بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قال الحافظ ابن حجر:
كعب بن مَاتع الحِمْيري أبو إسحاق المعروف بكعب الأحبار: ثقة من الثانية مخضرمٌ كان من أهل اليمن فسكن الشام مات في آخر خلافة عثمان وقد زاد على المئة وليس له في البخاري رواية إلا حكاية لمعاوية فيه وله في مسلم رواية لأبي هريرة عنه من طريق الأعمش عن أبي صالح. ه تقريب التهذيب 5648
قلت: الامام البخاري رحمه الله قد تحاشى في صحيحه ذكر كعب أو الرواية عنه سواء كانت هذه الرواية مسندة أو من المعلقات التي يذكرها في تراجم الباب أو حتى ضمن أقوال السلف التي يذكرها في التفسير وغيره.
مع أنه يروي الكثير من أقوال السلف في الفقه والرقائق والآداب والتفسير بعضها مسنداً وبعضها معلقاً من غير ذكر الاسناد.
وقد روى عن وهب بن منبه ومحمد بن كعب القرظي وهما من مشاهير الرواية عن بني إسرائيل
إلا أنه لم يرو أو يستشهد بأي من أقوال كعب ولو بصيغة التمريض ! على كثرتها في مختلف أبواب العلم: في التفسير والرقائق والوعظ والارشاد وقصص الانبياء وعلامات النبوة واشراط الساعة وفضائل الاعمال وغير ذلك ...
والذي في صحيح البخاري عن كعب هو قول معاوية وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلاَءِ المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الكَذِبَ. ه
صحيح البخاري 7361
وهذا من البخاري اشارة إلى تضعيف كعب وأنه لا يصح الوثوق بمروياته ولا مرويات غيره من أهل الكتاب من باب أولى إن كان أصدقهم يظهر منه الكذب كما قال معاوية بن أبي سفيان.
وقد تأول بعض أهل العلم من الفقهاء والمحدثين كلام معاوية على محمل حسن. نقل أقوالهم وفسَّرها الحافظ ابن حجر فقال:
وَقَوْلُهُ (عَلَيْهِ الْكَذِبَ) أَيْ يَقَعُ بَعْضُ مَا يُخْبِرُنَا عَنْهُ بِخِلَاف مَا يخبرنا بِهِ قَالَ بن التِّين وَهَذَا نَحْو قَول بن عَبَّاسٍ فِي حَقِّ كَعْبٍ الْمَذْكُورِ بَدَلَ مَنْ قَبْلَهُ فَوَقَعَ فِي الْكَذِبِ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْمُحَدِّثِي نَ أَنْدَادُ كَعْبٍ مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَسْلَمَ فَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْهُمْ وَكَذَا مَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِهِمْ فَحَدَّثَ عَمَّا فِيهَا قَالَ وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا مِثْلَ كَعْبٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ أَشَدَّ مِنْهُمْ بَصِيرَةً وَأَعْرَفَ بِمَا يَتَوَقَّاهُ وَقَالَ بن حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ يُخْطِئُ أَحْيَانَا فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ كَانَ كَذَّابًا وَقَالَ غَيْرُهُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَنَبْلُو عَلَيْهِ لِلْكِتَابِ لَا لِكَعْبٍ وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي كِتَابِهِمُ الْكَذِبَ لِكَوْنِهِمْ بَدَّلُوهُ وَحَرَّفُوهُ وَقَالَ عِيَاضٌ يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْكِتَابِ وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى كَعْبٍ وَعَلَى حَدِيثِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْكَذِبَ وَيَتَعَمَّدْهُ إِذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي مُسَمَّى الْكَذِبِ التَّعَمُّدُ بَلْ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ تجريح لكعب بِالْكَذِبِ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ الْمَعْنَى أَنَّ بَعْضَ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ كَعْبٌ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَكُونُ كَذِبًا لَا أَنَّهُ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ كَعْبٌ مِنْ أَخْيَارِ الْأَحْبَارِ. ه
فتح الباري لابن حجر 13/335
قلت: وسواء كان المراد أنه يتعمد الكذب أو أنه يروي الكذب عن غيره ولا يتعمده أو أنه يخطيء فيخبر بالأمر على خلاف الحق أو الحقيقة, فالمقصود واحد وهو ظهور الكذب في مروياته وهذا يستدعي الكف عن نشرها وترويجها بين الناس لما فيها من الكذب والخلط بين الحق والباطل.
وهذا هو تصرف البخاري في صحيحه فقد اجتنب النقل عنه تماماً ولم يرو عنه إلا قول معاوية في حقه كدليل على كذبه أو كذب ما يرويه. وقد روى هذا الأثر عن معاوية تحت باب (قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ)
وهذا ظاهر في أن مذهب البخاري عدم جواز الرواية عن أهل الكتاب عموماً وتضعيفه لكعب خصوصاً, يؤكده تحاشيه لذكر كعب في الصحيح والله أعلم.
وقد ظهر لي بالتتبع لمرويات كعب أمثلة وأدلة على تعمد البخاري في صحيحه اجتناب الرواية عن كعب الأحبار ولو كانت هذه الرواية بذكر جملة أو اضافة منه في رواية غيره من الصحابة بل كان يقتصر على ما يرويه الصحابة رضوان الله عليهم.
أمثلة من تعمد البخاري لحذف ذكر كعب من صحيحه:
1- قال البخاري: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا. ه
صحيح البخاري (2125) و (4838)
قلت: هذا الحديث له تتمة رواها أحمد 6622 وابن شبة 2/633 والطبري 13/164 وابن سعد 1/271 والبيهقي في الكبرى 13300وتاريخ ابن ابي خيثمة السفر الثالث 342 وأخبار المكيين له 57 وموضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب 2/517
كلهم رووه من طريق فليح عن هلال عن عطاء بن يسار بنفس حديث البخاري وزادوا:
قَالَ عَطَاءٌ: لَقِيتُ كَعْبًا فَسَأَلْتُهُ فَمَا اخْتَلَفَا فِي حَرْفٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا يَقُولُ بِلُغَتِهِ: أَعْيُنًا عُمُومَى وَآذَانًا صُمُومَى وَقُلُوبًا غُلُوفَى قَالَ يُونُسُ: غُلْفَى. ه
وفي تاريخ المدينة لابن شبة قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو.. الحديث
وهذه الرواية هي نفس رواية البخاري باسناده ومتنه وفيه زيادة سؤال عطاء لكعب كما رواها عامة المحدثين.
2- قال البخاري: حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ لآمَنَ بِي اليَهُودُ. ه صحيح البخاري (3941)
قلت: رواه أحمد (9388) وأبو يعلى (6037) وفوائد تمام 1365 والخطيب في موضح اوهام الجمع والتفريق 2/367 وطالوت بن عباد في نسخته 49 كلهم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وزادوا:
قَالَ كَعْبٌ: اثْنَا عَشَرَ مِصْدَاقُهُمْ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ. وفي نسخة طالوت: قَالَ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا حَفِظْتُ فَكَمَا قَالَ كَعْبٌ.
وقد رواه تمام والخطيب البغدادي كلاهما من طريق مسلم بن إبراهيم عن قرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة وهو نفس طريق البخاري.
3- قال البخاري: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نِعْمَ مَا لِأَحَدِهِمْ يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ. ه
صحيح البخاري (2549)
قلت: الحديث رواه مسلم 3/1285 وأحمد 7428 وابو عوانة 6087 والترمذي 1985 والبيهقي في شعب الايمان 8241 كلهم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وزادوا:
قَالَ: فَحَدَّثْتُهَا كَعْبًا فَقَالَ كَعْبٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ وَلَا عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ.
4- قال البخاري: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. ه
صحيح البخاري (935)
قلت: هذا الحديث له قصة رواها مالك (2/150 ت. الأعظمي) وأحمد (10303) والطيالسي (2484) والنسائي (1430) وأبو داود (1046) والترمذي (491) وابن حبان (2772) وغيرهم
من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وفيه قَالَ كَعْبٌ لأبي هريرة ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ فقال أبو هريرة بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... الحديث
5- قال البخاري: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} ه صحيح البخاري (4881)
قلت: روى ابن ابي شيبة 33983 والطبري 23/114 وابن المبارك في الزهد والرقائق 2/75 والزهد لهناد بن السري 114 من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن زياد مولى بني مخزوم عن أبي هريرة قال:
إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا قَالَ: صَدَقَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى لِسَانِ مُوسَى وَالْفُرْقَانَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا رَكِبَ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً ثُمَّ دَارَ بِأَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مَا بَلَغَهَا حَتَّى يَسْقُطَ هَرِمًا إِنَّ اللَّهَ غَرَسَهَا بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ وَإِنَّ أَفْنَانَهَا مِنْ وَرَاءِ سُوَرِ الْجَنَّةِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ نَهْرٌ إِلَّا يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ. ه
6- قال البخاري: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. ه صحيح البخاري 45
قلت: وقد رواه الطبري (9/526) عن قبيصة قال كعب: لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدًا يجتمعون فيه... الحديث
قال ابن حجر: قوله ان رجلا من الْيَهُود قَالَ لعمر هُوَ كَعْب الْأَحْبَار روينَا ذَلِك فِي مُسْند مُسَدّد بِإِسْنَاد حسن وَأوردهُ بن عَسَاكِر فِي أَوَائِل تَارِيخ دمشق من طَرِيقه وَهُوَ فِي المعجم الْأَوْسَط للطبراني من هَذَا الْوَجْه وَكَانَ سُؤَاله لعمر عَن ذَلِك قبل أَن يسلم كَعْب وَجَاء فِي رِوَايَة أُخْرَى فِي الصَّحِيح أَن الْيَهُود قَالُوا وَقد تعين السَّائِل مِنْهُم هُنَا فَلَعَلَّهُ لما سَأَلَ كَانَ فِي جمَاعَة مِنْهُم. ه فتح الباري 1/250
7- قال الامام البخاري: حَدَّثَنا الحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ بَنِي
إِسْرَائِيلَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ: أَنَا فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ... الحديث. ه صحيح البخاري (4725)
قلت: ورواه الطبري في تفسيره 18/66 من طريق ابن إسحاق عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير قال: جلست فأسْنَدَ ابن عباس وعنده نفر من أهل الكتاب فقال بعضهم: يا أبا العباس إن نوفا ابن امرأة كعب يزعم عن كعب أن موسى النبيّ الذي طلب العالم إنما هو موسى بن ميشا... الحديث
8- قال الامام البخاري: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا فَغَزَا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاَةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعَ الغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا فَلْيُبَايِعْنِ ي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ فَلْيُبَايِعْنِ ي قَبِيلَتُكَ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا. ه
صحيح البخاري 3124
قلت: ورواه الحاكم في المستدرك (2618) والطبراني في الأوسط (6/352) من طريق مبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به وزادا:
فَقَالَ كَعْبٌ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هَكَذَا وَاللَّهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ يَعْنِي فِي التَّوْرَاةِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَحَدَّثَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ نَبِيٍّ كَانَ؟ قَالَ: لَا قَالَ كَعْبٌ: هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ قَالَ: فَحَدَّثَكُمْ أَيُّ قَرْيَةٍ هِيَ؟ قَالَ: لَا قَالَ: هِيَ مَدِينَةُ أَرِيحَا. ه
قلت: مبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن.
9- قال البخاري: حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلَّا الفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ. فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ لِي مِرَارًا فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ. ه
صحيح البخاري 3305
قلت: هذا هو الخبر الوحيد الذي فيه ذكر كعب في الصحيح ضمن الرواية.
وقد صرَّح البخاري بذكره هنا لأنه لم يضف شيئاً من أخباره كما هي الروايات الأخرى. وأيضاً قد رد عليه أبو هريرة بأنه لم يقرأ التوراة ولم يأخذ هذا الخبر منها وإنما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فَذِكْر البخاري لكعب في هذا الموضع. وحذف كلامه أو ابهام ذكره في المواضع الأخرى التي أضاف فيها شيئاً من أخباره اشارة منه إلى أنه لا ينبغي ادخال شيئاً من أقواله في الصحيح ولو عرضاً. وأن في السنة الصحيحة كفاية وغنية والحمد لله.
هذا ما ظهر لي من صنيع الامام البخاري في صحيحه تجاه كعب الأحبار ومروياته.
ولم أجد من بحث هذه المسألة من قبل والله الموفق وهو أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين.
كتبه أحمد فوزي وجيه
20/7/2020 م