المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزام محمد ذيب الشريدة
التمايز البلاغي عند المتكلمين
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم، كما هو الحال في هذه العبارات التي تتحدث عن معنى واحد وهو ضرر المكر والغدر ولكنها تتمايز من حيث مستوى البلاغة في المعانى والألفاظ ، حيث قال تعالى:"*ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله"*وهو تعبير في أعلى درجات البلاغة ،بل هو كل البلاغة، لأنه تعبير فيه إيجاز ،والبلاغة كما يعرفها بعضهم بأنها الإيجاز ، أو البلاغة الإيجاز ،وفي الآية الكريمة إيجاز قِصر عن طريق القَصر،بدل قوله:يحيق ضرر المكر السيء بالذين مكروا دون غيرهم، وفي قوله *بأهله* بدل قوله *الذين مكروا * وفيها إيجاز حذف ، والتقدير : ولا يحيق ضرر المكر السيء إلا بأهله ،ومعنى الآية الكريمة هو أن ضرر المكر والغدر يحيط بأهل الغدر كما يحيط السوار بالمعصم ،ويعود عليهم وبال أمرهم ، ويرتد كيدهم في نحورهم ،وهو معنى بليغ، كما جاء سبحانه وتعالى بكلمة *يحيق* وفيها المبالغة في إصابة الغدارين بالضرر وكأنه داهية عظيمة تلزمهم وتحل فيهم،بينمايقول العرب في الأمثال : من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ،وهو مثل يخلو من البلاغة في المعاني والألفاظ ،وكل ما يعنيه هو أن عاقبة الغدر تعود على صاحبه ،فالبلاغة تتفاوت عند المتكلمين.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ،وباختصار:الإنس ن يتحدث تحت رعاية الاهمية المعنوية وعلامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس.