عن عائشة*رضي الله عنها:*أن رجلاً سألها، فقال: متى أعلم أني محسن؟ قالت: إذا علمت أنك مسيء، قال: ومتى أعلم أني مسيء؟ قالت: إذا علمت أنك محسن.
ما صحة هذا الاثر؟
عن عائشة*رضي الله عنها:*أن رجلاً سألها، فقال: متى أعلم أني محسن؟ قالت: إذا علمت أنك مسيء، قال: ومتى أعلم أني مسيء؟ قالت: إذا علمت أنك محسن.
ما صحة هذا الاثر؟
هذا أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط (1/12)، برقم [30] فقال: حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا سُفْيَان قَالَ: قَالَ رجل لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَتَى أَعْلَمُ أَنِّي مُحْسِنٌ؟ قالت: فذكرته.
وأخرجه أيضًا البخاري في التاريخ الصغير (1/38) له، وذكره ابن الجوزي في بحر الدموع (1/139) مختصرًا، والتنوخي في المستجاد (70)، والسمرقندي في تفسيره (486).
وهذا إسناد ضعيف، به انقطاع.
ويشهد له ما أخرجه البزار في مسنده (16/148) برقم [9245] فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ المروزي حَدَّثَنا علي بن الحسن بن شقيق حدثنا الحسين بن واقد, عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ,
أن رجلا قال يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة قال لا تغضب قال وأتاه آخر فقال متي أعلم أني محسن قال إذا قال جيرانك أنك محسن فإنك محسن، وإذا قالوا إنك مسيء فإنك مسيء". اهـ.قال البزار: "وَهَذَا الحديثُ لاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلا الحسين بن واقد". اهـ.
وأخرجه البيهقي في الشعب [8278] من طريق علي بن الحسين بن شقيق مثله ثم ذكر شواهد فقال:
""رَوَاهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي الْغَضَبِ.
ورواه أبو معاوية وشيبان عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِالشَّكِّ، وَرِوَايَةُ أَبِي حَصِينٍ رَاوَعَهُ لِلشَّكِّ، وَشَاهِدَةٌ لِرِوَايَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ بِالصِّحَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ". اهـ.
قلتُ: لكن كما قال البيهقي رواياتهم ليس فيها الزيادة بل في الغضب.
كما أشار الدارقطني في العلل (10/112) لما سئل عن هذا الحديث:
" يَرْوِيهِ الْأَعْمَشُ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ، فَرَوَاهُ شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ،
وَرَوَاهُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ، وَتَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ.
وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ جَابِرٍ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُسَمِّهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
وَرَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، - فِيمَا قَالَ لَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، - عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَزَادَ فِيهِ أَلْفَاظًا لَمْ يَأْتِ بِهَا غَيْرُهُمَا، وَهُوَ: قَالَ: فَدُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ عَلِمْتُ أَنِّي مُحْسِنٌ، فَقَالَ: " انْظُرْ جِيرَانَكَ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُحْسِنٌ، فَأَنْتَ مُحْسِنٌ، وَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُسِيءٌ، فَأَنْتَ مُسِيءٌ ".
وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ ؛ إِنَّمَا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ كُلْثُومٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم". اهـ.
ثم ساق الدارقطني رواية ابن مخلد فقال: ثنا ابْنُ مَخْلَدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ زَاجٌ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: فذكره.
وقال: " وَهَكَذَا قَالَ لَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، وَلَمْ يَقُلْ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ زَاجٍ، فَقَالَ: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ". اهـ.
قلتُ: أبو حمزة لم يروِه بهذه الزيادة، فقد ورد في منتقى حديث أبي عبد الله محمد بن مخلد [65]، فقَالَ:
نا أَحْمَدُ، قَالَ: نا عَلِيٌّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَلا تُكْثِرْ عَلَيَّ لَعَلِّي أَعْقِلُ، قَالَ: " لا تَغْضَبْ ". اهـ.
وهذا فيه شك، ومن طريق ابن مخلد أخرجه ابن المقرئ في معجمه [922]، وعنه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/399) فقال:
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا أَبِي، ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فذكره بلا زيادة.
وهذا به جزم، لكن سهل بن أحمد بن العباس مجهول الحال، ذكره السمعاني في الأنساب، بلا جرح ولا تعديل وقال : "يروي عن عبد الله بن محمد بن النعمان". اهـ.
والصواب أنه عن أبي حمزة بالشك بين أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، فهي موافقة لرواية أبي معاوية وشيبان بالشك حسبما ذكر البيهقي، وذكر أن رِوَايَةَ أَبِي حَصِينٍ رَاوَعَهُ لِلشَّكِّ أيضًا.
ولكن قول البيهقي بأن رواية أبي معاوية بالشك ومراوعته رواية أبي حصين للشك خالفه الدارقطني في ذلك فقال:
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُسَمِّهِ.وَرَوَاهُ أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ". اهـ.
واعتماد البيهقي لرواية أبي معاوية بالشك لما أخرجه في السنن الكبرى (10/104) فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَالصَّيْرَفِيّ ُ، قَالا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، به بلا زيادة.
ولكن أحمد بن عبد الجبار "ضعيف" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
ويعضد من رواه جزما أن قال الدارقطني: "وَرَوَاهُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ، وَتَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ". اهـ.
ورواية أبي إسماعيل المؤدب ورد في حديث يحيى بن معين (1/217) رواية أبي بكر المروزي [161] فقال:
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي"، قَالَ: " لا تَغْضَبْ ". اهـ.
ورواية جرير المتابعة لم أقفُ عليها فتكون معلقة.
وأما رواية أبي حصين ذكره بلا زيادة ابن القيسراني في ذخير الحفاظ (2/1206) فقال: "رَوَاهُ قيس بن الرّبيع: عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَقيس ضَعِيف".
قلتُ: له متابعة أخرجها البخاري في صحيحه [6116] فقال:
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: " لَا تَغْضَبْ " فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: " لَا تَغْضَبْ ". اهـ.
أما رواية أبي معاوية فقد أخرجها هناد بن السري في الزهد (2/604) فقال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , عَلِّمْنِي شَيْئًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ , وَأَقْلِلْ لِعَلِّي أَعْقِلُ. يَقُولُ قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَغْضَبْ» ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا يَقُولُ: «لَا تَغْضَبْ». اهـ.
وأما رواية حسين بن واقد المتكلم فيه وهو المتفرد بالزيادة كما قال البزار، أخرجه الحاكم في المستدرك وعنه البيهقي فإنه يرويه من طريق محمد بن موسى بن حاتم عنه.
وورد ذلك أيضا في نسخة فيها مجلسان للنسائي (1/44) برقم [16] فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَخَذْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، وَلا تُكْثِرْ عَلَيَّ، فَقَالَ: " لا تَغْضَبْ ". وَأَتَاهُ رَجُلٌ آخَرُ،
فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، قَالَ: " كُنَّ مُحْسِنًا "، قَالَ: وَكَيْفَ أَعْلَمُ أَنِّي مُحْسِنٌ ؟ فَقَالَ: " تَسْأَلْ جِيرَانَكَ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُحْسِنٌ، فَإِنَّكَ مُحْسِنٌ، وَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُسِيءٌ فَأَنْتَ مُسِيءٌ ". اهـ.
فهذه الزيادة ضعيفة لا تثبت.
ورواية الأعمش عن جامع بن شداد عن كلثوم، أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده [691] فقال:
نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ كُلْثُومٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ:
أَتَى النَّبِيَّ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ أَنِّي قَدْ أَحْسَنْتُ، وَإِذَا أَسَأْتُ قَدْ أَسَأْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " إِذَا قَالَ جِيرَانُكَ: إِنَّكَ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِذَا قَالُوا: إِنَّكَ قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ ". اهـ.
وهذا مرسل، وقد وصله معمر كما في جامعه [19749] فقال: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: فذكره.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية [6392] وقال: "غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ لَمْ نَسْمَعْهُ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ". اهـ.
والصواب أنه مرسل فإن رواية معمر عن البصريين متكلم فيه، وأبو معاوية من الأثبات في روايته عن الأعمش.
والله أعلم.
جزاكم الله خيرا.
وجزاكم الله خيرًا.