من مات وعليه صيام لعذر شرعي؛ كمرض أو سفر أو حيض أو نفاس، لا يخلو:
إما أن يتمكن من القضاء؛ بحيث إنه كان الوقت أمامه واسعًا بعد شفائه، أو إقامته، أو طهارتها، ثم لم يقض.
وإما ألا يتمكن من القضاء؛ بحيث إنه مات قبل الشفاء، أو قبل الإقامة، أو ماتت قبل الطهارة.
ففي الحالة الأولى يصوم عنه وليُّه الأيامَ التي أفطرها؛ لحديث عَائِشَةَ ڤ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»([1]).
وفي الحالة الثانية، ليس على أوليائه شيء، لا صيام ولا إطعام؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]؛ فإذا مات قبل إدراك الأيام الأخر، فقد مات قبل زمن الوجوب، فلا يكون عليه شيء ولا على أوليائه.
قال العظيم آبادي رحمه الله: «وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَفْطَرَ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ ثُمَّ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْقَضَاءِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ الْإِطْعَامُ عَنْهُ؛ غَيْرَ قَتَادَةَ فَإِنَّهُ قَالَ يُطْعَمُ عَنْهُ، وَحُكِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ طَاوُوسَ»اهـ([2]).
فإن كان هذا المريض الذي مات ممن كان لا يُرجى بُرؤه، فعليه الإطعام عن الأيام التي يفطرها - كما تقدم - فإن مات قبل الإطعام عن هذه الأيام، أو بعضها، فعلى أوليائه الإطعام عنه.
وإن كان الذي مات عليه صوم نذر، صام عنه وليُّه؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ ﭭ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ»([3]).
[1])) متفق عليه: البخاري (1952)، ومسلم (1147).
[2])) «عون المعبود» (7/ 26).
[3])) متفق عليه: البخاري (1953)، ومسلم (1148).