لا أصدق روايات أمي ولا زوجتي ولا أهلي!
عبد العزيز محمد صادق بن محمد القردلي





السؤال:

أنا رجل مغربي أبلغ من العمر 39 سنة، أعيش في السويد تزوجت قبل خمس سنوات من سيدة تبلغ الآن 27 سنة، قبل استقطاب زوجتي إلى السويد كانت تعيش مع أمي وأربع أخوات, كانت العلاقة جيدة في البداية رغم أن الزوجة بدأت تشتكي من أمي في أول أيام زواجنا أنها تتدخل في حياتها، ورأيت الأمر أنه عادي جداً لأن أمي كانت تعطيها نصائح منطقية، المهم بعد مرور سنة ونصف تطورت الأمور والمشاكل بينها وأنا في بلاد الغربة وفقط الزوجة تشتكي دون أن تشتكي أمي.

فحدث في أحد الأيام خصام بينهما بسبب أعمال منزلية وذهبت الزوجة لوالدتها وحين وصلت والدتي إلى بيت أهل زوجتي تقول: إن زوجتي وأمها حاولا ضربها في حين تقول زوجتي إن أمي كانت تريد ضربها فدافعت الأم عن ابنتها, المهم رجعت الزوجة إلى البيت وأنا لا أدري بهذا النزاع حتى جاء يوم فاشتد الصراع بين زوجتي وأمي وإخوتي فنصحتها أن تتوجه إلى بيت أهلها حتى أعدل إقامتها في السويد وأحصل على بيت مناسب، ذهبت الزوجة وفي ثاني يوم رجعت الزوجة وأمها ووالدها -رحمه الله-، وأخذا جميع أغراض الزوجة بما فيها الأواني والسجاد وأشياء بخسة مادية لا تهمني، المهم قالت أمي إن أباها رحمه الله وأمها عند قدومهما لبيتنا لم يستفسرا عن سبب الخلاف ولم يتدخل أحد منهما للصلحk وتقول أمي أنهم لم يسلموا عليها دون أن يعرفوا موقفها أو تبريراتها وكأنهم صدقوا ابنتهما، بعدها انقطع حتى السلام بين العائلتين عندما يلتقيان في الشارع، أمي وإخواني يقولون إن أهل زوجتي لا يسلمون عليهن وعائلة زوجتي تقول نفس الكلام يعني ألا أحد يبادر بالسلام على الآخر.

المهم أمي أقسمت ألا تدخل هذه الزوجة بيتنا مرة أخرى، بعد ذلك أخذت زوجتي معي إلى السويد ومر الآن على زواجنا خمس سنوات أسميها كلها عذاب بسبب قطع الصِّلة بين الأسرتين وبين زوجتي وأمي وأهل زوجتي، على الرغم من وفاة والدها لم تتبدد الخلافات وأمي مصرة على مقاطعتهم كما كانوا هم مصرين في البداية على المقاطعة، وفي الواقع أنا لم أكن حاضراً في أي خلاف منذ البداية ولا أدري لماذا أمي مصرة على أنها مظلومة مع العلم أن والدتي سيدة صالحة والكل يحبها في حارتنا، وهي سهرت على تربيتي أنا وإخوتي الأربع منذ وفاة والدي عندما تركني رضيعاً وأخواتي كلهم صغيرات.

كل هذه المشاكل جعلتني أتريث في الولادة رغم كبر سني 39 سنة وزوجتي 27 سنة، والأمر زاد سوءاً بعد وفاة والدة الزوجة وعدم قيام أمي بواجب التعزية، أنا الآن أعيش في جحيم ولا زوجتي ولا أهلي يعذرونني ولقد تضررت مادياً ومعنوياً من هذه العلاقة الزوجية حتى أصبحت أنصح الأصدقاء بعدم الزواج، خمس سنوات وأكثر كلها عذاب وسجال وأمراض نفسية رغم أني لم أكن طرفاً في الموضوع ولا في المشكلة، لدرجة أننا عندما نسافر إلى المغرب تذهب الزوجة إلى بيت أهلها وأنا في بيت أمي ولا أحد يكترث بحالي، فقط زوجتي تطالب بحقها في الأشياء المادية وأمي كذلك ناهيك عن دعائها لي بلقاء زوجة صالحة وأن يفرق بيني وبين الزوجة الحالية دون ذنوب.

المهم أنا صبرت كثيراً على هذه العلاقة وانتظرت بِما فيه الكفاية لكن يبدو أن أمي لن تتنازل عن قرارها بعدم قبول زوجتي وأنا لا أريد أن تكون علاقة زوجتي وعائلتها متوترة مع أهلي، ولعلمكم كان عديد من الأشخاص ينصحوني بالطلاق لكن فكرت في وضعية زوجتي فحاولت بكل قوتي وبإذن الله أن انهي تفاصيل إقامتها في السويد لكن نفد صبري، هل الطلاق يا إخوان سيكون حلاً ؟ وهل سأكون ظالماً لهذه المرأة؟ مع العلم أنني لا أصدق روايات أمي ولا زوجتي ولا أهلي ولا أهلها لأنني لم أكن حاضراً وقتها لكني تحطمت وعانيت وأصبحت هائماً ولا أجد للحياة مذاقا بسبب هذه العلاقة المتوترة بسبب خلافات لم أكن طرفاً فيها، كما أنني ومنذ زواجنا نصحت زوجتي أن تظل في بيت أهلها حتى أعدل إقامتها في السويد وتلتحق بي هناك؛ لكنها رفضت وأصررت على العيش مع أهلي في بيت أمي وهذه نتائج إصرارها على عدم قبول نصيحتي، أفيدوني إخوتي لأنني فعلا كرهت نفسي والعمل وكل شيء.

الإجابة:

ما أجمل أن يقول المؤمن عندما تضيق الحال ويشتدّ الكرب: (أشكو بثّي وحزني إلى الله) ولعلّ هذه الشكوى تطرد عنه شبح اليأس والتأفّف والقنوط مفوّضاً بذلك أمره إلى الله سبحانه، وما أوسع فضل الله -جلّ وعلا-، وما أسرع استجابته عند الشدّة، كأن يفرغ على عبده المبتلى صبراً، وقد أفرغ عليك سبحانه صبراً جميلاً، فحال بينك وبين المجابهة والانحياز، وردّ الفعل، فلم يصدر منك سوء تجاه الطرفين كليهما أمّك وزوجتك، ولم تتهيّأ لك فرص التدخّل والحسم، وهذا من فضله تعالى عليك، وأنزل في قلبك السكينة رغم أثر الخصومة والخلاف في نفسك، فتحمّلت وصبرت، فاحمد الله أنّك ابتليت بزوجة تمنّيت أن تكون متفهّمة تصنع التوافق وتتعامل بالحسنى، لكن من سلبيّاتها أنّها حادّة الطبع شديدة العناد محدودة التأقلم والانسجام مع أقرب الناس إليك وهي أمّك -المرأة التي شهد لها الجميع بالصلاح والورع والتقوى-.

وهذا الضرب من النشوز وعدم الاستجابة والمخالفة لأمرك قد طغى على موقف زوجتك منذ أن أصرّت على البقاء مع أمّك، وعدم الالتحاق بمسكن أبويها ما أحدث سوء تفاهم وعدم استقرار، وكان من المفترض أن يعالج هذا الأمر منذ بدايته قبل استفحاله وقبل أن يسبّب خلافات تكرّرت مراراً، فضايقتك نفسيّاً وأسريّاً واجتماعيّاً، وذلك باللجوء إلى المقرّبين إلى أهلك وأهلها من الأقربين والأحبّة من ذوي الحكمة للبحث عن أسباب الخلاف ومعالجتها والسعي إلى التأليف بين القلوب لغاية الصلح ولمّ الشمل، وهذه الخطوة ليست مستبعدة ولا مستعصية فهي لا تزال قابلة للإنجاز والتحقيق إذا توفّرت العزيمة والإرادة، وما ينبغي استبعاده حاليّاً تفكيراً وإنجازاً هو كلّ فكرة تحوم حول الطلاق؛ لكونه أبغض الحلال عند الله، وما يترتّب عليه من ظلم وتعدّ وعواقب وخيمة - وقد أدركت أنت بمفردك مشكوراً تبعات ذلك -وتجدني في خاتمة وجهة نظري هذه مذكّرا شخصك الكريم بما يلي:

- البرّ بوالدتك موقفاً وسلوكاً والتعرّف إلى احتياجاتها وطلباتها.

- محاورة والدتك بلين وأدب بشأن علاقتها بزوجتك علّها تكشف لك أسباب خلافها مع زوجتك ونفورها منها.

وكذلك الأمر نفسه مع زوجتك لكن بكلّ رقّة ولطف وحميميّة فلعلّك تهتدي في نهاية كلّ محاورة إلى معرفة حقيقة الخلاف ليتيسّر لك فيما بعد معالجته وإصلاحه.

- العمل على أن يكون إلى جوارك وسيط خير من الأقارب يصلح بينهما إن استعصى الأمر. - إقناع زوجتك بضرورة احترام والدتك؛ إذ لا دوام لحسن معاشرة بدون احترام، ولم لا تحثّها على المبادرة بزيارتها لتقديم التحيّة والهديّة؟

- التوكّل على الله -جلّ وعلا- والتضرّع إليه في جوف الليل أو في الثلث الأخير منه بقلب منكسر واثق بالإجابة أن يلين قلب كلّ من والدتك وزوجتك فقلوب العباد بيد الرحمن علاّم الغيوب والعليم بما في القلوب.

أسأل الله -جلّ وعلا- أن يفرّج كربك، وينشر في بيتك السعادة والطمأنينة، ويؤلّف بين والدتك، وزوجتك إنّه سميع مجيب.