أما آن لنا أن نوطن أنفسنا ؟
فاطمة عبد اللّه

لابد أن كلاً منا بدأ يتوجس؛ خوفا على دينه، وخاصة في ظل هذه الأحداث الراهنة ..
ولكن ما يثقل القلب همًّا هو أنني أرى الكثير يقول: (ولكن ما بيدي حيلة ) ..
إنها رسالة أوجهها إلى كل أم تأمل في أبنائها... أما قد آن أن نوطن أنفسنا..
أما آن أن نعد عدتنا لمواجهة أعدائنا .. والعدة بأيدينا ..

إنها رسالة أوجهها لكل أم تحمل هم الإسلام .
إن كل أم تريد وتريد وتريد في أبنائها، ولكنها لا تجني ثمرات أحلامها ...فهي
مجرد أحلام..
فهي مكتوفة الأيدي، جارية خلف كل ما يسعدها
، واهمة بأنها قد أدت حق أبنائها
بولادتهم، وتوفير المأكل والمشرب والملبس لهم.

إن من المؤسف أن شريحة من أطفالنا تضيع أوقاتها هدرا .
.فهم متابعون لجميع ما يعرض في الفضائيات واحدة تلو أخرى، وبعدما تنتهي هذه وتلك عن كل ما يمتع الطفل تجد الأم تحار بماذا تلهي أطفالها لكي تتفرغ لبقية مشاويرها أو إنهاء أعمالها!!! فتأمرهم بالخروج لإكمال اللعب خارجًا أو بمتابعة حل واجباتهم الروتينية غالبًا،متجاهلين بذلك أن لدى أطفالنا طاقات هائلة لو استغلت بالشكل الصحيح لأعطت ثمارها بعد حين.. حين نستصرخها في شبابهم.وأن لو استشعرنا ثقل الأمانة المناطة إلينا، وأن الله قد وهبنا نعمة كبيرة،أوجب علينا رعايتها.

نحن نطالب بصلاح شبابنا اليوم،
وعدم الانسياق خلف مغريات الحضارة العالمية قبل أن نشعل لهيبًا من الحسرات على عدم جدوى تربيتنا لهم، متناسين أن شباب اليوم هم أطفال الماضي، وأننا لم نحسن غراسهم ولم نتعاهد ريَّهم، فليس عجبا أن يأتي الثمر سقيـمًا، فما العجب أن تخصص الأم لأبنائها وقتًا في كل يوم تعلمهم كتاب الله، وشيئا من السنة. فطفل الخامسة ليس مستحيلاً أن يحفظ الجزء الثلاثين من القرآن الكريم .
وليس من المستحيل أن يختم القرآن – حفظًا- ذو الثماني سنوات وحافظًا للأربعين النووية.

إننا لا نطلب المستحيل حين نقو ل انه يجب أن نبدأ منذ أن كانوا بذورًا.

إذا أردتِ ابنك صالحًا، أو إمامًا، أو داعية، أو مجاهدًا فابدأي من الآن ابدئي غراسك
منذ أن يكون جنينًا في بطنك، أكْثري له الدعاء عسى أن يكون عبدًا صالحًا ومصلحًا
نافعًا لدينه، وأحسني نيتك في ذلك ، وعندما يولد اشكري نعمة ربك عليك،
وكيف الشكر لنعمة الأبناء؟؟

فكما أن شكر نعمة البصر بغضَّه عمَّا حرَّم الله ..والسمع بحفظه عمَّا حرم الله ..فكذلك يكون شكره نعمة الأبناء بالحفاظ عليهم بألا يسلكوا طريقًا يغضب الله، وأن تهبَيِهْم لله، ولخدمة هذا الدين والذود عنه كما وهبك الله إياهم .
لابد أن تنهضي من الآن
، أزيلي من مخيلتك النظرة الصغيرة والطفولية لأبنائك، والشفقة الزائدة التي ليست في محلها، فالعيب - يا أختي- ليـس في أطفالنا، إن العيب فينا نحن.. وامحي من قاموسك (مـــــــازال صغيرًا )
أرضعيه حنانك
، فإذا بلغ سنتين علَّميه نطق الحروف سليمة من غير كسور. ولا تنتظري أن يتولى تعلم كل شيء مما يحيط به وعلى سجيته ..فيبلغ الرابعة وهو لا يجيد تركيب جملة واحدة، وعند الرابعة اسردي عليه كثيًرا من القصص الجميلة المقرؤة ليتعلق قلبه بحب القراءة، وتتوق نفسه إليها ..وابدأي معه حفظ القرآن، وما بين السادسة والسابعة علميه أهمية الوقت، وأننا محاسبون عليه، وأنك ماحرمتيهم أشياء كثيرة إلا لوجه الله، ومن ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرًا منه، وفي هذا العمر اغرسي في قلبه كره الكافرين واليهود والنصارى. علَّميه من هم، وما الفرق بيننا وبينهم . فهو في عمر التمييز، وهنا اربطي نجاح العلماء والقادة المصلحين بسبب تعلقهم بالله، ومداومة الذكر والدعاء والحفاظ على الصلوات منذ أن كانوا صغارًا ..
وليكن تأنيبك له إذا أخطأ بمنطق سليم كأن تقولي له ( أين من يريد أن يكون مثل

ابن تيميه؟ )( أين خالد بن الوليد ) فهي عبارات لطيفة ذات معنى قوي إذا استخدمت في الوقت الصحيح .
وعند الثامنة
، نمَّي فيه حب القراءة، اشحذي هممه، اغرسي في قلبه حب الجهاد بجميع أنواعه، دعيه يقرأ القصص الدينية الشيقة . لابد أن يكون معجمًا لغويًا متكاملاً لمن هم فيمثل عمره فليس مستحيلاً.
لا تقولي:
هذا ضرب من الخيال في ظل المتناقضات والغزو الفكري القائم ضد أطفالنا
لا شيء مستحيل - بإذن الله-.

ارسمي له طريقًا جميـلاً في وسط طرق شائكة، فهو –لابد- سيدرك تمامًا كل ما تعطينه من علوم، وكل ثغرة تحدث في حياته لا بد أن تسديها بما هو نافع له.. ومن الأفضل أن
يلتحق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم . وعند العاشرة
، أخبريه بتدرجات الأحداث والحرب القائمة ضد الإسلام . ولا تغفلي أن تجعليه يبصر ما حوله من مستجدات ويشارك فيها برأيه، وأنت هنا في مرحلة تقويمه وتثبيت المفاهيم عنده،ثم اغبطيه على موقف الرجولة التي وهبها الله إياه .. وذكَّريه أنه من جنود الله المرتقبين للذود عن هذا الدين، ذكريه دوما بما أعده الله للمؤمنين الصالحين، وما أعده للمجاهدين خاصة ثم لا تنسي الدعاء، وعلى مسمع منه غالبًا.
وإني أشعر –بصدق- أن أجمل اللحظات في حياتنا مع أبنائنا هي لحظات وقت قطف الثمار في كل حين.

إنها لحظات حلوة نستطعمها زمنًا بعد زمن .
إذًا من الآن، لابد أن تستشعري أن الأمة بحاجة إليك ..
كم أتمنى أن تكوني تلك الأم التي تقرأ صفحة يومها قبل أن تنام، وتسأل نفسها :
ماذا قدمت لأبنائي اليوم ؟؟
وهل رعيت حق الأمانة التي بين يديّ ؟؟
وهل أديت حق الشكر لله على هبته لي الأبناء ؟؟
من الآن وطني نفسك لأن تهيئي أبنائك لهذا الدين، وأننا لم نخلق عبثًا، وبقدر ما
تزرعين بإذن الله تحصدين ما يثلج صدرك .

بارك الله لي ولكم في أبنائنا، وجعلهم صالحين مصلحين، إنه جواد كريم
وصلى الله على نبينا محمد ..