الأهمية المعنوية في آية قرآنية
الرتبة النحوية والبلاغية في آية قرآنية
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله تعالى:"*إن وليِّي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين "*(الأعراف191)وق ل تعالى:"* وقالوا أساطيرُ الأولين اكتتبها فهي تُملى عليه بكرة وأصيلا"*(الفرقان 5) وقال تعالى:"*وحُشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون"* " (النمل17)وفي هذه الآيات الكريمة ما يلي:
أولا: جاء سبحانه وتعالى بـ"الذي"بحسب الأهمية المعنوية ، من أجل وصف المعرفة بالجمل ، ولولاها لضعف سبك الآية الكريمة ، ولوجدت المعنى لا يستقيم، وجاء بــ"هو" أو "هي" أو "هم"كذلك من أجل هذه الغاية ، فإنه لا يخفى على من له ذوق أنه لو جيء في ذلك بالفعل غير مبني على الاسم فقيل:"إن وليي الله الذي نزل الكتاب ويتولى الصالحين"و"اكتتب ها فتملى عليه"و"حشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فيوزعون"لوجد اللفظ قد نبا عن المعنى والمعنى قد زال عن صورته والحال التي ينبغي أن يكون عليها .
ثانيا: قال تعالى"أساطيرُ" بالرفع ،وهي خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو،وبينهما احتياج معنوي ، وهذا هو رد الكفار عندما سئلوا عن القرآن الكريم ،وقد قالوا هذا الكلام لأنهم لا يؤمنون بالنبوة ولا بإنزال الكتب، فتحدثوا بحسب الحاجة المعنوية عندهم .
ثالثا:هناك رتبة بلاغية بين بكرة وأصيلا ، فـ"بكرة" تتقدم على "أصيلا"بالأهمي ة والزمن.
رابعا:تم تقديم شبه الجملة "لسليمان" نحو الفعل بحسب الأهمية المعنوية لإفادة التخصيص ،كما تأخر نائب الفاعل "جنوده" ليتصل مع أجناس الجند بحسب الأهمية المعنوية .
خامسا:هناك رتبة بلاغية بين الجن والإنس والطير حيث يتقدم الجن على الإنس والطير نحو "جنوده"بحسب الأهمية المعنوية ،ويبدو أن الجن كانوا يقفون في الصف الأول عند الحشر ، وهم عماد الجيش، وأهم الأجناس في الجيش .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ،وباختصار: الإنسان يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس، ويكفي المتكلم أن يقول كلاما مفهوما بعيدا عن اللبس والتناقض.