216 - " بل أنت حسانة المزنية " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 376 :
أخرجه ابن الأعرابي في " معجمه " ( ق 75 / 2 ) وعنه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 82 / 1 ) والحاكم في " المستدرك " ( 1 / 15 - 16 ) من طريق صالح بن رستم عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: " جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو عندي ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزنية ، فقال : بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم ؟ كيف حالكم ، كيف كنتم بعدنا ؟ قالت : بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله . فلما خرجت ، قلت : يا رسول الله ، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال ؟ فقال : " إنها كانت تأتينا زمن خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان " .
وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين ، فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة وليس له علة " .
كذا قال ! ووافقه الذهبي ! وصالح بن رستم وهو أبو عامر الخزاز البصري لم يخرج له البخاري في " صحيحه " إلا تعليقا ، وأخرج له في " الأدب المفرد " أيضا ثم هو مختلف فيه ، فقال الذهبي نفسه في " الضعفاء ": " وثقه أبو داود ، وقال ابن معين : ضعيف الحديث . وقال أحمد : صالح الحديث ".
وهذا هو الذي اعتمده في " الميزان " فقال: " وأبو عامر الخزاز حديثه لعله يبلغ خمسين حديثا ، وهو كما قال أحمد : صالح الحديث " .
قلت : فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى ، فقد قال ابن عدى: " وهو عندي لا بأس به ، و لم أر له حديثا منكرا جدا " .
وأما الحافظ فقال في " التقريب " : " صدوق ، كثير الخطأ " .
وهذا ميل منه إلى تضعيفه . والله أعلم .
ولكنه على كل حال ، فالحديث صحيح ، لأنه لم يتفرد به ، كما يدل عليه كلام
الحافظ في " الفتح " ( 10 / 365 ) فإنه قال بعد أن ذكره من هذا الوجه من رواية
الحاكم و البيهقي في " الشعب " : " وأخرجه البيهقي أيضا من طريق مسلم بن جنادة عن حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مثله ، بمعنى القصة ، وقال : " غريب " .
ومن طريق أبي سلمة عن عائشة نحوه ، وإسناده ضعيف " .
قلت : وطريق أبي سلمة ، أخرجها أبو عبد الرحمن السلمي في " آداب الصحبة "
( 24 ) عن محمد بن ثمال الصنعاني حدثنا عبد المؤمن بن يحيى بن أبي كثير عن
أبي سلمة به .
ومحمد بن ثمال وشيخه عبد المؤمن لم أجد لهما ترجمة .
وقد وجدت له طريقا أخرى مختصرا ، أخرجه القاسم السرقسطي في " غريب الحديث "
( 2 / 20 / 1 ) عن الحميدي قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا عبد الواحد ابن أيمن وغيره عن ابن أبي نجيح عن عائشة: " أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقرب إليه لحم ، فجعل يناولها ، قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله لا تغمر يدك ! فقال صلى الله عليه وسلم :
( يا عائشة إن هذه كانت تأتينا أيام خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان )، فلما ذكر خديجة قلت : قد أبدلك الله من كبيرة السن حديثة السن ، فشدقني ، وقال : ما علي - أو نحو هذا - إن كان الله رزقها مني الولد ، ولم يرزقكيه، فقلت : والذى بعثك بالحق لا أذكرها إلا بخير أبدا.
قال الحميدي : ثم قال سفيان : عبد الواحد وغيره يزيد أحدهما على الآخر في
الحديث " .
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين لكنه منقطع بين ابن أبي نجيح - واسمه عبد الله - وعائشة ، فإنه لم يسمع منها كما قال أبو حاتم، خلافا لابن المديني ، ووقع التصريح بسماعه منها في " صحيح البخاري " فالله أعلم .
وقصة غيرة عائشة من خديجة رضي الله عنهما ثابتة في " صحيح البخاري " "و مسلم" والترمذي ( 2 / 363 ) وأحمد ( 6 / 118 ، 150 ، 154 ) من طرق عنها.
هذا و لقد كان الباعث على تحرير القول في هذا الحديث خاصة أن الله تبارك
وتعالى رزقني بعد ظهر الثلاثاء في عشرين ربيع الآخر سنة 1385 طفلة جميلة ،
فلما عزمت على أن أختار لها اسما من أسماء الصحابيات الكريمات ، وقع بصري على
هذا الاسم " حسانة "، فمال إليه قلبي ، لتحقيق الاقتداء به ( صلى الله عليه وسلم ) في تسميته " جثامة " به ، ولكن لم أبادر إلى ذلك حتى درست إسناد الحديث.
على نحو ما سبق ، وتحققت من صحته .
والحمد لله على توفيقه ، وأسأله تعالى أن يجعلها من المؤمنات الصالحات ، والعابدات العالمات ، السعيدات فى الدنيا والآخرة .
فقه الأحاديث
--------------
قال الطبري :
" لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ولا باسم يقتضي التزكية له ، ولا باسم
معناه السب ، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص لا يقصد بها حقيقة الصفة
لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم فيظن أنه صفة للمسمى، فلذلك كان ( صلى الله عليه وسلم ) يحول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقا . قال : وقد
غير رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عدة أسماء " .
ذكره في " الفتح " ( 10 / 476 ) .
قلت : وعلى ذلك فلا يجوز التسمية بعز الدين ومحي الدين وناصر الدين ، ونحو
ذلك .
ومن أقبح الأسماء التي راجت فى هذا العصر و يجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم مثل ( وصال ) و ( سهام ) و ( نهاد) و ( غادة ) و ( فتنة ) ونحو ذلك . والله المستعان .