بارك الله فيكم
بارك الله فيكم
جزاكم الله خيرا على هذا البيان
وأنتم أيضا جزيتم كل خير
يرفع للاستفادة
رفع الله قدرك
نقاش مثمر ومفيد، بارك الله فيكم
وفيكم بارك الله تعالى
رواية القاسم بن سلام لها زياده صحيحه ، وقد طعن السقاف فى إسناد هذه الرواية بحجة تفرد العشاري بها !
قال ابن البنا فى المختار من أصول السنة ص 97 : أخبرنا عبيد الله بن أحمد الأزهري قال : أخبرنا الدارقطني قال ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﺪ، ﺛﻨﺎ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻱ، ﻗﺎﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼﻡ، ﻭﺫﻛﺮ اﻟﺒﺎﺏ اﻟﺬﻱ، ﻳﺮﻭﻱ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭاﻟﻜﺮﺳﻲ ﻭﻣﻮﺿﻊ اﻟﻘﺪﻣﻴﻦ، ﻭﺿﺤﻚ ﺭﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﻨﻮﻁ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻭﻗﺮﺏ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﺃﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﺭﺑﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎء، ﻭﺃﻥ ﺟﻬﻨﻢ ﻻ ﺗﻤﺘﻠﺊ ﺣﺘﻰ ﻳﻀﻊ ﺭﺑﻚ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻗﺪﻣﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺘﻘﻮﻝ: ﻗﻂ ﻗﻂ، ﻭﺃﺷﺒﺎﻩ ﻫﺬﻩ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﺬﻩ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺻﺤﺎﺡ، ﺣﻤﻠﻬﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭاﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ، ﻭﻫﻲ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺣﻖ ﻻ ﻧﺸﻚ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺫا ﻗﻴﻞ ﻛﻴﻒ ﻭﺿﻊ ﻗﺪﻣﻪ ﻭﻛﻴﻒ ﺿﺤﻚ؟ ﻗﻠﻨﺎ ﻻ ﻳﻔﺴﺮ ﻫﺬا ﻭﻻ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﺃﺣﺪا ﻳﻔﺴﺮها// وقال القاضي أبو يعلى فى إبطال التأويلات ص48 : ﻭﺫﻛﺮ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﻼﻝ، ﻓﻴﻤﺎ ﺧﺮﺟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ اﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻗﺎﻝ: ﺫﻛﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻳﻌﻨﻲ: اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ، ﻭﺭﺃﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﺼﻔﺎﺕ •فذكره•
بارك الله فيك لكن لم أفهم من هو العشاري الذي أعل به الرواية
واسناد أبي عبيد رواه اللالكائي هن شيخين عن الدوري عن ابي عبيد
ورواه ايضا البيهقي في الأسماء والصفات عن شيخ ثالث عن الدوري , وهي الرواية التي ذكرها شيح الاسلام
قال اللالكائي
928 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَا: ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ: " ضَحِكَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ , وَقُرْبِ غِيَرِهِ , وَالْكُرْسِيُّ مَوْضِعَ الْقَدَمَيْنِ , وَأَنَّ جَهَنَّمَ لَتَمْتَلِئُ فَيَضَعُ رَبُّكَ قَدَمَهُ فِيهَا , وَأَشْبَاهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ؟ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " هَذِهِ الْأَحَادِيثُ عِنْدَنَا حَقٌّ يَرْوِيهَا الثِّقَاتُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ إِلَّا أَنَّا إِذَا سُئِلْنَا عَنْ تَفْسِيرِهَا قُلْنَا: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُ مِنْهَا شَيْئًا وَنَحْنُ لَا نُفَسِّرُ مِنْهَا شَيْئًا نُصَدِّقُ بِهَا وَنَسْكُتُ " )
والبيهقي قال
760 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِي ُّ، فِيمَا أَجَازَ لَهُ جَدُّهُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ، يَقُولُ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رَبُّكَ قَدَمَهُ فِيهَا، وَالْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الرِّوَايَةِ هِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ، حَمَلَهَا الثِّقَاتُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، غَيْرَ أَنَّا إِذَا سُئِلْنَا عَنْ تَفْسِيرِهَا لَا نُفَسِّرُهَا وَمَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُهَا)
أنا أقصد الرواية الصحيحة التى فيها يقول القاسم".. ولكن إذا قيل كيف وضع قدمه ؟ كيف ضحك ؟ قلنا : لا يفسر هذا ولا سمعنا أحداً يفسره" وهذه الرواية يطعن فى سندها المفوضة لأنها تبين أن التفويض للكيف وليس للمعنى وانظر الى هذه المشاركه
منتدى الأزهريين > العقيدة والفرق
الردُّ الإسلاميُّ الممتاز على فيصل بن قزَّاز
الإمام الرباني
مشارك قوي
ص183 أثر أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي الهروي
(... ولكن إذا قيل كيف وضع قدمه ؟ كيف ضحك ؟ قلنا : لا يفسر هذا ولا سمعنا أحداً يفسره)
وجاء في الصفات الموضوع على الدارقطني (57- ولكن إذا قيل:كيف وضع قدمه ، وكيف ضحك ؟ قلنا : لا يُفسَّر هذا ولا سمعنا أحداً يفسّره) ونقله الذهبي في العلو
ص173فالناقد نقل متن الرواية عن كتاب الصفات الموضوع على الدارقطني ، وعلى هذا فإن هذه الرواية موضوعة أحمد بن عبيد الله أبو العز بن كادش ، كذاب مخلط وضاع محمد بن علي بن الفتح أبو طالب العشاري، ليس بحجة أُدخِل عليه أشياء فحدث بها بسلامةباطن
تنويه : تقدم الكلام عنهما فيما مضى. راجع تعقيبنا على كتاب الصفات للدارقطني
والثابت عن الإمام أبي عبيد (224هـ) قوله :(نحن نروي هذه الأحاديث ولا نريغ لها المعاني) أي لا نطلب لها المعاني الأسماء والصفات للبيهقي بتحقيق الكوثري ص329 - الأزهرية أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشبهات ص177 - 178وقال أيضاً : ( ... إلا أنَّا إذا سُئِلنا عن تفسيرها قلنا : ما أدركنا أحداً يفسِّر منها شيئاً ونحن لا نفسِّر منها شيئاً نصدِّق بها ونسكت) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2 / 526 رقم 928 وفي لفظ آخر : (وهذه الأحاديث في الرواية هي عندنا حق حملها الثقات بعضهم عن بعض غير أنَّا إذا سألنا عن تفسيرها لا نفسِّرهاوما أدركنا أحداً يفسِّرها) الأسماء والصفات للبيهقي بتحقيق الكوثري ص333 - الأزهرية وبلفظ آخر رواه اللغوي أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة 9 / 45 - 46 ، والإمام ابن عبد البر في التمهيد 7 / 150
بارك الله فيك , ليس لأجل تفرد العشاري الذي وثقه تلميذه الخطيب ولكن لأجل حال الراوي عن العشاري وهو احمد بن كادش وهو فعلا متهم بالكذب وبالوضع فمثله لا تقبل رواياته لا سيما اذا تفرد بها وخالف غيرهرواية القاسم بن سلام لها زياده صحيحه ، وقد طعن السقاف فى إسناد هذه الرواية بحجة تفرد العشاري بها !
انا ذكرت لك العشاري فقط لانى نسيت ابن كادش , وهذه الرواية عندهم لا تصح من أجل العشاري وابن كادش
= قال السقاف:"هذا كذب مبين لم يثبت عن القاسم بن سلام وكيف يثبت والسند ابن كادش والعشاري الحنبليان الكذبان الوضاعان ". العلو للذهبي تحقيق السقاف ص 452 رقم 888
ولا يسلم له بالطعن فى العشاري
ولا بتضعيف الرواية من اجل ابن كادش فهذه الروايه لها ثلاث أسانيد من طريق الدارقطني ، وجزاكم الله خيرا
هذا الكلام فيه تلبيس ظاهر جدا وهو عين التفويض- ونقل كلام السلف بهذه الطريقة هو من الخداع لكى يلبس ثوب المفوضة بلباس السلف باقتطاع الكلام وهذا لا يخفى على البصير الناقد----واليك الصحيح من كلام السلف-وهكذا روى عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك انهم قالوا امروها كما جاءت بلا كيف وهكذا قول اهل العلم من اهل السنة والجماعة واما الجهمية فانكرت هذه الروايات وقالت هذا تشبيه وقد ذكر الله فى غير موضع اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الايات ففسروها على غير ما فسر اهل العلم وقالوا ان الله لم يخلق ادم بيده وقالوا ان اليد هنا القوة ---فتدبر ايها المسلم فيما نقل عن ائمة الاسلام امروها كما جاءت بلا كيف --يعنى تفسيرها كما هى بدون تأويلات الجهمية-وتفسير الائمة لايات الصفات كما سنورده ان شاء الله صريح بان ائمة الاسلام فسروا نصوص الصفات على وجهها الصحيح بعيدا عن تأويلات الجهمية------- صح عن ابن عباس أنه أنكر على من أستنكر شيئاً من هذه النصوص ، وزعم أن الله منزه عما تدل عليه : فروى عبد الرزاق في ( ( كتابه ) ) عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة : ( ( تحاجت الجنة والنار ) ) ، وفيه :
( ( فلا تمتلي حتى يضع رجله ) ) - أو قال : ( ( قدمه - فيها ) ) .
قال : فقام رجل فانتفض ، فقال ابن عباس : ما فرق هؤلاء ، يجدون رقة عند محكمة ، ويهلكون عند متشابهه .
وخَّرجه إسحاق بن راهويه في ( ( مسنده ) ) عن عبد الرزاق .
ولو كان لذلك عنده تأويل لذكره للناس ولم يسعه كتمانه " ا.هـ
وتأمل قوله " وزعم أن الله منزه عما تدل عليه " فإثبات المفهوم الذي دلت عليه هو
إلى أن قال :
" ومن جملة صفات الله التي نؤمن بها ، وتمر كما جاءت عندهم : قوله تعالى : ( وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ ( [ الفجر : 22 ] ونحو ذلك مما دل على إتيانه ومجيئه يوم القيامة .
وقد نص على ذلك أحمد وإسحاق وغيرهما .
وعندهما : أن ذلك من أفعال الله الاختيارية التي يفعلها بمشيئته واختياره .
وكذلك قاله الفضيل بن عياض وغيره من مشايخ الصوفية أهل المعرفة .
وقد ذكر حرب الكرماني أنه أدرك على هذا القول كل من أخذ عنه العلم في البلدان ، سمى منهم : أحمد وإسحاق والحميدي وسعيد بن منصور .
وكذلك ذكره أبو الحسن الأشعري في كتابه المسمى ب - الإبانة - ، وهو من أجل كتبه ، وعليه يعتمد العلماء وينقلون منه ، كالبيهقي وأبي عثمان الصابوني وأبي القاسم ابن عساكر وغيرهم " .
فإمرارها كما جاءت لم يمنع من إثبات ما دلت عليه من أنها أفعال قائمة به وأنها تتعلق بالمشيئة والاختيار وأن هذه الأفعال من صفاته وهو ما ينكره عامة الأشاعرة
--------------------قول إسحاق بن راهويه : " فَإِنَّمَا فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى إرَادَةِ اللَّهِ " ثم ذكر النصوص المشتملة على الصفات الخبرية محل النزاع .
فيه أن النبي كان يعلم تفسير معاني هذه النصوص وغيرها كما توضحه الأمثلة بل فيه أن ما ذكره صلى الله عليه وسلم أراد به تفسيرها كما هو صريح قوله ( فسر )
فالمعاني مرادة وإلا لما كان تفسيرا
وقوله : " لَا نُزِيلُ صِفَةً مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَ الرَّسُولُ عَنْ جِهَتِهِ لَا بِكَلَامٍ وَلَا بِإِرَادَةٍ , وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ الْأَدَاءُ "
فيه أن هذه النصوص لها جهة لا تصرف عنها وهي ظاهرها
( لا بكلام ) كالتأويل ( ولا بإرادةٍ ) لترك هذا الظاهر ولو دون كلام كما هو التفويض
بل لابد من أداء هذه الجهة لزوما وهي الظاهر
وقوله : " وَلَا يَعْقِلُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ تِلْكَ الصِّفَاتِ إلَّا بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي عَرَّفَهُمْ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى "
فيه أن هذه الصفات تعقل معانيها وتفهم عن طريق أسماء هذه الصفات والتي هي ألفاظها اتفاقا
وقوله : " فَأَمَّا أَنْ يُدْرِكَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ مَعْنَى تِلْكَ الصِّفَاتِ فَلَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ ذَوِي الْأَلْبَابِ . "
فيه أن هناك معنى لا يمكن أن يدركه أحد من بني آدم والذي عبر عنه بعدها ( بمنتهى الصفة ) وهو المعنى المفصل لحقيقة الصفة المعروف بالكيفية وهو ما لم توضحه النصوص
أما ما تدركه عقول ذوي الألباب من أصل المعنى فهو الذي وصف في النصوص وقوله في هذا واضح : " وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ ذَوِي الْأَلْبَابِ "
تأمل فصفاته لها قدر تدركه العقول وهو أصل المعنى وقال " وصف من صفاته " ولم يقل ذكر ليبين أن أصل المعنى مراد
ويؤكده أنه علل إيراد نصوص الصفات بما يدل على أنها معروفة المعاني في الجملة لا على أنها بمنزلة المتشابه وذلك ببيان أنها سيقت لتُوصل تلك العقول إلى معرفة الموصوف عن طريق هذه الصفات ولتحصيل الإيمان لها وهذا ينافي كونها للاختبار قصدا كما هو شأن المتشابه
ثم تخصيصه لمنتهى الصفة بأنه لا يعقل أكّد أن أول الصفة وهو أصل معناها مما يعقل ويعلم
ثم قطع الإمام إسحاق الطريق على المفوضة بإنكاره على من يزعم جهل المعنى ويدعي الاقرار بالصفة ولا يدري المعنى بل اعتبره سالكا بذلك طريق التجهم
عندما قال :
" فَمَنْ جَهِلَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ إنَّمَا أَصِفُ مَا قَالَ اللَّهُ وَلَا أَدْرِي مَا مَعَانِي ذَلِكَ حَتَّى يُفْضِيَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ .. "
فلا يخالف عاقل أن هذا الكلام يدل على أن معاني الصفات معلومة بدليل ذمه من يدعي جهل معاني الصفات ويتبنى عدم الدراية للمعاني فالمقام والسياق إنما لذم المذكور
وهذا دليل على أن خط التأويل في زمنهم أيضا يسير بمحاذاة التفويض وكل يخدم الآخر كما هو الحال اليوم فما أشبه الليلة بالبارحة
وكلام إسحاق صريح بأن مذهب الجهل بالمعنى يفضي إلى تحريف الجهمية وهذا يبين أن مذهب السلف لا يقوم على جهل معاني الصفات لأنه لا يفضي إلى ذلك
وقوله : " ثُمَّ يُحَرِّفُونَ مَعْنَى الصِّفَاتِ عَنْ جِهَتِهَا الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ , ... وَيَجْعَلُونَ الْيَدَ يَدَ نِعْمَةٍ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ يُحَرِّفُونَهَا عَنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُعَطِّلَةُ " .
إذا " معنى الصفات " كما هي عبارته لها جهة ينبغي علينا إثباتها ، وهذا أيضا إثبات صريح للمعنى يبطل مذهب التفويض
وقد أكد بما ذكر أن هذين الخطين يخرجان بالنصوص عن ظاهرها وجهتها والتأويل أصرح في التحريف وكلاهما خروج عن الظاهر خلافا لطريقة السلف
فإسحاق بن راهويه الإمام الكبير يثبت معاني الصفات بمنطوق كلامه وينكر على من ينادي بأنه مجهولة بمنطوق كلامه وتأمل عبارته :
" ... وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا وَصَفَ مِنْ صِفَاتِهِ قَدْرَ مَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ ذَوِي الْأَلْبَابِ . لِيَكُونَ إيمَانُهُمْ بِذَلِكَ وَمَعْرِفَتُهُم ْ بِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا يَعْقِلُ أَحَدٌ مُنْتَهَاهُ وَلَا مُنْتَهَى صِفَاتِهِ , ... فَمَنْ جَهِلَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ إنَّمَا أَصِفُ مَا قَالَ اللَّهُ وَلَا أَدْرِي مَا مَعَانِي ذَلِكَ حَتَّى يُفْضِيَ إلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ يَدٌ نِعْمَةٌ وَيَحْتَجْ بِقَوْلِهِ أَيْدِينَا أَنْعَامًا وَنَحْوَ ذَلِكَ , فَقَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ . هَذَا مَحْضُ كَلَامِ الْجَهْمِيَّةِ حَيْثُ يُؤْمِنُونَ بِجَمِيعِ مَا وَصَفْنَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ , ثُمَّ يُحَرِّفُونَ مَعْنَى الصِّفَاتِ عَنْ جِهَتِهَا الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ "
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
---قال الإمام أحمد كما في رسالة عبدوس ونقلها اللالكائي بسنده وهي أيضا في الطبقات لابن أبي يعلى :
والحديث عندنا على ظاهره كماجاء عن النبي صلى الله عليه و سلم والكلام فيه بدعة ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره ولا تناظر فيه أحدا " ا.هـ
والقول بإعمال الظاهر صريح في إثبات المعاني المتبادرة إلى الذهن لأنها إما أن تكون هي المراد بالظاهر مباشرة كما هو استخدام أكثر أهل العلم لمصطلح الظاهر أو أن تكون مرادة بالتبع فهي معنى اللفظ الظاهر كما هو استخدام بعض أهل العلم
ولو لم يُرِد الإمام أحمد المعنى لما عبر بمصطلح الظاهر الذي لايدل على مجرد اللفظ باتفاق أهل العلم
ولم يَرِد مصطلح الظاهر مرادا به مجرد اللفظ المسلوب معناه في أي عبارة من عبارات أهل العلم .
سوى استخدام غير واضح ولو سلمنا به فهو استخدام شاذ من أحد المضطربين في باب الأسماء والصفات الذي حاول التوفيق بين عبارات الأئمة المثبتين للصفات وبين مذهب شيوخه من المعطلة فأراد التوفيق فوقع في التلفيق وخرج باستخدام مناف لما عليه سائر العلماء ، المخالف له والموافق ، وأعني بهذا الخطابي فيما نقله عنه البيهقي !!
بل ويخالف استعمالاته بنفسه في غير باب الصفات
ومن أراد أن يتبين الأمر فلينظر إلى عبارات الأشاعرة أنفسهم والتي يعسر حصرها والتي أطبقت على ذم ظواهر النصوص ووصفها بالضلال بل والكفر وهي كما قلت استخدامات عامة الأشاعرة-------------- الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام .
قال الإمام البيهقي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه " :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَازَرُونِيّ ُ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ :
يُقَالُ السُّبْحَةُ : إِنَّهَا جَلالُ وَجْهِهِ وَنُورُهُ "
وهو في كتاب أبي عبيد " غريب الحديث " مادة سبح قال رحمه الله :
" ففي حديثه عليه السلام حين ذكر الله تعالى فقال : حجابه النور لو كَشفَه لأحرقتْ سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره فقال :
يقال في السُّبحة : إنها جلال وجهه ونوره ..." ا.هـ
وهذا تفسير صريح لصفة الوجه وللنور ، إذ نوره تعالى من الصفات الخبرية التي أنكرتها الأشاعرة .
ولذلك فجلهم يؤولون النور بالهادي وبالنور المعنوي ولا يثبتون لله نورا حقيقيا بمعنى الضياء ، بل يرون إثباته تشبيها وتجسيما وضلالا نعوذ بالله من التعطيل .
فهنا فسر الإمام أبو عبيد سبحات الوجه والتي هي من صفة وجهه تعالى فسرها بالنور والجلال المنبعث منه إلى خلقه والمحرِق لما ينتهي إليه منها لو كشف عنه .
وأبوعبيد عندما فسر السبحات إنما فسرها على ضوء سياقها في الحديث ولا يزعم منصف صادق بعد هذا التفسير أن أبا عبيد يفوض السبحات إلا من كان في سبات
فتفسيرها بالنور هو إثبات لمعناها عنده ، ولو كان مذهبه تفويض الصفات لما فسر السبحات
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي فيه بأن الله كان في عماء قبل خلقه السماوات والأرض فقال أبو عبيد :
" قوله : في عماء، في كلام العرب السحاب الأبيض ، قال الأصمعي :
وغيره: هو ممدود ... وإنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم ولا ندري كيف كان ذلك العَمَاءُ وما مبلغه والله أعلم " ا.هـ ---------------------
قال الحافظ الذهبي عن الإمام أبي عبيد :
" توفي أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين وقد ألف كتاب غريب الحديث وما تعرض لأخبار الصفات بتفسير بل عنده لا تفسير لذلك غير موضع الخطاب للعربي " ا.هـ
فليس من مذهبه إلا حمل النصوص على مفهوم الخطاب العربي دون الاشتغال بتفسيرها على غير موضع الخطاب -----------
قال الإمام ابن كثير في تفسيره :
" قال أبو بكر بن مردويه :
حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا هارون بن سليمان، أنبأنا علي بن عبد الله المديني، أنبأنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفاكه الأنصاري، سمعت طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمة الأنصاري، قال: سمعت جابر بن عبد الله قال :
نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال :
" يا جابر مالي أراك مهتما ؟ " قال : قلت : يا رسول الله ، استشهد أبي وترك دينا وعيالا ، قال : فقال : " ألا أخبرك ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحا "
قال علي [ بن المديني ] : الكفاح المواجهة "
قول ابن المديني صحيح غاية وهو تفسير لصفة تكليم الله بما يثبت المواجهة حقيقة بين الله وخلقه وهذا لا تطيقه الأشاعرة وتراه تجسيما
وكيف تُثبِت المواجهة وهي تعتقد أن الله لا يوجد في جهة من الجهات ولا يرى في جهة .
فسبحان من تنزه عن هذا العدم !!
فالمعنى عنده : كلّمه مواجهة من دون حجاب
ويقال في اللغة : " طعنه كفاحا " أي مواجهة وجها لوجه
فلماذا لم يترك ابن المديني اللفظ وذهب يبين معناه ويثبته لو كان مذهبه ترك المعنى وتفويضه . ----------------------
وقال الخلال في كتاب السُّنَّة :
" باب يضع كنفه على عبده، تبارك وتعالى: أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال : قلت لأبي عبد الله : ما معنى قوله : " إن الله يدني العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه ؟ " قال : هكذا نقول : يدنيه ويضع كنفه عليه، كما قال، يقول له: أتعرف ذنب كذا؟
قال الخلال: أنبأنا إبراهيم الحربي قال: قوله: فيضع عليه كنفه، يقول: ناحيته.
قال إبراهيم: أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: نزل في كنف بني فلان، أي: في ناحيتهم "---------------ـ الإمام البخاري محمد بن إسماعيل صاحب الصحيح ت 256 هـ
قال رحمه الله في كتاب خلق الأفعال :
" يُذكر عن النبي صلى الله عليه و سلم : [ أن الله ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب وليس هذا لغير الله عز و جل ]
ثم قال :
وفي هذا دليل على أن صوت الله لا يُشبه أصوات الخلق لأن صوت الله يُسمع من بُعد كما يُسمع من قُرب ، وأنّ الملائكة يُصعقون من صوته ، فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا قال : ( فلا تجعلوا لله أندادا ) فليس لصفة الله ند ولا مثل ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين " ا.هـ
ثم ذكر البخاري بعض الأدلة على هذا
فتعليله عدم المشابهة بكون صوته يُسمع من بُعد وكونه يُصعِق دليل على أنه يثبت الصوت بمعناه المعروف
وإلا فماذا يريد المعطل أكثر من هذا ؟!!!
صوتٌ عبّر عن نداء ، ويُسمَع ، ويُصعِق ، فماذا سيكون يا معاشر الأذكياء ؟!!------------------------------
وقال الترمذي :
" وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه ، وفسروها على غير ما فسر أهل العلم ، وقالوا : إن الله لم يخلق آدم بيده ، وإنما معنى اليد ها هنا النعمة ، وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد، أو مثل يد، وسمع كسمع " ا.هـ
فدل كلامه على أمور :
ـ أن هناك تفسيرا لأهل العلم لهذه الصفات الخبرية يخالف خط التعطيل وتيار التعطيل .
ـ أن التفسير بالتأويل كما جاء في كلام الترمذي هو تفسير مخالف لتفسير السلف .
ـ أن إثبات هذه الصفات على ظاهرها وحقيقتها ليس تشبيها ، وإنما التشبيه أن تقول له يد كيدي أو سمع كسمعي .
فكما أن سمع الله له معنى نعلمه ونثبته وهو المعنى المعروف المتبادر إلى الذهن ولا يلزم من هذا تشبيها وخاصة إذا أضفنا أن سمع الله أكمل من سمع المخلوق وأنه سمع غير حادث ولا يعتريه نقص .
مع أن سمع الله إدراك حقيقي لذات الأصوات وكذلك سمع المخلوق ، فهذا الاشتراك في المعنى العام للسمع لا يوجب تشبيها مادمنا نفرق بينهما من جهة ما تقدم من الكمال
فكذلك اليد ، فلماذا نتصور التشبيه من مجرد إثبات المعنى العام لليد وقد قرنهما إسحاق في أمثلته ليبين ما ذكرتُ فلماذا التفريق بينها وبين صفة السمع بالباطل .
وتعريف إسحاق للتشبيه بأنه يد كيدي وحصره للتشبيه في هذا بأداة الحصر إنما ، وصدوره من هذا الإمام وإقرار الترمذي له يدل على أنه تعريف دقيق للتشبيه .
ولو كان مجرد إثبات اليد على معناها الحقيقي تشبيها لكان تعريف الإمام إسحاق بموافقة الترمذي تعريفا عائما قاصرا لا معنى له بل موهما لحصره التشبيه فيه .
ويؤكد هذا أن هناك جماعة من السلف تتابعوا على تعريف التشبيه بنفس تعريف إسحاق ويكاد بلفظه منهم الإمام أحمد
فهل تتابعُ جماعة من السلف على هذا التعريف كان لمجرد تعبير عائم ناشئ عن عدم دقة ودراية وليس عن مفهوم متفق عليه عندهم ؟
هل هذا هو الظن اللائق والمناسب بهم ؟
وقال الترمذي رحمه الله عندما أورد حديث : والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجل بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله ثم قرأ { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم }
فقال عن هذا الحديث :
" وفسر بعض أهلم العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علمِ الله وقدرتِه وسلطانه ، علمُ الله وقدرتُه وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه " ا.هـ
وهذا صريح في إثبات العلو الذاتي الحقيقي وليس معناه العلو المعنوي لأن الترمذي كان في صدد نفي كون الله في الأرض كما هو ظاهر الحديث المنكر الذي كان الترمذي يتكلم عنه " لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله "
و قال الترمذي في سننه :
" وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف ، هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد ها هنا القوة وقال إسحاق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصي---------------------وقال ابن قتيبة :
" وكيف يسوغ لأحد أن يقول أنه بكل مكان على الحلول مع قوله : ( الرحمن على العرش استوى ) أي استقر كما قال: " فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك " أي استقررت ومع قوله تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " وكيف يصعد إليه شيء هو معه أو يرفع إليه عمل وهو عنده وكيف تعرج الملائكة والروح إليه يوم القيامة وتعرج بمعنى تصعد يقال: عرج إلى السماء إذا صعد والله عز وجل ذو المعارج والمعارج الدرج فما هذه الدرج وإلى من تؤدي الأعمال الملائكة إذا كان بالمحل الأعلى مثله بالمحل الأدنى ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر وينزل الرزق وهنالك الكرسي والعرش والحجب والملائكة. يقول الله تبارك وتعالى: " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون " وقال في الشهداء: " أحياء عند ربهم يرزقون " وقيل لهم شهداء لأنهم يشهدون ملكوت الله تعالى واحدهم شهيد كما يقال عليم وعلماء وكفيل وكفلاء وقال تعالى: " لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا " أي لو أردنا أن نتخذ امرأة وولداً لاتخذنا ذلك عندنا لا عندكم لأن زوج الرجل وولده يكونان عنده وبحضرته لا عند غيره والأمم كلها عربيها وعجميها تقول إن الله تعالى في السماء ما تركت على فطرها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم. وفي الحديث أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله تعالى فقالت: في السماء قال: فمن أنا قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام: هي مؤمنة وأمره بعتقها " ا.هـ
هذا الكلام ينضح بالإثبات ولا يحتاج إلى إيضاح------------
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من وجَّه قوله:" في ظُلل من الغمام" إلى أنه من صلة فعل الرب عز وجل، وأن معناه: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام، وتأتيهم الملائكة " ا.هـ
فهنا أثبت الإتيان في الظلل وجعله فعلا صريحا من الرب واعتبر أيضا خلال تفسيره لهذه الصفة أن الإتيان والمجيء واحد-----------فهذا قاض للنزاع ودال بصراحة على أن المنقول عنهم هو ترك التفسير الذي هو التأويل بصرف النص عن ظاهره فهم لا ينكرون الأحاديث لا يؤولونها لا يفسرونها بالتأويل لأن التأويل هو إنكار لظاهر الأحاديث وهم لا ينكرون شيئا من أحاديث الصفات[منقول]
رواه عن الدارقطني:
١- الحافظ الحسن بن محمد الخلال :
قال القاضى فى إبطال التاويلات : 17 - ﻭﺫﻛﺮ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﻼﻝ، ﻓﻴﻤﺎ ﺧﺮﺟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭ اﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻗﺎﻝ: ﺫﻛﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻳﻌﻨﻲ: اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ، ﻭﺭﺃﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻗﺎﻝ: ﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﺪ، ﻗﺎﻝ: ﻧﺎ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼﻡ....
٢- والحافظ عبيد الله بن أحمد الأزهري :
قال ابن البنا فى المختار من أصول السنة ص 97 : أخبرنا عبيد الله بن أحمد الأزهري قال : أخبرنا الدارقطني قال ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﺪ، ﺛﻨﺎ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻱ، ﻗﺎﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼﻡ...
٣- والثقة محمد بن على العشاري كما فى العلو للذهبي كما فى العلو للذهبي
وقال عبد الله الخليفى معلقا على آثر القاسم ابن سلام :"فيه إثباتهم للصفات إذ لم يفرق بين أحاديث الرؤية وأحاديث الصفات ومعلومٌ أن السلف يثبتون الرؤية ولا يفوضونها" ـ
وقال معلقا على آثر للترمذي : نقل السقاف قول الترمذي باتراً أوله و آخره ليثبت زعمه في أن هذا تفويض وأول الكلام الذي بتره السقاف فقوله: [وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم روايات كثيرة مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء]. فكلامه يدل على الإثبات إذ لم يفرق بين الرؤية والقدم .......الخ
اليكم الردود القوية على منتدى الازهريين الماتريدىمعنى قولهم «أمروها كما جاءت» بما ورد في هذه الآثار التي تُبيّن إثباتهم للمعنى الظاهر قولا واحدًا، فقد ورد في عدد منها ذكر أحاديث الرؤية مع أحاديث الصفات أو ذكرها منفردة،؛ وأحاديث الرؤية واضحة مفهومة المعنى، كان السلف الصالح يؤمنون بها على ظاهرها وهو رؤية الله عز وجل في الآخرة بأبصارهم عيَانًا من غير تكييف (18)، وقد نقلنا الآثار الصحيحة في ذلك عنهم -رحمهم الله- في مقال "رؤية الله عز وجل".
وقال هذه العبارة الإمام أحمد في حديث الصوت كما تقدم، حيث صرح بأن معنى الحديث على ظاهره، وهو أن الله عز وجل تكلم بصوت.
وكذلك في أثر الإمام أحمد عندما قال له أبو بكر المروذي: "إن رجلا اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت"، فلو كان معنى "أمروها كما جاءت" تعني فقط الإيمان باللفظ دون أي معنى يُفهم منه لما كان هناك مجال
للاعتراض، ولكن لأن معناها الإيمان بها على ظاهرها اعترض بعض الجهلة على ذلك لظنهم أن اعتقاد ظاهرها يعني التشبيه، وهو ليس كذلك.
ومعنى قولنا: «المعنى الظاهر» أو «على ظاهرها» أي: على المعنى الظاهر الواضح من السياق ------------وقال الشيخ محمد خليل هراس في شرح الواسطية: قد يعبِّرون ـ يعني السلف ـ عن ذلك بقولهم: " تُمَرُّ كَما جاءت بلا تأويل" ومَن لم يفهم كلامهم ظنَّ أنّ غرضهم بهذه العبارة هو قراءة اللفظ دون التعرُّض للمعنى، وهو باطل، فإن المراد بالتأويل المنفي هنا هو حقيقة المعنى وكنهه وكيفيته. اهـ.
----------------"أَمِرُّوها كما جاءت بلا كيف" . روي هذا عن مكحول، والزهري، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي.
وفي هذه العبارة رد على المعطّلة والمشبهة؛ ففي قولهم: "أمِرُّوها كما جاءت" رد على المعطلة. وفي قولهم: "بلا كيف". رد على المشبهة.
وفيها - أيضاً - دليل على أن السلف كانوا يُثبتون لنصوص الصفات المعاني الصحيحة التي تليق بالله، تدل على ذلك من وجهين:
الأول - قولهم: "أمِرُّوها كما جاءت". فإن معناها إبقاء دلالتها على ما جاءت به من المعاني، ولا ريب أنها جاءت لإثبات المعاني اللائقة بالله تعالى ولو كانوا لا يعتقدون لها معنى لقالوا: "أمروا لفظها، ولا تتعرضوا لمعناها". ونحو ذلك.
[CENTER]الثاني - قولهم: "بلا كيف"؛ فإنه ظاهر في إثبات حقيقة المعنى، لأنهم لو كانوا لا يعتقدون ثبوته ما احتاجوا إلى نفي كيفيته، فإن غير الثابت لا وجود له في نفسه، فنفي كيفيته من لَغْوِ القول.
فإن قيل: ما الجواب عما قاله الإمام أحمد في حديث النزول وشبهه: "نؤمن بها ونصدق، لا كيف، ولا معنى".
قلنا: الجواب على ذلك: أن المعنى الذي نفاه الإمام أحمد في كلامه هو المعنى الذي ابتكره المعطلة من الجهمية وغيرهم، وحرّفوا به نصوص الكتاب والسنة عن ظاهرها إلى معاني تُخالفه.
ويدلّ على ما ذكرنا أنه نفى المعنى، ونفى الكيفية؛ ليتضمن كلامه الردّ على كلتا الطائفتين المبتدعتين: طائفة المعطلة وطائفة المشبهة.
ويدلّ عليه - أيضاً - ما قاله شيخ الإسلام في قول محمد بن الحسن: "اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، في صفة الربّ عزّ وجل من غير تفسير، ولا وصف، ولا تشبيه". اهـ.
قال شيخ الإسلام : أراد به تفسير الجهمية المعطلة، الذين ابتدعوا تفسير الصفات، بخلاف ما كان عليه الصحابة، والتابعون من الإثبات .اهـ.
فهذا دليل على أن تفسير آيات الصفات وأحاديثها على نوعين:
- تفسير مقبول: وهو ما كان عليه الصحابة والتابعون من إثبات المعنى اللائق بالله عزّ وجل الموافق لظاهر الكتاب والسنة.
- وتفسير غير مقبول: وهو ما كان بخلاف ذلك.
وهكذا المعنى منه مقبول، ومنه مردود على ما تقدّم.
فإن قيل: هل لصفات الله كيفية؟
فالجواب: نعم لها كيفية، لكنها مجهولة لنا؛ لأن الشيء إنما تعلم كيفيته بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو خبر الصادق عنه، وكل هذه الطرق غير موجودة في صفات الله، وبهذا عُرف أن قول السلف: "بلا كيف". معناه بلا تكييف، لم يريدوا نفي الكيفية مطلقاً، لأن هذا تعطيل محض. والله أعلم.
فتح رب البرية بتلخيص الحموية الباب السابع-------( هناك كلام للسَّلف يدلُّ على أنَّهم يفهمون معاني ما أنزل الله على رسولِه من الصِّفات؛ كما نُقل عن الأوزاعي -وغيرِه-؛ نُقل عنهم أنَّهم قالوا في آيات الصِّفات وأحاديثِها: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيفٍ".
وهذا يدلُّ على أنهم يُثبِتون لها معنًى؛ من وجهَين:
أوَّلًا: أنهم قالوا: "أمِرُّوها كما جاءت"، ومعلومٌ أنها ألفاظٌ جاءت لمعانٍ، ولم تأتِ عبثًا.
فإذا أمررناها كما جاءت؛ لزِمَ من ذلك أن نُثبتَ لها معنًى.
ثانيًا: قولُهم: "بلا كيفٍ"؛ لأن نفيَ الكيفيَّة يدل على وجودِ أصل المعنى، لأنَّ نفي الكيفيَّة عن الشَّيء لا يوجدُ؛ لغوٌ وعبث.
إذن: فهذا الكلامُ المشهورُ عند السَّلف يدلُّ على أنهم يُثبِتونَ لهذه النُّصوص معنى ).
"شرح (العقيدة الواسطية) لشيخ الإسلام" لابن عثيمين ----------------------قال العلامة حافظ الحَكَمي -رحمهُ اللهُ- في منظومته في العقيدة "سلم الوصول":
وكلُّ ما لهُ مِن الصِّفاتِ ... أثبتَها في مُحكَمِ الآياتِ
أو صحَّ في ما قالهُ الرِّسولُ ... فحقُّه التَّسليمُ والقَبولُ
نُمرُّها صريحةً كما أتَتْ ... مع اعتِقادِنا لما لهُ اقتضتْ
مِن غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلِ ... وغيرِ تكييفٍ ولا تمثيلِ
بل قولُنا قولُ أئمَّة الهُدى ... طُوبَى لمن بِهديِهم قد اهتدَى
قال -في "معارج القَبول" (1/459 وما بعدها)-:
( أي: جميع آياتِ الأسماءِ والصِّفات وأحاديثِها (نُمرُّها صريحةً)؛ أي: على ظواهرِها (كما أتَتْ) عن الله وعن رسوله، بِنقلِ العدلِ عن العدلِ متَّصِلًا إلينا -كالشمسِ في وقتِ الظهيرة صحوًا ليس دونها سحاب-، (مع اعتِقادِنا) إيمانًا وتسليمًا (لما له اقتضتْ) من أسماءِ ربِّنا تبارك و، وصفاتِ كمالِه، ونعوتِ جلاله، كما يليقُ بعظمتِه، وعلى الوجهِ الذي ذكرهُ وأراده.
(من غير تحريفٍ) لألفاظِها...، و(من غير تحريفٍ) لمعانيها (ولا تعطيلِ) أي: للنصوصِ بِنَفيِ ما اقتضتْهُ مِن صفاتِ كمال الله ]، ونعوتِ جلاله، فإنَّ نفيَ ذلك مِن لازِمه نفيُ الذات ووصفهُ بالعدم المحض؛ إذ ما لا يوصفُ بصفةٍ؛ هو العدم - تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوًّا كبيرًا-.
... (وغيرِ تكييفٍ) تفسيرٌ لكُنهِ شيءٍ من صفات ربِّنا ؛ كأن يُقال: استوى على هيئة كذا، أو ينزل إلى السماء بصفةِ كذا، أو تكلَّم بالقرآن على كيفيَّة كذا، ونحو ذلك من الغُلو في الدِّين، والافتراءِ على الله ، واعتقادِ ما لم يأذن به الله، ولا يليقُ بجلاله وعظمتِه، ولم ينطقْ به كتابٌ ولا سُنة...
(ولا تمثيلِ) أي: ومن غيرِ تشبيهٍ لشيءٍ من صفات الله بصفاتِ خلقه.
فكما أنَّا نُثبتُ له ذاتًا لا تُشبهُ الذوات؛ فكذلك نُثبتُ له ما أثبتَ لنفسهِ من الأسماءِ والصِّفات، ونعتقدُ تنزُّههُ وتقدُّسَه عن مماثلةِ المخلوقات ليسَ كمِثلِه شيءٌ وهو السَّميعُ البصيرُ----وإذا تأملنا في توحيد الأسماء والصفات نجد أن القرآن قد أولى هذا الجانب عناية بالغة بالذكر والتقرير والبيان، فسورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن هي في توحيد الأسماء والصفات، وأول سورة الحديد وسورة طه والسجدة وآل عمران وآخر سورة الحشر، وآيات أخر كثيرة كلها تتكلم وتقرر وتثبت صفات الله تعالى، وقد أخذت حيزا كبير في القرآن الكريم، وكما قلنا آنفا:
قد أمرنا الله تعالى بتدبر كتابه، وأخبرنا بأنه ميسر للذكر، وأنه بلسان عربي، فدل ذلك على أن تلك الآيات في الصفات لا بد وأن لها معنى يفهمه كل من يعرف اللسان العربي، وما قيل عن القرآن يقال عن السنة. وعلى هذا الأساس قام منهج السلف في صفات الله تعالى، حيث اجتمع أمرهم على الإيمان بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بإثبات الصفة ومعناها، لكنهم توقفوا في تفسير الكيفية، وفوضوا أمرها إلى الله تعالى، والذي دعاهم إلى ذلك كمال فهمهم وعقولهم:
حيث إن تفسير الكيفية يتوقف على معرفة حقيقة وكيفية الذات، فإذا كانت الذات مجهولة الكيف والحقيقة، فالجهل بصفات تلك الذات من باب أولى، ومن هنا قالوا:
القول في الذات كالقول في الصفات..
والنصوص التالية تبين كيف أن السلف يثبتون المعنى ويفوضون الكيفية:
نصوص السلف في إثبات المعنى...- عن أم سلمة قالت في قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى}..
(1)
"الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإقرار به واجب، والجحود به كفر".
- وقال ربيعة: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق".
- وقال مالك: " الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 3 /397-398.
قال محمد بن جعفر في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/402:
- " من زعم أن الله استوى على العرش استواء مخلوق على مخلوق فقد كفر.
ومن اعتقد أن الله استوى على العرش استواء خالق على مخلوق فهو مؤمن.
والذي يكفي هذا أن يقول: إن الله استوى على العرش من غير تكييف".
[ قال الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي ومالكا وسفيانا وليثا عن هذه الأحاديث التي فيها الصفة فقالوا: أمروها بلا كيف.. إبطال التأويلات 1/47.
- العباس بن محمد الدوري قال: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام وذكر [الباب] الذي يروى في الرؤية، والكرسي، وموضع القدمين، وضحك ربنا، وأين كان ربنا، ويضع الرب قدمه، وأشباهه فقال:
هذه أحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا شك فيه، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه، وكيف ضحك؟.
قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحدا يفسر هذا.. إبطال التأويلات1/48
وأقوال السلف في هذا الباب أكثر من أن تحصى، وكلها تفرق بين تفويض المعنى وتفويض الكيفية، فالمعنى تثبته، والكيفية تفوضه.. انظر: إلى قول أم سلمة وربيعة مالك: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول"..
الاستواء غير مجهول: أي معلوم، ويؤكده ما جاء في بعض الروايات: "الاستواء معلوم".
والكيف غير معقول: أي مجهول، ويؤكده ما جاء في تتمة الرواية: " والكيف مجهول".
فهل شيء أصرح من هذا في بيان منهج السلف؟..
ثم قول محمد بن جعفر صريح للغاية كذلك حيث قال: " من غير تكييف".
وقول الأئمة: الأوزاعي وسيفان مالك والليث: أمروها بلا كيف.
وقول أبي عبيد: إذا قيل:
كيف وضع قدمه، وكيف ضحك؟.
قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحدا يفسر هذا..
كل تلك النصوص لا تدفع إلا بالمكابرة والتغافل عن الحقائق والتعلق بالمتشابهات.. وأقصد بالمتشبهات ما يرد عن الأئمة من أقوال يتمحل المخالف في فهمها وحملها على المعنى الذي يريده، وهو تفويض المعنى..
من ذلك ما جاء عن السلف ومنهم مالك قولهم : أمروها بلا تفسير..
فقد تعلق بهذا المخالف ليثبت زعمه أن منهج السلف هو تفويض المعنى، ولا أدري كيف أخذ من قولهم: أمروها بلا تفسير.. أنهم يفوضون المعنى؟..
مع أن المعنى ظاهر.. بلا تفسير، أي بلا تكييف، فالمفسر هو المكيف المبين حقيقة الشيء، أما المثبت للمعنى فلا يقال عنه مفسر، لأنه ما فسر بل اكتفى بإثبات المعنى على ما يليق به على وجه الحقيقة، والتفسير يكون لما انبهم من الكلام، وأما صفات الله تعالى فليست مبهمة المعنى، بل المعنى معلوم، لكن الكيف هو المجهول، فالكيف هو الذي يحتاج إلى تفسير، ولما كانت الكيفية مجهولة للخلق، ولا مطمع في إدراكها قال السلف:
أمروها بلا كيف.
على أنه لو فرضنا أن قولهم: " أمروها بلا تفسير "، يحتمل تفويض المعنى، فيجاب عن ذلك بأن نقول:
قد جاء التصريح عنهم بإثبات المعنى وتفويض الكيفية، كما في قول أم سلمة وربيعة ومالك ومحمد بن جعفر وأبي عبيد والاوزاعي والليث وسفيان وغيرهم، فقولهم ذلك لا يحتمل إلا شيئا واحد، وهو تفويض الكيفية لا المعنى، فإذا جاء عنهم قول يحتمل الوجهين: تفويض المعنى أو الكيفية، وقول يصرح بوجه واحد وهو:
تفويض الكيفية، فالصواب حمل المتشابه على المحكم.. وتفسير القول المحتمل بالقول الصريح.
هذا لو كان ذلك الصريح من قولهم قول لطائفة منهم، فكيف إذا كان هو القول الذي أطبقوا عليه؟..
ومما تعلق به المخالف أيضا، قولهم: " أمروها كما جاءت".
وكما قلت: هم يتعلقون بالكلمة ويتركون نصوصا كالجبال في الرسوخ، فهذه الكلمة إنما معناها: إمرارها بلا كيفية، وليس المقصود إمرارها بلا معنى، ومما يدل على هذا أن الإمام أحمد سئل عن معنى أحاديث نفي الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، فأجاب بقوله:
" أمروها كما جاءت" الفتاوى 13/295..
وهذا الذي سئل عنه ليس في باب صفات الله تعالى، فلم قال ذلك؟.
وكذلك لما سئل عن الحرورية هل يكفرون؟، قال:
" اعفني من هذا، وقل كما جاء فيهم في الحديث"، مسائل الإمام أحمد لابن هانيء 2/158..
هذا يدل على أنهم كانوا يستعملون هذه العبارة، ويعنون عدم صرفها عن ظاهرها المتبادر إلى الذهن. ويقال أيضا: لو كان المعنى من قولهم: " أمروها كما جاءت"، تفويض المعنى، لكان الصواب أن يقولوا:
أمروا لفظها..
- ومما تعلق به المخالف قول للإمام أحمد رحمه الله تعالى فيه تفويض الكيفية:
قال أبو يعلي:
" وقال – أحمد – في رواية حنبل في الأحاديث التي تروي، إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا، والله يُرى، وأنه يضع قدمه، وما أشبه بذلك: نؤمن بها ونصدق بها، ولا كيف ولا معنى! ولا نرد شيئا منها، ونعلم أن ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم حق إذا كانت بأسانيد صحيحة". إبطال التأويلات 1/45. فدليل المخالف هنا قول الإمام أحمد: " ولا كيف لا معنى"..
والرد على هذا يكون من وجوه:
1- حتى لا ينسب إلى الإمام ما لم يعتقده، لا بد من النظر في كافة الأقوال التي وردت عنه في هذا المقام، وتفسير بعضها ببعض، كيلا يحمل كلامه على غير ما قصده، أما الأخذ بقول واحد من أقواله والتغافل عن الباقي فهذا لا ريب أنه خطأ منهجي، وهذا الملاحظ على المخالفين، حيث يتشبثون بكلمة أو كلمتين عن إمام من الأئمة لترويج مذهبهم، دون أن يكلفوا أنفسهم دراسة كل ما ورد عنهم في هذا الباب، ولو فعلوا وكانوا ذوي إنصاف وتجرد للحق لوجدوا الأمر خلاف ما يظنونه.. ولأجل هذا سنتبع هذا المنهج في البحث، لننظر في الكلمات التي وردت عن الإمام أحمد في هذا المقام، ونقارنها بالكلمة السابقة لنرى مدى التوافق والتخالف..
هل بالفعل الإمام يرى تفويض المعنى؟.
- عن يعقوب بن بختان قال: سئل الإمام أبو عبدالله عمن زعم أن الله لم يتكلم بصوت، قال:
بلى يتكلم سبحانه بصوت.. المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة 1/302.
هل يمكن للمفوض للمعنى أن يثبت أن الله تعالى يتكلم بصوت؟..
الجواب: لا، إن الإمام هنا يثبت أن الله تعالى يتكلم بصوت، وهذا إثبات للمعنى، أما الكيفية فمجهولة..
- وفي رواية حنبل قال أحمد: "يضحك الله، ولا نعلم كيف ذلك؟".. المسائل والرسائل 1/315.
أليس في هذا دلالة على أنه يفوض الكيفية دون المعنى؟… فلم يقل فيه: لا نعلم معنى ذلك؟.
- وقال يوسف بن موسى: قيل لأبي عبدالله: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا، كيف شاء من غير وصف؟. قال: نعم.. المسائل والرسائل 1/348.
قوله: " من غير وصف".. أي من غير تكييف.. ولم يقل من غير معنى، بل أثبت المعنى، وهو النزول.
- قال أحمد في حديث: ( خلق آدم على صورته)، لانفسره، كما جاء الحديث.. إبطال التأويلات 1/80.
فقوله هنا:" لا نفسره" أي لا نتكلم في كيفيته، بل يأخذ بظاهر المعنى، وهو المعلوم، كما جاء عن أم سلمة وربيعة مالك، والإجراء على الظاهر لايكون بتفويض المعنى، لأن المفوض للمعنى لم يجره على الظاهر، بل عطل الظاهر أن يكون له معنى، وأما المثبت للمعنى المفوض للكيفية هو الذي يصح في حقه أن يقال أجراه على ظاهره.
إذن يتبين مما سبق أن القول بأن الإمام أحمد يفوض المعنى إنما هو تعلق بالمتشابهات دون حمل كلامه بعضه على بعض، وتفسير بعضه ببعض، وقد رأينا كيف أن منه ما هو صريح في إثبات المعنى وتفويض الكيفية، بل قد روى عنه الإمام ابن تيمية قولا صريحا في المسألة، هو نقيض ذلك القول تماما، قال ابن تيمية:
" وقال عبدالعزيز بن الماجشون إمام أهل المدينة وأحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى: " إنا لا نعلم كيفية ما أخبر الله به عن نفسه وإن علمنا تفسيره ومعناه" الدرء 1/207
2-من الأسس التي لا يختلف فيها اثنان، أن قول الجماعة الثقات أهل الدين والعلم مقدم على قول الفرد الواحد منهم، فلو فرضنا جدلا أن الإمام أحمد يقول بتفويض المعنى، ورأينا أن جمهور السلف يقول بإثبات المعنى وتفويض الكيفية، فلا ريب أن الأخذ بقول السلف وإجماعهم مقدم، وقد رأينا كيف أن السلف أجمعوا على ذلك، قلت: هذا إذا فرضنا أن الإمام يقول بذلك، لكن الحقيقة أن نصوصه تشهد بأنه يثبت المعنى ويفوض الكيفية..
3- تلك الرواية كانت عن حنبل، وحنبل بن إسحاق من أصحاب الإمام أحمد، قال عنه أبو بكر الخلال:
" قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بغير شيء". طبقات الحنابلة 1/143.
وقال الذهبي: " له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد ويغرب". سير أعلام النبلاء 13/52.
قال ابن القيم: "وهو كثير المفاريد المخالفة للمشهور من مذهبه، وإذا تفرد بما يخالف المشهور عنه، فالخلال وصاحبه عبدالعزيز لا يثبتون ذلك رواية، وأبو عبدالله بن حامد وغيره يثبتون ذلك رواية". مختصر الصواعق ص406
وقد رأينا أن تلك الرواية لم ترد إلا عن حنبل، بل نفس تلك الرواية وردت عنه لكنها خالية من لفظة: "لا كيف ولا معنى".. فقد روى اللالكائي في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/453 قال:
" قال حنبل ابن إسحاق قال: سألت أبا عبدالله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله ينزل إلى السماء الدنيا)، فقال أبو عبدالله: نؤمن بها ونصدق بها، ولا نرد شيئا مما جاء منها إذا كانت أسانيد صحاح، ولا نرد على رسول الله قوله ونعلم أن ما جاء به الرسول حق …".
فأنت ترى هنا أن تلك اللفظة لم ترد في هذه الرواية..
فهذا يدلك على أن الرواية نفسها فيها ما فيها من حيث شهرة حنبل بتفرده وإغرابه، وعدم إثبات طائفة من أصحاب الإمام أحمد بما انفرد به رواية عن الإمام.
وبهذا يتبين أن القول بأن مذهب السلف هو تفويض المعنى، لا ريب قول باطل، والصحيح أن السلف يفوضون الكيفية لا المعنى..
والله أعلم.
عن علي بن عيسى ان حنبلا حدثهم قال سألت ابا عبد الله عن الاحاديث التي تروى ان الله تبارك وتعالى ينزل الى السماء الدنيا|"وان الله يرى"|" "وان الله يضع قدمه" وما اشبه هذه الاحاديث فقال ابو عبد الله نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ولا نرد منها شيئا ونعلم انما جاء به الرسول حق//يحتج بعض الأشاعرة بهذه الرواية على التفويض والرد عليهم من وجوه منها مثلا ان يقال :
—اولا إسناد هذه الرواية ضعيف لأن على بن عيسى|مجهول|، وحنبل يخالف رفاقه فى بعض المسائل =قال السيوطى : "له تاريخ حسن وغيره وله عن أحمد سؤالات يأتي فيها بغرائب ويخالف رفاقه"اه*.
—وثانيا رؤية الله لا تفوض بالاتفاق ، حتى الأشاعرة لا يفوضونها فيلزمهم تفويض معنى أحاديث الرؤية
—ثالثا سياق هذه الرواية غير ثابت فقد ذكرها جماعة بسياق مختلف، ومنهم الالكائي فى اصول الاعتقاد رقم٧٧٧ ،وابن قدامة فى تحريم النظر فى كتب الكلام ص٣٩ ، وابن بطة فى الإبانة ٧/٢٤٢ ، وهذه الرواية يرويها غير واحد عن على بن عيسى ويحتمل أن يكون الاختلاف على المتن منه لانه مجهول
نصوص السلف متواترة في أن التفويض في باب الصفات عندهم هو التفويض في الكيف، دون المعنى، منها المقالة الرَّبَعِيَّةُ، والمالكية التي سارت كالمثل السائر:
"الاستواء معلوم والكيف مجهول"
قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى 5/ 34:
"وأما الصنف الثالث - وهم أهل التجهيل فهم كثير من المنتسبين إلى السنة وأتباع السلف، يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعرف معاني ما أنزل الله إليه من آيات الصفات ولا جبريل يعرف معاني الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك، كذلك قولهم من أحاديث الصفات: إن معناها لا يعلمه إلا الله. مع أن الرسول تكلم بها ابتداء، فعلى قولهم تكلم بكلام لا يعرف معناه.اهـ
وقال الإمام ابن القيم في الصواعق المرسلة 2/ 422:
"والصنف الثالث: أصحاب التجهيل: الذين قالوا: نصوص الصفات ألفاظ لا تعقل معانيها، ولا ندري ما أراد الله ورسوله، منها، ولكن نقرؤها ألفاظاً لا معاني لها، ونعلم أن لها تأويلاً لا يعلمه إلا الله، وهي عندنا بمنزلة كهيعص [مريم:1] و حم عسق [الشورى: 1-2].
وظن هؤلاء أن هذه طريقة السلف، وأنهم لم يكونوا يعرفون حقائق الأسماء والصفات..
وبنوا هذا المذهب على أصلين:
أحدهما: أن هذه النصوص من المتشابه.
والثاني: أن للمتشابه تأويلاً لا يعلمه إلا الله.
فنتج من هذين الأصلين استجهال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وسائر الصحابة، والتابعين لهم بإحسان...؛
ولازم قولهم أن الرسول كان يتكلم بذلك، ولا يعلم معناه.
ثم تناقضوا أقبح التناقض فقالوا: تجرى على ظواهرها، وتأويلها مما يخالف الظواهر باطل، ومع ذلك فلها تأويل لا يعلمها إلا الله...؛
وهؤلاء غلطوا في المتشابه، وفي جعل هذه النصوص من المتشابه، وفي كون المتشابه لا يعلم معناه إلا الله.
فأخطأوا في المقدمات الثلاث، واضطرهم إلى هذا التخلص من تأويلات المبطلين، وتحريفات المعطلين، وسدوا على نفوسهم الباب، وقالوا: لا نرضى بالخطأ، ولا وصول لنا إلى الصواب.
فهؤلاء تركوا التدبر المأمور به والتذكر، والعقل لمعاني النصوص الذي هو أساس الإيمان، وعمود اليقين.
وأعرضوا عنه بقلوبهم، وتعبدوا بالألفاظ المجردة التي أنزلت في ذلك، وظنوا أنها أنزلت للتلاوة، والتعبد بها دون تعقل معانيها وتدبرها، والتفكر فيها.اهـ
الموضوع الأصلي حول الكرسي وليس التفويض