المكتبة العربية "سيبـويـه"

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"



(1) "سـيبويـه" دستور العربية الأول


أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة



المؤلٍّف: سيبوية، أبو بِشر عَمرو بن عثمان بن قَنبَر، وهو فارسيّ الأصل.

تاريخ ميلادة: ليس معروفاًعلى وجه اليقين، ويروَى أنه وُلِد في اوائل دولة بني العباس أي بعد عام (132 هـ) وتوفي عام (183 هـ) . على أرجح الأقوالمات في سن مبكر ، يقال إنها نحو ثلاث وثلاثين سنة.

النشأة: ولد بفارس ثم هاجر أهلُه إلى البصرة، فنشأ بها، وأخذ يطلب العلم، وقد بدأ بدراسة الحديث والفقه وأعجبه ذلك؛ لما فيه من صحبة الفقهاءوعلماء الحديث،
لم يستمر سيبويه في الحديث والفقه، بل عدل عنهما إلى دراسة العربية، أما السبب في ذلك التغيير فحادثة شهيرة تناولتها كتب التراجم؛ فقد كان يقرأ على شيخه "حماد بن سلمه" حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: «ما من احد من أصحابي إلا لو شئت لأخذت عنه علماً ليس أبا الدرداء».
لكن سيبويه قرأه: ليس أبو الدرداء ظناً منه أن "أبو" هو أسم ليس.
فقال له حمَّاد: لحنت يا سيبويه، ليس هذا حيث ذهبت، وانما ليس هاهنا استثناء.
فقال سيبويه: لا جرمَ سأطلب علماً لا تلحنني فيه، فلزم الخليل فبرع.

وهناك روايات لحوادث أخرى تتفق كلها في أن الذي دفع سيبويه إلى دراسة العربية هو خطؤه في اللغة أمام حمّاد بن سلمه
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ
أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة
تلخيص: فريق عمل إسلام واي

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"

(2) شيوخة

أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة

أساتذة سيبويه كثيرون أشهرهم: الخليل بن أحمد الفراهيدي
صاحب معجم العين، وواضع علم العَروض، وواضع بعض رموز ضبط الحروف العربية،

وقد لزمه سيبويه، فأخذ عنه اللغه والنحو،
وكان الخليل يُفسح له صدره، ويرى فيه التلميذ الذي لا يَضِنّ عليه بشيء، وكان يحبه ويقربه، كان حين يَقبل عليه سيبويه يقول له
"مرحبا بزائر لا يمل" وما كان يقولها إلا له.

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"

(3) ) التعريف بكتاب "الكـتـاب"


أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة

عرف كتاب سيبويه من قديم الدهر إلى يومنا هذا باسم "الكتاب" أو "كتاب سيبويه"، وإذا قال احدهم قرأتُ الكتاب أو قال: "صاحب الكتاب" فإنما يعني هذا المؤلف وصاحبه.

مات سيبويه، ولم يسمِّه، ويبدو أنه كان على نيَّة العودة إليه للمراجعة وللتسمية كذلك، لكن القدر لم يُمهله، ويبدو أن هذا كان السبب ايضاً في أن الكتاب يخلو من مقدمه، كما يخلو ايضا من خاتمه.
وقد ظل الكتاب مجهولاً لفترة، إلى أن أذاعه بين الناس وقدّمه إليهم أحد تلاميذ سيبويه، وهو الأخفش الأوسط، أفاد سيبويه من سابقيه وشيوخه فقد أخذ عنهم وأشار هو إلى ذلك في ثنايا كتابه، لكنه بالقطع أضاف إلى ذلك كثيراً وقام بالتنسيق والتبويب وصوغ القواعد.

وللكتاب في عالم الدرس اللغوي منزلة كبيرة ومكانة عالية والباحث اللغوي لا يعد عالماً أو ذا وضع إلا اذا استطاع أن يقرأ الكتاب ويفهمه ويفيد منه.
طبَّقت شهرة كتاب سيبويه الأفاق، فشرق وغرب، فأفاد منه الناس، وعليه تتلمذوا، ومنه أخذوا ونقلوا، وما زال الكتاب مرجعاً للباحثين والدارسين في مجال اللغه حتى يومنا هذا.

وليست تلك مكانته في العصر الحديث فقط، بل كانت له قديما ايضا فقد قيل عنه وعن كتابه: "هو أعلم الناس بالنحو بعد الخليل، وألف كتابه الذي سمّاه الناس"قرآن النحو"،

ومن طريف ما يروى أن أحد نحاة الأندلس كان (يختم) كتاب سيبويه في كل خمسة عشر يوماً كأنما يتلوه تلاوة القرآن الكريم.
وقيل أيضاً : من أراد أن يعمل كتاباً كبيراً في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحي".|

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"

(4) منهج سيبويه في الكتاب


أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة
مادة الكتاب:
الكتاب هو " دستور العربية الأول" إنه ينتظم قواعد الصرف والنحو والأصوات في اللغة العربية، كما ينتظم لمحات ذكية، تجدها متناثره هنا وهناك، فقد تكلم عن الأسناد والمجاز كما كان يُعنَى بالتراكيب اللغوية.
كما تناول بعضاً من موضوعات علم الدلالة، وبعضاً من موضوعات علم العروض.
وإذا كان بعض الباحثين يصفه بأنه كتاب في النحو، فما ذلك إلا على ضربٍ من التسامح والتجوّز ، بسبب أن القدر الاكبر من مادة الكتاب يتعلق بالنحو وقضاياه.

منهج سيبويه في الكتاب:
اتّسم منهج سيبويه في الكتاب بعدة سمات أهمها
اولاً : ليس في الكتاب تبويب أو تنظيم بالطريقةالمعهود ة في بقية الكتب اللغوية، فقد كان سيبويه يدخل في القضية المعينة فيشرحها ويحلل مسائلها، ثم ينتقل إلى غيرها دون تمهيد او تدرج، أو بيان الصلة بين الموضوع السابق والموضوع السابق والموضوع اللاحق.

ولم يكن يفصل بين ما ينبغي أن يفصل بعضة عن بعض لانعدام الصلة العلمية بين الموضوعين، وقد أدي هذا الأمر إلى عدد من المظاهر؛ منها:
1) اختلاط المادة العلمية بعضها ببعض، كاختلاط مسائل صرفية بمسائل نحوية دون مقتضي منهجي.
2) معالجة القضية الواحدة أو الموضوع الواحد في أكثر من موضع، وفي أكثر من مناسبة، كما يظهر ذلك في الأستثناء، وفي الحال، وفي الترخيم.
3) تأتي القضية الصرفية عند ضمن موضوعات نحوية سابقة عليها ولاحقة لها.

4) لهذا من الصعب الوصول إلي ما تبحث عنه إلا بعد تدبر، وقراءة طويلة، وفحص دقيق.

وبأختصار: لم يكن الترتيب والتنظيم في كتاب سيبويه منطقيا أو جاريا على أسس محددة نستطيع الأرشاد بها عند العودة إلى الكتاب.

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"

(5) في الاستشهاد


أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة
كان سيبويه يستقي مادته الأساسية من القرآن الكريم، فقد أكثر من الإستشهاد به، كما أشار الى بعض القراءات القرآنية, واعتمد عليها في تقعيد القواعد وتوجية المسائل،

ولكنه كان قليل الأخذ من الحديث النبوي الشريف، فكان مجموع ما استشهد به خمسة أحاديث نبوية،

أما الشعر فقد استشهد به واعتمد عليه كثيرا، وقد أخذ من شعراء الجاهلية، وعن المخضرمين، وعن شعراء صدر الإسلام وبني أمية، وتبعه في ذلك معظم النحاة.


ومن الطبيعي أن يكون النثر هو المعين الأساسي لسيبويه؛ فقد استقى منه مادة غزيرة،
كما أشار الى اللهجات وتباينها في الاستعمالات اللغوية، وكان من منهجه الحرص على توجيه كل استعمالٍ مع إبداء الرأي فيه.

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"

(6) في العناوين


أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة

جاءت عناوينه طويله وغامضة أحيانا حتى إنها تحتاج الى كثير من النظر والتدبر، وبخاصة عند القراءة للمره الأولى، أو عند المبتدئين في العلم،
أما من تمرس بالعربية وقرأ فيها، فإنه يستطيع أن يصل الى مراد سيبويه من تلك العناوين.
ومن أمثلة عناوينه الغامضة: "هذا باب الفاعلين والمفعولين اللذين كل واحد منهما يفعل بفاعله مثل الذي يفعل به وما كان نحو ذلك"، ويقصد سيبويه بذلك ما استقر عند النحاة فيما بعد بأسم" باب التنازع"

وإن كان سيبويه قد اقتصر على صورة واحدة منه، وهي أن يفعل الفاعل بالمفعول مثلما فعل به،
وهو قولك "ضربت وضربني زيد، وضربني وضربت زيد"

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"

(7) في الأسلوب

أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة

يتسم اسلوب سيبويه بشيء من الصعوبة،
ومن المأثور عند "المبرّد" أنه كان يقول لمن أراد أن يقرأ عليه "كتاب سيبويه" هل ركبت البحر! تعظيما واستصعابا لما في قراءته.
ومن أمثلة الصعوبة في الكتاب شرحه ل: "باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال صار فيه المذكور"
قال السيرافي: هذا الباب فيه صعوبة ونقل كلام النحويين من البصريين والكوفيين، وكذلك الزجاج: باب لم يفهمه الا الخليل وسيبويه".

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"

(8) في المصطلحات

أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة

لم تكن المصطلحات اللغوية قد استقرت بعد، لهذا نجد في مصطلحات سيبوية أحيانا بعض الأضراب، فنراه مثلا يسمي "التصغير" مرة "بالتصغير" وأخرى "بالتحقير".
وبعض مصطلحات سيبويه الجزئية تغيرت بعده، واستعمل النحاة المتأخرون مصطلحات اخرى بديلة عنها.

وكان من نتيجة غياب بعض المصطلحات في تلك الفتره أن طالت عناوين كثير من الأبواب، اذ المصطلح كما نعلم يختزل فكرة أو عبارة في لفظ أو لفظين.

[ابو وليد البحيرى]

المكتبة العربية "سيبـويـه"

(9) النموذج الأول من كتاب سيبويه

أ.د/ إبراهيم عبد المجيد ضوة

اعلم انّ من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين، وسترى ذلك ان شاء الله تعالى.
فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب.
واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق.
واتفاق اللفظين والمعنى مختلف: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت اذا اردت وجدان الضالة، وأشباه هذا كثير.