صدر حديثًا كتاب "شفاء الصدر بتوضيح شواهد شرح القطر"، تأليف: "الشيخ علي بن عبدالرحيم بن سلطان بن إدريس بن عبد العزيز العدوي المالكي الأزهري" المتوفى سنة 1365 هـ، تحقيق: "حسن باوزير الشافعي الأزهري"، نشر "دار الإمام الرازي"، و"دار العرفاء".
وهو كتاب شرح فيه الشيخ "علي العدوي" الشواهد الشعرية في "شرح قطر الندى"، وهي من أجودها وأفضلها وأحسنها.
أما كتاب "شرح قطر الندى وبل الصدى" فهو كتاب في النحو، لابن هشام الأنصاري، وهو شرح للألفاظ التي صاغها المؤلف - ابن هشام - نفسه في مؤلفه المختصر المسمى: "قطر الندى"، ويتضمن معظم أبواب النحو بصورة قريبة من كتابه: "شذور الذهب في معرفة كلام العرب"، من حيث الطرح وترتيب العناوين، إلا أنه أقل منه تفصيلًا.
ويتناول كتاب "شفاء الصدر بتوضيح شواهد القطر" الموضوع من خلال عدة مباحث منها: شواهد المعرب والمبني، شاهدا مبحث العمل، شاهدا مبحث الحرف، شاهد ما خرج من الأصل في الإعراب، شواهد النواصب، الجوازم، الموصول، شاهدا المعرف بالإداة، شواهد المبتدأ والخبر، كان وأخواتها، ما حمل على ليس، إن وأخواتها، شواهد ظن وأخواتها، شواهد المستغاث، شواهد المفعول له، شواهد الحال والتمييز، شواهد شواهد المخصوصات...
وقد فرغ الشيخ علي العدوي من تأليفه ربيع الأول سنة 1322 هـ كما ذكر في آخره صـ 165، وطبع بمصر بمطبعة الآداب سنة 1323 هـ.
ولعل الاهتمام بشرح شواهد "قطر الندى" الشعرية له ما يبرره، حيث لا يخلو أكثرها من غموضٍ في المعنى وعُسْرٍ في الإعراب لمن كان في بداية المستوى التحصيلي؛ فإنَّ هذا الكتاب إنَّما يدرسه ذوو المستوى المتوسط في هذا العلم، وهؤلاء يريدون فهم القواعد بشرحها والتمثيل لها بأمثلة واضحة. أمَّا ذكر الشواهد فإنَّما هو للبرهنة على صحة القاعدة. وهذا ينبغي أن يذكر في كتب هي أعلى من هذا المستوى.
كما أن مطالع كتاب ابن هشام لابد له من دراسة شيء من علم الصرف مع الكتاب، والذين كانوا يدرسونه كانوا يفعلون ذلك، ليتمكنوا أن يدرسوا -فيما بعد- أمثال الألفية وشروحها.
لذا كان هذا الشرح من أكثر الشروح ثراءًا وتوضيحًا لشواهد كتاب "قطر الندى" ومن باب خدمة المتن أيضًا ضمن الجهود الكثيرة التي بذلت في خدمة هذا السفر النحوي الذي أربت شروحه والمنظومات عليه على (130) كتابًا، وأُلِّفَ على شواهد شرحها - خاصةً - (24) كتابًا، مما يعكس أهميته وقبوله بين القارئين والدارسين في علم النحو.
ونجد في شواهد ابن هشام أنه نهج في معالجة هذه الشواهد نهج النحاة الذين سبقوه، ودار في فلكهم مستعملًا شواهدهم وأدلتهم التي استخدموها لتوضيح قواعد النحو وتقرير أحكامه، فأنشدلسيبويه وثعلب وابن السراج وغيرهم من العلماء.
وفي بعض الأحيان يذكر ابن هشام أكثر من شاهد على المسألة النحوية الواحدة ولا يهتم بالتعليق على الشواهد، أو ذكر موضع الاستشهاد بها.
كما أن هنالك بعض الشواهد لا وجود لها في مصادر اللغة العربية، ولا كتب النحو الأخرى فلعلها مما تفرد به ابن هشام.
ومن الملاحظ كثرة اختصار ابن هشام للأحكام النحوية مقارنة مع كتب النحوالأخرى، غير أنه يتميز بالدقة والبراعة في التعريف وإصدار الأحكام.
وفي بعض الأحيان يذكر ابن هشام أكثر من شاهد على المسألة النحوية الواحدة ولا يهتم بالتعليق على الشواهد، أو ذكر موضع الاستشهاد بها.
وقد اعتنى ابن هشام بشواهده عناية كاملة، فقد كان أكثر النحاة إيرادًا للشواهد الشعريةالتي كان لها النصيب الأوفر إذا ما قورنت بشواهده من القرآن الكريم أو الحديثالنبوي الشريف. فقد تنوعت شواهد ابن هشام الشعرية ولم تنحصر لشعراء عصر بعينهفقد استشهد بشعر شعراء العصر الجاهلي أمثال امرؤ القيس، ولبيد، والنابغة، وكذلكاستشهد لشعراء مخضرمين أمثال حسان بن ثابت وغيرهم.
وقد أورد ابن هشام اثنانوسبعون بيتًا لشعراء معروفين قد ذكرت في كتب النحو المختلفة، وثلاثة وعشرون بيتًامن شواهد سيبويه. وقد استخدمت شواهده في شتى الأغراض اللفظية والنحويةوالمعنو ية، وجرت على وفق منهج النحويين واللغويين. فهي لم تخرج عن دائرةالاستشهاد النحوي التي حددها النحاة، إلا اليسير الذي جاء عرضًا.
وفي كثير من الأحيان لا ينسب ابن هشام الشواهد إلى قائليها فيقول: "ومن ذلك قوله..... أو قول الشاعر..... أو منه كذا..... أو قول الآخر..... وفي أغلب الأحيان يذكرالبيت كاملًا، وأحيانًا يذكر شطرًا منه.
وقد اعتنى الأستاذ حسن باوزير الشافعي بخدمة متن العدوي، والتعليق عليه بما يناسب سياق شرحه، كما قدم للكتاب بالمنهج المتبع في شرح تلك الشواهد، وما تفردت به.