا مدبرِين،ذَهَبَ إليها بِخُفية
{ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا }أي:كِسَرًا و قِطَعًا وكانت مجموعةً في بَيْتٍ واحد،
فَكَسَرها كُلَّها{ اِلَّا كَبيًرا لَّهُمْ }أي إلَّا صنمهم الكبير..."
وهذه مِنْ أعظم مناقب إبراهيم عليه السَّلام
قال السَّعدي رحمه الله:
"فحين رأوا ما حلَّ بأصنامهم من الإهانة و الخزي:
قَالُواْ مَن فَعَلَ هَذَا بِئَالِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}
فَرَموْا إبراهيم بالظلم الذي هم أَوْلَى به
حيث كسرها ولم يَدْرُوا أنَّ تكسيره لها منْ أفضل مناقبه،
ومنْ عَدْلِهِ وتوحيده
،وإنَّما الظالم من إتَّخذها آلهة،وقد رأى ما يفعل بها ".
*************
ولمَّا اتَّخذ قوْمُ مُوسى العِجْلَ وَعَبَدُوه من دون الله،غضب موسى عليه السّلام غَضْبَةً لله فلم يقرَّ له قرار،ولم يطمئنَّ له بال،حتَّى حرَّق العجل و لم يُبْقِ له على أثر،
قال جلَّ وعلا:
{قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِى الحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَامِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ وَانظُرِ إِلَى إِلَهِكَ الذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِقَنَّه ُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ في الْيَمِّ نَسْفًا }
قال العلَّامة السّعدي رحمه الله:
"{وَانظُرِ إِلَى إِلَهِكَ الذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا }أي العجل:
{ لَّنُحَرِقَنَّه ُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ في الْيَمِّ نَسْفًا }
فَفَعَلَ موسى ذلك،فَلَوْ كان إلهًا لامتنع عمَّن يريده بأذى،ويسْعى له بالإتلاف.
وكان قد أشْرِبَ العجل في قلوب بني إسرائيل
فأراد موسى عليه السَّلام إتلافه وهم ينظرون على وَجْهٍ لا تمكن إعادته بالإحْراق والسَّحْقِ وذَرْيِه في اليمِّ،ونَسْفه،
ليزول ما في قلوبهم مِنْ حُبِّه،
كما زال شخصه،
ولأَنَّ في إبقائه محنة،لأنَّ في النفوس أقوى داعٍ إلى الباطل"
***************
وعلى هذا الطريق سار نبينا صلى الله عليه وسلم
ففي صحيح البخارى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
دَخَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مكَّة وَحَوْلَ الكعبة ثلاثُ مئةٍ و ستُّون نُصُبًا(وهي:حجار ة نُصبت للعبادة ويذبحون عليها )فجعل يطعنها بِعودٍ في يده،وَجَعَلَ يقول:{جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ }الأية.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة في حديث طويل في قصَّة فتح مكَّة وفيه:
"وأقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتَّى أَقْبَلَ على الحَجَرِ فإسْتَلَمَهُ،ثم َ طاف بالبيت
قال:فأَتى على صَنَم إلى جَنْب البيت كانوا يعبدونه،قال:وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قَوْسٌ وهو آخذٌ بِسِيَةِ القوس (وهي المنعطف من طرفي القوس )
فلمَّا أتى على الصنم جَعَلَ يَطْعَنَهُ في عَيْنه و يقول:{جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ }..."
قال النووي رحمه الله:"
وهذا الفِعْلُ إذلالٌ للأصنام و لعابديها و إظهارٌ لكونها لا تضرُّ ولا تدفع عن نفسها كما قال الله تعالى:{وَإِنْ يَّسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ }.
وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يبعث أصحابه لإزالة معالم الشرك و التنديد،
ففي صحيح الإمام البخاري من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه
قال:

كان بَيْتٌ في الجاهلية يُقالُ له:ذو الخلصة و الكعبة اليمانية و الكعبة الشامية فقال لي النبي صلى الله عليه و سلم:"ألا تُرِيحني من ذي الخلصة" فَنَفَرْنَا في مائةٍ و خمسين راكبًا فَكَسَرْنَاهُ وقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عنده فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فدعا لنا و لأحمس.و في رواية:"...
فانطلق إليها فَكَسَرها و حَرَّقَها ثمَ بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسولُ جرير:والذي بعثك بالحقِّ ما جِئْتُكَ حتى تركتُهَا كأنَّها جَمَلٌ أَجْرَب،قال: في خَيْلِ أحمس و رجالها [فبارك] خَمس مَّرات"
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"قوله:(ألا تريحني )...
و المراد بالراحة راحة القلب،و ما كان شيىء أَتْعَبَ لِقَلْبِ النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ بَقَاءِ ما يُشْرَكُ به من دون الله تعالى".
ثمَّ قال رحمه الله وهو يُعدِّد فوائد الحديث:
"وفي الحديث مشروعيةُ إزالة ما يَفْتَتِنُ به النَّاسُ مِنْ بناء وغيره سواء كان إنسانًا أو حيوانًا أو جمادًا"
وكان مِنْ عادته صلى الله عليه وسلم أنَّه إذا دعا يدعو ثلاثاً
كما قال أنسٌ رضي الله عنه،
و أمَّا هؤلاء فقد دعا لهم وبرَّك عليهم خمس مرَّات،وذلك لفِعْلهم العظيم،وإنجازهم الكبير،
قال ابن حجر رحمه الله:
"وفيه تخصيص لعموم قول أنس:
كان إذا دعا دعا ثلاثاً " فَيُحْمَلُ على الغالب،وكأن الزيادة لمعنى اقتضى ذلك،وهو ظاهرٌ في أحمس لمَا اعتمدوه من دَحْضِ الكفر و نَصْرِ الإسلام...
" قال ابن القيمِّ رحمه الله وهو يتكلَّم عن أشهرأصنام العرب وما فَعَلَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"وكانت مناةٌ لِهُذَيْل وخُزَاعة،فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليَّاً فَهَدَمها عام الفتح،ثمَّ اتَّخذوا اللَّات بالطائف-وهي أحدث منْ مناة-وكانت صخرةً مُربَّعة،كان سَدَنَتُهَا من ثقيف،وكانوا قد بَنَوْا عليها،وكانت قريش وجميع العرب تُعَظِمُهَا وبها كانت العرب تُسَمِّى زَيْدَ اللَّات،وتَيْمَ اللَّات،وكانت في موضع منارة مسجد الطائف اليُسْرى اليوم،فلم تَزَلْ كذلك حتَّى أسلمتْ ثقيف،فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة،فَهدَمها وحرَّقها بالنار ثمَّ اتَّخذوا العُزَّى،وهي أحدثُ من اللات ومناة...
قال هشام:وحَدَّثني أبي عن أبي صالح،
عن ابن عباس،قال :

كانت العُزّى شيطانةً،تأتي ثلاث سمرات بِبَطن نخلة،فلمَّا افتتح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَكَّة بعث خالد بن الوليد،
فقال :"ائتِ بَطْنَ نخلة فإنَّك ستَجِدُ ثلاث سمرات فاعْضُدِ الأولى"،
فأتاها فَعَضدها،فلَّما جاء إليه قال:"هل رأيتَ شيئًا؟"قال:لا،
قال:"فأعْضُد الثانية"،فأتاها فعَضَدَها،ثمَّ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هل رأيتَ شيئًا؟"قال:لا،قا ل:"
فأعْضُد الثالثة" فأتاها،فإذا هو بحبشيَّة نافشةٍ شعرها،واضعةٍ يَدَيْهَا على عاتقها،تصرف بأنيابها-وخَلْفُهَا سادِنُها-فقال خالد:يا عُزَّى كُفْرانكِ لا سبحانكِ،إنِّي رأيتُ الله قد أهانكِ ثُمَّ ضربها فَفَلَقَ رأسها،فإدا هي حُمَمَةٌ،
ثمَ عضد الشجرة،وقَتَلَ السَّادِن،
ثمَ أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم
فأخبره؛
فقال:"تلك العزَّى و لا عزَّى بعدها للعرب.{إغاثة اللهفان 2/964،965}
فهذا هَدْىُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم فى هدم معالم الشرك و الوثنية،
وقد أفتى أهلُ العلم بوجوب هدم و إزالة كُلِّ ما يُعْبَدُ من دون الله،
قال ابن القيمِّ
في فوائد قصِّة هدم اللَّات لمَّا أسلمت ثقيف:
" فيه أنَّه لا يجوزُ إبقاء مواضع الشرك و الطواغيت بعد القُدْرَةِ على هَدْمِها و إبطالها يومًا واحدًا،
وكذا حُكْمُ المشاهد التي بُنِيَتْ على القبور،
والتي أتُّخِذَتْ أوثانًا تُعْبَدُ من دون الله و الأحجار التي تُقْصَدُ للتبرُّك و النذر،
لا يجوز إبقاءُ شيءٍ منها على وَجْهِ الأرض مع القدرة على إِزالتها،و كثيرٌ منها بمنزلة اللَّات والعزَّى ومناة،أو أعظم شركًا عندها وبها..."

وقال رحمه الله:
"و المقصود أنَّ النَّاس قد ابْتُلُوا بالأنصاب و الأزلام فالأنصاب للشرك و العبادة- و الأزلام للتَكَهُّن،وطلب ِ عِلْمِ ما استأثر اللهُ به،هذه للعلم،وتلك للعمل ودينُ الله مضادٌ لهذا و هذا(والذي جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إبطالها،وكَسْرُ الأنصاب والأزلام)
فالأنصاب ما قد نَصَبَهُ الشيطانُ للمشركين،
من شجرة أو عمود،أو وثن،أو قَبْرٍ،أو خشبة،أو غير ذلك
(و الواجب هَدْمُ ذلك كلِّه،ومَحْوُ أثره )
كما أمر النبي صلى الله عليه و سلم عليَّاً رضي الله عنه بِهَدْمِ القبور المشرفة و تسوِيَتهَا بالأرض ... .
وأبْلَغُ من ذلك:
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هَدَمَ مسجد الضرار (ففي هذا دليل على هَدْم ما هو أعظمُ فَسادًا منه،كالمساجد المبنية على القبور،فإنَّ حكم الإسلام فيها أن تُهْدَمَ كلَّها،حتَّى تُسَوَّى بالأرض،وهي أولى بالهَدْمِ مِنْ مَسْجد الضرار،وكذلك القباب التي على القبور يجب هدمها كُلُّها،لأنَّها أُسِسَتْ على معصية الرسول...،فبناءٌ أسسَ على معصيته و مخالفته بناءٌ محرمٌ،وهو أَوْلَى بالهَدْمِ مِنْ بناء الغاصب قطعًا).
(وقد أَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَدْمِ القبور المشرفة كما تَقَدَمَ،فَهَدْ مُ القباب و البناء و المساجد التي بُنِيَتْ عليها أَوْلى وأَحْرى،لأنَّه لَعَنَ مُتَخِذِي المساجد عليها،ونَهَى عن البناء عليها،فيجب المبادرة والمساعدة على هَدْمِ ما لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاعله،ونَهَى عنه)،واللهُ يُقِيمُ لدينه وسُنَّة رسوله مَنْ ينصرها،ويَذُبُ عنها،فهو أشدُ غيرةً وأسرعُ تغييراً.
وكذلك يجب إزالة كلُّ قنديلٍ أو سراجٍ على قَبْرٍ و طَفْيُهُ،فإنَّ فاعلَ ذلك مَلْعونٌ بِلَعْنَةِ رسول الله صلى الله عليه و سلم،ولا يصحُّ هذا الوقْفُ،ولا يحلُ إثباته وتنفيذه
(
قال الإمام أبو بكر الطرطوشي:
انظروا رحمكم الله-أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها النَّاس و يعظِّمونها-ويَرْجون البُرْءَ و الشفاءَ منْ قِبَلِهَا-ويضربون بها المسامير والخِرَقَ فهي ذات أنواط فاقطعوها)"(إغاثة اللهفان1/ 379- 381)
ونقل الشيخ سليمان بن عبد الله بن الامام محمد بن عبد الوهاب-رحمهم الله-في كتابه "تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد"عن أبي شامة رحمه الله أنَّه قال في كتابه "البدع و الحوادث":
"ولقد أعجبني ما صَنَعَهُ الشيخ أبو إسحاق الجبنياني رحمه الله أحد الصالحين في بلاد إفريقية في المائة الرابعة حكى عنه صاحبه الصالح أبو عبد الله محمد بن أبي العباس المؤدِّب أنَّه كان الى جانبه عَيْنٌ تسمَّى "عين العافية"كان العامَّة قد افْتُتِنُوْا بها يأتونها من الآفاق،مَنْ تَعَذَّرَ عليها نكاح أو وَلَد قالت:امضوا بي الى العافية،فتعرف بها الفتنة،
قال أبو عبد الله:فأنَّا في السَّحَرِ ذات ليلة إذْ سمعتُ أَدان أبي إسحاق نحوها-فخرجتُ فوجدته قد هَدَمَهَا وأَذَّن الصبح عليها
ثمَ قال:اللهمَّ إنِّي هدمتها لك فلا ترفع لها رأساً،
قال:فما رُفعَ لها رأسٌ إلى الآن ".(ص132-133)
(قال ابن القيمِّ رحمه الله في زاد المعاد(22/3)
في صَدَدِ بيان ما تضمَنَتْهُ غزوة تبوك من الفقه و الفوائد وبعد أن ذكر قصة مسجد الضرار الذي نهى الله تبارك و تعالى نبيَّه أن يُصلِّي فيه
وكيف أنَّه صلى الله عليه و سلم هَدَمَهُ و حرقه
قال:"ومنها تحريق أماكن المعصية التي يُعْصَى اللهُ و رسولُهُ فيها،وهَدْمُهَا ،
كما حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد الضرار،
و أَمَرَ بهَدْمه وهو مسجد يُصَلَّى فيه و يُذْكَرُ اسْمُ الله فيه،
لِمَا كان بناؤه ضرارًا وتفريقاً بين المؤمنين،
ومأوى للمنافقين،
وكُلُ مكان هذا شَأْنُهُ فواجبٌ تعطيله إمَّا بهَدْم و تحريق،
وَإمَّا بتَغْير صورته و إخراجه عمَّا وُضِعَ له
وإذا كان هذا شان مسجد الضرار،
فمشاهد الشرك التي يَدعو سَدَنَتُهَا إلى إتِّخاذ منْ فيها أندادًا من دون الله
أحقُ بذلك وَأوْجَب ...)