(إذا عرفت ذلك) يعني: ما تقدم من أن أعداء الرسل
قد يكون لهم علوم وكتب يصنفونها،
وحجج يدلون بها،
قد يكون يحتجون بالكتاب،
قد يكون يحتجون بالسنة وأشباه ذلك،
وبأقوال المحققين من أهل العلم،
مثل ما ينقلون عن
أحمد بعض الأشياء، ينقلون عن شيخ الإسلام، ينقلون عن ابن القيم، ينقلون عن ابن حجر، ينقلون وينقلون، هذا كله من العلوم الضارة وليست من العلوم النافعة.
قال: (إذا عرفت ذلك وعرفت أن الطريق إلى الله لا بد له من أعداء قاعدين عليه، أهل فصاحة وعلم وحجج) انتبه لهذه الكلمة
(لابد له) لا بد لطريق التوحيد - الطريق إلى الله - من أعداء
، وهؤلاء الأعداء قد يكونون علماء، وهؤلاء العلماء أهل فصاحة وعلم وحجج،
لا بد أن تكوِّن حاجزاً من أن يصدوك عن الهدى ويدخلوك في الضلال،
أو أن يلبسّوا عليك الدين.
فليست الفصاحة هي المعيار،فـإبليس كان فصيحاً،
وليس العلم في نفسه هو المعيار، بل لا بد أن يكون العلم هو العلم النافع،
وليست الحجج وجود حجج وإيرادات وجواب هو المعيار.
فإذا كان هذا موجودا
فانتبه إلى وصية الشيخ -
قال: (فالواجب عليك) إذا علمت أن ثم أعداء،
والأعداء قد يكونون علماء،
وعندهم فصاحة وعلم وحجج،
معناه أن العداوة استحكمت
، وتوجُّه الضِّراب عليك،
وتوجُّه الأسلحة عليك أعظم،
فما الذي يجب عليك؟
هنا يجب عليك أن تصون نفسك، وأن تحمي نفسك أعظم حماية في هذا الأمر الجلل،
الذي من ضل فيه كان من الخاسرين أبد الدهر.
قال: (فالواجب عليك) وجوباً شرعياً
(أن تتعلم من دين الله ما يصير لك سلاحاً)
وقوله: (من دين الله) هذا للتبعيض؛ لأن العلم:
منه:واجب عيني.
ومنه:واجب كفائي.
وقوله: (فالواجب عليك أن تتعلم من دين الله) يعني به:
ما كان من الدين فرضاً عينياً على كل أحد، وهو الذي لا يعذر أحد بالتقليد فيه،
وذلك في معنى الشهادتين
وتحقيق مسائل القبر الثلاث: (من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟)
فهذا العلم واجب بأدلته،
وهو الذي وصف لك، وصنف فيه الشيخ الرسالة العظيمة (ثلاثة الأصول)
لنجاتك في هذا الأمر الخطير بين علماء المشركين.
قال: (فالواجب عليك أن تتعلم من دين الله ما يصير لك سلاحاً تقاتل به هؤلاء الشياطين)
تقاتل به ابتداءً أو تقاتل به دفعاً؟
كلاهما، لا بد من الدفع في حينه،
ولا بد من الابتداء في حينه،
مقاتلة بالحجة والبيان.
إذا لم تكن ذا سلاح فالخوف ثم الخوف عليك،
فنفس الموحد في هذا المقام تأتيها أنواع كثيرة من الهجوم:
-تارة في أشياء نفسية.
-وتارة بشبه علمية.
- وتارة بأشياء راجعة إلى الضعف الذي في نفس بعض أهل التوحيد.
فإذاً: لا بد من الانتباه لهذا،
وهو أن الواجب أن يتعلم المرء من دين الله ما يصير له سلاحاً،
يقاتل به هؤلاء الشياطين.
ما هو هذا السلاح؟
هو تعلّم التوحيد وضده،
وتعلّم الشرك بأنواعه، كما صنف فيه الشيخ -رحمه الله-كتابه (كتاب التوحيد)
ثم إن كان بين قوم عندهم مجادلة في التوحيد لا بد من الاطلاع على ردود الأئمة على علماء المشركين،
الذين شبهوا في التوحيد،
كما قدمت لك في المقدمة أن معرفة هذا الباب - يعني كشف الشبهات -
مبنية على أشياء، منها:
مطالعة كتب العلماء في رد شبه المشبهين الذين عارضوا الدعوة وعارضوا التوحيد.
قال: (تقاتل به هؤلاء الشياطين:
الذين قال إمامهم ومقدمهم لربك عز وجل: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ})
يعني: قد تكون سائراً على الصراط ويكون إبليس الشيطان ومن معه من الإنس والجن يأتونك في هذا الصراط المستقيم ليحرفوك عنه
قال: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ} يعني: وهم على الصراط {{مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}
يعني:
الهجوم من كل جهة، وهذا يعظم المصيبة، ويعظم الابتلاء،
فيكون إذاً التعلم وأخذ السلاح واجباً وجوباً لا محيد عنه.
قال بعد ذلك رحمه الله:
(ولكن إذا أقبلت على الله)
أقبلت على الله بصدق وإخلاص وإنابة،
وتخلص من الحول والقوة،
وانطراح بين يدي الله -جل وعلا- أن يخلصك من كيد الشيطان،
وكيد أعدائه في الشبهات والشهوات.
قال: (وأصغيت إلى حججه) إلى حجج الله (وبيناته
فلا تخف ولا تحزن)
يعني: إذا فعلت السبب الواجب عليك،
بتعلم الحجج والبينات التي بينها الله -جلّ وعلا- في كتابه،
وأقبلت على الله بقلب منيب صادق مخلص محب لما عند الله، راغب في الخير، ملتمس له،
فلا تخف ولا تحزن.
الشيخ حينما صنف ذلك استحْضِر زمنه،
واستحْضِر بعض البلاد-بلاد هذا الزمن -