(غالبا) سيبحث عن زلّاتك ذلك الذي تخالفه في الرأي، وسيفسد الودّ بينك وبينه (غالبا) وإن لم يُظهر لك ذلك، فوطّن نفسك على هذا حتّى لا تنصدم من ردّة فعله.
ماهر أبو حمزة
(غالبا) سيبحث عن زلّاتك ذلك الذي تخالفه في الرأي، وسيفسد الودّ بينك وبينه (غالبا) وإن لم يُظهر لك ذلك، فوطّن نفسك على هذا حتّى لا تنصدم من ردّة فعله.
ماهر أبو حمزة
يقولون: الخلاف لا يفسد للود قضية.
وهذا حقيق إذا كان في جو من التفاهم والمدارسة, وعليه شواهد كثيرة
بارك الله فيكم
لذا واجب علينا أن نظهر هذا الجو؛ بل ونطبقه عمليًا في هذا المجلس ما استطعنا، وإن كنت ألمس ذلك في كثير من إخواننا ومشايخنا في نقاشاتهم.
كلامك صحيح - يا للأسف - أبا حمزة.
نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
قال عمر رضي الله عنه: (رحم الله من أهدى إلي عيوبي)
حصل لي بعض المشادة في حوار دار بيني وبين أخي الدكتور إبراهيم الشناوي حفظه الله تعالى، ونفع بعلمه، في مسألة ما
وبعد أسابيع أو أشهر ذكر حديثًا فلم يقف له على سند
فأرسلت له على الخاص أذكر له أماكن ورود الحديث.
فأرسل إلي أن اكتب مشاركتك، حتى يراها الكل
فقلت في نفسي: إن كان د. إبراهيم أراد بما يكتبه وجه الله فإنه أحب أن يُنصَحَ، وتهدى له عيوبُه وأخطاؤُه.
فأكبرته، واللهِ.
أعني: أن مَن كتب يُريد النصحَ والنصيحة والإخلاص: يهمه أَن يُصَوَّبَ رأيُه، ويسددَ، حتى لا يَغتَرَّ بخطئه إنسانٌ فيعمل به، فيكون وزره عليه.
هذا فصل من الأخلاق جميل.
لكن القبيح: أن يستغل ذلك بالتشهير عليه، فيُصوَّرُ أنّه خطّاء جاهل، وتنسى محاسنه، بل يحاول أن يسترها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
إن الشدة أحيانا في النقاش يكون غرضُها إظهارَ الحق، ليس إلا، ولا عيب فيها ما \امت في حدود الأدب.
وقد قرأتُ فصلاً لابن حجرٍ الهيتمي رحمه الله تعالى قبل قرابة 30 سنة، رائعا في هذا الباب
إذ قال أولا في رد على ابن زيادٍ اليمني في مسألة اختلفا فيها:
(وَهَذَا -أَعْنِي عَدَمَ الْمُحَابَاةِ فِي الدِّينِ حَتَّى لِأَكَابِرِ الْمُجْتَهِدِين َ-: هُوَ دَأْبُ سَادَاتِنَا الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ، كَمَا يَعْلَمُهُ مَنْ وَقَفَ عَلَى النِّهَايَةِ [لإمام الحرمين] وَأَحَاطَ بِقَوْلِهَا: "هَذِهِ زَلَّةٌ مِنْ الشَّيْخِ"، مَعَ بُلُوغِهِ فِي الِاجْتِهَادِ وَالْوِلَايَةِ الْغَايَةَ ...،
وَمِنْ هُنَا قَالَ بَعْضُ أَكَابِرِ أَئِمَّتِنَا: إنَّ عَدَمَ مُحَابَاةِ الْعُلَمَاءِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مِنْ أَعْظَمِ مَزَايَا هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي أَعْظَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِمْ النِّعْمَةَ حَيْثُ حَفِظَهُمْ عَنْ وَصْمَةِ مُحَابَاةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى تَحْرِيفِ مَا فِيهِمَا، وَانْدِرَاسِ تَيْنِكَ الْمِلَّتَيْنِ.
فَلَمْ يَتْرُكُوا لِقَائِلٍ قَوْلًا فِيهِ أَدْنَيْ دَخَلٍ إلَّا بَيَّنُوهُ، وَلَا لِفَاعِلٍ فِعْلًا فِيهِ تَحْرِيفٌ إلَّا قَوَّمُوهُ، حَتَّى اتَّضَحَتْ الْآرَاءُ، وَانْعَدَمَتْ الْأَهْوَاءُ، وَدَامَتْ الشَّرِيعَةُ الْوَاضِحَةُ الْبَيْضَاءُ عَلَى امْتِلَاءِ الْآفَاقِ بِأَضْوَائِهَا، وَشِفَاءِ الْقُلُوبِ بِهَا مِنْ أَدْوَائِهَا، مَأْمُونَةً مِنْ كَيَدِ الْحَاسِدِينَ، وَسَفَهِ الْمُلْحِدِينَ.
فَضَرَاعَةً إلَيْك اللَّهُمَّ أَنْ تُدِيمَ لَهَا ذَلِكَ عَلَى تَوَالِي الْأَعْصَارِ، وَأَنْ تُؤَيِّدَ أَهْلهَا بِدَوَامِ الْجَلَالَةِ الْبَاهِرَةِ وَالْحِفْظِ مِنْ الْأَغْيَارِ؛ إنَّك الْجَوَادُ الْكَرِيمُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ.
وَإِذْ قَدْ تَمَهَّدَ هَذَا الْقَدْرُ الْوَاضِحُ لِلتَّفَصِّي عَنْ هَذَا الْحُكْمِ اللَّائِحِ: عُلِمَ أَنْ لَا عُذْرَ فِي السُّكُوتِ عَنْ الْكَلَامِ فِيهِ، وَبَيَانِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَوَادِمِهِ وَخَوَافِيهِ، فَحِينَئِذٍ سَنَحَ لِي أَنْ أَكْتُبَ فِي ذَلِكَ مَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُ الصَّوَابُ الْوَاجِبُ بَيَانُهُ، وَالْحَقُّ الصُّرَاحُ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ الْوَاضِحُ بُرْهَانُهُ...
اعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَى كَامِلٍ بِرَدِّ شَاذَّةٍ وَقَعَتْ لَهُ: لَا يَقْدَحُ فِي كَمَالِهِ، وَلَا يُؤْذِنُ بِالِاسْتِهْتَا رِ بِوَاجِبِ رِعَايَةِ حَقِّهِ وَأَفْضَالِهِ؛ إذْ السَّعِيدُ مَنْ عُدَّتْ غَلَطَاتُهُ، وَلَمْ تَكْثُرْ فَرَطَاتُهُ وَزَلَّاتُهُ، وَكُلُّنَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ وَمَرْدُودٌ عَلَيْهِ، إلَّا الْمَعْصُومِينَ .
وَلَيْسَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ مُؤَدِّيًا لِحِقْدٍ، بَلْ لَمْ يَزَالُوا مِنْ ذَلِكَ مُبَرَّئِينَ).
ثم قال في كتاب آخر ذيل به الكتاب الأول: (فَلْيَأْخُذْ مَا يَأْتِيه مِنْ وَضَائِحِ الرَّدِّ وَحَقَائِقِ الْحَقِّ وَالنَّقْدِ، لَا لِتَنْقِيصِ ذَاتِهِ، بَلْ لِرَدِّ قَوْلِهِ وَهُنَيْهَاتِهِ ؛ امْتِثَالًا لِمَا أَخَذَهُ اللَّهُ مِنْ الْمِيثَاقِ، وَتَعْوِيلًا عَلَى مَا يُسَلِّمهُ تَالِد مِنْ خُلُوِّ قُلُوبِنَا عَنْ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالنِّفَاقِ.
وَإِنَّمَا اضْطَرَّنَا إلَى ذَلِكَ: خَوْفُ اغْتِرَارِ الْعَوَامّ بِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ السَّقَطَاتِ وَالْأَوْهَامِ، مِمَّا قَدْ يَسْتَزِلُّ الضُّعَفَاءَ الْقَاصِرِينَ، وَلَمْ يَجْرِ عَلَى سَنَنِ الْمُحَصِّلِينَ ، فَضْلًا عَنْ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ.
فَشَرَعْتُ فِي بَيَانِ مَا فِيهَا مِمَّا لَا يُدْرِكُ الْقَاصِرُونَ مَا فِي مَطَاوِيهَا، مُسْتَعِيذًا بِاَللَّهِ مِنْ الْخَطَإِ وَالْخَطَلِ، وَمُسْتَعْفِيًا مِنْ الْعِثَارِ وَالزَّلَلِ، وَمُسْتَعِينًا بِهِ، وَمُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ، وَمَادًّا أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ إلَيْهِ، وَأَنْ يُصْلِحَ جَمِيعَ أَحْوَالِي وَأَحْوَالِهِ، وَأَنْ يُطَهِّرَهَا مِنْ حُظُوظِ نُفُوسِنَا فِي أَقْوَالِ كُلٍّ وَأَفْعَالِهِ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا فِي الْمُبَاحَثَاتِ الْعِلْمِيَّةِ بِسَدَدِهِ، مِمَّا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا كَانَا يَتَنَازَعَانِ فِي الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ حَتَّى يُقَالَ: إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُخَاطِبُ صَاحِبَهُ بَعْدُ فِي زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمَانِ، ثُمَّ لَا يَقُومَانِ مِنْ مَجْلِسِهِمَا إلَّا وَهُمَا عَلَى غَايَةٍ مِنْ الصَّفَاءِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْوَفَاءِ؛ لِمَا أَنَّهُمَا طُهِّرَا مِنْ حُظُوظِ النُّفُوسِ الْمُهْلِكَةِ وَأَهْوِيَتِهَا ، وَتَحَلَّيَا بِمَعَانِي الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ وَأُمْنِيَّتِهَ ا.
وَكَذَا مِمَّا جَاءَ عَمَّنْ اسْتَمْسَكَ بِهَدْيِهِمَا، وَهَدْيِ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ أَدَامَ اللَّهَ عَلَيْهِمْ شَآبِيبَ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ.
وَلَقَدْ وَقَعَ لِشَيْخِنَا زَكَرِيَّا سَقَى اللَّهُ ثَرَاهُ فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْوَقْفِ: أَنَّهُ وَبَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ تَجَاذَبَ فِيهَا أَنْظَارَهُمَا، وَتَكَرَّرَتْ فِي أَحْوَالِهَا فَتَاوِيهِمَا، مَعَ الْإِغْلَاظِ مِنْ كُلٍّ فِي الرَّدِّ عَلَى الْآخَرِ، لَكِنْ بِمَا لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إلَّا بَيَان الْحَقِّ، مَعَ صَفَاءِ الْخَاطِرِ، وَصَلَاحِ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ، بِدَلِيلِ بَقَاءِ مَحَبَّتِهِمَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَمَزِيد مُوَاصَلَةِ كُلٍّ لِلْآخَرِ بِالثَّنَاءِ وَالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ).
الابتعاد عن مثل هذا النوع من القرناء ، مع المجالسة الحسنة ،أداء الواجبات وصلة الرحم _بإذن الله _ سوف تقي طالب العلم مما قد قاله أو تفوه به ..
نفع الله بك أخانا الفاضل، وبأخينا الفاضل د إبراهيم الشناوي.
للفائدة فقط (وقد كنت كتبته في موضع آخر هنا في المجلس العلمي):
أخرجه ابن سعد في الطبقات 3 / 293 عن عَلِيِّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، والبلاذري في أنساب الأشراف 10 / 346 عن عَمْروِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِد ، كلاهما ( علي وعمرو ) عن سفيان بن عينية قال: قال : أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ مَنْ رَفَعَ إِلَيَّ عُيُوبِي.
وأخرجه الدارمي ( 675 ) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْطَاكِيُّ , عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ أَبِي عُتْبَةَ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ اعْقِلُوا وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ ....... وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَهْدَى إِلَيَّ عُيُوبِي تُحِبُّونَ أَنْ تَقُولُوا فَيُحْتَمَلَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ مِثْلُ الَّذِي قُلْتُمْ غَضِبْتُمْ .... إلخ . في رسالة طويلة ...
وهذا معضل أيضا لا يصح كسابقه.
وقال أبو إسحاق الفزاري: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "إن أحب الناس إليّ من أهدى إليّ عيوبي.
ذكره ابن الجوزي في المناقب ص 152، وهو ضعيف لإعضاله أيضا .
أحسن الله إليكم أبا حمزة.
ما أحوجَنا إلى تعلّمِ الأسلوبِ الحسنِ،وفنِّ التعاملِ معَ الآخرينَ،وحملِ الحديثِ والنصيحةِ على محملِ حسنِ الظنِّ!وكذا الناصحُ،ينصحُ للهِ وفي اللهِ وليسَ لأحدٍ سواهُ،ويقدِّمُ نصيحتَهُ مغلفةَ بالرفقِ والرأفةِ بالمنصوحِ،ولا يمكرُ بهِ إنْ لمْ يستجبْ؛بلْ يدعو لهُ بالهدايةِ.
وعلى المنصوحِ أنْ يكونَ لبقاً في استقبالِ النصيحةِ أوِ النقدِ سواءً كانَ بنّاءً أوْ هدّاماً.
والتغافلُ نصفُ العقلِ عندَ حدوثِ خلافاتٍ محدودةٍ،يملأُ الصدرَ انشراحاً،ويُسكن ُ نافرَ القلوبِ،((فلنقلْ خيراً أوْ لنصمتْ؛وصيةٌ نبويةٌ للمؤمنينَ)).
بارك الله فيكم جميعًا، وجمعنا بكم في الجنة على سرر متقابلين