السبل الثلاث لتحصيلِ العلم الشرعي
للشيخ خالد بن ضحوي الظفيري


فعلى طالِبِ العلم أنْ يجمعَ بين الأمريْن، بل يجمع بين ثلاثةِ أُمور وهي السُّبل لتحصيل العلم، والثلاثةُ أُمور هي: القراءة، والحفظ، والاستِماع. 1- القراءة
القراءة: فيكُون له نصيبٍ مِن قراءة الكُتب، وتلخيصها، ودراستِها، لا بُدَّ أنْ يكون لطالبِ العلم وِردٌ يوميٌّ في القراءة، ويختار ما يُناسبه، ويُناسبُ مُستواه العلميِّ، فلا ينتقل إلى أرفع مِن مُستواه فتحدُثُ عنده الإشكالات على ما سيأتي بيانه إنْ شاء الله، فأوَّلا القراءة.

2- الحفظ
وكذلك لا بُدَّ أنْ يكون له نصيب مِن الحفظ: وأوَّله كتاب الله سُبحانه وتعالى، لا بُدَّ لطالب العلم أنْ يجتهد في حفظ كلام الله عزَّ وجلَّ، وأنْ يكون له صِلةٌ مع القُرآن، ووِردٌ مع كتاب الله عزَّ وجلَّ حتَّى لا يدخُل في قول الله عزَّ وجلَّ: “وَقَالَ الرَّسُول يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآن مَهْجُورًا“[الفرقان: 30]، وكذلك يحفظ ما يتيسَّر مِن المتون على التَّدرُّج في الفنون.

3- الاستماع
وكذلك الأمر الثَّالث: وهو الاستِماع، لا يكُن شيخك فقط الكتاب، وهذا واقعٌ مُشاهَدٌ، نجدُ كثيرًا مِمَّن كان عصامِيَّا ـ كما يُقال ـ لا يحرص على حُضور دُروس أهل العلم، ولا ثَنْيِ الرُّكب عندهم، ولا التَّعلُّم مِن شيوخ السُّنَّة؛ تجده في نهاية الأمر تحدثُ عنده الضَّلالات والبدع والانحرافات وهو لا يشعر، ويظنُّها حقًّا. فهذا هو الأصل، لذلك جاء عن مالك رحمه الله تعالى أنَّه قال: “لا يُؤخذ العلم مِن ثلاث“، وذكر مِنهم قال: “ومَن لم يُعرف بالرِّحلة في طلب الحديث“. ـ ما معنى الرِّحلة في طلب الحديث؟ معناها لِقاءُ أهل العلم، والدِّراسة عليهم. وهذا الأمر يا إخوة مثلُ ما قُلنا تيسَّر في زماننا هذا أكثر مِمَّا هو مُتيسِّرٌ فيما مضى، الإمام أحمد رحمه الله تعالى كما هو معلومٌ أنَّه مِن أهل بغداد مِن العراق، رحل إلى الفضل بن دُكيْن في اليمن ومعه يحيى بن معين، فرحلُوا وكان الموسم موسم حجٍّ، فقالوا نذهب إلى الحرميْن فنحُجُّ، ونلتقي بعُلماء الحرم، ثُمَّ نرحل إلى اليمن. انظر إلى الرِّحلة! طويلةٍ، يجلِسون أشهر، بل يتجاوزون السَّنة، رحلوا إلى اليمن، فيسَّر اللهُ عزَّ وجلَّ لهم الفضل حاجًّا تلك السَّنة، فقال يحيى: يسَّر اللهُ عزَّ وجلَّ عنَّا تلك الرِّحلة، فنأخذ العلمَ مِنه هُنا، قال الإمام أحمد ـ وهذه الهِمَّة والعزيمة على الرِّحلة ـ، قال: “لا أقطع نيَّة نويتُها لله، بل نرحلُ إلى اليمن معه”، فرحلُوا إلى اليمن معه رحمه الله. والأمثلة على ذلك كثيرة، في عصرنا هذا الإذاعات، العُلماء موجودون تسمع لهم إنْ لم يتيسَّر لك، مع الحرص الشَّديد لطالب العلم على لقاء أهل العلم، خُصوصًا مع قِلَّتهم في هذا الزَّمان الَّذين عُرِفوا بالعقيدة الصَّافية والمنهج السَّلفيِّ، فتحرص على لِقائهم، والرِّحلة لهم، إنْ لم يتيسَّر ذلك فإذاعات أهل السُّنَّة وأشرطتهم مُتيسِّرة، تسمع، وتقرأ لكُتبهم، وشُروحهم، أنْ يكون لك ارتِباط بأهل العلم. فإذًا الاعتِماد على الكُتب دون الرُّجوع إلى أهل العلم مِن العوائق الَّتي لا تجعل طالبَ العلم يصِلُ إلى مرتبة العُلماء، يقول سُليمان بن موسى الفقيه رحمه اللهُ تعالى: “كانوا يقولون لا تأخذ القُرآن عن المُصحَفيِّين، ولا العلم عن الصُّحُفيِّين“. وأيضًا قالوا: “لا يُؤخذ القُرآن عن مُصحَفيِّ، ولا العلم عن صُحُفيٍّ“. المُصحَفيُّ: معناه الَّذي تعلَّم القُرآن دون الرُّجوع إلى القُرَّاء، والاستِماع لهم، فهذا تجد عنده أخطاءً في القِراءة الَّذي تعلَّم القِراءة مِن المُصحف. وكذلك الَّذي تعلَّم العلم مِن الصُّحفي، الصُّحف المقصود بها الأوراق يعني الكُتب، دون الرُّجوع إلى العُلماء. فهؤلاء لا يُؤخذ العلم عنهم، فينبغي على طالب العلم أنْ يحرص على هذا الباب.