السلام عليكم
هل اسم الله النور يدل على صفة الجمال لله؟
فإني أرى كثيراً من أهل العلم جعلوهم مقترنين كأن لهم نفس المعنى
السلام عليكم
هل اسم الله النور يدل على صفة الجمال لله؟
فإني أرى كثيراً من أهل العلم جعلوهم مقترنين كأن لهم نفس المعنى
وعليكم السلام ورحمة الله
نعم اسم الله النور يدل على صفة الجمال من باب اللزوم فاسماء الله لها ثلاث دلالات مطابقة وتضمن ولزوم والشاهد هنا دلالة اللزوم فالله جل وعلا ذو النّور والبهجة تفرّد بالبهاءِ والجلالِ والحُسـن والضّيــاء.. ومن جماله سبحانه وتعالى انه لنور وجهه أشرقت الظلمات، وبنوره تشرق الأرض والسموات:، وصلحت عليه كل الأمور والحاجات.
أما دلالة المطابقة فإسم الله النور غير إسم الله الجميلاسم الله النور غير اسم الله الجميلفإني أرى كثيراً من أهل العلم جعلوهم مقترنين كأن لهم نفس المعنى
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-: من أسمائه -جل جلاله- ومن أوصافه: (النور)، الذي هو وصفه العظيم، فإنه ذو الجلال والإكرام وذو البهاء والسبحات الذي لو كشف الحجاب عن وجهه الكريم لأحرقت سبحاته ما انتهى إليه بصره من خلقه، وهو الذي استنارت به العوالم كلها، فبنور وجهه أشرقت الظلمات، واستنار به العرش والكرسي والسبع الطباق وجميع الأكوان. اهـ.
والنور نوعان:… حسي، وهو ما اتصف به من النور العظيم الذي لو كشف الحجاب عن وجهه لأحرقت سُبُحات وجهه ونور جلاله ما انتهى إليه بصره من خلقه، وجميع الأنوار في السموات والأرضين كلها من نوره… ومعنوي: وهو النور الذي نوّر قلوب أنبيائه وأصفيائه وأوليائه وملائكته من أنوار معرفته وأنوار محبته.
وقال ابن القيم: (والنور يضاف إليه سبحانه على أحد الوجهين: إضافة صفة إلى موصوفها، وإضافة مفعول إلى فاعلـه؛ فالأول كقولـه تعالى: وَأَشْرَقَتْ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا... الآية؛ فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء...) (7) .
وقال رحمه الله:
((وَالنُّورُ مِنْ أسْمائِهِ أيْضاً وَمِنْ أَوْصَافِهِ سُبْحَانَ ذِي البُرْهَانِ))
ومن أسمائه -جل وعلا- وتقدس: (الجميل)، ويدل عليه ما ثبت في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ". قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً؟!. قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ".
فهو -سبحانه- جميل بذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فلا يمكّن مخلوقاً من أن يعبر عن بعض جمال ذاته، حتى إن أهل الجنة، مع ما هم فيه من النعيم المقيم واللذات والسرور والأفراح التي لا يقدر قدرها، إذا رأوا ربهم وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم، وتلاشى ما هم فيه من الأفراح، وودّوا أن لو تدوم هذه الحال، واكتسبوا من جماله ونوره جمالاً إلى جمالهم، وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم، ويفرحون بيوم المزيد فرحاً تكاد تطير له القلوب.
وكذلك هو الجميل في أسمائه، فإنها كلها حسنى، بل هي أحسن الأسماء على الإطلاق وأجملها، قال -تعالى-: (وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف:180]، وقال -تعالى-: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) [مريم:65]؟ فكلها دالة على غاية الحمد والمجد والكمال.
وكذلك هو الجميل في أوصافه، فإن أوصافه كلها أوصاف كمال، ونعوت ثناء وحمد، فهي أوسع الصفات وأعمها… خصوصاً أوصاف الرحمة، والبر، والكرم، والجود.
وكذلك أفعاله كلها جميلة، فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويثنى ويشكر، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد، فليس في أفعاله عبث، ولا سفه، ولا سدى، ولا ظلم؛ كلها خير، وهدى، ورحمة، ورشد، وعدل، قال -جلا وعلا-: (إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [هود:56].
فلكماله الذي لا يحصي أحد عليه به ثناء، كملت أفعاله كلها، فصارت أحكامه أحسن الأحكام، وصنعه وخلقه أحسن خلق وصنع، أتقن ما صنعه، قال -جلا وعلا-: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) [النمل:88]، وأحسن خلقه، قال -جلا وعلا-: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [السجدة:7]، وقال: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50].
والأكوان محتوية على أصناف الجمال، وجمالها من الله -تعالى-، فهو الذي كساها الجمال وأعطاها الحسن، فهو أولى منها به؛ لأن معطي الجمال أحق بالجمال، فكل جمال في الدنيا والآخرة، باطني وظاهري، خصوصاً ما يعطيه المولى لأهل الجنة من الجمال المفرط في رجالهم ونسائهم، فلو بدا كفّ واحدة من الحور العين إلى الدنيا، لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، أليس الذي كساهم ذلك الجمال ومنّ عليهم بذلك الحسن والكمال أحق منهم بالجمال؟ الذي ليس كمثله شيء. فهذا دليل عقلي واضح مسلّم المقدمات على هذه المسألة العظيمة وعلى غيرها من صفاته، قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) [الروم:27]، فالذي أعطاهم السمع، والبصر، والحياة، والعلم، والقدرة، والجمال، أحق منهم بذلك.
ويكفي في جمال الله -سبحانه- ما أخرجه مسلم عن أبي موسى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في وصف ربه: “حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ“. فيا له من جميل! ويا لعظمته من جليل!
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلتجئ إلى الله ويسأله بجماله؛ فيقول: “أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ“(رواه الطبراني)؛ فإذا كان نور وجهه قد استنارت به الظلمات، وصلحت عليه كل الأمور والحاجات، فما هو الظن بصاحب النور؟!
نعم
قال ابن القيم رحمه الله - (أنَّ الاسمَ مِنْ أسمائِهِ تَبارَكَ وتعالى كما يَدُلُّ على الذاتِ والصفةِ التي اشْتُقَّ منها بالمطابَقَةِ. فإنَّهُ يَدُلُّ عليهِ دَلالتينِ أُخْرَيَيْنِ بالتَّضَمُّنِ واللُّزُومِ؛ فيَدُلُّ على الصفةِ بمفردِها بالتضمُّنِ، وكذلكَ على الذاتِ المُجَرَّدةِ عن الصفةِ، ويَدُلُّ على الصفةِ الأخرى باللزومِ؛ فإنَّ اسمَ ((السميعِ)):- يَدُلُّ على ذاتِ الربِّ وسَمْعِهِ بالمطابَقَةِ.
- وعلى الذاتِ وَحْدَها، وعلى السمْعِ وَحْدَهُ بالتضَمُّنِ.- ويَدُلُّ على اسمِ ((الحيِّ)) وصفةِ الحياةِ بالالتزامِ.
وكذلكَ سائرُ أسمائِهِ وصفاتِهِ. ولكن يَتفاوَتُ الناسُ في مَعرفةِ اللزومِ وعَدَمِهِ؛ ومِنْ هاهنا يَقَعُ اختلافُهم في كثيرٍ مِن الأسماءِ والصفاتِ والأحكامِ؛ فإنَّ مَنْ عَلِمَ أنَّ الفعلَ الاختياريَّ لازمٌ للحياةِ، وأنَّ السمعَ والبصرَ لازمٌ للحياةِ الكاملةِ، وأنَّ سائرَ الكمالِ مِنْ لوازمِ الحياةِ الكاملةِ أَثْبَتَ مِنْ أسماءِ الربِّ وصفاتِهِ وأفعالِهِ ما يُنْكِرُهُ مَنْ لم يَعرفْ لُزومَ ذلكَ، ولا عَرَفَ حقيقةَ الحياةِ ولوازمَها، وكذلكَ سائرُ صفاتِهِ.
فإنَّ اسمَ ((العظيمِ)) لهُ لوازمُ يُنْكِرُهَا مَنْ لم يَعرِفْ عَظمةَ اللهِ ولوازمَها.وكذلكَ اسمُ ((العليِّ)) واسمُ ((الحكيمِ)) وسائرُ أسمائِهِ، فإنَّ مِنْ لوازمِ اسمِ ((العليِّ)) العُلُوَّ المطلَقَ، بكلِّ اعتبارٍ. فلهُ العلُوُّ المطلَقُ مِنْ جميعِ الوُجوهِ: عُلُوُّ القَدْرِ، وعلُوُّ القهْرِ، وعُلُوُّ الذاتِ. فمَنْ جَحَدَ عُلُوَّ الذاتِ فقدْ جَحَدَ لوازِمَ اسمِهِ ((العلِيِّ)).وكذلكَ اسمُهُ ((الظاهرُ)) مِنْ لوازمِهِ: أن لا يكونَ فوقَهُ شيءٌ، كما في الصحيحِ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((وَأَنْتَ الظَّاهِرُ، فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ)) ([35]) بلْ هوَ سبحانَهُ فوقَ كلِّ شيءٍ؛ فمَنْ جَحَدَ فَوقيَّتَهُ سُبحانَهُ فقدْ جَحَدَ لوازِمَ اسمِهِ ((الظاهرِ)) , ولا يَصِحُّ أن يكونَ ((الظاهرُ)) هوَ مَنْ لهُ فَوقيَّةُ القَدْرِ فقطْ، كما يُقالُ: الذهَبُ فوقَ الفِضَّةِ، والجوهَرُ فوقَ الزُّجاجِ. لأنَّ هذهِ الفوقيَّةَ تَتعلَّقُ بالظهورِ، بلْ قدْ يكونُ الْمَفُوقُ أظهَرَ مِن الفائقِ فيها. ولا يَصِحُّ أن يكونَ ظهورَ القهْرِ والغلبةِ فقطْ، وإن كانَ سُبحانَهُ ظاهراً بالقهرِ والغَلبةِ، لمقابَلَةِ الاسمِ بـ ((الباطنِ)) وهوَ الذي ليسَ دونَهُ شيءٌ، كما قابَلَ ((الأوَّلَ)) الذي ليسَ قَبْلَهُ شيءٌ، بـ ((الآخِرِ)) الذي ليسَ بعدَهُ شيءٌ.وكذلكَ اسمُ ((الحكيمِ)) مِنْ لوازمِهِ ثبوتُ الغاياتِ المحمودةِ المقصودةِ لهُ بأفعالِهِ، ووَضْعُهُ الأشياءَ في مَوْضِعِها، وإيقاعُها على أَحسَنِ الوُجوهِ. فإنكارُ ذلكَ إنكارٌ لهذا الاسمِ ولوازمِهِ؛ وكذلكَ سائرُ أسمائِهِ الْحُسْنَى). ([36])[والمقصودُ] (أنَّ الاسمَ مِنْ أسمائِهِ [تعالى] لهُ دَلالاتٌ؛ دَلالةٌ على الذاتِ والصفةِ بالمطابَقَةِ، ودَلالةٌ على أحدِهما بالتضَمُّنِ، ودَلالةٌ على الصفةِ الأخرى باللزومِ)([37]).(ودلالةُ الأسماءِ أنواعٌ ثلا = ثٌ كلُّها معلومةٌ ببيانِدَلَّتْ مُطابَقةً كذاكَ تَضَمُّناً = وكذا التزاماً واضحَ البرهانِأمَّا مطابَقةُ الدَّلالةِ فهيَ أنَّ = الاسمَ يُفهَمُ منهُ مَفهومانِذاتُ الإلَهِ وذلكَ الوصْفُ الذي = يُشْتَقُّ منهُ الاسمُ بالْمِيزانِلكنْ دلالتُهُ على إحداهما = بِتَضَمُّنٍ فافْهَمْهُ فَهْمَ بيانِوكذا دَلالتُهُ على الصِّفَةِ التي = ما اشْتُقَّ منها فالتزامٌ دانِوإذا أَردتَ لذا مِثالاً بَيِّناً = فمِثالُ ذلكَ لفظةُ ((الرحمنِ))ذاتُ الإلهِ ورحمةٌ مَدْلُولُها = فهما لهذا اللفظِ مَدلولانِإحداهما بعضٌ لذا الموضوعِ فهْـ = ـيَ تضمناً واضحُ التِّبيانِلكنَّ وَصْفَ الحيِّ لازمُ ذلكَ الْـ = ـمعنى لُزومَ العلْمِ للرحمنِفلذا دَلالتُهُ عليهِ بالتزا = مٍ بَيِّنٍ والحقُّ ذو تِبيانِ) ([38]) ). [المرتبع الأسنى]
قال ابن عثيمين رحمه الله (القاعدة الرابعة: دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام.
* مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.
ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) ودلالة الالتزام مفيدة جداً لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهماً للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة.
واعلم أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازماً فهو حق؛ وذلك لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازماً من كلامه وكلام رسوله فيكون مراداً
اذا إسمي الله العظيم والكبير لهما نفس دلالة المطابقة؟ أم دلالة المطابقة واللزوم والتضمن مجتمعين؟
بارك الله فيك
إسم الله العظيم قريب فى المعنى من اسم الله الكبير ولكن لكل اسم معناه الخاص
قال ابن القيم رحمه الله
(( الكبيرُ )) مِنْ أسمائِهِ
([و] (( الكبيرُ )) يُوصَفُ بهِ الذَّاتُ وَصِفَاتُهَا القائمةُ بها)
(ومِنْ هذا قولُ المُسْلِمِينَ: اللهُ أَكْبَرُ؛ فإنَّهُ " أَفْعَلُ " تَفْضِيلٍ يَقْتَضِي كونَهُ أَكْبَرَ منْ كلِّ شيءٍ بجميعِ الاعتباراتِ، وبهذا فَسَّرَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديثِ الذي رَوَاهُ أحمدُ والترمذيُّ وابنُ حِبَّانَ في صحيحِهِ منْ حديثِ عَدِيِّ بنِ حاتمٍ في قصَّةِ إسلامِهِ، حيثُ قالَ لهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا عَدِيُّ، مَا يُفِرُّكَ؟! أَيُفِرُّكَ أنْ يُقَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ؟! فَهَلْ تَعْلَمُ مِنْ إِلَهٍ سِوَى اللهِ))؟! ثُمَّ قَالَ: ((يَا عَدِيُّ، مَا يُفِرُّكَ؟! أَيُفِرُّكَ أَنْ يُقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ؟! فَهَلْ تَعْلَمُ شَيْئاً أَكْبَرَ مِنَ اللهِ))رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (18891) والتِّرْمِذِيُّ في كتابِ تفسيرِ القرآنِ / بابُ "ومِن سُورةِ الفَاتِحَةِ" (2953).
فاللهُ سبحانَهُ أكبرُ منْ كلِّ شيءٍ: ذَاتاً، وَقَدْراً، وَمَعْنًى، وَعِزَّةً، وجلالةً؛ فهوَ أَكْبَرُ منْ كلِّ شيءٍ في ذاتِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ كما هوَ فوقَ كلِّ شيءٍ، وعالٍ على كلِّ شيءٍ، وأعظمُ منْ كلِّ شيءٍ، وَأَجَلُّ منْ كلِّ شيءٍ في ذاتِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ)
**************
قال الشيخ السعدي رحمه الله: العظيم: الجامع لجميع صفات العظمة والكبرياء والمجد والبهاء الذي تحبه القلوب، وتعظمه الأرواح، ويعرف العارفون أن عظمة كل شيء، وإن جلت في الصفة، فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلي العظيم وقال أيضاً: إنَّ الله تعالى عظيم، له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم فلا يقدر مخلوق أن يثني عليه كما ينبغي له ولا يحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده. واعلم أن معاني التعظيم الثابتة لله وحده نوعان: أحدهما: أنه موصوف بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال أكمله، وأعظمه وأوسعه، فله العلم المحيط، والقدرة النافذة، والكبرياء، والعظمة، ومن عظمته أن السماوات والأرض في كف الرحمن أصغر من الخردلة كما قال ذلك ابن عباس وغيره وقال تعالى وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر: 67]. وقال: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ [فاطر: 41] وقال تعالى وهو العلي العظيم: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ [الشورى: 5] الآية. وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما عذبته)) . فلله تعالى الكبرياء والعظمة، والوصفان اللذان لا يقدر قدرهما ولا يبلغ كنههما.
النوع الثاني: من معاني عظمته تعالى أنه لا يستحق أحد من الخلق أن يعظم كما يعظم الله فيستحق جل جلاله من عباده أن يعظموه بقلوبهم، وألسنتهم، وجوارحهم وذلك ببذل الجهد في معرفته، ومحبته، والذل له، والانكسار له، والخضوع لكبريائه، والخوف منه وإعمال اللسان بالثناء عليه، وقيام الجوارح بشكره وعبوديته، ومن تعظيمه أن يتقى حق تقاته فيطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، ومن تعظيمه تعظيم ما حرمه وشرعه من زمان ومكان وأعمال ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] وذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ [الحج: 30] ومن تعظيمه أن لايعترض على شيء مما خلقه أو شرعه
( فالعظيم الكبير ) الذي له جميع معاني العظمة والكبرياء في ذاته وأسمائه وصفاته ، وله جميع معاني التعظيم من خواص خلقهيقول شيخ الاسلام ابن تيمية: " إن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، وقَلَّ أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه ، مقدمة في أصول التفسير"اذا إسمي الله العظيم والكبير لهما نفس دلالة المطابقة؟
الخلاصة اخى الكريم ضياء عمر لايوجد في العربية ترادف محض بل كل اسم وان رادف غيره فلا بد أن يختص بمعنى لاجله سمي الاسم به وهذا يقودنا فى البحث في اشتقاقات هذه الاسماء لنقف على الفروق
ويظهر ذلك بما تقدم من شرح الاسمين
إذن هذه الجملة لا بأس بها؟
سمي النور لما اختص به من إشراق الجمال وسبحات العظمة والجلال
هل هذا معناه أن نور الله شعاع ساطع؟
قال ابن القيم رحمه الله
قالَ تَعَالَى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} . فإذا جاءَ تباركَ وتَعَالَى يومَ القيامةِ للفَصْلِ بينَ عبادِهِ، وَأَشْرَقَتْ بنورِهِ الأرضُ، وليسَ إشراقُهَا يومئذٍ بشمسٍ ولا قمرٍ؛ فإنَّ الشمسَ تُكَوَّرُ، والقمرَ يُخْسَفُ، وَيَذْهَبُ نُورُهُمَا،
قال شيخ الاسلام ابن تيمية
لا نزاعَ في أن الضوء الذي هو عَرَضٌ قائمٌ بالأجسام، يُسمَّى نورًا مثل شعاع الشمس المنبسطِ على الأرض، وكذلك ضوء القمر المنبسط على الأرض، وكذلك نور النار - كالسِّراج - القائم بالجدران، لكن النور يقال للعَرَض، ويقال للجسم أيضًا، فإن نفسَ النار تُسمَّى نورًا، فإنه إذا سُمِّي ضوءُ النار الذي يكون على الأرض والحيطان نورًا، فالنار الخارجةُ مِن الفتيلة - وهو جسمٌ قائمٌ بنفسه - أَولَى أن يكون نورًا؛ قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: 5]، فَسُمِّي هذا ضياءً، وهذا نورًا، مع العلم بأنه يقال: ضياء الشمس، ويقال: نور القمر، فعُلِمَ أن الاسم يتناول الجسمَ ويتناول العرَضَ،
فعُلِم أن اسم النور في حق الخالق وحقِّ المخلوق،
يقال للموصوف القائمِ بنفسه، ويقال للصفة القائمةِ به، ويقال لِما يَحصُل لغيره مِن نوره كالأشعَّة المنعكِسة، وقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} [النور: 35]، يتناول الأقسام الثلاثة؛ فإنه أخبَر أنه نورٌ،وأخبر أن له نورًا، وأخبر أنه كمِشكاةٍ فيها مِصباحٌ، ومعلوم أن المصباح الذي في المِشكاة له نورٌ يقوم به،ونورٌ مُنبسطٌ على ما يَصِل إليه من الأرض والجدران"؛ ا .هـومن هذا المثل الأعلى الذي له سبحانه وتعالى هذا المثل هنا : ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾وقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} [النور: 35]، يتناول الأقسام الثلاثة؛ فإنه أخبَر أنه نورٌ،وأخبر أن له نورًا، وأخبر أنه كمِشكاةٍ فيها مِصباحٌ
والمصباح في اللغة هو السراج في القنديل ، وأصله من الصبح . والشعاع المنعكس من ضوئه وسطوعه على الأجسام الصقيلة المعتمة هو نوره ، وهو مثل لنورِ الله تعالى الفعلي ، القائم بذاته جل وعلا ، شُبِّه بنور المصباح داخل المشكاة في الوضوح والظهور ، والتنوير والهداية .
وزعم بعض أهل المعاني : أن التشبيه في هذا المثل هو من التشبيه المقلوب ، وأن المعنى : (مثل نوره كمصباح في مشكاة) ؛ لأن المشبَّه به هو الذي يكون مَعْدِنًا للنور ومَنْبَعًا له ، وذلك هو المصباح لا المِشكاة . وما تقدم من تفسير للمشكاة يدل على أنها هي الوعاء الذي يجمع النور ويحصره ويجعله قويًا ، وبدونها يبدو ضعيفًا عاجزًا عن كشف المرئيات ؛ ولهذا كانت أحقَّ بالتقديم من المصباح . وهذا هو أحد أوجه الإعجاز البياني في هذه الآية الكريمة .
وبعد أن مثَّل الله تعالى نوره بنور المصباح في المشكاة ، وصف هذا المصباح بأنه في زجاجة ، فقال سبحانه : ﴿المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ﴾ . و(الزجاجة) هي القنديل الضخم من البِلَّوْر الشَّفَّاف الصافي ، إذا جُعِلَ فيها المصباح كان نوره أبين وأظهر وأكمل .
ثم وصف سبحانه الزجاجة بقوله : ﴿ الزُّجَاجَة كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٍّ ﴾ ؛ وذلك لعظمها وصفاء جوهرها وحسن منظرها . و(الكوكب الدرِّيُّ) هو المضيء المتلألئ ، يشبَه الدرَّ في صفائه ولون نوره ، وأهدأ النور وأجمله هو ذو اللون الدرِّيِّ .
وفي قوله تعالى : ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾ إشارة إلى أن الضوء ما يكون للشيء لذاته ، كما للشمس والنار والمصباح والزيت ، بخلاف النور الذي لا يكون إلا من غيره ، كما للقمر ، فالضياء ذاتي ، والنور عرضي ، ومصداق ذلك قوله تعالى : ﴿وَهُوَ الَّذِيْ جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوْرًا﴾ (يونس:5) .
ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ولفظ الضياء والنور ونحو ذلك ، يراد به الشيء بنفسه المستنير، كالشمس والقمر وكالنار، قال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) [يونس: 5] وقال: (وجعلنا سراجا وهاجا) [النبأ: 13] وسمى سبحانه الشمس سراجا وضياء؛ لأن فيها مع الإنارة والإشراق تسخينا وإحراقا، فهي بالنار أشبه، بخلاف القمر، فإنه ليس فيه مع الإنارة تسخين، فلهذا قال: (جعل الشمس ضياء والقمر نورا) [يونس: 5]
والمقصود هنا، أن لفظ الضياء والنور ونحو ذلك يراد به الشيء المستنير المضيء القائم بنفسه، كالشمس والقمر والنار، ويراد به الشعاع الذي يحصل بسبب ذلك في الهواء والأرض،وهذا الثاني عرض قائم بغيره ليس هو الأول، ولا صفة قائمة بالأول، ولكنه حادث بسببه" .
وقال ابن القيم رحمه الله
، فإنَّ هذهِ الأنوارَ المخلوقةَ إنَّمَا تكونُ في محلٍّ دُونَ مَحَلٍّ، فالنورُ الفائضُ عن النارِ أو الشمسِ أو القمرِ إنَّمَا هوَ نورٌ لبعضِ الأرضِ دُونَ بعضٍ، فإنَّا نَعْلَمُ أنَّ نورَ الشمسِ الذي هوَ أعظمُ منْ نورِ القمرِ والكواكبِ والنارِ ليسَ هوَ نورَ جميعِ السَّمَاواتِ والأرضِ ومَنْ فِيهِنَّ......
فالقرآنُ والسُّنَّةُ وأقوالُ الصحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم مُتَطَابِقَةٌ يُوَافِقُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَتُصَرِّحُ بالفرقِ الذي بينَ النورِ الذي هوَ صِفَتُهُ، والنورِ الذي هوَ خَلْقٌ منْ خلقِهِ، كما تُفَرِّقُ بينَ الرحمةِ التي هيَ صفتُهُ، والرحمةِ التي هيَ مخلوقةٌ، ولَكِنْ لَمَّا وُجِدَتْ في رحمتِهِ سُمِّيَتْ بِرَحْمَتِهِ، وكما أنَّهُ لا يُمَاثِلُ في صفةٍ منْ صفاتِهِ خَلْقَهُ، فكذلكَ نُورُهُ سُبْحَانَهُ.
فأيُّ نورٍ من الأنوارِ المخلوقةِ إذا ظَهَرَ للعالمِ وَوَاجَهَهُ أَحْرَقَهُ؟!!
وأيُّ نورٍ إذا ظَهَرَ منهُ للجبالِ الشامخةِ قَدْرٌ ما جَعَلَهَا دَكًّا؟!!
وإذا كانتْ أنوارُ الحُجُبِ لوْ دَنَا جَبْرَائِيلُ في أَدْنَاهَا لاحترقَ، فما الظنُّ بنورِ الذَّاتِ؟!!)
(فنسبةُ الأنوارِ كُلِّهَا إلى نورِ الربِّ كنسبةِ العلومِ إلى علمِهِ، والقُوَى إلى قوَّتِهِ، والغِنَى إلى غِنَاهُ، والعزَّةِ إلى عِزَّتِهِ، وكذلكَ باقِي الصِّفَاتِ.
هل معنى قول ابن عباس "ذلك نوره الذي هو نوره لم يقم لنوره شيء" إذا تجلى الله بعظمته وجماله وجلاله؟ أم المقصود النور الحسي؟
لا منافاة بين حمل النور على جميع المعانى نور العظمة والجمال والجلال والنور الحسى إذ الجميع ممكن حصوله في حال واحدة وقس إثبات جميع انوار العظمة والجمال والجلال والنور الحسى- على صفة العلو- فنحن نثبت جميع انواع العلو المعنوى والحسى فجميع انواع العلو ثابتة لله فمن اثبت علو القدر والشأن ولم يثبت علو الذات فقد عطل و انتقص الرب جل وعلا واما من اثبت جميع معانى العلو فهذا هو من اثبت الكمال المطلق لله - وكذلك - النور فمن اثبت نور البهاء والجمال والجلال والعظمة دون اثبات النور الحسى فهذا تعطيل لانه لم يثبت جميع انواع الكمال التى تضمنها اسم النور-فالواجب اثبات جميع المعانى التى تضمنها الاسم فمن حصر مثلا العلو فى علو القدر والشأن ولم يثبت علو الذات فهذا معطل لم يثبت انواع الكمال لله وقس على هذا اسم النور
قال ابن عباس رضي الله عنه: إذا تجلى بنوره لم يقم لنوره شيء.
وقال أَبو ذَرٍّ رضي الله عنه: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: «نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ» وفي رواية «رَأَيْتُ نُورًا» رواه مسلم. ومعناه: حجابه النور فكيف أراه؟!
وروى أبو مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ -وَفِي رِوَايَةِ: النَّارُ- لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ"رواه مسلم. فظاهر هذا الحديث أن حجابه النور، وأنه سبحانه نور، وأن نور وجهه عز وجل يحرق كل شيء، لأن معنى سبحات وجهه أي: نوره و بهاؤه و جلاله و عظمته
وفي يوم القيامة حين يخسف القمر، وتكور الشمس، وتنفطر السماء، وتنتثر الكواكب؛ ينعدم النور فلا نور، بل ظلمات حتى تشرق الأرض بنور الله تعالى حينما يجيء لفصل القضاء بين العباد، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:22] {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزُّمر:69] قال قتادة رحمه الله تعالى: فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في الشمس في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه.
[QUOTE=محمدعبداللطي ف;943141][FONT=&] لا منافاة بين حمل النور على جميع المعانى نور العظمة والجمال والجلال والنور الحسى
لم افهم معنى النور الحسي
[quote=ضياء عمر;943142] معناه نور الذات وقد بينته فى المشاركة السابقة وختمت به المشاركة قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى: ثم قول من قال من السلف: هادي أهل السموات والأرض لا يمنع أن يكون في نفسه نوراً ، فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المفسر من الأسماء أو بعض أنواعه، ولا ينافي ذلك ثبوت بقية الصفات للمسمى، بل قد يكونان متلازمين انتهى
كنت أظن أن معنى الله نور أي من نور ولاحظت اني لست وحيد في هذا الاعتقاد، ما رأيكم في هذا الاعتقاد؟
النور صفة من صفات الله فنور وجهه ونور ذاته هما صفة من صفاته جل وعلا. وهذا النور العظيم وصف له سبحانه كسمعه وبصره ويده وقدمه وغير ذلك من صفاته العظيمة
وهذا النور الذي هو اسمه وصفته تعالى لا يشبه نور المخلوقين, وإنما هو نور يليق بعظمته وكبريائه وجلاله تعالى, ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه, وهو القائل جل وعلا: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا {طه:110}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإذا كانت نفسه المقدسة ليست مثل ذوات المخلوقين فصفاته كذاته ليست كصفات المخلوقين, ونسبة صفة المخلوق إليه كنسبة صفة الخالق إليه, وليس المنسوب كالمنسوب, ولا المنسوب إليه كالمنسوب إليه.
وعلى ذلك, فإنه لا يمكن لبشر أن يتخيل نوره سبحانه إلا على وجه فاسد، ومن ثم فلا يجوز اعتقاد أي تصور عن نور الله يطرأ على مخيلة الإنسان؛ لأنه لا بد أن يكون فاسدًا وكما قيل: كل ما خطر ببالك فالله أعظم من ذلك.
نور الله صفة من صفاته غير ممخلوق-معنى الله نور أي من نور
تقال فى حق الملائكة وغيرهم ممن وردت هذه الكلمة فيهم لان الله خلقهم من نور -من نور
من نوره" يعني من نور الله؛ فالله عز وجل ينور بنور وجهه السماوات والأرض؛ فهي من آثار نور وجهه؛
قال شيخ الاسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وفي قوله: {مثل نوره} وفيما رواه مسلم في صحيحه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق خلقه في ظلمة، وألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في دعاء الطائف: أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات،
ومنه قول ابن مسعود: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه. ..... وإذا كان كذلك، صح أن يكون نور السماوات والأرض، وأن يضاف إليه النور، وليس المضاف هو عين المضاف إليه. انتهى.
قال ابن القيم رحمه الله: " النَّصَّ قَدْ وَرَدَ بِتَسْمِيَةِ الرَّبِّ نُورًا، وَبِأَنَّ لَهُ نُورًا مُضَافًا إِلَيْهِ، وَبِأَنَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبِأَنَّ حِجَابَهُ نُورٌ، هَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ.معنى الله نور
فَالْأَوَّلُ يُقَالُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالْإِطْلَاقِ، فَإِنَّهُ النُّورُ الْهَادِي.
وَالثَّانِي يُضَافُ إِلَيْهِ كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ حَيَاتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِزَّتُهُ وَقُدْرَتُهُ وَعَلِمُهُ .
وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى وَجْهِهِ، وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى ذَاتِهِ .
فَالْأَوَّلُ : إِضَافَتُهُ إلى وجهه ، كَقَوْلِهِ: " أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ " ، وَقَوْلِهِ: " نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ " .
وَالثَّانِي : إِضَافَتُهُ إِلَى ذَاتِهِ ، كَقَوْلِهِ : وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا [الزمر: 69] . وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ذَلِكَ نُورُهُ الَّذِي إِذَا تَجَلَّى بِهِ .. "، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ " الْحَدِيثَ.
الثَّالِثُ : وَهُوَ إِضَافَةُ نُورِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور: 35].
وَالرَّابِعُ كَقَوْلِهِ: " حِجَابُهُ النُّورُ ".
فَهَذَا النُّورُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ : يَجِيءُ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ .
وَالنُّورُ الَّذِي احْتَجَبَ بِهِ : سُمِّيَ نُورًا وَنَارًا، كَمَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي لَفْظِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ: " حِجَابُهُ النُّورُ ، أَوِ النَّارُ "، فَإِنَّ هَذِهِ النَّارَ : هِيَ نُورٌ، وَهِيَ الَّتِي كَلَّمَ اللَّهُ كَلِيمَهُ مُوسَى فِيهَا، وَهِيَ نَارٌ صَافِيَةٌ ، لَهَا إِشْرَاقٌ بِلَا إِحْرَاقٍ.
فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ:
إِشْرَاقٌ بِلَا إِحْرَاقٍ ، كَنُورِ الْقَمَرِ .
وَإِحْرَاقٌ بِلَا إِشْرَاقٍ ، وَهِيَ نَارُ جَهَنَّمَ ، فَإِنَّهَا سَوْدَاءُ مُحْرِقَةٌ ، لَا تُضِيءُ .
وَإِشْرَاقٌ بِإِحْرَاقٍ ، وَهِيَ هَذِهِ النَّارُ الْمُضِيئَةُ ، وَكَذَلِكَ نُورُ الشَّمْسِ : لَهُ الْإِشْرَاقُ ، وَالْإِحْرَاقُ .
فَهَذَا فِي الْأَنْوَارِ الْمَشْهُودَةِ الْمَخْلُوقَةِ .
وَحِجَابُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : نُورٌ ، وَهُوَ نَارٌ .
وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ كُلُّهَا : حَقِيقَةٌ ، بِحَسَبِ مَرَاتِبِهَا .
فَنُورُ وَجْهِهِ : حَقِيقَةٌ ، لَا مَجَازٌ .
وَإِذَا كَانَ نُورُ مَخْلُوقَاتِهِ ، كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنَّارِ : حَقِيقَةً ؛ فَكَيْفَ يَكُونُ نُورُهُ ، الَّذِي نِسْبَةُ الْأَنْوَارِ الْمَخْلُوقَةِ إِلَيْهِ ، أَقَلُّ مِنْ نِسْبَةِ سِرَاجٍ ضَعِيفٍ ، إِلَى قُرْصِ الشَّمْسِ ؟!
فَكَيْفَ لَا يَكُونُ هَذَا النُّورُ حَقِيقَةً ؟! " انتهى من مختصر الصواعق، ص423
الحجاب الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: (حجابه النور) مخلوق،
وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم، مع نفيه رؤية الله بقوله: (نور أنَّى أراه) .
ولو كان هذا الحجاب هو النور الذي هو صفته سبحانه، لكان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه.
روى مسلم (178) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ
وروى أيضا (178) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتَ لِأَبِي ذرٍّ، لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ ؟
فَقَالَ: عَنْ أيِّ شيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ نُورًا
وهذا النور هو نور الحجاب.
قال ابن القيم رحمه الله:
" وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال: (نور أنى أراه) .
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: معناه كان ثَمَّ نور، أو : حال دون رؤيته نور ؛ فأنى أراه؟!
قال: ويدل عليه أن في بعض ألفاظ الصحيح : هل رأيت ربك؟ فقال: رأيت نورا .
وقد أعضل أمر هذا الحديث على كثير من الناس ، حتى صحفه بعضهم فقال: نورانيّ أراه ، على أنها ياء النسب، والكلمة كلمة واحدة .
وهذا خطأ ، لفظا ومعنى، وإنما أوجب لهم هذا الإشكال والخطأ : أنهم لما اعتقدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه ، وكان قوله: أنى أراه ، كالإنكار للرؤية ، حاروا في الحديث ، ورده بعضهم باضطراب لفظه .
وكل هذا عدول عن موجب الدليل.
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي، في كتاب " الرد " له، إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج .
وبعضهم استثنى ابن عباس من ذلك .
وشيخنا يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة ؛ فإن ابن عباس لم يقل: رآه بعيني رأسه، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين ، حيث قال: " إنه رآه عز وجل " ، ولم يقل بعيني رأسه ، ولفظ أحمد ، كلفظ ابن عباس رضي الله عنهما .
ويدل على صحة ما قاله شيخنا في " معنى " حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (حجابه النور).
فهذا النور هو - والله أعلم - النور المذكور في حديث أبي ذر " رضي الله عنه : " رأيت نورا " انتهى من اجتماع الجيوش الإسلامية (2/ 47).
وينظر : "التبيان في أقسام القرآن" ، لابن القيم (382) ط عالم الفوائد .