تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: استحقاق العين المؤجرة في الفقه المقارن (( دراسَة فقهيَة مقَارنة))

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,052

    افتراضي استحقاق العين المؤجرة في الفقه المقارن (( دراسَة فقهيَة مقَارنة))

    استحقاق العين المؤجرة في الفقه المقارن


    (( دراسَة فقهيَة مقَارنة))



    د. وليد خالد خميس الربيع ([1])




    ملخص البحث:


    الإجارة من العقود الشرعية المهمة . لأنها الأكثر شيوعاً ولمسيس حاجة الناس إليها ، وعقد الإجارة – كسائر العقود الشرعية – له أركان وشروط مطلوبة لصحته، منها : أن يكون للعاقد ولاية إنشاء العقد ، بحيث يعقد الإجارة لنفسه أصالة ، أو لغيره بالنيابة الشرعية ، وهذا البحث يتناول مسألة إجارة ملك الغير ، وثبوت استحقاق المالك للعين الموجودة كلها أو بعضها ، وما يترتب على هذا الاستحقاق من آثار تتناول صحة العقد من جهة ، وثبوت الضمان من جهة أخرى.
    والاستحقاق هو: ثبوت كون المعقود عليه غير مملوك للمتصرف فيه ولا ولاية له عليه، فهو من آثار تصرف الفضولي ، وقد اختلف الفقهاء في حكم تصرف الفضولي ، والأظهر أنه صحيح موقوف على إجازة المالك ، بناء على أرجح اتجاهات الفقهاء.
    وبناء عليه فعند ثبوت استحقاق العين المؤجرة كلها فللمستحق أخذ العين. لأنها ملكه ، وأخذ أجرتها ، لأنها نماء ملكه الثابت ، وعند استحقاق بعض العين المؤجرة فإن ذلك لا يؤثر في صحة الإجازة في الجزء غير المستحق ، ويكون موقوفاً في الجزء المستحق على إجازة المالك.
    أما إذا هلكت العين ثم استحقت فينظر ؛ فإن كان الهلاك بتعد من المستأجر فالضمان عليه، وإن كان الهلاك بغير تعد منه : فللمستحق تضمين أي من المؤجر أو المستأجر.
    المقدمة:


    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
    فإن الإجارة من العقود الشرعية المهمة ، لأنه أكثرها شيوعاً بين الناس ، إذ ليس بين الناس إلا من هو مستأجر ، عدا الملاك الذين يسكنون في أملاكهم ، والمتشردين الذين لا مأوى لهم ، وحتى الملاك لا يخلو الخال غالبا من أنهم يؤجرون ويستأجرون ([2]) .
    قال الكاساني مبينا الحكمة من تشريع عقد الإجارة : ((لأن الله تعالى إنما شرع العقود لحوائج العباد، وحاجتهم إلى الإجارة ماسة ؛لأن كل واحد لا يكون له دار مملوكة يسكنها ، أو أرض مملوكة يزرعها ، أو دابة مملوكة يركبها ، وقد لا يمكنه تملكها بالشراء لعدم الثمن ، ولا بالهبة والإعارة ؛ لأن نفس كل واحد لا تسمح بذلك ، فيحتاج إلى الإجارة ، فجوزت بخلاف القياس لحاجة الناس كالسلم ونحوه.
    تحقيقه : أن الشرع شرع لكل حاجة عقداً يختص بها ، فشرع لتمليك العين بعوض عقداً وهو البيع ، وشرع لتمليكها بغير عوض عقداً، وهو الهبة ، وشرع لتمليك المنفعة بغير عوض عقداً، وهو الإعارة، فلو لم يشرع الإجارة مع الماسة الحاجة إليها ، لم يجد العبد لدفع هذه الحاجة سبيلاً، وهذا خلاف موضوع الشرع )) ([3])، وهو جلب مصالح المكلفين في الدارين ودفع المفاسد عنهم.
    وعقد الإجارة يجعل المؤجر والمستأجر في اتصال دائم طول مدة الإجارة، مما يستدعي الدقة التي تضبط تلك العلاقة المستمرة ، وتبين حقوق وواجبات كل من الطرفين ([4]).
    قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور تحت عنوان (مقصد الشريعة تعيين أنواع الحقوق لأنواع مستحقيها): ((إن تعيين أصول الاستحقاق أعظم أساس واثبته للتشريع في معاملات الأمة بعضها مع بعض ، فإنه يُحصّل غرضين عظيمين هما أساس إيصال الحقوق إلى أربابها ؛ لأن تعيينها ينوّرها في نفوس الحكام ، ويقررّها في قلوب المتحاكمين ، فلا يجدون عند القضاء عليهم بحسبها حرجاً)) ([5]).
    وكسائر العقود ، لعقد الإجارة أركان وشروط مطلوبة لصحة العقد ، من تلك الشروط : أن يكون للعاقدين ولاية إنشاء العقد ، بحيث يعقد الإجارة عن نفسه أصالة ، أو غيره نيابة ، وهنا يأتي موضوع هذا البحث ليتناول مسألة إجارة ملك الغير ، وثبوت استحقاق المالك للعين المؤجرة ، وما يترتب على ذلك من آثار تتناول صحة العقد من جهة ، وثبوت الضمان من جهة أخرى.
    واستحقاق العين المؤجرة قد يكون كلياً، وقد يكون جزئياً ، وقد يكون بعد هلاك العين المؤجرة والحكم يختلف في كل حالة عن الأخرى.
    مشكلة البحث:


    تتمثل مشكلة البحث في الإجابة على الأسئلة الآتية:

    ما المراد بالاستحقاق في الفقه الإسلامي؟
    هل تصرف الفضولي صحيح في الفقه الإسلامي؟
    ما الآثار المترتبة على استحقاق العين المؤجرة في الفقه الإسلامي؟
    أهداف البحث:


    يسعى هذا البحث الموجز لتحقيق جملة من الأهداف والغايات ، منها :

    أولاً: بيان حقيقة الاستحقاق في الفقه الإسلامي.
    ثانياً : إيضاح حكم تصرف الفضولي في الفقه الإسلامي.
    ثالثاً: بيان الآثار المترتبة على استحقاق العين المؤجرة في الفقه الإسلامي.

    منهج البحث:


    سأتبع في هذا البحث – بإذن الله تعالى – المنهج الاستقرائي الاستنباطي ، الذي يعتمد على تتبع ما جاء في هذه المسألة من أقوال فقهاء المذاهب الفقهية ، ثم تقرير الأحكام من خلال الدراسة المقارنة ؛ بعرض المذاهب الفقهية وأدلتها مع المناقشة والترجيح.
    ولتحقيق ذلك سأقوم بما يأتي:

    أولاً: بيان مواضع الآيات التي ورد ذكرها في ثنايا البحث ، بذكر اسم السورة ورقم الآية في الهامش.

    ثانياً: تخريج الأحاديث النبوية الواردة في البحث من كتب السنة المعتبرة ما أمكن.

    ثالثاً: الرجوع إلى المصادر الأصيلة والمراجع المعتمدة لدى المذاهب الفقهية عند بيان الأحكام الشرعية مع توثيق ذلك بذكر المصدر والجزء والصفحة بالهامش.

    رابعاً: سلكت في البحث طريقة الاتجاهات الفقهية ، من خلال ذكر المذاهب المتفقة في اتجاه واحد وذكر المخالفين لهم في اتجاه آخر.

    خامساً: حرصت على ذكر أدلة كل اتجاه فقهي بالرجوع إلى المصادر الأصيلة ، وأتبعت ذلك بذكر ما ورد على تلك الأدلة من مناقشات إن وجدت ، ثم أرجح ما ظهر لي رجحانه ، مع بيان سبب الترجيح.

    سادساً:ختمت البحث بذكر قائمة المصادر والمراجع وفهرس الموضوعات .

    سابعاً: عند العزو في الهامش فإني أذكر اسم المرجع مع الجزء والصفحة غالبا، وأما ما يتعلق بمعلومات النشر الخاصة بالناشر وسنة النشر ونحو ذلك فقد اكتفيت بما ورد في قائمة المراجع خشية الإطالة.

    خطة البحث:


    ينقسم البحث إلى مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة:

    المقدمة : وتتناول أهمية البحث ، ومشكلة البحث ، وأهدافه ، وخطة البحث، ومنهج البحث.

    التمهيد : في تعريف الاستحقاق والإجارة.

    المبحث الأول: حكم استحقاق العين المؤجرة كلها.

    المبحث الثاني: حكم استحقاق بعض العين المؤجرة.

    المبحث الثالث: حكم استحقاق العين المؤجرة بعد هلاكها.

    المبحث الرابع : عبء إثبات ملكية العين المستحقة.

    الخاتمة: وفيها أهم النتائج.

    وبعد ، فهذا بحث موجز أحببت أن أقرب فيه فقه (استحقاق العين المؤجرة) إلى طالبه ، وأبين الراجح في بعض المسائل التي وقع فيها اختلاف بين فقهاء الأمة بحسب ما يسر الله تعالى لي من إطلاع ومقارنة، فما كان فيه من صواب وحق فذلك من الله تعالى وحده، وما كان فيه من زلل أو خطأ أو تقصير فهو مني والله تعالى برئ منه ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
    تمهيد: في تعريف الاستحقاق والإجارة:


    أولاً: تعريف الاستحقاق لغة واصطلاحاً:

    تعريف الاستحقاق في اللغة:

    الاستحقاق في اللغة : استفعال من الحق ، والحق في اللغة : نقيض الباطل ، يقال: حق الأمر ، أي : وجب وثبت وصار حقاً، فالحق هو الثابت الواجب والصحيح.
    والباطل: نقيض الحق ، وهو ما لا ثبات له عند الفحص والتمييز، يقال: بطل الشئ: إذا فسد وسقط حكمه، وأبطل الشئ : جعله باطلاً كما قال تعالى: (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ) ([6]).
    والاستحقاق : مصدر الفعل استحق يستحق استحقاقاً ومعناه: طلب حقه، فالألف والسين والتاء للدلالة على الطلب.
    وأيضاً يأتي الفعل (استحق) بمعنى استوجب كما في المصباح : استحق فلان الأمر : استوجبه، فالأمر مستحق ، ومنه قولهم: خرج المبيع مستحقاً ([7]) .
    وقال في لسان العرب : ((والاستحقاق والإستيجاب قريبان من السواء))، ومنه قوله تعالى : (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) ([8]) أي : استوجباه بالخيانة.
    تعريف الاستحقاق في الاصطلاح:

    يطلق الفقهاء لفظ الاستحقاق على معان مختلفة ، منها:
    المعنى الأول : الاستحقاق بمعنى طلب الحق:
    قال ابن نجيم: ((الاستحقاق هو طلب الحق)) ([9]).
    وقال القرافي في الذخيرة : ((الاستحقاق وهو مشتق من الحق ، والاستفعال لغة لطلب الحق، كالاستسقاء لطلب السقي ، والاستفهام لطلب الفهم، فالاستحقاق: طلب الحق)) ([10]).
    المعنى الثاني: الاستحقاق بمعنى أخذ الحق:

    قال ابن قدامة : ((استحقت – الأرض – يعني أخذها مستحقها)) ([11]).
    وظاهر : أنا هذه التعريفات ملاحظ فيها المعنى اللغوي كما تقدم ، حيث يدور المعنى اللغوي حول (طلب الحق) و(استيجاب الحق) ، وقد عرف بعض الفقهاء الاستحقاق باعتباره لقباً على تصرف مخصوص، ومن تلك التعريفات:
    ما ذكره ابن عابدين حيث عرف الاستحقاق : ((بأنه ظهور كون الشيء حقاً واجباً للغير)) ([12]
    واعترض على هذا التعريف بأمور ، منها:

    التعبير بأن الاستحقاق ظهور غير دقيق؛ لأن الاستحقاق لا يتحقق إلا إذا ثبت بالبينة أو الإقرار ، والشيء الثابت بالإقرار أو البينة لا يقال له : ظاهر ، بل يقال له : ثابت.
    لفظ (الحق) عام يشمل حق الملكية ، وحق الشفعة ، وحق الرهن، وغيرها من الحقوق، في حين أن الاستحقاق متعلق بحق الملكية فقط ، وعلى هذا يكون تعريف الاستحقاق المذكور تعريفاً بالأعم ، وهو لا يصح؛ لأن من شروط التعريف أن يكون مساوياً للمعرف ، حتى يكون جامعاً مانعاً ، أما التعريف بالأعم : فإنه لا يكون مانعاً عن دخول غير أفراد المعرف في التعريف ([13]).
    كما عرفه ابن عرفه بأنه : ((رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله، أو حرية كذلك بغير عوض)) ([14]) .
    وأما ابن عبد البر فقد عرفه بقوله: ((أن يقضي للرجل ببينة بالشيء يدعيه في يد غيره بعد أن يحلف أنه ما باع ذلك الشيء ، ولا وكل على بيعه ، ولا وهبه ، ولا تصدق به، وأنه ملك ثابت عليه إلى وقته ذلك)) ([15])
    فالاستحقاق عند المالكية يعتمد على الحكم القضائي الذي يقرر إخراج المدعى فيه من يد حائزه إلى يد المدعي ، بعد ثبوت السبب والشرط ، وانتفاء المانع([16]).
    ويوضح ابن جزي المالكي صورة الاستحقاق بأن يكون شيء بيد شخص ، ثم يظهر أنه حق شخص آخر ؛ مما تثبت به الحقوق شرعاً من اعتراف أو شاهدين ، أو شاهد ويمين، أو غير ذلك فيقضي له به([17]).
    التعريف المختار: والذي يظهر أن أقرب تعريفات الاستحقاق إلى الصواب تعريف الاستحقاق بأنه : ((ثبوت كون المعقود عليه غير مملوك للمتصرف فيه، ولا ولاية عليه ، وإثبات هذه الملكية للمستحق))([18]).
    وهذا التعريف قريب مما ذكره البعلي من الحنابلة حيث بين حقيقة الاستحقاق بأنه ثبوت الحق للغير فقال: ((تقول: استحق فلان العين، فهي مستحقة إذا ثبت أنها حقه)) ([19]).
    والتعريف المختار يشمل ما لا يملكه المتصرف لا رقبة ولا منفعة وبأي عقد من العقود ، فإن المالك يستطيع أن يقيم عليه دعوى الاستحقاق ، وكذلك يشمل ما لو كان المستحق يملك الرقبة فقط، ففي هذه الحالة إذا تصرف فيه مالك المنفعة في حدود ملكه جاز تصرفه، أما إذا تصرف فيه في رقبته: فإن تصرفه هذا لا يسري في حق مالك الرقبة ، ويكون المعقود عليه مستحقاً، وكذلك العكس إذا تصرف مالك الرقبة في المنفعة التي هي ملك لمالك المنفعة ، فإن تصرفه لا يسري في حق مالك المنفعة ، وتكون المنفعة مستحقة لمالكها ([20]) .

    المناسبة بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي :

    المتأمل لتعريفات الفقهاء لكلمة (الاستحقاق) يجد أنها لم تخرج عن مدلولها اللغوي : وهو كون الشيء حقاً مستوجباً للغير ، إلا أنه في اللغة أعم منه في اصطلاح الفقهاء ؛ لأنه يشمل استحقاق المال وغيره – كما في الآية الكريمة – وأما عند الفقهاء : فقد تكلموا على حد الاستحقاق للحقوق المالية فحسب، والله أعلم ([21]).

    ثانياً: تعريف الإجارة لغة واصطلاحاً:

    تعريف الإجارة في اللغة:

    الإجارة من الفعل أجر يؤجر إيجاراً ومؤاجرة ، وهي : ما أعطيت من أجر في عمل ، قال في لسان العرب : ((والأجر والإجارة : ما أعطيت من أجر)).
    والأجير : المستأجر ، وجمعه أجراء ، والاسم منه الإجارة ، والأجرة : الكراء ، تقول : استأجرت الرجل فهو يأجرني أي : يصير أجيري.
    فالإجارة في اللغة : اسم للأجرة ، وهي العوض المبذول نظير المنفعة ([22]) .
    تعريف الإجازة في الاصطلاح :

    الإجارة عقد معاوضة على تمليك منفعة بعوض ([23]).
    وفرق المالكية بين الإجارة والكراء فقالوا : الإجارة والكراء شيء واحد في المعنى ، وهو تمليك منافع شيء مباح مدة معلومة بعوض ، غير أنهم سموا العقد على منافع الآدمي وما ينقل غير السفن والحيوان إجارة، والعقد على منافع ما لا ينقل كالأرض والدور وما ينقل من سفينة وحيوان كالرواحل كراء في الغالب فيهما ([24]) .
    المبحث الأول: حكم استحقاق العين المؤجرة كلها


    المراد باستحقاق العين المؤجرة كلها هنا : ثبوت أن المعقود عليه غير مملوك للمؤجر بأكلمه ، وأنه تصرف في ملك غيره بغير إذنه، وقد اختلف الفقهاء في تكييف تصرف الشخص في ملك غيره بغير إذنه، فذهب بعضهم إلى أن ذلك غصب ، وهو تصرف باطل لا أثر له ، وهو مذهب الإمام الشافعي الجديد، وأصح الروايات عن الإمام أحمد ، وهو المذهب عند الحنابلة.
    قال النووي في المجموع : قال: ((لو باع غيره بغير إذن ولا ولاية فقولان : الصحيح: أن العقد باطل ، وهذا نصه في الجديد)) ([25]) ، وقال ابن قدامة : ((فالصحيح من المذهب أن البيع باطل)) ([26]).
    ويرى بعض الفقهاء أنه لا فرق بين تصرف الغاصب وتصرف الفضولي ، فكلاهما موقوف على إجازة المالك ، وهو مذهب الحنفية كما قال في الهداية : ((ومن باع ملك غيره بغير أمره فالمالك بالخيار، إن شاء أجاز البيع ، وإن شاء فسخ ، وله الإجازة إذا كان المعقود عليه باقياً والمتعاقدان بحالهما)) ([27])
    وقال في الفتاوى الخانية : ((إذا باع الرجل مال الغير عندنا يتوقف البيع على إجازة المالك)). ثم قال : ((ولو غصب جارية فباعها فقطعت يدها ثم أجاز المغصوب منه البيع صحت الإجازة)) ([28]) .
    وأيضاً هو مذهب المالكية ، فقد نقل ابن القاسم عن الإمام مالك في المدونة أنه قال : ((إذا باعها الغاصب – يعني الجارية – فإن أراد ربها أن يجيز البيع كان ذلك له)) ([29]).
    وقال في حاشية الخرشي : ((الغاصب أو المشترى منه إذا باع الشيء المغصوب فإن للمالك أن يجيز ذلك البيع؛ لأن غايته أنه بيع فضولي ، وله أن يرده ، وظاهره سواء أقبض المشترى المبيع أم لا، وظاهره علم المشتري أنه غاصب أم لا، كان المالك حاضر أم لا، قرب المكان بحيث لا ضرر على المشتري في المصير إلى أن يعلم ما عنده أم لا ، وهو كذلك في الجميع)) ([30]).
    إلا أن أشهب فرق بين جهل المتعاقد مع الغاصب بواقعة الغصب وبين علمه بها، ففي الحالة الأولى يطبق أحكام الفضالة ، أما في الحالة الثانية فإنه يعتبر التصرف باطلاً ، لأن الطرفين دخلا على الفساد والغرر([31]).
    والمذهب القديم للشافعي لا يفرق بين تصرفات الغاصب وتصرفات الفضولي، قال النووي : ((والقول الثاني – وهو القديم – أنه ينعقد موقوفاً على إجازة المالك)). وقال الشافعي في آخر باب الغصب من البويطي : ((إن صح حديث عروة البارقي فكل من باع أو أعتق ملك غيره بغير إذنه ثم رضي فالبيع والعتق جائزان ((هذا نصه، وقد صح حديث عروة البارقي فصار للشافعي قولان في الجديد أحدهما موافق للقديم)) ([32]).
    والرواية الثانية عن الإمام أحمد :أن التصرف يصح بشرط إجازة المالك ، قال ابن قدامة : ((وفيه رواية أخرى أنه صحيح، ويقف على إجازة المالك)) ([33]) .
    أما الراوية الثالثة عن الإمام أحمد: فتعتبر أن تصرف الغاصب يصح وينفذ من دون إجازة ، لأن الغصب في الظاهر تتطاول مدته ، فلو لم يصح التصرف لأفضى إلى الضرر بالمالك والمشتري؛ لأن المالك لا يملك ثمنها ، والمشتري لا يملكها ([34]) .
    يتضح مما سبق أن بعض الفقهاء لم يسبغوا صفة الفضالة على التصرفات التي يقوم بها الشخص في ماله غيره، إذا كان يعمل لحساب نفسه، ولعلهم لاحظوا انعدام نية الغيرية في هذه التصرفات فأطلقوا على المتصرف صفة الغاصب لا صفة الفضولي ، ولئن كانت للقواعد الفضالة تنطبق على هذه التصرفات – على رأي بعضهم – فليس معنى ذلك أننا بصدد فضالة ، وإنما لا نزال بصدد عمل من أعمال الغصب.
    وبعض الفقهاء الذين أسبغوا وصف الفضولي على من يتصرف في مال غيره لحساب نفسه قد لاحظوا – فما نظن – أن نية الغيرية لا تزال موجودة عند الفضولي ، وإن كان لم يكشف عنها عند التعاقد ؛ فمن رأيهم أن المالك إذا أجاز تدخل الفضولي أنتج التصرف كل آثاره بأثر رجعي ، وانقلب الفضولي وكيلاً ، وهذا لا يتم إذا كان المتصرف – وهو يعمل لحساب نفسه – يسقط كل اعتبار لرب العمل وقت التعاقد وبعده ، فيجب إذاً إن نفترض لدى الفضولي نية العمل لحساب الغير ، ولو كان الظاهر خلاف ذلك ، وهذا الرأي يتناسب مع الروح العامة للفقه الإسلامي([35]).
    وبناء على هذا فيمكن القول بأن تصرف الشخص في ملك غيره بغير إذنه على رأي كثير من الفقهاء يعرف في الفقه الإسلامي بـ (تصرف الفضولي) ، وقد تناولها الفقهاء في باب البيع بتفصيل تناول صورها وأدلتها ومذاهب الفقهاء فيها، ويمكن – هنا – إيراد الخلاف الفقهي المذكور في عقد البيع وما يترتب عليه من آثار ، وتطبيقه على موضوع البحث ، وهو استحقاق المعقود عليه في عقد الإجارة ، حيث قرر الفقهاء أن حكم الإجارة كحكم البيع ؛ لأن باب البيع هو الأصل ويتبعه عقود المعاوضات الشبيهة ([36]).
    قال د. وهبة الزحيلي : (( عقد البيع من أهم العقود المسماة وأخطرها ، وأشهرها وأكثرها انتشاراً في الحياة العملية ، وهو أساس تبادل الحوائج والمصالح بين الناس منذ القديم ، ... ولهذا تصدر بحث البيع في كتبنا الفقهية وفي جميع التقنينات الصادرة ، واحتل المكانة الأولى بين العقود ، واعتبرت قواعده وشروطه أساساً لبحث العقود الأخرى)) ([37]).
    وبناء على ما سبق يمكن حكاية اختلاف الفقهاء وأدلتهم في مسألة تصرف الفضولي في عقد البيع وتطبيقها على موضوع البحث ، وتنزيل الأحكام المستنبطة هناك عليها هنا ، وسيتناول هذا المبحث مطلبين:
    المطلب الأول : حكم تصرف الفضولي:

    تقدم أن هذه المسألة مما جرى فيه اختلاف كبير بين الفقهاء ، وما نتج عن ذلك من آثار تقتضي صحة بعض التصرفات أو بطلانها ، وفيما يلي ذكر اتجاهات الفقهاء وأدلتهم مع المناقشة والترجيح:
    الاتجاه الأول : تصرف الفضولي صحيح موقوف على إجازة المالك أو وليه.
    وهو مذهب الحنفية ، والمالكية ، وقول الشافعي القديم ، وهو رواية عن أحمد ([38]).
    وقد استدلوا بأدلة منها:
    عموم الأدلة التي تدل على مشروعية البيع ، كقوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) ([39]) ، وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) ([40])، وقوله تعالى : (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) ([41]).
    ويوضح الكاساني وجه الدلالة من هذه الآيات فيقول : ((شرع سبحانه وتعالى البيع والشراء والتجارة وابتغاء الفضل من غير فصل بين ما إذا وجد من المالك بطريق الأصالة ، وبين ما إذا وجد من الوكيل في الإبتداء، أو بين ما إذا وجدت الإجازة من المالك في الانتهاء ، وبين وجود الرضا في التجارة عند العقد أو بعده ، فيجب العمل بإطلاقها إلا ما خص بدليل)) ([42]).
    أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع ديناراً إلى حكيم بن حزام رضي الله عنه ، وأمره أن يشتري له به أضحية ، فاشترى شاتين ثم باع إحداهما بدينار وجاء بدينار وشاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له بالبركة ، وقال عليه الصلاة والسلام : ((بارك الله في صفقة يمينك)). وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ((ضح بالشاة ، وتصدق بالدينار)) ([43]).
    قال الكاساني مبيناً وجه الدلالة من الحديث : ((ومعلوم أنه لم يكن حكيم مأموراً ببيع الشاة ، فلو لم ينعقد تصرفه لما باع ، ولما دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير والبركة على ما فعل ، ولأنكر عليه ؛ لأن الباطل ينكر)) ([44]).
    عن عروة بن أبي الجعد البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به له شاة ، فاشترى له به شاتين ، فباع إحداهما بدينار ، وجاءه بدينار وشاة ، فدعا له بالبركة في بيعه ، وكان لو اشترى التراب لربح فيه ([45]).
    قال الشوكاني : ((فيه دليل على صحة بيع الفضولي)) ([46]) ، ووجه الدلالة : أن عروة رضي الله عنه قد باع مالاً مملوكاً لغيره بغير إذنه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أذن لعروة بشراء شاة ، ولم يأذن له بالبيع ، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله عروة ، بل ودعا له بالبركة ، فلو كان البيع غيره ، صحيح ما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإذا ثبت الاستحقاق تبين أنه باع ملك غيره فيكون بيعه صحيحاً موقوفاً على إجازة المالك.
    عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر ، فأووا إلى غار في جبل ، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض : انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها ؛ لعله يفرجها عنكم ..)) الحديث إلى أن قال : ((وقال الثالث : اللهم إني استأجرت أجيراً بفرق أرز فلما قضى عمله قال : أعطني حقي فعرضت عليه فرغب عنه. فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقراً وراعيها ؛ فجاءني فقال: اتق الله ، فقلت : اذهب إلى ذلك البقر ورعاتها فخذ ، فقال : اتق الله ، ولا تستهزئ بي ، فقلت : إني لا أستهزئ بك فخذ ، فأخذه فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج ما بقي ، ففرج الله ((وفي رواية فخرجوا يمشون)) ([47]).
    وجه الدلالة من الحديث : أن المالك تصرف في مال الأجير بغير إذنه ، وأجازه الأجير ، وأخذه كله.
    قال العيني : ((فيه جواز بيع الإنسان مال غيره بطريق الفضول ، والتصرف فيه بغير إذن مالكه إذا اجازه المالك بعد ذلك ، ولهذا عقد البخاري الترجمة – باب إذا اشترى شيئاً لغيره بغير إذنه فرضي))([48])، وقال ابن حجر : ((مال البخاري إلى الجواز ، فإن فيه تصرف الرجل في مال الأجير بغير إذنه، ولكنه لما ثمره له ونماه وأعطاه أخذه ورضي)) ([49]).
    قال النووي : ((واحتج بهذا الحديث أصحاب أبي حنيفة وغيرهم ممن يجيز بيع الإنسان مال غيره ، والتصرف فيه بغير إذن مالكه إذا أجاز المالك بعد ذلك ، وموضع الدلالة قوله : ((فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعاءها )) ، وفي رواية البخاري : ((فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال))([50]).
    ولأن تصرف العاقل محمول على الوجه الأحسن ما أمكن ، وقد أمكن حمله على الأحسن ها هنا ، وقد قصد البر به والإحسان إليه بالإعانة على ما هو خير للمالك في زعمه ؛ لعلمه بحاجته إلى ذلك ، لكن لم يتبين إلى هذه الحالة لموانع ، وقد يغلب على ظنه زوال المانع فأقدم عليه نظراً لصديقه وإحساناً إليه لبيان المحمدة والثناء ؛ لتحمل مؤنة مباشرة التصرف الذي هو محتاج إليه والثواب من الله عز وجل بالإعانة على البر والإحسان ، قال الله تبارك وتعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) ([51]) ، وقال تعالى : (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ([52])، إلا أن في هذه التصرفات ضرراً في الجملة، لأن للناس رغائب في الأعيان ،وقد يقدم الرجل على شيء ظهرت له الحاجة عنه بإزالته عن ملكه لحصول غرضه بدون ذلك ونحو ذلك ، فتوقف على إجازة المالك؛ حتى لو كان الأمر على ما ظنه مباشر التصرف إجازة حصل له النفع من جهته ؛ فينال الثواب والثناء ، وإلا فلا يجيزه ويثني عليه بقصد الإحسان وإيصال النفع إليه، فلا يجوز القول فإهدار هذا التصرف وإلحاق كلامه وقصده بكلام المجانين وقصدهم مع ندب الله عز وجل إلى ذلك وحثه عليه لما تلونا من الآيات ([53]).
    ولأنه عقد له مجيز حال وقوعه ، فجاز أن يقف على الإجازة كالوصية بأكثر من الثلث ([54])، قال في المعونة : ((ولأنه عقد تمليك يفتقر إلى الإجازة ، فجاز أن يقع موقوفاً عليه كالوصية)) ([55]).
    ولأن البيع بشرط خيار ثلاثة أيام يجوز بالاتفاق ، وهو بيع موقوف على الإجازة ([56]).
    ولأن إذن المالك لو كان شرطاً في انعقاد البيع لم يجز أن يتقدم على البيع ؛ لأن ما كان شرطاً للبيع لا يجوز أن تقدمه عليه ، ولهذا لما كانت الشهادة شرطاً في النكاح اشترط مقارنتها لعقده ، فلما أجمعنا أن الأذن في البيع يجوز تقدمه ، دل على أنه ليس بشرط في انعقاده ([57]).
    وقد نوقش هذا الاستدلال بما يأتي :

    أما اجتجاجهم بالآية الكريمة في قوله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) ، قال النووي : ((ليس هذا من البر والتقوى ، بل هو من الإثم والعدوان)) ([58]).
    وأما حديث حكيم فأجيب عنه بما قاله النووي : ((أنه حديث ضعيف ، والجواب الثاني أنه محمول على أنه كان وكيلاً للنبي صلى الله عليه وسلم وكالة مطلقة ، يدل عليه أنه باع الشاة وسلمها واشترى ، وعند المخالف لا يجوز التسليم إلا بإذن مالكها ، ولا يجوز عند أبي حنيفة شراء الثانية موقوفاً على الإجازة ، وهذا الجواب الثاني هو الجواب عن حديث عروة البارقي)) ([59]).
    قال ابن حزم : ((ثم لو صح حديث حكيم وعروة لم يكن لهم فيهما حجة؛ لأنه إذا أمره عليه السلام أن يشتري له شاة فاشترى له شاتين ، صار الشراء لعروة بلا شك ؛ لأنه إنما اشترى كما أراد، لا كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم وزن دينار النبي صلى الله عليه وسلم إما مستقرضاً له ليرده، وإما متعدياً فصار الدينار في ذمته بلا شك ، ثم باع شاة نفسه بدينار فصرفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما لزمه ، وأهدى إليه الشاة ، فهذا كله ظاهر الخبر ، وليس فيه أصلا لا بنص ولا بدليل على أن الشراء جوزه النبي صلى الله عليه وسلم والتزمه فلا يجوز القول بما ليس في الخبر.
    وأما خبر حكيم فإنه تعدى في بيع الشاة فلزمه ضمانها ، فابتاعها بدينار كما أمر وفضل دينار، فأمره عليه السلام بالصدقة إذ لم يعرف صاحبه ([60]).
    وأجيب بما قاله في بدر التمام : ((الحديث فيه دلالة على أن عروة اشترى ما لم يوكل بشرائه ، وباع كذلك ؛ لأنه أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية، فلو وقف على الأمر لاشترى ببعض الدينار الأضحية ورد البعض ، وهذا الذي فعله هو العقد الموقوف الذي ينفذ بالإجازة ، وقد وقعت ، وذهب إلى صحة العقد الموقوف جماعة من السلف ، منهم : علي، وابن عباس ، وابن مسعود، وابن عمر ([61])
    وأما حديث ابن عمر في قصة أصحاب الغار ، فجوابه : أن هذا شرع لمن قبلنا ، وفي كونه شرع لنا خلاف مشهور ، فإن قلنا : ليس بشرع لنا لم يكن فيه حجة ، وإلا فهو محمول على أنه استأجره بإرز في الذمة ولم يسلمه إليه ، بل عينه له فلم يتعين من غير قبض ، فبقي على ملك المستأجر ؛ لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح)) ([62]).
    وأجيب بما قاله العيني : ((قلت: شرع لمن قبلنا يلزمنا ما لم يقص الشارع الإنكار عليه ، وهنا طريق آخر في الجواز ، وهو أنه صلى الله عليه وسلم ذكر هذه القصة في معرض المدح والثناء على فاعلها، وأقره على ذلك ، ولو كان لا يجوز لبينه)) ([63]).
    وقال ابن حزم : ((أما كونه حجة عليهم : فإن فيه أنه عرض عليه حقه فأبى من أخذه وتركه ومضى ، فعلى أصلهم قد بطل حقه ، إذ سكت عن أخذه ، فلا طلب له فيه بعد ذلك)) ([64]).
    وأما قياسهم على الوصية فالجواب : أنها تحتمل الغرر ، وتصح بالمجهول والمعدوم بخلاف البيع ([65]).
    والجواب عن شرط الخيار أن البيع مجزوم به ، منعقد في الحال ، وإنما المنتظر فسخه ، ولهذا إذا مضت المدة ولم يفسخ لزم البيع ([66]).
    والجواب عن القياس الأخير : أنه ينتقض بالصوم ، فإن النية شرط لصحته وتتقدم عليه ، ولأن الإذن ليس متقدماً على العقد وإنما الشرط كونه مأذوناً له في حالة العقد ([67]).
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,052

    افتراضي رد: استحقاق العين المؤجرة في الفقه المقارن (( دراسَة فقهيَة مقَارنة))

    استحقاق العين المؤجرة في الفقه المقارن


    (( دراسَة فقهيَة مقَارنة))



    د. وليد خالد خميس الربيع ([1])


    الاتجاه الثاني : تصرف الفضولي غير صحيح.

    وهو مذهب الشافعي الجديد ، والحنابلة على الصحيح في المذهب والظاهرية ([68]).
    وقد استدلوا بأدلة منها :
    قوله عز وجل : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا) ([69]) وجه الدلالة أن الآية أفادت بطريق الحصر أن كسب الإنسان يكون عليه لا على غيره ، فلو صح تصرف الفضولي لكان في ذلك إسناد كسب الإنسان على غيره وهذا يتنافى مع ما دلت عليه الآية الكريمة ([70]).
    حديث حكيم بن حزام قال : قلت: يا رسول الله، يأتيني الرجل فيسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم ابتاعه من السوق فقال صلى الله عليه وسلم : ((لا تبع ما ليس عندك)) ([71]).
    وجه الدلالة من الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى حكيم بن حزام عن بيع ما ليس في ملكه ، والمبيع في بيع الفضولي ليس ملكاً لمن باشر البيع ، فيكون منهياً عنه ، والنهي يدل على الفساد ، فيكون بيع مال غيره بغير إذن فاسداً ([72]).
    عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك ، ولا بيع إلا فيما تملك ، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك)) ([73]).
    وجه الدلالة من الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم نفي بيع ما لا يملكه الإنسان ، فيتوجه النفي إلى الصحة ؛ لأنها أقرب المجازات ، فيكون البيع لما ليس بمملوك للبائع غير صحيح ([74]).
    وأما المعقول : فلأن المبيع لكونه غير مملوك لمن باشر العقد ، فيكون غير مقدور على تسليمه شرعاً فلا يصح ، كبيع السمك في الماء ، والطير في الهواء ([75])
    استدلوا بأن البيع وغيره من العقود الناقلة للملكية تصرف شرع لأجل التمليك ، لأن العقود الناقلة للملكية أسباب للتملك ؛ فيكون ثبوت الملكية حكماً لها ، لأن المراد بالأسباب الشرعية أحكامها، فإذا لم يفد البيع التمليك كان لغواً ، وتصرف الإنسان في ملك غيره بغير إذنه لا يفيد التمليك ، فكان لغواً باطلاً ([76]).
    وقد نوقش هذا الاستدلال بما يأتي :

    أما الاستدلال بالآية الكريمة فنوقش بأنها ليست في محل النزاع ، لأنها واردة في الجزء الأخروي ([77]).
    وأما حديث حكيم بن حزام فنوقش بأنه ليس في محل النزاع ، لأن قوله صلى الله عليه وسلم : ((لا تبع)) نهي عن البيع المطلق ، والمطلق ينصرف إلى الكامل ، والكامل هو البيع البات ، وليس محلاً للنزاع ، بل النزاع في البيع الموقوف ([78]).
    كما نوقش الاستدلال بالحديث ، بأن الحديث لم يرد في الاستحقاق ولا في بيع ملك الغير ، وإنما ورد فيمن يبيع عيناً لا يملكها ولا توجد عنده كما يفهم من سياق الحديث؛ لأنه ورد في بيع شيء غير موجود يبيعه البائع ثم يذهب إلى السوق فيشتري مثله ويسلمه للمشتري، فالحديث وارد في بيع شيء غير موجود ، وقد نقل ابن قدامه الاتفاق على بطلان هذا النوع من البيع ، ولذلك فإن الحديث لا يدل على بطلان العقد بثبوت الاستحقاق ([79])
    أما حديث عمرو بن شعيب : فنوقش بأن النهي ورد عن البيع المطلق ، والمطلق ينصرف إلى الكامل ، والكامل هو البات ، وبيع ملك الغير ليس منعاً باتاً ، بل هو بيع موقوف ؛ لذلك فلا يكون هذا الحديث دليلاً على بطلان بيع ملك الغير، وبطلان البيع بثبوت الاستحقاق ([80]).
    أما القياس فنوقش بأنه قياس مع الفارق ، لأن البائع عاجز عن تسليم الطير – وهو في الهواء – عجزاً مطلقاً، بخلاف بيع ملك الغير ؛ لأن البائع هنا عاجز عن التسليم عجزاً إضافياً – أي: بالنسبة له فقط – لإمكان التسليم بإرضاء المالك بالبيع ، وقياس العجز الإضافي على العجز المطلق قياس مع الفارق ([81]).
    ونوقش دليلهم العقلي الثاني بأن العقد الموقوف يفيد حكمه ، وهو ثبوت الملك ؛ لأن الملك يثبت للمشتري موقوفاً على إجازة المالك عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، فهو يفيد الملك في الجملة ، وعند محمد لا يفيد الملك إلا بعد الإجازة ، لكنه يقر بأنه يثبت الملك بطريق الاستناد إلى العقد ، وحتى على رأيه يثبت للمشتري ملك من وجه ، لكن لا يظهر هذا الملك عند العقد وإنما يظهر عند الإجازة ، وهو تفسير التوقف ، أي : أنه يتوقف في الجواب في الحال ، أي : أننا لا نعرف حكمه في الحال ، وليس معناه أن يكون التوقف حكماً شرعياً ([82]) .
    الاتجاه الثالث: تصرف الفضولي صحيح نافذ.

    وهو رواية عن الإمام أحمد ([83]).
    ووجه هذه الرواية : أن الغصب قد تتطاول مدته في الظاهر ، وأن الغاصب تكثر تصرفاته ، فلو لم تصح تصرفاته لأفضى إلى كثير من الضرر بالمشتري ، وربما عاد الضرر على المالك أيضاً ، لأنه إذا لم نحكم بصحة التصرف ، فإن المبيع لا يدخل في ملك المشتري، والثمن لا يدخل في ملك المالك ، وهذا يؤدي إلى حرمان المالك من نماء العوض الذي هو الثمن ، كما يحرم المشتري من نماء المبيع ،أما الحكم بصحته فإنه يقتضي أن يكون نماء الثمن للمالك ، ونماء المبيع للمشتري وفيه مصلحتهما([84]).
    الترجيح:

    وبعد هذا العرض لاتجاهات الفقهاء وأدلتهم والمناقشة الواردة عليها، يظهر رجحان الاتجاه الأول ، القائل بأن تصرف الفضولي صحيح موقوف على إجازة المالك لقوة أدلتهم وضعف أدلة الفريق الثاني ، كما أن هذا الحكم يتسق مع مقاصد الشارع حيث جعل الأمر بيد صاحب الحق في مسائل حقوق العباد مراعاة لمصلحته ، وتوقفاً عند رأيه ونظره في حدود الضوابط الشرعية ، كما أكد ذلك الإمام ابن القيم فقال : ((وظاهر مذهب أحمد التفصيل ؛ وهو أن المتصرف إذا كان معذوراً لعدم تمكنه من الاستئذان ، وكان به حاجة إلى التصرف وقف العقد على الإجازة بلا نزاع عنده ، وإن أمكنه الاستئذان أو لم تكن به حاجة إلى التصرف ففيه النزاع.
    فالأول : مثل من عنده أموال لا يعرف أصحابها ، كالغصوب والعواري ونحوها ، فإذا تعذر عليه معرفة أرباب الأموال ويئس منها فإن مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد أنه يتصدق بها عنهم ، فإن ظهرا بعد ذلك كانوا مخيرين بين الإمضاء وبين التضمين.
    وهذا مما جاءت به السنة في اللقطة ، فإن الملتقط يأخذها بعد التعريف ويتصرف فيها، ثم إن جاء صاحبها كان مخيراً بين إمضاء تصرفه وبين المطالبة بها، فهو تصرف موقوف ؛ لما تعذر الاستئذان ودعت الحاجة إلى التصرف، وكذلك الموصي بما زاد على الثلث وصيته موقوفه على الإجازة عند الأكثرين ، وإنما يخيرون بعد الموت )) ([85]).
    وقال: ((القول بوقف العقود عند الحاجة متفق عليه بين الصحابة ، ثبت ذلك عنهم في قضايا متعددة ، ولم يعلم أن أحداً منهم أنكر ذلك.
    والقول بوقف العقود مطلقاً هو الأظهر في الحجة ، وهو قول الجمهور ، وليس في ذلك ضرر أصلاً، بل هو إصلاح بلا إفساد؛ فإن الرجل قد يشتري لغيره أو يبيع له ، أو يؤجر له، ويستأجر له ثم يشاوره ، فإن رضي وإلا لم يحصل له ما يضره)) اهـ ([86]).
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ((الراجح في الدليل ، والذي عليه أكثر فقهاء المسلمين ، كأبي حنيفة ومالك وغيرهما : جواز وقف العقود في الجملة على تفصيل لهم فيه ، وليس في هذا محذور أصلاً، والعقد الموقوف يقع جائزاً لا لازماً ([87]).
    المطلب الثاني : فيمن يستحق أجرة العين المستحقة:

    وبناء على القول الراجح ، وهو أن إجارة الفضولي صحيحة موقوفة على إجازة المالك ، اختلف الفقهاء فيمن يستحق أجرة العين على ثلاثة اتجاهات:
    وسبب اختلاف الفقهاء يعود إلى تعارض دلالة حديثين في الظاهر كما قال ابن رشد : ((وسبب اختلافه في هل يرد الغاصب ([88]) الغلة أم لا يردها ، اختلافهم في تعميم قوله عليه الصلاة والسلام : ((الخراج بالضمان)) ([89]) ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ((ليس لعرق ظالم حق)) ([90]) ؛ وذلك أن قوله عليه الصلاة والسلام خرج على سبب؛ وهو في غلام قيم فيه بعيب ، فأراد الذي صرف عليه أن يرد المشتري غلته ، وإذا خرج العام على سبب هل يقتصر على سببه أم يحمل على عمومه ؟ فيه خلاف بين فقهاء الأمصار مشهور ، فمن قصر – ها هنا – هذا الحكم على سببه قال : إنما تجب الغلة من قبل الضمان فيما صار إلى الإنسان بشبهة ؛ مثل أن يشتري شيئاً فيستغله فيستحق منه ، وأما ما صار إليه بغير وجه شبهة فلا تجوز له الغلة ؛ لأنه ظالم ، وليس لعرق ظالم حق ، فعمم هذا الحديث في الأصل والغلة ، أعني عموم هذا الحديث ، وخصص الثاني ، وأما من عكس الأمر : فعمم قوله عليه الصلاة والسلام : ((الخراج بالضمان)) على أكثر من السبب الذي خرج عليه ، وخصص قوله عليه الصلاة والسلام : ((ليس لعرق ظالم حق)) بأن جعل ذلك في الرقبة دون الغلة قال : لا يرد الغلة الغاصب ، وأما من المعنى كما تقدم من قولنا : فالقياس أن تجري المنافع والأعيان المتولدة مجرى واحداً ، وأن يعتبر التضمين أو لا يتعبر)) ([91]).
    وفيما يلي ذكر اتجاهات الفقهاء فيمن يستحق الأجرة.
    الاتجاه الأول : الأجرة للعاقد بعد استيفاء المنفعة ، وللمالك قبل استيفائها.

    وهو مذهب الحنفية ([92]).
    ودليلهم حديث : ((الخراج بالضمان)) ([93]) ؛ لأن المؤاجر كان ضامناً غاصباً والأجر له لضمانه([94]) ، وبيانه كما أوضحه الكاساني بقوله : ((إذا أجر الفضولي فأجاز المالك العقد، لو أجاز قبل استيفاء المنفعة جازت ، وكانت الأجرة للمالك ؛ لأن المعقود عليه ما فات ، ألا ترى أنه لو عقد عليه ابتداء بأمره جاز ، فإذا كان محلاً لإنشاء العقد عليه كان محلاً للإجازة ؛ إذ الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ، وإن أجاز بعد استيفاء المنفعة لم تجز إجازته وكانت الأجرة للعاقد ؛ لأن المنافع المعقود عليها قد انعدمت، ألا ترى أنه قد خرجت عن احتمال إنشاء العقد عليها فلا تلحقها الإجازة)) ([95]).
    ونوقش هذا الاستدلال : بأن المنافع مملوكة للمالك لم تخرج عن ملكه كما قال ابن قدامه : ((وهذا فاسد ، لأن الأجر عوض المنافع المملوكة لرب الدار ، فلم يملكها الغاصب كعوض الأجزاء))([96]).
    وذكر ابن حزم أن حجتهم حديث ((الخراج بالضمان)) وهو حديث لا يصح لتفرد مخلد بن خفاف، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة ؛ لأنه إنما جاء فيمن اشترى عبداً فاستغله ثم وجد به عيباً فرده فكان خراجه له ؛ لأنه قد ملكه ملكاً صحيحاً فاستغل ماله لا مال غيره ([97]).
    قال الماوردي : ((أما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم : ((الخراج بالضمان)) فهو أن الغاصب غير مراد به ؛ لأنه جعل خراج الغلة لمن عليه ضمان الرقبة ، والغاصب لا يملك الغلة مع ضمان الرقبة فجاز أن يضمنها مع ضمان الرقبة ، ويكون الحديث محمولاً على مالك الغلة الذي يملك بضمانه الرقبة وهو المشتري وقد روي ذلك في الحديث نقلاً)) ([98]).
    الاتجاه الثاني : التفصيل وهو قول المالكية ، حيث فرقوا بين حالتين:

    الحالة الأولى: إذا كان المؤجر غاصباً، وكانت العين المؤجرة حيواناً فإن الأجرة تكون للغاصب مقابل تحمله مؤنة الحيوان ونفقته ، أما إن كانت أصولاً فإن المالك يأخذ من المستأجر الأجرة ([99]).
    وجه التفريق بين الحيوان والأصول ؛ لأن في الحيوان لسرعة تغيره يتحقق فيه الضمان ، فيجري فيه عموم حديث : ((الخراج بالضمان)) ، وفيما لا يسرع إليه التغيير كالأصول فإنه لا يخشى عليها التلف ، فلا تضمن إلا في النادر ، والنادر لا حكم له ، فيكون باقياً على ضمان ربه، فكان على الغاصب الأجرة([100]).
    الحالة الثانية : إن كان المؤجر حسن النية ، بأن كانت حيازته مستندة إلى سبب صحيح ، كالشراء أو الهبة أو الوراثة ، بحيث إنه اشترى شيئاً أو استأجره أو وهب له ، ولم يعلم أن بائعه أو مؤجره أو واهبه غاصب ، فاغتله ثم استحقه شخص ، وهو ما يسمى عند المالكية بـ (ذي الشبهة) ، فإن الأجرة تكون للمؤجر – ذي الشبهة – إلى يوم الحكم به لذلك المستحق ، ولا يرجع المالك الحقيقي بشيء لا على المستأجر ولا على المؤجر ؛ لأنه تصرف بشبهة ، والخراج بالضمان وهو عام ولا يضره خصوص سببه([101]).
    وهو قول محمد بن الحسن من الحنفية فقال : أجر ما مضى للغاصب ، وأجر ما بقي للمالك ؛ حيث نظر إلى المعقود عليه فقال : كل جزء من أجزاء المنفعة معقود عليه بحياله ، كأنه عقد عليه عقداً مبتدأ بالمنافع في الزمن الماضي وانعدمت فانعدم شرط لحوق الإجازة العقد ، فلا تلحقه الإجازة ([102]).
    ويمكن أن يناقش هذا بأنه لا وجه للتفريق بين الغاصب وغيره ، وكذلك لا وجه للتفريق بين الحيوان والأصول ، فالقياس أن تجرى مجرى واحداً في الحكم ؛ لأنها نماء ملك المالك ؛ فتكون له مطلقاً، وأما الحديث : فقد تقدم اعتراض ابن حزم بأنه لا يصح ، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة ؛ لأنه إنما جاء فيمن اشترى عبداً فاستغله ثم وجد به عيباً فرده ، فكان خراجه له ؛ لأنه قد ملكه ملكاً صحيحاً فاستغل ماله لا مال غيره ([103]).
    الاتجاه الثالث: الأجرة للمستحق وهو المالك

    وهو مذهب الحنابلة ([104])، وهو قول الشافعية إن كانت العين المؤجرة مغصوبة ويجهل المستأجر الغصب([105])، وهو قول أبي يوسف إذا كان الغصب في بعض المدة ([106]).
    وبناه ابن عقيل من الحنابلة على صحة تصرف الغاصب وتوقفه على الإجازة لحديث عروة البارقي.
    واستدل الشافعية بقوله تعالى : (فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)([107])، قال الماوردي : ((فلما لم يجز أن يعتدي على مالكه باستهلاك منافعه أوجب العموم مثلاً مشروعاً وهو الأجرة، لأن القيمة أحد المثلين ، ولأن ما ضمن بالعقود ضمن بالغصوب كالأعيان ، ولأن ما ضمن به الأعيان ضمن به المنافع كالعقود )) ([108]).
    ونظر أبو يوسف إلى المدة فقال : إذا بقي بعض المدة لم يبطل العقد فبقي محلاً للإجازة ([109]).
    الترجيح:

    والذي يظهر رجحانه : هو المذهب الثالث ؛ لقوة أدلتهم وسلامتها من المناقشة ، وهو الذي تقتضيه قواعد الشريعة ومقاصدها ، حيث إن الشريعة أولت الأموال عناية كبيرة ، فحثت على اكتسابها بالوجوه المشروعة ، وأوجبت احترام أموال الآخرين بعدم الاعتداء عليها أو إتلافها أو التصرف فيها بغير إذنهم ، ورتبت العقوبات الرادعة على من اعتدى على مال غيره بالسرقة أو الحرابة أو الغصب ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)([110])، وقال صلى الله عليه وسلم : ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)) ([111])، وحيث إن العين المؤجرة لا زالت مملوكة للمستحق لم تخرج عن ملكه بسبب من الأسباب الناقلة للملكية ، فعينها ونماؤها يكون له ، لأن نماء العين يكون تبعاً لأصلها ، وكلاهما ملك للمستحق ([112]).
    المبحث الثاني: حكم استحقاق بعض العين المؤجرة:


    استحقاق بعض العين المؤجرة يجري مجرى استحقاق بعض العين المبيعة ، لذا سيتناول هذا المبحث حكم استحقاق بعض المبيع لمعرفة اتجاهات الفقهاء وأدلتهم مع المناقشة والترجيح ، ثم يبنى عليه حكم الاستحقاق الجزئي للعين المؤجرة.
    الاتجاه الأول : ذهب الحنفية إلى التفصيل:

    فقالوا : إن استحق بعض المعقود عليه قبل القبض ولم يجز المستحق بطل العقد في القدر المستحق ؛ لأنه تبين أن ذلك القدر لم يكن ملك البائع ، ولم توجد الإجازة من المالك فبطل ، وللمشتري الخيار في الباقي ، إن شاء رضي بحصته من الثمن ، وإن شاء رده ، سواء أكان استحقاق ما استحقه يوجب العيب في الباقي أم لا يوجب ؛ لأنه إذا لم يرض المستحق فقد تفرقت الصفقة على المشتري قبل التمام ، فصار كعيب ظهر بالسلعة قبل القبض ؛ وذلك يوجب الخيار فكذا هنا.
    وإن كان الاستحقاق بعد قبض بعضها دون بعض فكذلك الجواب ، سواء أورد الاستحقاق على المقبوض أم على غير المقبوض ، فإن كان قبض الكل ثم استحق بعضه بطل البيع في القدر المستحق لما قلنا ، ثم ينظر إن كان استحقاق ما استحق يوجب العيب في الباقي ؛ بأن كان المعقود عليه شيئاً واحداً حقيقة وتقديراً ، كالدار والكرم والأرض والعبد ونحوها ، فالمشتري بالخيار في الباقي ، إن شاء رضي بحصته من الثمن ، وإن شاء رد ؛ لأن الشركة في الأعيان عيب ، وكذلك إن كان المعقود عليه شيئين من حيث الصورة شيئاً واحداً من حيث المعنى فاستحق أحدهما فله الخيار في الباقي.
    وإن كان استحقاق ما استحق لا يوجب العيب في الباقي ، بأن كان المعقود عليه شيئين صورة ومعنى كصبرة حنطة ، فاستحق بعضها ، فإنه يلزم المشتري الباقي بحصته من الثمن ؛ لأنه لا ضرر تبعيضه ، فلم يكن له خيار الرد ([113]).
    ونوقش هذا الاستدلال بأن التفريق بين كون الاستحقاق قبل قبض المبيع أو بعده فيه نوع من التحكم ، وليس تفريقه بأولى من جعله استحقاق ما يشترط له القبض – كالأموال الربوية – وما لا يتشرط له قبض ، بل الثاني أولى ([114]).
    الاتجاه الثاني : فرق المالكية بين حالتين ([115]):

    الحالة الأولى: استحقاق بعض المعين ، وله صورتان:

    الصورة الأولى : أن يكون مثلياً كالمكيل والموزون والمعدود ، فينظر ؛ إن استحق معظم المعقود عليه خير المشتري بين التمسك بما بقي بحصته من الثمن ؛ لأنه حقه في العقد ، وبين رد الجميع ؛ لذهاب المقصود منه ، وهو جلّ المنفعة.

    وإن استحق القليل منه فقط فيلزمه التمسك بالباقي بحصته من الثمن ؛ لأن القليل لا يخل بمقصود العقد والأصل لزومه ، وفسر اليسير في المثلي بما دون الثلث ، وقيل بالثلث فأقل.
    الصورة الثانية : أن يكون قيمياً ، كالحيوان ونحوه، مما تختلف آحاده ، فينظر ؛ فإن استحق وجه الصفقة وأفضل ما فيها فإنه يرد الجميع ، ولا يجوز له التمسك بالباقي بعد استحقاق وجه الصفقة؛ لأنه وجه الصفقة وإن كان قليلاً في الحس فهو كثير في المعنى ، وغيره قليل ، والأقل يتبع الأكثر ، فيفسخ الجميع، فإذا تمسك بالأقل فكأنه ابتدأ شراءه بثمن مجهول.

    وإن كان المستحق غير وجه الصفقة فيرجع بقيمة ما استحق ، ويتمسك بالباقي ؛ لأن الصفقة لم تنفسخ ، كما في استحقاق الجلّ لبقاء أصل المعقود عليه، وفسر وجه الصفقة في المقوم بما دون النصف، وقيل بالنصف فأقل.
    الحالة الثانية : استحقاق بعض الشائع كالثلث والربع ، وله صورتان:

    الصورة الأولى : أن يكون شائعاً لا ينقسم ، وليس من رباع الغلة : فهذا يخير المشتري فيه بين التمسك به والرجوع بحصة المستحق من الثمن ؛ لأن حصته معلومة بغير تقويم ، فاستصحب العقد بحسب الأمكان ، ورده لضرر الشركة ، سواء استحق الأقل أم الأكثر.

    الصورة الثانية : أن يكون شائعاً ينقسم أو متخذاً للغلة، فهذا يخير المشتري في استحقاق الثلث ، ووجب التمسك فيما دونه والرجوع بقيمة المستحق ([116]).

    ونوقش هذا الاستدلال بأن التفريق من فرق بين المعين والشائع ، وتعليله بذهاب المقصود من العقد أو وجوده فليس بقائم ، لتنوع مقاصد العاقدين في عقودهم ، وكما قيل : لولا اختلاف الأنظار لبارت السلع ، فجعل الحكم في ذلك للمشتري ليحدد مقصده ، إن شاء رد وإن شاء أمسك ، أولى من الحكم عليه بالإبطال أو اللزوم ، فليس يصح البيع إلا عن تراض ([117]).
    الاتجاه الثالث : العقد صحيح في الجزء الذي لم يستحق، وغير صحيح في الجزء المستحق، وللمشتري الخيار بين إمساك ما صح فيه البيع بقسطه ورده إن لم يعلم بالحال ؛ لتبعض الصفقة عليه ، وإن علم فلا خيار له، لأنه دخل على بصيرة.

    وهو الأرجح عند الشافعية ([118]) والمذهب عند الحنابلة ([119]) ، ودليلهم :
    أن كلا الملكين له حكم مستقل لو انفرد ، فإذا جمع بينهما ثبت لكل واحد حكمه ، كما لو باع شقصاً وسيفاً.
    ولأنه عقد على ملكين ، بطل في أحدهما ، لصدوره من غير مالك ، فليس بطلان الآخر بأحق من تصحيحه ؛ لعدم الموجب للفسخ مع كمال شروط البيع فيه ؛ لذلك لا نلحق أي بعض بالآخر ، بل يأخذ كل جزء حكم نفسه.
    القياس على ما لو شهد عدل وفاسق ، فإنه لا يقضي برد الشهادتين ولا بقبولهما ، بل تلك مقبولة وهذه مردودة ، فكذلك يكون العقد صحيحاً في الباقي وباطلاً في الجزء المستحق.
    الاتجاه الرابع : بطلان العقد في الجميع ، وهو مذهب الظاهرية ، وقول للشافعية ، ورواية عند الحنابلة([120])، ودليلهم:

    أن العقد إذا جمع بين الحلال والحرام ، فإما أن يغلب حكم الحرام على الحلال ، أو يغلب حكم الحلال على الحرام ، والأول أولى ، لأن في تغليب الحلال والحكم بصحة العقد جلب المصلحة ، وفي تغليب الحرام والحكم ببطلان العقد درء المفسدة ، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
    لأن العقد لا يتم صحيحاً في الجزء الحلال إلا بصحته في الجزء الحرام ، وكل ما لا صحة له إلا بصحة ما لا يصح ، فلا صحة له.
    ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بما يأتي :

    أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح إذا تعارضت المفاسد والمصالح ولم يمكن أن نحقق المصلحة ونتجنب المفسدة ، أما في هذه المسألة فيمكن اجتناب المفسدة بالقول بوقف العقد في الجزء المستحق على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن رده بطل ، والمشتري بالخيار ، وهذا أولى من القول بإبطال العقد جملة.
    بأن العقد تم صحيحاً ثم تبين استحقاق بعض المعقود عليه فينقض ، كما لو تلف بعض المبيع قبل القبض.
    الترجيح:

    والذي يظهر رجحانه : أن استحقاق بعض العين المؤجرة لا يؤثر على صحة العقد في الجزء الباقي ، سواء أكان الجزء المستحق قليلاً أم كثيراً ، ما دام أنه يمكن الانتفاع بالجزء غير المستحق لتميزه عن الجزء المستحق ، فالعقد صحيح في الجزء الباقي ، وموقوف في الجزء المستحق على إجازة المستحق ، كما ترجح في مسألة تصرف الفضولي ، لقوة أدلة هذا الاتجاه وسلامتها من المناقشة.
    المبحث الثالث: حكم استحقاق العين المؤجرة بعد هلاكها:


    إذا هلكت العين المؤجرة في يد المستأجر ثم استحقت ؛ فإن كان الهلاك بتعد من المستأجر فإنه يضمنها عند عامة الفقهاء ([121]).
    أما إن كان الهلاك بغير تعد من المستأجر فهنا اختلف الفقهاء على اتجاهين:
    الاتجاه الأول : للمستحق أن يضمن المؤجر أو المستأجر .

    وهو قول الجمهور ([122]) ، وتنوعت تعليلاتهم لهذا الحكم كما سيأتي :
    يفهم من كلام الحنفية : أن للمستحق الرجوع على أي واحد منها ، فإن ضمن المستأجر رجع على المؤجر ، وعللوا ذلك بأن المستأجر صار مغروراً من جهته ؛ أي : إن المؤجر أو هم المستأجر بأنه المالك فيرجع عليه للتغرير ، كالمشتري إذا استحق المبيع من يده فإنه يرجع على البائع بسبب الغرر فكذا هنا.
    وقال الشافعية : إن المستأجر إن علم بالغصب فهو غاصب من الغاصب، فيطالب بكل ما يطالب به الغاصب ، لوجود حد الغصب فيما ترتب عليه ، فيستقر عليه ضمان ما تلف عنده ، فلا يرجع بما ضمن على الغاصب ، ولا يضمن ما نقص من العين المغصوبة قبل وقوع يده ، لأنه لم ينقص في يده.
    أما إذا جهل المستأجر الغصب ، استقر الضمان على الغاصب على المذهب ، لأن المستأجر دخل على أن يده نائبة عن يد الغاصب.
    وقال الحنابلة : إن علم بالغصب فالضمان عليه ، ولا يرجع على أحد ؛ لأنه دخل على بصيرة، وحصل التلف ، في يده فاستقر الضمان عليه.
    وإن لم يعلم بالغصب فله الرجوع بذلك على الغاصب ؛ لأنه دخل معه على أن لا يضمن العين ، ولم يحصل له بدل في مقابلة ما غرم.
    إن غرم الغاصب الأجر والقيمة ، رجع بالأجر على المستأجر على كل حال ، ويرجع بالقيمة إن كان المستأجر عالماً بالغصب.
    الاتجاه الثاني : المستحق يرجع على المكتري إن كان متعدياً ، ولا يرجع إذا لم يتعد وفعل ما يجوز ، وهو قول المالكية ([123]).

    ودليلهم بإثبات الرجوع على المستأجر إذا كان متعدياً ؛ للزوم ذلك عليه بالتعدي . قال القرافي: ((أسباب الضمان ثلاثة فمتى وجد واحد منها وجب الضمان ، ومتى لم يوجد واحد منها لم يجب الضمان.
    (أحدها) : التفويت مباشرة كإحراق الثوب وقتل الحيوان وأكل الطعام ونحو ذلك.
    (ثانيها) : التسبب للإتلاف كحفر بئر في موضع لم يؤذن فيه ، ووضع السموم في الأطعمة ، ووقود النار بقرب الزرع.
    (وثالثها) : وضع اليد غير المؤتمنة ، فيندرج في غير المؤتمنة يد الغاصب والبائع يضمن المبيع الذي يتعلق به حق توفية قبل القبض ، ويد المتعدي بالدابة في الإجارة ونحوها ، ويخرج بهذا القيد يد المودع ، وعامل القراض ، ويد المساقي ونحوهم ، فإنهم أمناء فلا يضمنون )) ، وزاد في موضع آخر : ((وأيدي الأجراء))([124]).
    فيفهم من هذا أن يد المستأجر يد أمانة ، لا يضمن ما لا يتعد ، وهنا المستأجر لم يتعد ؛ لأنه فعل ما يجوز له فعله بالعقد الصحيح ، فلا رجوع عليه.
    أما عدم الرجوع على المكري : فقد استدلوا بالقياس ، ويعلل ابن القاسم عدم الرجوع على المكري بالقيمة بأنه بمنزلة متاع اشتراه رجل في سوق المسلمين فسرق منه ، فترك قيمته للسارق ، ثم استحق ، فلا يكون لمستحقه على الذي وهبه شيء ، إنما هو الذي سرقه، لأنه هو الذي أتلفه ، وإنما عمل هذا المشتري ما كان يجوز له ولم يتعد ([125]).
    الترجيح :

    والذي يظهر هو رجحان المذهب الأول ، لأن فيه حفظاً لمال المستحق؛ حيث تلفت العين المؤجرة بغير سبب منه ، ولا تصرف أذن فيه ، فعدم تضمين أحد المتصرفين بالعين تضييع لملك المستحق، وإثبات الضمان بغير موجب ظلم ، والقول : بأن الضمان يتبع العلم فيه نوع من العدل ، لأن المستأجر إن أخذ العين مع علمه بأنها ليست مملوكة للمؤجر فقد شارك في هذا التصرف بعلم ، فهو غير معذور بالجهل، فإن حصل التلف بيده ضمنه ، لتعديه بأخذ مال غيره بغير إذنه فيضمنه ، وإن لم يعلم فهو معذور ؛ لأن المؤجر غره وأوهمه فلا يضمن لعدم تحقق التعدي هنا ، ويضمن المؤجر الذي تصرف في ملك غيره بغير إذنه ، وهذا أقرب إلى تحقيق العدل ، وحفظ أموال الناس من تطاول أيدي العابثين متى ما علموا أنهم سيضمنونها مطلقاً.
    المبحث الرابع: عبء إثبات ملكية العين المستحقة:


    المقصود بعبء الإثبات – هنا – هو تكليف أحد الخصوم بإقامة الحجة على دعواه ([126]) ، فإذا ادعى شخص أن هذه العين ملكه ، واستوفت الدعوى شروط صحتها ، توجه القاضي بسؤال المدعى عليه عن هذه الدعوى ، فإن أقر بالاستحقاق وأن العين ملك المدعى ، حكم القاضي عليه بإقراره ؛ لأن الإقرار حجة بنفسه؛ أي : حجة كاملة ، لا يتوقف على أمر آخر ([127]).
    وإن أنكر الدعوى وقال : العين ملكي وفي حيازتي ، فهنا يكلف القاضي المدعي إثبات دعواه بإقامة البينة على ذلك ، لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ادعى رجل من حضر موت أرضاً على رجل من كندة وأنكر خصمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدعي : ((ألك بينة؟)) الحديث ([128]).
    والبينة : هي الشهادة بشروطها ، كما جاء في الرواية الأخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمدعي: ((شاهداك أو يمينه)) ([129]) ، فإن أقامها حكم له بها ، قال الكاساني : ((فحكمها – أي : أثرها – وجوب القضاء على القاضي ؛ لأن الشهادة عند استجماع شرائطها مظهرة للحق ، والقاضي مأمور بالقضاء بالحق)) ([130]).
    وإن قال : ليس لي بينة ، أو لي بينة غير حاضرة ، فالقول قول المدعي عليه بيمينه ، ولا يحلفه القاضي إلا بطلب الخصم ؛ لأنه حقه ، فإن حلف انقطعت الخصومة ([131]) إلى وقت إقامة البينة ، فتسمع ولو بعد يمين المدعى عليه ، وهو قول الجمهور ([132]) .
    وإن نكل عن اليمين بعد عرضها عليه ثلاثا ، فهي مسألة القضاء بالنكول ، وهي من المسائل الخلافية الكبيرة في الفقه الإسلامي ، تنظر في مظانها ؛ لأن إيرادها هنا استطراد غير مناسب لموضوع البحث ، وخلاصة القول : إن المدعي عليه إذا عرضت عليه اليمين فنكل فهنا اختلف الفقهاء:
    المذهب الأول : قضى عليه بالنكول مطلقاً عند الحنفية ، وبسؤال المدعي عند الحنابلة ([133]).

    المذهب الثاني : لا يقضي عليه بالنكول ، وإنما يرد القاضي اليمين على المدعى ، فإن حلف استحق ، وإن امتنع من اليمين المردودة صرفها القاضي ، وهو مذهب المالكية والشافعية ، وهو قول أبي الخطاب الكلوذاني من الحنابلة ، واختيار ابن القيم ([134]).

    وهو المذهب الأظهر ، وذلك كما اختار ابن القيم هذا القول معللا بأنه القول الذي : ((أرشد إليه كتاب الله وسنة رسوله.
    أما الكتاب : فإنه سبحانه شرع الأيمان في جانب المدعي إذا احتاج إلى ذلك ، وتعذرت عليه إقامة البينة ، وشهدت القرائن بصدقه ، كما في اللعان ([135]) ، وشرع عذاب المرأة بالحد بنكولها ، مع يمينه، فإذا كان هذا شرعه في الحدود التي تدرأ بالشبهات ، وقد أمرنا بدرئها ما استطعنا فلأن يشرع الحكم بها بيمين المدعي مع نكول المدعي عليه في درهم وثوب ونحو ذلك أولى وأحرى.
    وأما إرشاد السنة إلى ذلك : فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل اليمين في جانب المدعي إذا أقام شاهداً واحداً ([136]) ، لقوة جانبه بالشاهد ، ومكنه من اليمين بغير بذل خصمه ورضاه ، وحكم له بها مع شاهده، فلأن يحكم به باليمين التي يبتذلها خصمه مع قوة جانبه بنكول خصمه أولى وأحرى.
    وهذا مما لا يشك فيه من له خوض في حكم الشريعة وعللها ومقاصدها)) ([137])
    يتبع




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    42,052

    افتراضي رد: استحقاق العين المؤجرة في الفقه المقارن (( دراسَة فقهيَة مقَارنة))

    استحقاق العين المؤجرة في الفقه المقارن


    (( دراسَة فقهيَة مقَارنة))



    د. وليد خالد خميس الربيع ([1])

    الخاتمة:


    وفي الختام : أحمد الله تعالى إذ يسر وأعان على إتمام هذا البحث الموجز ، وستتناول هذه الخاتمة أبرز وأهم النتائج التي توصل إليها البحث:
    أولاً: الاستحقاق : هو ثبوت كون المعقود عليه غير مملوك للمتصرف فيه ولا ولاية له عليها، والحكم به للمستحق.

    ثانياً: تصرف الفضولي صحيح ، موقوف على إجازة المالك على أرجح اتجاهات الفقهاء.

    ثالثاً: عند ثبوت استحقاق العين المؤجرة كلها فللمستحق أخذ العين، لأنها ملكه ؛ وأجرتها لأنها نماء ملكه الثابت.

    رابعاً: استحقاق بعض العين المؤجرة لا يؤثر في صحة الإجارة في الجزء غير المستحق ، ويكون موقوفاً في الجزء المستحق على إجازة المالك.

    خامساً: إذا هلكت العين ثم استحقت ينظر ؛ فإن كان الهلاك بتعد من المستأجر فالضمان عليه ، وإن كان الهلاك بغير تعد منه فللمستحق تضمين أيّ من المؤجر أو المستأجر.


    المصادر والمراجع


    مراجع الحديث الشريف وشروحه:

    البدر التمام شرح بلوغ المرام – حسين المغربي – دار الوفاء – المنصورة – ط1 – 2004.
    سنن أبي داود – سليمان بن الأشعث السجستاني – دار الفكر .
    سنن ابن ماجه – محمد بن يزيد القزويني – دار الفكر.
    سنن الترمذي – محمد بن عيسى الترمذي – دار الفكر بيروت 1980.
    سنن النسائي – أحمد بن شعيب النسائي – دار الكتب العلمية – بيروت.
    شرح صحيح مسلم – يحيي بن شرف النووي – دار الفكر.
    صحيح البخاري – محمد بن إسماعيل البخاري – المكتبة العصرية بيروت.
    صحيح مسلم – مسلم بن الحجاج النيسابوري – مكتبة الرشد الرياض.
    عمدة القاري شرح صحيح البخاري – بدر الدين العيني – دار الفكر – بيروت – ط1 – 1998.
    عون المعبود شرح سنن أبي داود – محمد شمس الحق – دار الكتب العلمية ط1.
    فتح الباري بشرح صحيح البخاري – أحمد بن حجر العسقلاني – دار الفكر.
    فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام – شيخ الإسلام زكريا الأنصاري – تحقيق علي معوض وعادل عبد الموجود ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1990.
    نيل الأوطار من منتقى الأخبار – محمد بن علي الشوكاني – دار المدار الإسلامي – بيروت – ط1-2001.
    نبيل الأوطار وشرح منتقى الأخبار- محمد بن على الشوكاني- مطبعة الحلبي.
    مراجع المذهب الحنفي :

    بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – أبو بكر بن مسعود الكاساني – دار الكتب العلمية.
    البناية في شرح الهداية – محمود بن أحمد العيني – دار الفكر.
    تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق – عثمان بن علي الزيلعي – دار الكتاب الإسلامي.
    تكملة شرح فتح القدير – أحمد بن قودر (قاضي زادة) – دار الفكر.
    رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين) – محمد أمين ابن عابدين – دار إحياء التراث العربي.
    الفتاوى الهندية – دار إحياء التراث العربي – بيروت – ط4.
    مجمع الضمانات ، أبو محمد بن غانم البغدادي ، عالم الكتب ، بيروت ، ط1 ، 1987.
    بداية المجتهد ونهاية المقتصد – محمد بن رشد – دار المعرفة.
    التفريع – عبيد الله بن الجلاب البصري – دار الغرب الإسلامي – بيروت.
    جواهر الإكليل شرح مختصر خليل ، صالح عبد السميع الأزهري ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ، ط2 ،1947 .
    حاشية الدسوقي على الشرح الكبير – محمد بن عرفة الدسوقي – دار إحياء الكتب العربية.
    الخرشي على مختصر خليل – محمد الخرشي – دار صادر .
    الذخيرة – أحمد بن إدريس القرافي – دار الغرب الإسلامي بيروت ، ط1 ، 1994.
    العقد المنظم للحكام – عبد الله بن سلمون الكناني – بهامش تبصرة الحكام لابن فرحون ، دار الكتب العلمية ط1 ، 1301هـ المطبعة العامرية الشرفية بالقاهرة.
    شرح حدود ابن عرفة – محمد الأنصاري – وزارة الأوقاف المغربية – الطبعة الأولى 1987.
    شرح الزرقاني على مختصر خليل – محمد عبد العظيم الزرقاني – دار الفكر.
    الكافي في فقه أهل المدينة – ابن عبد البر – دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الأولى 1987.
    المدونة الكبرى – رواية سحنون عن ابن القاسم عن الإمام مالك – مطبعة السعادة.
    المقدمات الممهدات – محمد بن رشد الجد – دار الغرب الإسلامي ط1 ، 1988.
    مواهب الجليل بشرح مختصر خليل – محمد بن محمد الحطاب – دار الفكر.
    المعونة على مذهب عالم المدينة – القاضي عبد الوهاب البغدادي – مكتبة نزار الباز مكة الطبعة الأولى 1995.
    مراجع المذهب الشافعي:

    الأم – محمد بن إدريس الشافعي – دار الفكر.
    أسنى المطالب شرح روض الطالب – زكريا الأنصاري – دار الكتاب الإسلامي.
    الحاوي الكبير – علي بن محمد الماوردي – دار الكتب العلمية.
    روضة الطالبين وعمدة المفتين – يحيى بن شرف النووي – المكتب الإسلامي .
    فتح العزيز شرح الوجيز – عبد الكريم الرافعي – بهامش المجموع شرح المهذب – للنووي – دار الفكر.
    المجموع شرح المهذب – للنووي – دار الفكر.
    مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج – محمد الخطيب الشربيني – دار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    مراجع المذهب الحنبلي:

    الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف – علي المرداوي – دار إحياء التراث العربي.
    تقرير القواعد وتحرير الفوائد (قواعد ابن رجب) – للحافظ عبد الرحمن بن رجب الحنبلي ، تحقيق مشهور حسن سلمان – دار ابن عفان – بيروت – ط1 ، 1998م.
    الفروع – لابن مفلح – عالم الكتب – بيروت – الطبعة الرابعة.
    كشاف القناع عن متن الإقناع – منصور بن يونس البهوتي – دار الفكر.
    المغني – عبد الله بن أحمد بن قدامة – دار الكتب العلمية.
    المعاجم اللغوية:

    لسان العرب – محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي – دار صادر.
    المصباح المنير – أحمد بن محمد الفيومي – مكتبة لبنان.
    التوقيف على مهمات التعاريف – محمد عبد الرؤوف المناوي – دار الفكر المعاصر.
    المطلع على أبواب المقنع – محمد بن أبي الفتح البعلي – المكتب الإسلامي .
    معجم مقاييس اللغة – أحمد بن فارس بن زكريا – دار إحياء التراث العربي.
    مراجع أخرى:

    الارتفاق في مسائل من الاستحقاق – الحسن بن رحال المعداني ، تحقيق محمد بن سليمان المنيعي ، مكتبة الرشد الرياض ، ط1 ، 2000.
    الإشراف على مذاهب أهل العلم – محمد بن إبراهيم بن المنذر – المكتبة التجارية – مكة المكرمة.
    إعلام الموقعين عن رب العالمين – ابن القيم – دار الجيل.
    البيوع الشائعة – د. محمد توفيق البوطي – دار الفكر . دمشق ، ط1 ، 1998.
    الخيارات في الفقه الإسلامي – أ. د. علي مرعي – مطبعة الإخوة – القاهرة ، ط1 ، 1976.
    العقود المسماة – أ. د. وهبة الزحيلي – دار الفكر دمشق ، ط1 ، 1987.
    الفضالة – دراسة موازنة في الفقه الإسلامي وقوانين بلدان الشرق الأوسط – أ. د. محمد جبر الألفي، مكتبة دار الثقافة – الأردن – ط1 ، 1999.
    المحلي بالآثار – علي بن أحمد بن سعيد بن حزم – دار الفكر.
    ضمان العقد في الفقه الإسلامي – د. محمد نجدات محمد – دار المكتبي ط1.
    مقاصد الشريعة الإسلامية – محمد الطاهر بن عاشور – تحقيق محمد الطاهر الميساوي – دار النفائس الأردن ، ط2 ، 2001.
    نظرية الاستحقاق في الفقه الإسلامي والقانون المدني – محمد أحمد الكزني – مكتبة النهضة العربية القاهرة.
    نظرية العقد – أحمد بن عبد الحليم بن تيمية – دار المعرفة بيروت.
    وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية– د. محمد الزحيلي– مكتبة دار البيان– دمشق ط1، 1982.


    Maturity of rented unit in Comparative Fiqh A Fiqh Comparative Stud


    Dr. Waleed Khalid Khamis AL- Rubi’a

    Prof. Assistant In Comparative Fiqh Division

    Shari’ah and Islamic Studies Faculty Kuwait University


    Tenancy is one of the most important Shari’ah contracts, because it is the commonest and most needed to people, Tenancy contract a similar to most Shari’ah contracts has pillars and required conditions to be right, Some of these conditions are: The person who makes the contract should have authority to make a contract in a way that he makes a tenancy contract for himself as well as a contract for other people.
    This research deals with the issue of a human being who rents what other persons possess. Land Lord should have possession of the existing until all of it or some of it. This possession has power to make the contract all right.
    Maturity of rent is proving that the contracted object is not possessed by nor the person does have sovereignty over it. This contract is officious. Fiqh scholars have different views concerning officious behavior. But it seems that it is right depending on the permission of the owner.
    Based on this when there is a proof of maturity of the rented object as a whole the person who owns it can take it because he owns it and he can take its rent as well, because it is the fruit of the growth of his owners. At the maturity of some parts of the owned object in case it is hired. This has no effect on right hiring in the part that is not mature depending on permission of the owner. But in case the object is spoilt or destroyed. If the spoil or destruction was caused by the tenant on purpose he will pay for the spoil but if it was accidental. The person who has the right to take the rent can let the hiring person or the hirer do this.


    [1] أستاذ مساعد بقسم الفقه المقارن – كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة الكويت.

    [2] عقد الإيجار، د. عبد الرزاق السنهوري، ص5.

    [3] بدائع الصنع 4/174.

    [4] عقد الإيجار ، د. عبد الرزاق السنهوري ، ص5

    [5] مقاصد الشريعة الإسلامية ص421.

    [6] سورة (الأنفال :8).

    [7] انظر : لسان العرب لابن منظور 10/49 مادة (حق) ، والمصباح المنير مادة (حق) ص56 ، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي 56.

    [8] سورة (المائدة : 107).

    [9] البحر الرائق لابن نجيم 6/151.

    [10] الذخيرة للقرافي 9/34.

    [11] المغني 5/253.

    [12] حاشية ابن عابدين 4/191.

    [13] انظر : نظرية الاستحقاق محمد أحمد الكزني ص24.

    [14] شرح حدود ابن عرفة ص 497.

    [15] الكافي 2/882.

    [16] مواهب الجليل 5/294 ، جواهر 2/154.

    [17] القوانين الفقهية ص 219.

    [18] انظر : نظرية الاستحقاق محمد أحمد الكزني ص24 ، وعبارة :(( وإثبات هذه الملكية للمستحق)) إضافة من الباحث.

    [19] المطلع ص275.

    [20] الكزني ص 27 ، ضمان العقد في الفقه د. محمد نجدات ص156.

    [21] مقدمة تحقيق كتاب الارتفاق في مسائل من الاستحقاق للحسن بن رحال ، تحقيق محمد المنيعي ص 83.

    [22] انظر : معجم مقاييس اللغة مادة أجر 1/61 ، القاموس المحيط مادة أجر ص 436 ، المصباح المنير مادة أجر ص 2 ، لسان العرب مادة أجر 4/10.

    [23] انظر تكملة شرح فتح القدير 9/58 ، شرح حدود ابن عرفة ص551 ، مغنى المحتاج 2/332 ، كشاف القناع 3/516.

    [24] انظر حاشية الدسوقي 4/2.

    [25] المجموع للنووي 9/259.

    [26] المغني 5/249 وانظر قواعد ابن رجب 3/443 – 450.

    [27] الهداية 3/76.

    [28] الفتاوى الخانية 2/172.

    [29] المدونة 14 / 348.

    [30] الخرشي 6/146

    [31] الفروق 3/242 وقال : ((ومنع أشهب ذلك في الغاصب ؛ لدخولهما على الفساد والغرر)) يعني إذا باع الغاصب سلعة والمشتري يعلم بالغصب.

    [32] المجموع 9/259.

    [33] المغني 5/249.

    [34] الإنصاف 6/ 171 ، المغنى 5/ 249 ، قواعد ابن رجب 3/ 443 – 450.

    [35] الفضالة : دراسة موازنة في الفقه الإسلامي وقوانين بلدان الشرق الأوسط ، د. محمد جبر الألفي ص 54 – 56 ، مكتبة الثقافة – الأردن – ط1 ، 1999 ، باختصار وتصرف يسير.

    [36] انظر : كشاف القناع للبهوتي 3/179 حيث قال : ((مثل البيع الإجارة فيما تقدم)) ، وقال الكاساني : ((لا تنفذ إجارة الفضولي ؛ لعدم الملك والولاية ، لكنه ينعقد موقوفاً على إجازة المالك عندنا ، خلافاً للشافعي كالبيع ، والمسألة ذكرناها في كتاب البيوع)). البدائع 4/177.4

    [37] العقود المسماة أ. د. وهبة الزحيلي ص14 ، وانظر البيوع الشائعة د. محمد توفيق البوطي ص15 .

    [38] بدائع الصنع للكاساني 5/148 ، حاشية ابن عابدين 4/135 ، حاشية الدسوقي 3/62 ، المعونة 2/1038 ، مواهب الجليل 4/270، روضة الطالبين 3/355، الإنصاف 4/283، الفروع 5/36، المغني 5/416 وقال الحنفية : ((يستثني من هذا الحكم إذا كان المعقود عليه مال يتيم أو مال وقف، حيث يبطل العقد بالاستحقاق ، وذلك لعدم وجود المجيز وقت إبرام العقد ؛ وذلك لأنه لابد لانعقاد العقد موقوفاً أن يوجد له مجيز وقت إبرام العقد)).

    [39] سورة (البقرة : 275).

    [40] سورة (النساء : 29).

    [41] سورة (الجمعة : 10).

    [42] بدائع الصنائع للكاساني 5/149.

    [43] أخرجه الترمذي كتاب البيوع حديث (1257) الحديث ضعيف منقطع ، قال عنه الترمذي : ((حديث حكيم بن حزام لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع عندي من حكيم بن حزام)).

    [44] بدائع الصنائع للكاساني 5/149.

    [45] أخرجه البخاري كتاب المناقب حديث (3642) ، وأبو داود كتاب البيوع باب في المضارب يخالف حديث (3384) ، والترمذي كتاب البيوع حديث (1258).

    [46] نيل الأوطار 5/305

    [47] أخرجه البخاري كتاب البيوع ، باب إذا اشترى شيئاً لغيره بغير إذنه فرضي حديث (2215) ، ومسلم كتاب الذكر والدعاء ، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة حديث (2743).

    [48] عمدة القاري 8/528.

    [49] فتح الباري 4/409.

    [50] شرح مسلم للنووي 17/57.

    [51] سورة (المائدة : 2).

    [52] سورة (البقرة :195).

    [53] بدائع الصنائع للكاساني 5/149.

    [54] المجموع 9/262.

    [55] المعونة 2/1038.

    [56] المجموع 9/262.

    [57] المجموع 9/262.

    [58] المجموع 9/263.

    [59] المجموع 9/262، نيل الأوطار 5/305 ، وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري : ((فيه جواز الوكالة ، وأن الوكيل في شراء شاة بدينار مثلا لو اشترى به شاتين تساوي كل منهما أو إحداهما فقط دينارا صح ، وهو ظاهر ؛ لأنه لو حصل غرض الموكل وزاد خيراً، بخلاف ما إذا لم تساو إحداهما ديناراً وإن زادت قيمتها جميعاً ، وليس له بيع إحداهما ولو بدينار ليأتي به وبالأخرى للموكل ، وإن فعل عروة ذلك لعدم لإذن فيه ، وأما عروة فلعله كان مأذوناً له في بيع ما يراه مصلحة من مال النبي صلى الله عليه وسلم ، والوكالة في بيع ما سيملكه تبعاً لبيع ما هو مالكه صحيحة)) (فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام ص471).

    [60] المحلي 8/437.

    [61] بدر التمام 3/185.

    [62] المجموع 9/262 قال ابن حجر : ((وقد أجيب عن حديث الباب بأنه يحتمل أنه استأجره بفرق في الذمة ، ولما عرض عليه الفرق فلم يقبضه استمر في ذمة المستأجر ؛ لأن الذي في الذمة لا يتعين إلا بالقبض ، فلما تصرف فيها لمالك صح تصرفه ، سواء أعتقده لنفسه أم لأجيره ، ثم إنه تبرع بما اجتمع منه على الأجير برضا منه ، والله أعلم )). (فتح الباري 4/405 ، شرح مسلم للنووي 17/58).

    [63] عمدة القاري 8/528.

    [64] المحلي 8/436.

    [65] المجموع 9/262.

    [66] المجموع 9/262.

    [67] المجموع 9/262.

    [68] المجموع 9/261 ، روضة الطالبين 3/355، أسنى المطالب 2/10، الإنصاف 4/283 ، الفروع 5/36 ، المغنى 5/416 ، المحلي 8/434 مسألة (1460).

    [69] سورة الأنعام : 164.

    [70] الخيارات في الفقه الإسلامي للدكتور علي مرعي ص8.

    [71] أخرجه ، أبو داود كتاب البيوع ، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده حديث (3503) ، والترمذي كتاب البيوع ، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك حديث (1232) وهو حديث حسن صحيح ، صححه الترمذي ، وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود 2/374.

    [72] الخيارات في الفقه الإسلامي للدكتور علي مرعي ص8، نظرية الاستحقاق في الفقه الإسلامي والقانون المدني لمحمد الكزني ص111.

    [73] أخرجه أبو داود كتاب الطلاق باب في الطلاق قبل النكاح حديث (2190) ، والترمذي كتاب الطلاق واللعان باب ما جاء (لا طلاق قبل النكاح) حديث (1181) ، وهو حديث حسن، قال عنه الترمذي : ((حديث حسن صحيح)). وقد حسنه الشيخ الألباني في صحيح أبو داود 2/8.

    [74] الخيارات في الفقه الإسلامي للدكتور علي مرعي ص8، نظرية الاستحقاق في الفقه الإسلامي والقانون المدني لمحمد الكزني ص112.

    [75] المجموع 9/263.

    [76] أسنى المطالب 2/10.

    [77] الخيارات في الفقه الإسلامي للدكتور علي مرعي ص8.

    [78] الخيارات في الفقه الإسلامي للدكتور علي مرعي ص8.

    [79] نظرية الاستحقاق ص112.

    [80] العناية للبابرتي بهامش فتح القدير 5/311.

    [81] نظرية الاستحقاق ص113.

    [82] بدائع الصنع 5/148 البناية 6/594 ، نظرية الاستحقاق ص113.

    [83] الإنصاف 4/283 ، الفروع 5/36 ، المغني 5/416 وذكر ابن قدامه بانه ينبغي تقييده بما إذا لم يبطله المالك ، فأما إذا اختار المالك إبطاله وأخذ المعقود عليه فلم نعلم خلافاً – يعني في بطلان التصرف- .

    [84] المغني 5/416.

    [85] إعلام الموقعين 2/54.

    [86] إعلام الموقعين 2/55 ، 56.

    [87] نظرية العقد ص226.

    [88] ألحق بعض الفقهاء تصرفات الغاصب الحكمية – التي لها حكم من صحة أو فساد – بتصرفات الفضولي حيث يجري فيها الخلاف السابق انظر المغني 5/415 ، الإنصاف6 /203 ، كشاف القناع 4/112.

    [89] أخرجه أبو داود كتاب البيوع ، باب فيمن اشترى عبداً فاستعمله ثم وجد به عيباً حديث (3805) ، والترمذي كتاب البيوع ، باب فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيباً حديث (1285) وهو حديث حسن قال الترمذي : ((هذا حديث حسن صحيح )) . وقد حسنه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود 2/374.

    [90] أخرجه أبو داود كتاب الخراج والفئ والإمارة باب في إحياء الموات حديث (3073) ، والترمذي كتاب الأحكام باب ما ذكر في إحياء أرض الموات حديث (1378) وهو حديث صحيح ، صححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود 2/266.

    [91] بداية المجتهد 2/322.

    [92] ) بدائع الصنائع 4/177 ، 7/154 ، الفتاوى الهندية 4/436 حيث ورد فيها : ((لو آجر الرجل عبداً له ثم استحق وأجاز المستحق الإجارة ، فإن كانت الإجارة قبل استيفاء المنفعة جاز وكان الأجر للمالك ، وإن أجاز بعد استيفاء المنفعة لا تعتبر الإجازة والأجر للعاقد ، وإن أجاز في عقد بعض المدة فأجر ما مضى وما بقي للمالك في قول أبي يوسف رحمه الله ، وقال محمد رحمه الله : أجر ما مضى للغاصب وما بقي للمالك)) اهـ.

    [93] أخرجه أبو داود كتاب البيوع ، باب فيمن اشترى عبداً فاستعمله ثم وجد به عيباً حديث (3508) ، والترمذي كتاب البيوع ، باب ما جاء فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيباً حديث (1285) وهو حديث حسن قال الترمذي : ((هذا حديث حسن صحيح)) . وقد حسنه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود 2/374.

    [94] الإشراف لابن المنذر 2/119.

    [95] بدائع الصنائع 4/177.

    [96] المغني 5/414.

    [97] المحلي 8/136.

    [98] الحاوي الكبير 7/161.

    [99] المدونة 5/356 ، وفي المذهب أقول أخرى ، منها : أن الغاصب لا شيء له من الغلات كلها ، والثاني : يلزمه رد الغلة والكراء إن أكرى أو انتفع ، وإلا فلا شيء عليه ، الثالث : إن أكرى كان عليه الكراء ، وإن لم يكر فلا شيء عليه ، الرابع : التفرقة بين ما كان متولداً عن الشئ المستغل كاللبن والصوف والثمرة ، أو غير متولد عنها وكراء المساكن ، الخامس : أن له الغلات كلها (انظر المقدمات الممهدات 2/506 ، والتفريع 2/276 ، بداية المجتهد 2/321).

    [100] انظر المقدمات الممهدات 2/505 ، والتفريع 2/276.

    [101] الخرشي علي خليل 6/154 ، المدونة 5/372 ، جواهر الإكليل 2/154 ، الذخيرة 9/35.

    [102] بدائع الصنائع 4/177 ، الفتاوى الهندية 4/436.

    [103] المحلي 8/136.

    [104] قال البهوتي : ((نصوص أحمد متفقة على أن الربح للمالك)) كشاف القناع 4/113 ، المغني 5/413 ، الإنصاف 6/208.

    [105] الأم 3/254 ، روضة الطالبين 5/65 ، الحاوي الكبير 7/160 ، الفتاوى الهندية 4/436.

    [106] بدائع الصنائع 4/177 ، الفتاوى الهندية 4/436.

    [107] سورة (البقرة : 194).

    [108] الحاوي الكبير 7/161.

    [109] بدائع الصنائع 4/177.

    [110] سورة (النساء : 29).

    [111] أخرجه أحمد 5/72 ، والدارقطني 3/26 ، وهو صحيح انظر صحيح الجامع الصغير (7672).

    [112] المنثور في القواعد للزركشي 2/182.

    [113] بدائع الصنائع 5/288 ، حاشية ابن عابدين 5/207.

    [114] الارتفاق في مسائل من الاستحقاق للحسن الرحال المعداني تحقيق محمد بن سليمان المنيعي ص126.

    [115] الفروق للقرافي 4/32.

    [116] مواهب الجليل 4/480 ، الزرقاني علي خليل 5/162 ، الذخيرة 9/46 ، العقد المنظم للحكام بهامش تبصرة الحكام 2/70 ، قال في المدونة : ((وقال البعض : إذا استحق النصف أو الجلّ لم يكن للمكاري أن يتمسك بما بقي ، لأن ما بقي مجهول ، ولأن التفرقة عيب، له الرد به كسائر العيوب ، والتمسك بما بقي من حصته (المدونة 5/377) ، الارتفاق في مسائل من الاستحقاق للحسن الرحال المعداني تحقيق محمد بن سليمان المنيعي ص123.

    [117] الارتفاق في مسائل من الاستحقاق للحسن الرحال المعداني تحقيق محمد بن سليمان المنيعي ص126.

    [118] أسنى المطالب 2/42 ، مغني المحتاج 2/40 ، روضة الطالبين 3/427.

    [119] الإنصاف 4/290 ، الفروع 4/32 ، كشاف القناع 3/178، الشرح الكبير 4/38 ، الارتفاق ص126.

    [120] المحلي 8/509 مسألة 1496 ، مغني المحتاج 2/40 ، الفروع 4/32 ،الشرح الكبير 4/38.

    [121] تبيين الحقائق 3/225 ، الذخيرة 9/44 ، روضة الطالبين 5/10 ، قواعد ابن رجب 2/316 القاعدة التاسعة والثمانون.

    [122] البدائع 4/215 ، مجمع الضمانات ص126 ، روضة الطالبين 5/9 ، أسنى المطالب 2/341 ، المغنى 5/413 ، قواعد ابن رجب 2/347 القاعدة 93.

    [123] المدونة 5/377 وفيها سئل ابن القاسم : لو هدم المتكاري الدار تعدياً وأخذ نقضها فاستحقها رجل؟ فقال : ((تكون الدار للمستحق ، ويكون قيمة ما هدم المتكاري للمستحق )) ، وسئل إن كان الذي هدم هو المكري (المؤجر) ثم استحقها المستحق؟ فقال : ((لا شيء له على المكتري إلا أن يكون هو الذي باع نقضها ، فإن كان باع نقضها أخذ منه ثمن ما باع به ، وإن كان إنما هدم منها شيئاً قائماً عنده أخذه منه)). وانظر الذخيرة 9/44 ، مواهب الجليل 5/303 ، حاشية الدسوقي 3/468.

    [124] انظر الفروق 2/4 ، 207/27.

    [125] المراجع السابقة بتصرف يسير.

    [126] وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية د. محمد الزحيلي ص646.

    [127] مجمع الأنهر 2/253، الفروق للقرافي 4/97 ، الحاوي الكبير 16/309، الطرق الحكمية لابن القيم ص194.

    [128] أخرجه مسلم كتاب الإيمان باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار حديث (139).

    [129] أخرجه مسلم كتاب الإيمان حديث (138).

    [130] بدائع الصنائع 6/282 ، وانظر مواهب الجليل 6/158 ، الحاوي الكبير 16/312، كشاف القناع 4/261.

    [131] انظر مراتب الإجماع لابن حزم ص54.

    [132] بدائع الصنائع 6/229 ، حاشية الدسوقي 4/146 ، حاشية قليوبي وعميرة 4/341 ، الطرق الحكمية ص110.

    [133] بدائع الصنائع 6/225 ، كشاف القناع 6/143 ، الطرق الحكمية ص126.

    [134] حاشية الدسوقي 4/232 ، مغنى المحتاج 4/478 ، الإنصاف 11/254.

    [135] في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ (9)) سورة (النور : 6-9).

    [136] تقبل شهادة الشاهد ويمين المدعي عند الجمهور ؛ لما أخرجه مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد . أخرجه مسلم كتاب الأقضية ، باب القضاء باليمين والشاهد حديث (1712) ، قال النووي : ((قال جمهور علماء الإسلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المصادر يقضي بشاهد ويمين المدعي في الأموال وما يقصد به الأموال ))، شرح مسلم للنووي ص1318.

    [137] الطرق الحكمية لابن القيم ص132 ، وانظر الارتفاق في مسائل الاستحقاق ص95 ، القضاء بالأيمان والنكول د. عبد الفتاح إدريس ص353 – 381 ، وسائل إثبات د. محمد الزحيلي ص409 – 411.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •