بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد:
1- ثبت توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5677)، وأحمد بن حنبل في مسائل عبد الله (613)، وابن المنذر في الأوسط (2192)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (35)، والحاكم في مستدركه (1113)، والبيهقي في الكبرى (6346).
وصححه عنه الذهبي في تلخيص المستدرك، وابن حجر في الدراية (1/222)، والألباني في الإرواء (3/125).
2- وثبت توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5685)، وابن المنذر في الأوسط (2197)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (48)، والبيهقي في الكبرى (6352).
وصححه عنه أحمد بن حنبل كما عزاه له ابن رجب في فتح الباري (9/22)، والطبراني في المصدر السابق، والألباني في الإرواء (3/125).
3- وثبت توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر.
أخرجه الشافعي في الأم (8/495)، وابن أبي شيبة في مصنفه (5679)، وابن المنذر في الأوسط (2195)، والطبراني في المعجم الكبير (9534)، والحاكم في مستدركه (1115)، وابن حزم في المحلى (5/91).
وصححه عنه الذهبي في تلخيص المستدرك.
4- وثبت توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5686)، وابن المنذر في الأوسط (2196)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (45)، والدارقطني في سننه (1739) (1742)، والبيهقي في الكبرى (6339).
وصححه عنه أبو داود السجستاني في سؤالات أبي عبيد الآجري (590).
5- وورد توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من غداة عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5681)، وعبد الرزاق كما عزاه له ابن عبد البر في الاستذكار (13/171)، وابن المنذر في الأوسط (2198)، والحاكم في مستدركه (1112)، والبيهقي في الكبرى (6344).
وضعفه عنه يحيى بن سعيد القطان، وجعله من أوهام الحجاج بن أرطأة، كما نقله عنه البيهقي في المصدر السابق.
6- وروي توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/216)، والطبراني في فضل عشر ذي الحجة (42)، والدارقطني في سننه (1737:1735)، والبيهقي في الكبرى (6350).
وروي عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر رضي الله عنهما من نفس الطريق.
ومدار هذا الحديث على عمرو بن شمر الجعفي الرافضي، وهو متروك كذبه واتهمه بالوضع غير واحد - لسان الميزان (6/210).
وضعفه البيهقي في الكبرى، والذهبي في تلخيص المستدرك، وابن كثير في تفسيره (2/268)، وابن رجب في فتح الباري (9/26)، وابن حجر في الدراية (1/223)، والألباني في الضعيفة (5578).
7- وروي توقيت التكبير في عقب الصلوات المكتوبة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
أخرجه الديلمي في مسند الفردوس بانتقاء ابن حجر في الغرائب الملتقطة (ج3/ق257).
وفيه محمد بن سهل بن الحسن العطار، وقيل ابن سهل بن عبد الرحمن العطار، وهو متروك متهم بالوضع - تاريخ بغداد (3/255) -.
وفيه أيضا عبد الله بن محمد البلوي، وهو متهم بالوضع أيضا - لسان الميزان (4/563) -.
قال الألباني في الضعيفة (3238): موضوع.
قال ابن رجب في فتح الباري (9/22:21):
وذكر الله في هذه الأيام نوعان:
أحدهما: مقيد عقيب الصلوات.
والثاني: مطلق في سائر الأوقات.
فأما النوع الأول:
فاتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليهِ.
وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليهِ لم ينقل إلينا فيهِ نص صريح عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل يكتفى بالعمل به.
والجمع بين تلك الآثار؛ أن أهل الأمصار يكبرون من صلاة غداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وأهل الموسم يكبرون من صلاة ظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة من آخر أيام التشريق، والله أعلم.
نقل ابن المنذر في الأوسط (4/348) قريبا من ذلك الجمع بين الآثار عن أحمد بن حنبل وسفيان بن عيينة فقال ابن المنذر:
وَفِيهِ قَوْلٌ تَاسِعٌ حَكَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَحْمَدُ قَالَ: أَمَّا أَهْلُ مِنًى فَإِنَّهُمْ يَبْتَدِئُونَ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ صَلَاةَ الظُّهْرِ، لِأَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ يَأْخُذُونَ فِي التَّكْبِيرِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَإِنَّهُمْ يَبْتَدِئُونَ غَدَاةَ عَرَفَةَ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ سُفْيَانُ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ.
قال ابن رجب في فتح الباري (9/23:22):
وقد اختلف العلماء في أول وقت هذا التكبير وآخره.
فقالت طائفة: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.........
وقد حكى الإمام أحمد هذا القول إجماعاً من الصحابة، حكاه عن عمر وعليّ وابن مسعود وابن عباس.
فقيل له: فابن عباس اختلف عنه؛ فقالَ: هذا هوَ الصحيح عنه، وغيره لا يصح عنه.........
وإلى هذا ذهب أحمد؛ لكنه يقول: إن هذا في حق أهل الأمصار، فأما أهل الموسم فإنهم يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر؛ لأنهم قبل ذَلِكَ مشتغلون بالتلبية.
وحكاه عن سفيان بن عيينة، وقال: هوَ قول حسن.
ويمتد تكبيرهم إلى آخر أيام التشريق - أيضاً - على المشهور عنه.
ونقل حرب، عنه، أنهم يكبرون إلى *صلاة الغداة* من آخر أيام التشريق.
وممن فرق بين الخارج وأهل الأمصار: أبو ثور.
انتهى كلام ابن رجب باختصار.
والحمد لله رب العالمين.