" الجهال بالله وأسمائه وصفاته ،..... يقررون في نفوس الضعفاء أن الله سبحانه لا تنفع معه طاعة ، وإن طال زمانها وبالغ العبد وأتى بها بظاهره وباطنه ،
وأن العبد ليس على ثقة ولا أمن من مكره ؛
بل شأنه سبحانه أن يأخذ المطيع المتقي من المحراب إلى الماخور ،
ومن التوحيد والمسبحة إلى الشرك والمزمار ،
ويقلب قلبه من الإيمان الخالص إلى الكفر ،
ويروون في ذلك آثار صحيحة لم يفهموها ،
....
ويزعمون أن هذا حقيقة التوحيد ..
" ... فأفلس هذا المسكين من اعتقاد كون الأعمال نافعة أو ضارة ؛ فلا بفعل الخير يستأنس ، ولا بفعل الشر يستوحش ،
.......
وصاحب هذه الطريقة يظن أنه يقرر التوحيد والقدر ، ويرد على أهل البدع ، وينصر الدين ،
ولعمر الله : العدو العاقل أقل ضررا من الصديق الجاهل ،
وكتب الله المنزلة كلها ورسله كلهم شاهدة بضد ذلك ، ولا سيما القرآن ؛
فالله سبحانه أخبر ، وهو الصادق الوفي ،
أنه إنما يعامل الناس بكسبهم ، ويجازيهم بأعمالهم ، ولا يخاف المحِسن لديه ظلما ولا هضما ، ولا يخاف بخسا ولا رهقا ، ولا يضيع عمل محسن أبدا ، ولا يضيع على العبد مثقال ذرة ، ولا يظلمها :
( وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) ،
وإن كان مثقال حبة من خردل جازاه بها ، ولا يضيعها عليه ،
وأنه يجزي بالسيئة مثلها ، ويحبطها بالتوبة والندم والاستغفار والحسنات والمصائب ،
ويجزي بالحسنة عشر أمثالها ، ويضاعفها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة !!
وهو الذي أصلح الفاسدين ،
وأقبل بقلوب المعرضين ، وتاب على المذنبين ،
وهدى الضالين ، وأنقذ الهالكين ،
وعلَّم الجاهلين ، وبصَّر المتحيرين ،
وذكَّر الغافلين ، وآوى الشاردين ،
وإذا أوقع عقابا أوقعه بعد شدة التمرد والعتو عليه ،
ودعوة العبد إلى الرجوع إليه ...) .