فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (السّعي بين الصفا والمروة)
الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين
س 938: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ذكر بعض العلماء- رحمهم الله تعالى- أن استلام الحجر بعد الركعتين تحية للمسعى ما توجيه هذا القول؟
فأجاب فضيلته بقول: هذا غير صحيح، فكيف يحيا السعي في مكان ليس هو المسعى.
س 939: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل تشترط الموالاة بين الطواف والسعي؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي، فيجوز للإنسان أن يطوف ثم يستريح، ثم يسعى، أو يطوف في أول النهار، ويسعى في آخر النهار، ولكن الموالاة أفضل.
س 940: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل للفصل بين الطواف والسعي زمن محدود؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس للفصل بين الطواف والسعي زمن محدود، فالموالاة بينهما ليست بشرط، لكن لا شك أن الأفضل أنه إذا طاف يسعى، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - والى بين سعيه وطوافه، ولكن لو أخر فطاف في أول النهار وسعى في آخره، أو بعد يوم أو يومين، فلا حرج عليه في هذا، لأن الموالاة بين الطواف وبين السعي سنة، وليست واجبة.
س 941: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل السعي بعد طواف القدوم للقارن والمفرد والمتمتع يجزىء عن سعي الحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما القارن والمفرد فسعيه بعد طواف القدوم يجزىء؛ لأن أفعال العمرة دخلت في الحج، إذ إن القارن أفعاله كأفعال المفرد تماماً، ومن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم- الذين كانوا معه- أي قارنين- لم يسعوا مرتين.
وأما المتمتع فلا يكفيه سعي العمرة عن سعي الحج؛ لأن النسكين انفصلا، وتميز بعضهما عن الآخر، فيجب على المتمتع طواف العمرة حين يقدم مكة وسعي العمرة، ويجب عليه طواف الإفاضة، وسعي الحج، فالطواف والسعي الأول للعمرة، والطواف والسعي الثاني للحج ولا بد.
س 942: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا سعى المعتمر قبل الطواف ثم طاف فماذا يلزمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا سعى المعتمر قبل أن يطوف ثم طاف فإنه لا يعيد إلا السعي فقط، وذلك لأن الترتيب بين الطواف والسعي واجب، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رتب بينهما وقال: "لتأخذوا عني مناسككم " وإذا أخذنا عنه - صلى الله عليه وسلم - مناسكه بدأنا بالطواف أولاً ثم بالسعي ثانياً، ولكن لو قال: أنا تعبت في السعي الأول، قلنا: إنه يؤجر على تعبه، ولكن لا يقر على الخطأ.
وذهب بعض التابعين، وبعض العلماء إلى أنه إذا سعى قبل الطواف في العمرة ناسياً، أو جاهلاً، فلا شيء عليه، كما لو كان ذلك في الحج. والله أعلم.
س 943: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ذهبت أنا وزوجتي للعمرة فلما بلغنا الحرم حاضت زوجتي فأجلستها في المسعى، ثم ذهبت وطفت ثم سعيت أنا وهي جميعاً فلما طهرت طافت فهل هذا الفعل صحيح، حيث قدمت سعي العمرة على طواف العمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الفعل ليس بصحيح، لأنه لا يجوز تقديم سعي العمرة على طوافها، بخلاف الحج، فالحج يجوز أن تقدم سعيه على طوافه، وأما العمرة فلا، وبناء على هذا نقول: الواجب الآن عليك أن تتجنب زوجتك، أن تذهب بها من أجل أن تسعى بين الصفا والمروة، وهي لا زالت باقية على إحرامها، فعليها أن تتجنب محظورات الإحرام حتى تصل إلى مكة، وتسعى بين الصفا والمروة، وتقصر لتحل من إحرامها.
س 944: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل أثناء العمرة، أدى السعي بالزيادة لأنه كان يظن أن السعي من الصفا إلى الصفا واحدة فأرجو منكم الإفادة حول هذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الإفادة حول هذا أن سبعة من هذه الأشواط هي صحيحة، والموافقة للشرع، والسبعة الباقية فعلها عن اجتهاد، ونرجو الله تعالى أن يثاب عليها، لكنها ليست مشروعة، فالسعي من الصفا للمروة شوط، والرجوع من المروة إلى الصفا شوط آخر، وعلى هذا فيكون ابتداؤك من الصفا وانتهاؤك بالمروة.
س 945: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل سعى بدأ بالصفا ويرجع من المروة ويعتبره شوطاً واحداً جهلاً منه هل يصح سعيه؟
فأجاب بقوله: نعم يصح منه سعيه، والباقي يأجره الله على التعب، مع أن إبن القيم- رحمه الله- ذكر أن بعض العلماء توهم في هذا، وظن أن السعي دورة كاملة، فعلى هذا يسعى أربعة عشر شوطاً، وقد اشتهر بين الطلبة أن هذا عن ابن حزم- رحمه الله- وليس كذلك، والذي عن ابن حزم أن الرمل في الأشواط الثلاثة فقط في السعي كالطواف، وسبب وهمه -رحمه الله- أنه لم يحج والإنسان الذي لم يحج لا يتصور الحج كما يمكن، والعجب أنه لم يحج ويتكلم عن أحكام الحج بأحسن ما يكون من الكلام من العلماء الذين حجوا، وليس بغريب على فطاحلة العلماء، فها هو شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- لم يتزوج وإذا تكلم فيما يتعلق بالنساء وعشرتهن وغير ذلك قلت: هذا من المتزوجين.
س 946: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يعتبر السعي من الصفا إلى المروة شوطًا ومن المروة إلى الصفا شوطًا أم شوطين. أفيدونا وفقكم الله وقد كنا نحتسب الذهاب من الصفا إلى المروة والعكس شوطاً واحداً ونحن نجهل ذلك وفقكم الله؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما عملكم هذا فهو خلاف المشروع، لكن نظرًا لجهلكم يجزئكم، ويكون السعي المشروع الذي تثابون عليه هو السبعة الأشوط الأولى فقط، التي هي في حسابكم ثلاثة أشواط ونصفًا والسعي بين الصفا والمروة من الصفا إلى المروة شوط، والرجوع من المروة إلى الصفا هو الشوط الثاني، وهكذا حتى تتم الأشواط السبعة، ويكون الانتهاء بالمروة لا بالصفا، وهذا هو ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجمع المسلمون عليه، ولم يقل أحد بخلافه إلا قولاً يكون وهما من قائله.
س 947: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قدمت زوجتي للحج متمتعة وقامت بأداء عمرة الحج ثم تحللت بنية التمتع، ثم قمنا بأداء فريضة الحج غير أنها لم تكرر السعي واكتفينا بالسعي الأول في العمرة عملاً بقول من قال بذلك من العلماء حيث قرأنا أن في المسألة خلافاً بين العلماء وأرشدنا أحد الأخوة إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- بأن سعي العمرة يجزىء عن سعي الحج، وبناء عليه لم تسع وعدنا إلى جدة فنرجو من فضيلة الشيخ إرشادنا إلى الصواب جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواقع أن كثيرًا من مسائل الفقه في الدين لا تخلو من خلاف، وإذا كان العامي الذي لا يعرف يطالع كتب العلماء ويعمل بالأسهل عنده فإن هذا حرام، وقد قال العلماء: من تتبع الرخص فقد فسق، أي صار فاسقاً، والمعلوم أن اختيار شيخ الإسلام- رحمه الله- هو ما ذكره السائل، من أن المتمتع يكفيه السعي الأول الذي في العمرة، وله أدلة فيها شبهة، ولكن الصحيح أن المتمتع يلزمه سعيان، سعي للحج، وسعي للعمرة، ويدل لذلك حديثا عائشة، وابن عباس- رضي الله عنهم- وهما في صحيح البخاري، والنظر يقتضي ذلك؛ لأن كل عبادة منفردة عن الأخرى، ولهذا لو أفسد العمرة لم يفسد الحج، ولو أفسد الحج لم تفسد العمرة، ولو فعل محظوراً من المحظورات في العمرة لم يلزمه حكمه بالحج، بل الحج منفرد بأركانه وواجباته ومحظوراته، والعمرة منفردة بأركانها وواجباتها ومحظوراتها، فالأثر والنظر يقتضي انفراد كل من العمرة والحج بسعي في حق المتمتع، وعلى هذا فإن كنت متبعاً لقول شيخ الإسلام- رحمه الله- بناء على استفتاء من نثق به لعلمه وأمانته
فليس عليك شيء، لكن لا تعد لمثل ذلك، والتزم سعيين: سعياً في الحج، وسعياً في العمرة، إذا كنت متمتعاً.
س 948: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا طاف من عليه سعي ثم خرج ولم يسع وأخبر بعد خمسة أيام بأن عليه سعياً فهل يجوز أن يسعى فقط ولا يطوف قبله؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا طاف الإنسان معتقداً أنه لا سعي عليه، ثم بعد ذلك أخبر بأن عليه سعياً فإنه يأتي بالسعي فقط، ولا حاجة إلى إعادة الطواف، وذلك لأنه لا يشترط الموالاة بين الطواف والسعي، حتى لو فرض إن الرجل ترك ذلك عمداً- أي أخر السعي عن الطواف عمداً- فلا حرج عليه. ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف.
س 949: سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-: رجل جاء بالإفراد فطاف طواف القدوم وبدا له أن يسعى بعد يومين من طوافه للقدوم فهل له ذلك أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين: نعم يجوز للمفرد الذي قدم إلى مكة بنية الحج وحده أن يطوف للقدوم ويؤخر السعي يوما، أو يومين، أو أكثر، وله أن يؤخر السعي أيضاً إلى ما بعد طواف الإفاضة في يوم العيد، ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه- رضي الله عنهم- طافوا أول ما قدموا وسعوا، فهذا هو الأفضل، ولكن تأخيره لا حرفيه.
س 950: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حجت والدتي متمتعة لكنها لم تسع بين الصفا والمروة إلا أربعة أشواط؛ لأنها مريضة وطلبت أن أحضر لها العربة لحملها عليها وأكمل معها السعي، ولكنها رفضت لجهلها وظنا منها أنها تشعر بالحرج والعجز مع العلم بأنني في العام التالي ذبحت هديًا في مكة المكرمة ولكن هل يجزىء ذلك أم نكمل لها الأشواط المتبقية مع العلم بأنها مصرة، ومن الصعب أن تحضر مرة أخرى وذلك لمرضها جزاكم الله خيراً
فأجاب فضيلته بقوله: مسألتها مشكلة على قواعد الفقهاء - رحمهم الله- وذلك لأن عملها هذا يتضمن أنها أحرمت بالحج قبل أن تتم العمرة في وقت لا يصح فيه إدخال الحج على العمرة؛ لأن إدخال الحج على العمرة إنما يكون قبل الشروع في طوافها، وهذه قد طافت وسعت أربعة أشواط، فيكون إدخال الحج على العمرة في هذه المسالة خطأ، فمن العلماء من يقول: إن إحرامها بالحج غير منعقد، وأنه لا حج لها، وفي هذه الحال يجب أن ترجع إلى مكة على إحرامها وتسعى وتقصر، لكن لو قال قائل: إنه في مثل هذه الضرورة بحكم بصحة إدخال الحج على العمرة، وتكون بذلك قارنة ويكفيها سعي واحد، وكنت أرجو أن لا بأس بذلك.
ثم إنه يقول إن أمه أبت أن يأتي بالعربة لتكمل عليها أشواط السعي. أقول في مثل هذه الحال: حتى لو أبت الأم يجب عليه أن يبين أن عمرتها لم تتم، وأنه يلزمها أن تتم عمرتها، ويؤكد عليها حتى لو غضبت، ولو زعلت؛ لأن هذا أمر عبادة لا يمكن أن يراعى فيها جانب المخلوق.
س 951: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للحاج أن يسعى ماشياً لبعض الأشواط وراكباً في بعضها الآخر إذا كان يتعب من السير المتواصل؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز، ولا حرج عليه في ذلك، والدليل على هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لأم سلمة- رضي الله عنها- أن تطوف وهي راكبة، حيث اشتكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: "طوفي وراء الناس وأنتِ راكبة"
س 952: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للحاج وهو يسعى أن يجلس ليستريح ثم يواصل ويجلس وهكذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز له هذا، وقد ذكر أهل العلم أن الموالاة بين أشواط السعي سنة وليست بشرط، وعلى هذا فله أن يستريح ولو طال الزمن، ثم يبتدىء السعي، ولكن كلما كانت الأشواط متوالية فهو أفضل بحسب ما يستطيع.
س 953: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا توقف الإنسان للاستراحة أثناء السعي فهل يباح له أن يخرج من المسعى؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يباح له أن يخرج يعني يذهب لقضاء حاجته أو يشرب وما أشبه ذلك.
س 954: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم السعي في سطح المسعى، أو في الطابق الثاني، أو في الخلوة (القبو) وهل يصح السعي في تلك الحال؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما السعي فوق سواء في السطح الأعلى، أو في الأوسط فهذا لا بأس به. وأما في الخلوة أو في القبو فلا أعرف أن تخط المسعى قبوًا فليس تحته قبو، فعلى هذا يكون محل الطواف ومحل السعي ثلاثة: الأرض، والسطح الذي فوقها، والسطح الأعلى، ولو بنوا سطحاً رابعا فلا حرج، ولو بنوا خامساً فلا حرج؛ لأن الهواء تابع للقرار، كما أنه لو قدر أنه فتح قبو على طول المسعى فإنه يجزىء السعي فيه.
س 955: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل سعى فأكمل الشوط الأول ومن شدة الزحام انتقل إلى السطح هل يلغي الشوط الأول أو يبني عليها؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يبني على الأول إذا كان سعى ثم شق عليه للزحام فانتقل إلى فوق فلا حرج، ويكمل على الشوط الأول؛ لأنه كله مسعى، وليس هناك مدة طويلة بين انتقاله إلى السطح الأعلى من السطح الأسفل.
س 956: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا كان الرجل معه امرأة أو نساء في المسعى فهل يهرولن معه أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: ذكر بعض أهل العلم أن العلماء أجمعوا بأن المرأة لا تهرول لا في الطواف ولا في السعي وكان يتراءى لي في الأول أن المرأة في السعي تسعى بين العلمين- أي تركض- لأن أصل السعي من أجل أم إسماعيل، فأم إسماعيل لما تركها إبراهيم عليه الصلاة والسلام وولدها في مكة، وترك عندهما جراباً من التمر ووعاءً من الماء، فلما نفد التمر والماء قل لبنها على ابنها، وصار الابن يجوع فجعل يصيح، فضاقت عليها الأرض بما رحبت، فنظرت أقرب جبل إليها؛ لأن الولد كان عند محل الكعبة، فأقرب جبل إليها هو الصفا، فذهبت فصعدت تتسمع لعل الله يأتي بأحد، وفي هذا الوقت لم يكن أحد، فلم تسمع، فنزلت متجهة إلى المروة؛ لأنه أقرب جبل أيضاً، وفي أثناء مسيرها مرت بالوادي، وهو عادة يكون منخفضاً، فلما هبطت الوادي أسرعت لئلا يغيب عنها ولدها، فلما صعدت مشت على العادة، حتى أتت المروة فلما أتمت سبع مرات، نزل الفرج من رب الأرض والسماوات، نزل جبريل- عليه الصلاة والسلام- فركل برجله أو جناحه محل زمزم، حتى نبع الماء، فجعلت من شفقتها تحجره لئلا ينساب في الأرض، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عيناً معيناً" وجعلت تشرب من هذا الماء وكان ماءُ زمزم لما شرب له فكان يغنيها عن الطعام والشراب، فدرت على والدها، فمر ركب من جرهم ورأوا الطيور تنزل على هذه الجهة لتشرب من الماء، فتعجبوا فقالوا: ليس في هذا المكان ماء فكيف يكون؟ فذهبوا نحو ما تأوي إليه الطيور، فإذا بأم إسماعيل وولدها فنزلوا عندها، وصارت قرية- سبحان الله- بعد أن لم يكن فيها إلا الوحش، وإسماعيل وأمه.
كان يتراءى لي أن المرأة تسعى بين العلمين؛ لأن أصله من سعي أم إسماعيل، لكن لما رأيت بعض أهل العلم نقل إجماع العلماء على أن المرأة تمشي ولا تسعى رأيت أن الصواب أن تمشي بلا سعي.
بقي علينا المحرم الذي معها هل يرمل في الطواف، وهل يسعى ويتركها أم يمشى معها حسب مشيها؟
نقول: إن كانت المرأة تهتدي بنفسها وامرأة مجربة ولا يخشى عليها فلا حرج أن يرمل في الأشواط الثلاثة، ويقول لها في آخر الطواف: نلتقي عند مقام إبراهيم، وإن كانت لا تستقل بنفسها ويخشى عليها فإن مشيه معها أفضل من الرمل، وأفضل من السعي الشديد بين العلمين.
س 957: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة حاضت وقد تحفظت تحفظاً كاملا فهل يجوز لها الجلوس بالمسعى من أجل البراد حتى ينتهي أهلها من عمرتهم أم تخرج خارج المسجد في التوسعة الجديدة أم ماذا تفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا حرج عليها أن تجلس في المسعى؛ لأن المسعى ليس من المسجد خارج المسجد، فله حدود معينة وجدر تحجزه عن المسجد الحرام، فليس من المسجد، وإذا جلست فيه الحائض فلا حرج عليها تنتظر أهلها، أو ما أشبه ذلك.
س 958: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل المسعى من المسجد الحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد الحرام، ولذلك جعلوا جداراً فاصلا بينهما، لكنه جدار قصير كما هو مشاهد في الدور الأرضي، أما الدور الأعلى فهو جدار قائم طويل فيه أبواب. وهذا لا شك أنه خير للناس لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه، لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى.
والذي أفتي به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى؛ لأن المسعى لا يعتبر من المسجد. والله أعلم.
يتبع