المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزام محمد ذيب الشريدة
الأهمية المعنوية في الجملة الاعتراضية
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض ، وهو غاية كل لغة من لغات العالم،كما هو الحال في قوله تعالى :(وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُوا ْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)وقو ه :*{ وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله }*جملة معترضة بين قوله *{ فاستغفروا }* وبين قوله*{ وَلَمْ يُصِرُّواْ }جيء بها بحسب الأهمية المعنوية من أجل الهدف المعنوي وهو المسارعة إلى طمأنة قلوب المستغفرين التائبين ،قال صاحب الكشاف عند تفسيره لهذه الجملة ما ملخصه : فى هذه الجملة وصف لذاته - تعالى - بسعة الرحمة ، وقرب المغفرة ، وأن التائب من ذنبه كمن لا ذنب له ، وأنه لا مفزع للمذنبين إلا فضله وكرمه . وفيها تطييب لنفوس العباد ، وتنشيط للتوبة ، وبعث عليها ، وردع عن اليأس والقنوط ، وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل ، وكرمه أعظم، والمعنى أنه وحده عنده مصححات المغفرة . فالجملة المعترضة بين أركان أسلوب العطف ليست اعتباطية، بل تأتي بحسب الأهمية المعنوية، ولها وظيفةبلاغية مهمة وهي المبادرة إلى إبلاغ السامع معنى جليلا عاجلا ،ولولا أهميتها لما فصلت بين أركان السياق ،كما قال تعالى:(لِيَقْطَع َ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ*لَيْ َ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ*حيث جيء بالجملة المعترضة*لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ*بحسب الأهميةالمعنوية أيضا للمسارعة إلى التبليغ بأن النصر أو الهزيمة من عند الله لا من صنع النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى:(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا)حيث جيء بالجملة المعترضة*لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ*بين فعلي أمر متعاطفين بحسب الأهمية المعنوية كذلك للمسارعة إلى التنبيه إلى أنه لا تزر وازرة وزر أخرى ،كما قال تعالى:(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)حيث جاء سبحانه وتعالى بالجملة المعترضة *وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ*بحسب الأهميةالمعنوية من أجل الهدف المعنوي وهو أمن اللبس والاحتراز من فهم أن يكون التبديل بلا غاية ولا تدبير.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ، وباختصار : الإنسان يتحدث تحت رعاية الاهمية المعنوية وعلامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس.