..........
اليوم : السبت
الموافق : 7/ شوال / 1441 هجري
الحديث الأول
(ج1/ ص 22)
إنما الأعمال بالنيات - فإن أبا داود قال: إنه نصف الإسلام، كما سيأتي،أي لأن الدين: إما ظاهر، وهو العمل، أو باطن، وهو النية، والشافعي رضي الله عنه قال إنه ثلثه، أي لأن كسب العبد إما بقلبه أو بلسانه أو بجوارحه، والنية أحدهما. ومما نسبه السعد للإمام الشافعي رضي الله عنه قوله.
عمدة الدين عندنا كلمات ... أربع قالهن خير البرية
اتق الشبهات وازهد ودع ما ... ليس يعنيك واعملن بنية
.......
(ج1/ ص 23)
وينبغي لكل راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث، لما اشتملت عليه من المهمات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات وذلك ظاهر لمن تدبّره، وعلى الله اعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي وله الحمد والنعمة، وبه التوفيق والعصمة.
........
(ج1/ ص 24 )
هذا حديث صحيح متفق على صحته وعظيم موقعه وجلالته وكثرة فوائده رواه الإمام أبو عبد الله البخاري في غير موضع من كتابه، ورواه أبو الحسين مسلم بن الحجاج في آخر كتاب الجهاد، وهو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام،قال الإمام أحمد والشافعي رحمهما الله: "يدخل في حديث الأعمال بالنيات ثلث العلم" قاله البيهقي، وغيره. وسبب ذلك أن كسب العبد يكون بقلبه ولسانه وجوارحه والنية أحد الأقسام الثلاثة.
(ج1/ ص 25 )
روى عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أن قال: يدخل هذا الحديث في سبعين باباً من الفقه،وقال جماعة من العلماء: هذا الحديث ثلث الإسلام1.
واستحب العلماء أن تستفتح المصنفات بهذا الحديث،وممن ابتدأ به في أول كتابه: الإمام أبو عبد الله البخاري. وقال عبد الرحمن ابن مهدي: ينبغي لكل من صنف كتاباً أن يبتدئ فيه بهذا الحديث تنبيهاً للطالب على تصحيح النية.
وهذا حديث مشهور بالنسبة إلى آخره غريب بالنسبة إلى أوله لأنه لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يروه عن عمر إلا علقمة بن أبي وقاص ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي ولم يروه عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد الأنصاري ثم اشتهر بعد ذلك فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة.
............
(ج1/ ص25 )
قال أبو داود: نظرت في الحديث المسند، فإذا هو أربعة آلاف حديث ثم نظرت فإذا مدار أربعة آلاف حديث على أربعة أحاديث: حديث النعمان بن بشير: "الحلال بيّنٌ والحرام بيّنٌ" وحديث عمر هذا، وحديث أبي هريرة: "إنّ الله طيّب" وحديث أبي هريرة أيضاً: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، قال: فكل حديث من هذه الأربعة ربع العلم.
........
(ج1/ ص 26)
إنما الأعمال بالنيات" محذوف واختلف العلماء في تقديره: فالذين اشترطوا النية قدروا: صحة الأعمال بالنيات،والذين لم يشترطوها قدروا: كمال الأعمال بالنيات.
.......
(ج1/ ص 26)
قال الشيخ محي الدين النووي: فائدة ذكره أن تعيين المنوي شرط فلو كان على إنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط أن ينوي كونها ظهراً أو عصراً أو غيرهما، ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين أو أوهم ذلك والله أعلم.
.............
(ج1/ ص 27)
هذا الحديث ورد على سبب لأنهم نقلوا: أن رجلاً هاجر من مكة إلى المدينة ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس،لا يريد بذلك فضيلة الهجرة فكان يقال له: مهاجر أم قيس. والله أعلم.