تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل إذا غلب على الظن عدم الانتفاع يجوز السكوت عن المنكر؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,944

    افتراضي هل إذا غلب على الظن عدم الانتفاع يجوز السكوت عن المنكر؟

    سئل الشيخ صالح ال الشيخ
    سؤال- في قوله تعالى
    فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى
    هل إذا غلب على الظن عدم الانتفاع يجوز السكوت عن المنكر؟

    الجواب
    هذه المسألة اختلف فيها العلماء قد ذكرت لكم الخلاف أظن في شرح الواسطية أظن في بعض المواضع،
    والآية استدل بها جماعة من العلماء منهم الشيخ تقي الدين ابن تيمية شيخ الإسلام
    ومنهم ابن عبد السلام في القواعد وجماعة،
    وذكر هذا أيضا ابن رجب عن بعض أهل العلم في شرحه على الأربعين.
    والآية فيها دليل على
    أنّ الذكرى مأمور بها إذا كانت ستنفع؛
    لأن الله قال فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى أمر بالتذكير إذا كانت الذكرى ستنفع،
    هل يدخل هذا في النهي عن المنكر،
    أم هذا في التذكير بما ينفع الناس، ظاهر لكلمة - الذِّكْرَى - أنها تشمل الأمر بالمعروف وتشمل النهي عن المنكر؛ لأن التذكير يشمل هذا وهذا في القرآن والسنة.
    لهذا قال طائفة من العلماء ممن سمينا ومن غيرهم:
    إنه للمرء أن يترك الإنكار إذا غلب على الظن عدم الانتفاع،
    كذلك يجوز له أن لا يذكر إذا غلب على الظن عدم الانتفاع،
    أما إذا غلب على الظن الانتفاع بالإنكار أو الانتفاع بالذكرى
    فهنا يجب عليه أن ينكر ويحب عليه أن يأمر بالمعروف بحسب الحال، هذا قول.
    الجمهور على خلاف ذلك
    وهو أن الأحاديث دلت على أن المنكر إذا رُئي وجب تغييره،
    لهذا قالوا سواء غلب على الظن أو لم يغلب على الظن فلابد منه حفاظا على ما أجب الله جل وعلا.
    ولهذا قال سبحانه وتعالى لما ذكر حال أهل القرية
    وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
    فدل على هذا أن المعذرة مطلوبة وأن لا يسكت على المنكر؛
    لكن هذا لا يدل على الوجوب،
    وحال الصحابة بكثير من أحوالهم وخاصة لما دخلوا على الولاة -ولاة بني أمية والأمراء-
    فيما سكتوا عنه وفيما لم ينكروه
    قال ابن عبد السلام وكذلك كلام ابن تيمية
    أنهم أخذوا بأنهم غلب على ظنهم أنهم لا ينتفعون بذلك لعلم الواقع في المنكر لعلمه ولاجل أنه يعلم أنه لو أنكر عليه فإنه لن يستجيب.
    المقصود من ذلك أن العلماء لهم في ذلك ثلاثة أقوال:
    القول الأول: أنه يجب الإنكار مطلقا فما أمر النبي
    القول الثاني: أنه يجب مع غلبة الظن، وإذا لم يغلب على الظن فإنه يجوز له أن ينكر.
    والقول الثالث: وهو المتوسط بينهما أنه لا يجب ولكن يستحب إذا غلب على الظن عدم الانتفاع،
    وهذا معناه أن الإنسان لا يؤثم نفسه فيما غلب على الظن عدم الانتفاع،
    وهذا يحصل الذي يغلب في المسائل التي يغلب فيها الظن عدم الانتفاع مثل المنكرات المنتشرة،
    مثل مثلا حلق اللحى، ومثل الإسبال، ومثل كشف المرآة لوجهها، ومثل لرؤية المجلات رؤية النساء في المجلات المحرمة، أو مثل هذه يغلب على الظن من الناس عدم الانتفاع مطلقا أو عدم الانتفاع في وقتها؛
    يعني بحسب الحال؛
    لكن إذا غلب على الظن أنه إذا وعظه أمره أنه ينتهي ولو في الوقت نفسه،
    فهذا يتعين عليه
    ؛ يعني دخل في المسألة مثل غيرها مع القدرة؛
    لكن يظن انه إذا قال له لا تحلق لحيتك أو هذا حرام لم ينتفع فهو لا يجب عليه حينئذ
    ويسلم من الإثم
    المقصود السلامة من الإثم في مثل هذه الحال،
    والله المستعان كل في هذا الباب مقصر، ونسأل الله جل وعلا أن يعفو عنا وعنكم.
    [شرح الطحاوية]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2021
    المشاركات
    483

    افتراضي رد: هل إذا غلب على الظن عدم الانتفاع يجوز السكوت عن المنكر؟


    جزاكم الله خيراً

    المؤمن يأخذ المسألة من قوله تعالى
    ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
    وقوله تعالى
    إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء .
    وقوله عز ذكره
    كنتم خير أمة أخرجت للناس
    تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله .
    فقدم الله سبحانه الأمر بالعروف والنهي عن المنكر على الإيمان لتبيان عظيم قدره عند الله .
    وقوله عليه الصلاة والسلام
    لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليخالفن الله بين قلوبكم . انتهى .

    وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ما توقف ساعة عن دعوة الناس
    لادخالهم الإسلام أو رفع درجة المؤمنين في الجنة برحمة الله
    أوابعاد الناس عن سخط الله والنار .
    هذا هو أصل الدعوة .
    فلا يمل مال ولا يحيد يبقى داعياً الى الله حتى يأتيه اليقين .
    ثم يأتي التفصيل في هذا الأصل
    فنقول كل بحسبه وقدرته على الصبر على الأذى في دعوته .
    فمنهم ماهو واجب عليه ومنهم غير ذلك
    أي نطبق عليه الأحكام التكليفية الخمسة .

    هذا ما عندي الساعة .
    والله الهادي الى سواء السبيل .
    بارك الله فيك .
    تسلم لأخيك .

    يا رب الأرباب يا ملك الملوك
    تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,944

    افتراضي رد: هل إذا غلب على الظن عدم الانتفاع يجوز السكوت عن المنكر؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يوسف بن سلامة مشاهدة المشاركة
    .

    وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ما توقف ساعة عن دعوة الناس
    لادخالهم الإسلام أو رفع درجة المؤمنين في الجنة برحمة الله
    أوابعاد الناس عن سخط الله والنار .
    هذا هو أصل الدعوة .
    فلا يمل مال ولا يحيد يبقى داعياً الى الله حتى يأتيه اليقين .
    ثم يأتي التفصيل في هذا الأصل
    فنقول كل بحسبه وقدرته على الصبر على الأذى في دعوته .
    فمنهم ماهو واجب عليه ومنهم غير ذلك
    أي نطبق عليه الأحكام التكليفية الخمسة .
    أحسنت
    قوله تعالى : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) يقول السعدي رحمه الله في تفسيره :
    والتذكير نوعان:

    النوع الأول من التذكير :
    التذكير بما لم يعرف تفصيله، مما عرف مجمله بالفطرة والعقول ،
    فإن الله فطر العقول على محبة الخير وإيثاره، وكراهة الشر والزهد فيه، وشرعه موافق لذلك،

    فكل أمر ونهي من الشرع،
    فإنه من التذكير،
    وتمام التذكير، أن يذكر ما في المأمور به ، من الخير والحسن والمصالح، وما في المنهي عنه، من المضار.

    والنوع الثاني من التذكير:
    التذكير بما هو معلوم للمؤمنين،
    ولكن انسحبت عليه الغفلة والذهول،
    فيذكرون بذلك،
    ويكرر عليهم ليرسخ في أذهانهم،
    وينتبهوا ويعملوا بما تذكروه، من ذلك،
    وليحدث لهم نشاطًا وهمة، توجب لهم الانتفاع والارتفاع.

    وأخبر الله أن الذكرى تنفع المؤمنين،
    لأن ما معهم من الإيمان والخشية والإنابة،
    واتباع رضوان الله،
    يوجب لهم أن تنفع فيهم الذكرى،
    وتقع الموعظة منهم موقعها
    كما قال تعالى:

    (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَ ا الْأَشْقَى) (9) :(11) الاعلى
    وأما من ليس له معه إيمان ولا استعداد لقبول التذكير،
    فهذا لا ينفع تذكيره، بمنزلة الأرض السبخة،
    التي لا يفيدها المطر شيئًا، وهؤلاء الصنف، لو جاءتهم كل آية،
    لم يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم.

    قال الله تعالى :
    (
    إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96)
    وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)
    (96) ،(97) يونس
    وجاء في تفسير الوسيط لطنطاوي :
    (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) :

    أي : أعرض عن هؤلاء المشركين ،
    وداوم على التذكير والتبشير والإنذار
    مهما تقول المتقولون ، فإن التذكير بما أوحيناه إليك من هدايات سامية ،
    وآداب حكيمة . . .
    ينفع المؤمنين ، ولا ينفع غيرهم من الجاحدين .

    وقال مقاتل :
    معناه : عظ بالقرآن كفار مكة ، فإن الذكرى تنفع من [ سبق ] في علم الله أن يؤمن منهم .

    وقال الكلبي :
    عظ بالقرآن من آمن من قومك فإن الذكرى تنفعهم .

    وفي تفسير القرطبي :
    (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) :

    وذكر أي بالعظة فإن العظة تنفع المؤمنين .
    وقال قتادة :
    وذكر بالقرآن فإن الذكرى به تنفع المؤمنين .

    وقيل :
    ذكرهم بالعقوبة وأيام الله . وخص المؤمنين ; لأنهم المنتفعون بها .

    وقال الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين رحمه الله :
    اي: ذكر الناس بآيات الله وبأيامه، وشرائعه وما أوجب الله على العباد ،
    وذكرهم بعقابه تبارك وتعالى للمكذبين وإثابته للطائعين،

    والذي ينتفع بالذكرى هم المؤمنون ، لأن المؤمن إذا ذكر فهو كما وصفه الله عز وجل:
    { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} الفرقان (73) ، بل يقبلونها بكل رحابة صدر وبكل طمأنينة،
    وفي الآية دليل على وجوب التذكير على كل حال،
    وفيها أن الذي ينتفع بالذكرى هم المؤمنون،
    وأن من لا ينتفع بالذكر فهو ليس بمؤمن:

    إما فاقد الإيمان، وإما ناقص الإيمان، وهنا فتش عن نفسك:
    هل أنت إذا ذكرت بآيات الله وخوفت من الله عز وجل هل أنت تتذكر،
    أم يبقى قلبك كما هو قاسياً،
    إن كانت الأولى فاحمد الله فإنك من المؤمنين،
    وإن كانت الثانية فحاسب نفسك، ولا تلومن إلا نفسك، وعليك أن ترجع إلى الله – عز وجل – حتى تنتفع بالذكرى،
    وفي الآية دليل على أنه كلما كان الإيمان أقوى كان الانتفاع بالذكرى أعظم وأشد،
    وذلك من قاعدة معروفة عند العلماء، وهي:

    أن الحكم إذا علق بوصف ازداد بزيادته ونقص بنقصانه.
    ************************

    وفي قوله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (55) الذاريات
    قال الحسن البصرى‏:‏ تذكرة للمؤمن، وحجة على الكافر‏. ‏‏
    وعلى هـذا فقـوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى‏}،
    لا يمنـع كون الكافر يبلغ القـرآن لوجوه‏:‏

    الوجه الأول :
    أنه لم يخص قومًا دون قوم
    ، لكن قال-فذكر
    وهذا مطلق بتذكير كل أحد‏.‏

    وقوله‏:‏ ‏{‏‏إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى}‏‏
    لم يقل‏:‏ ‏[‏إن نفعت كل أحد‏]‏ بل أطلق النفع‏. ‏

    فقد أمر بالتذكير إن كان ينفع‏.
    ‏‏ والتذكير المطلق العام ينفـع‏. ‏‏

    فإن مـن الناس مـن يتذكـر فينتفع بـه،
    والآخر تقـوم عليـه الحجـة ويستحق العـذاب على ذلك،
    فيكـون عـبرة لغيره،
    فيحصل بتذكيره نفع أيضًا؛
    ولأنه بتذكيره تقوم عليه الحجة،
    فتجوز عقوبته بعد هذا بالجهاد وغيره،
    فتحصل بالذكرى منفعة‏.‏

    فكل تذكير ذكر به النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين حصل به نفع في الجملة،
    وإن كان النفع للمؤمنين الذين قبلوه واعتبروا به وجاهدوا المشركين الذين قامت عليهم الحجة‏.‏

    فإن قيل‏:‏
    فعلى هذا كل تذكير قد حصل به نفع،
    فأي فائدة في التقييد‏؟‏

    قيل‏:‏
    بل منه ما لم ينفع أصلًا، وهو ما لم يُؤمر به‏.
    ‏‏وذلك كمن أخبر الله أنه لا يؤمن، كأبي لهب، فإنه بعد أن أنزل الله قوله‏:‏ ‏{‏‏سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ‏}

    فإنه لا يخص بتذكير بل يعرض عنه‏. ‏‏
    وكذلك كل من لم يصغ إليه ولم يستمع لقوله،
    فإنه يعرض عنه،
    كما قال الله تعالى ‏:‏ ‏

    {‏‏فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُوم}ٍٍ‏ ‏[‏الذاريات‏:‏ 54‏]‏،

    فهو إذا بلغ قومًا الرسالة فقامت الحجة عليهم،
    ثم امتنعوا من سماع كلامه أعرض عنهم‏.‏
    فإن الذكرى حينئذ لا تنفع أحدًا‏. ‏‏

    وكذلك من أظهر أن الحجة قامت عليه وأنه لا يهتدى
    فإنه لا يكرر التبليغ عليه‏. ‏‏

    أما الوجه الثاني‏:‏ أن الأمر بالتذكير أمر بالتذكير التام النافع،
    كما هو أمر بالتذكير المشترك‏. ‏‏

    وهذا التام النافع يخص به المؤمنين المنتفعين‏
    .‏ فهم إذا آمنوا ذكرهم بما أنزل، وكلما أنزل شيءٌ من القرآن ذكرهم به، ويذكرهم بمعانيه، ويذكرهم بما نزل قبل ذلك‏.‏

    بخلاف الذين قال الله فيهم‏:‏ ‏
    {‏‏فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ‏} ‏[‏المدثر‏:‏ 49 ـ 51‏]‏‏. ‏‏
    فإن هؤلاء لا يذكرهم كما يذكر المؤمنين إذا كانت الحجة قد قامت عليهم
    وهم معرضون عن التذكرة لا يسمعون‏.
    ‏‏ ولهذا قال الله تعالى ‏:‏ {‏‏عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهي}‏‏

    فأمره أن يُقبل على من جاءه يطلب أن يتزكى وأن يتذكر‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏‏سَيَذَّكَّ رُ مَن يَخْشَى}‏‏ إلى قوله‏ تعالى:‏ ‏{‏‏قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى}‏‏ ‏[‏الأعلى‏:‏ 10 ـ 14‏]‏،
    فذكر التذكر والتزكي، كما ذكرهما هناك‏. ‏‏

    وأمره أن يقبل على من أقبل عليه دون من أعرض عنه،
    فإن هذا ينتفع بالذكرى دون ذاك‏.‏
    فيكون مأمورًا أن يذكر المنتفعين بالذكرى تذكيرًا يخصهم به غير التبليغ العام الذي تقوم به الحجة،
    كما قال‏ تعالى:‏ ‏{‏‏فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تنفع المؤمنين

    وقال‏:‏ ‏{‏‏وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 110‏]‏،
    وفي صحيح البخاري (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما –
    ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا )
    قَالَ أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ ،

    فَكَانَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ فَسَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ .
    وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ) لاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ حَتَّى يَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ ، وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ
    ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ) أَسْمِعْهُمْ وَلاَ تَجْهَرْ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ .‏‏
    فنهي عن أن يسمعهم إسماعًا يكون ضرره أعظم من نفعه‏. ‏‏
    وهكذا كل ما يأمر الله به لابد أن تكون مصلحته راجحة على مفسدته‏.‏
    والمصلحة هي المنفعة، والمفسدة هي المضرة‏. ‏‏
    فهو إنما يؤمر بالتذكير إذا كانت المصلحة راجحة،
    وهو أن تحصل به منفعة راجحة على المضرة‏. ‏‏
    وهذا يدل على الوجه الأول والثاني‏.‏

    فحيث كان الضرر راجحًا فهو منهي عما يجلب ضررًا راجحًا‏.‏ والنفع أعم في قبول جميعهم،
    فقبول بعضهم نفع،
    وقيام الحجة على من لم يقبل نفع،
    وظهور كلامه حتى يبلغ البعيد نفع،
    وبقاؤه عند من سمعه حتى بلغه إلى من لم يسمعه نفع‏. ‏‏

    فهو صلى الله عليه وسلم
    ما ذكَّرَ قط إلا ذكرى نافعة،
    لم يذكر ذكرى قط يكون ضررها راجحًا‏.
    ‏‏ وهذا مذهب جمهور المسلمين من السلف والخلف؛

    أن ما أمر الله به لابد أن تكون مصلحته راجحة ومنفعته راجحة‏.‏
    وأما ما كانت مضرته راجحة، فإن الله لا يأمر به‏. ‏‏

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •