كيف تنجح في دعوتك إلى الله؟


مالك فيصل الدندشي



قال الله -تعالى-: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فصلت:33، الدعوة إلى الله -تعالى- عمل جليل وشريف، وهي مهمة الأنبياء والمرسلين أُمِرُوا بها، وقاموا بما كلفوه أحسن قيام؛ ثم تابع مسيرتهم أهل العلم والعمل والتقوى من أتباعهم، إعلاء لمقام الدعاة، ونحن - المسلمين - نقوم بهذا الواجب؛ لأننا امتداد لمنهج الأنبياء جميعا، ورسولنا خاتم النبيين ورسالته خاتمة الرسالات. {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} الزخرف:ح 44. وإن من لم تصله دعوة الله -تعالى- يتحمل مسؤوليتها المسلمون جميعا حتى يقوم فريق منهم بها.


وأحب هنا أن أركز على بعض الأبواب التي بها يستطيع الداعية أن يدخل إلى قلوب الناس، ويؤثر فيهم بإذن الله -تعالى-، أو بيان بعض أبواب نجاح الداعية:

أولا: ينبغي للداعية أن يسعى إلى أن زرع الثقة بينه وبين من يدعوهم، ولا يبلغ ثقتهم إلا إذا أحسوا منه الصدق والاستقامة، وأنه لا يطلب أجرا منهم على عمله؛ فإذا وثقوا به سعى إلى الخطوة الأخرى، وهي: أن يوثق عرى محبتهم له؛ فالإنسان لا يقبل النصح إلا ممن يحب؛ ولذلك قال مشركو مكة: ما رأينا أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا. إن على الداعية أن يزهد فيما في أيدي المدعوين وغيرهم: «ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس» رواه ابن ماجه، وابن حبان، والبيهقي في الشعب، وغيرهم، وحسنة النووي، وحسنه الألباني؛ فالزهد في الدنيا - وهي بين يديك - يشعر الآخرين أنك صادق في دعوتك.

كذلك على الداعية أن يتجنب الغلظة في أسلوب دعوته؛ فحاله معهم كحال الطبيب مع مريضه، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه لا مناص من الرفق بالمدعو والتدرج معه حتى لا ينفر منك؛ فأنت بين مفسدة ومصلحة تقدرهما بحسب خبرتك: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} النحل:125. وعلى الداعية أن يعلم أن إنكار المنكر له درجات يتعلق بالقاعدة السابقة - تقدير المفسدة والمصلحة - ثم تقدير ما يترتب عليه إنكار هذا المنكر، والتفريق بين درجات المنكرات وطبيعتها، وهذا يتطلب من الداعية معرفة فقه الأولويات والموازنات.

ومن أبواب نجاح الداعية: اهتمام الداعية الزائد بأحوال المدعو، سواء كانت اجتماعية أم اقتصادية أم نفسية، والسعي الحثيث ليكون قريبا منه يشعره أنه كهف منعش له، وحِجْرٌ دافئ إذا أوى إليه. فلقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها