مقدّمة
من خواص نبيِّنا المصطفى عليه أفضل الصّلاة و التّسليم كوكبةٌ من الرِّجال العظماء و هم صحبه رضوان الله عليهم.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلَالٌ ".
1 سيِّدنا أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه
أوصافه :
كان أبو بكر في جُملة ما وصفوه به أبيضًا تُخالطه صفرة، وسيمًا، غزير شعر الرّأس خفيف العارضين، ناتئ الجبهة ،غائر العينين، معروق الوجه نحيفا مُسترخي إزاره عنْ حقويه حمش السّاقين، ممحوص الفخذين خفيف اللّحم في سائر جسمه و كان أجنأ أي مُنْحني القامة لا يُلْحظُ عليه إنحناء و لعله كان ذلك أيام الشباب و كان أميَلُ إلى القِصَر في أغلب الظّن.
شمائله :
كان أليفًا ودودًا حسن المُعاشرة و كان مطبوعا على أفضل الصِّفات التي تتألّف له النّاس و منها التواضع و لينُ الجانبِ و مع هذه المودّة و هذه الأُلفة كانت فيه حدّة يُغالبها و لا يستعصي عليه أنْ يكبِح جماحها فقال : "...إعلموا أنَّ لي شيطانا يعتريني فإذا رأيتُموني غضِبتُ فاجتنبوني...".
و سُئل عنه ابن عبّاس فقال "كان خيرا كله على حدّة كانت فيه".
2 سيِّدنا عُمَر بن الخطّاب رضي الله عنه
أوصافه :
كان طويلاً بائن الطُّول يُرى ماشيًا كأنَّه راكب، جسيمًا صلْبًا يصرَعُ الأقوياء و يروِّضُ الفَرَسََ بغَيْرِ رِكاب أوْ يتكلّم فيُسْمِعُ السَّامع منه وفاق ما رأى من نفاذ قولٍ و فصل خِطاب.
تشهد العُيون كما تشهد القُلوبُ أنّه لمِن معدِن العظمة، أو معدِنِ العبقرية و الإمتياز بين بني الإنسان و كان أعسَرْ يسِرًا يعمل بكلتا يديه و كان أصلع خفيف العارضين.
شمائله :
كان كما وصفَه غُلامُه و قدْ سأله بلال و كيف تجِدُون عُمَر فقال خير النّاس إلاّ أنّه إذا غضب فهو أمْرٌ عظيم.
و كان سريعَ البُكاء إذا جاشت نفسه بالخُشُوع بيْن يدي الله، و أثَّر البُكاء في صفحتي وجهه حتى كان يُشاهد فيهما خطَّان أسودان.
ومنْ فَرْطِ حسِّه و توفُّر شُعوره أنَّه كان يميِّز بيْن بعْضِ المذوقات و المشمومات التي لا يَسْهُلُ التّمييزَ بينها، سقاه غُلامُه ذاتَ يومٍ لبَنًا فأنكَرَهُ فسأله ويحك منْ أينَ هذا اللّبن قال الغُلامُ إنّ النّاقة انفلت عليها ولدُها فشرب لبنها فحلبتُ لك ناقةً منْ مالِ الله.
و كانت له فراسةٌ عجيبة نادرة يعتمد عليها و يرى منْ لم ينفعه ظنُّه لمْ تنفعه عينُه.
يوصَفُ عمَرُ بالعبقرية إذا نظرنا إلى أعماله و لا غرْو فقد قالل عنه النّبي صلّى الله عليه و سلّم "لمْ أر عبقريا يفري فريه..."
3 سيِّدنا عثمان بن عفّان رضي الله عنه
أوصافه :
كان رَبْعة لا بالقصير و لا بالطّويل، حسَنَ الوَجْه مُشْرِفَ الأنْفِ، بِوجنتيه نَكَتَات منْ أثَرِ الجَدْري رقيق البشْرة أسمَر اللّون، كثير الشَّعر، له جمة أسفل أُذُُنيه و به صلْعٌ مع طولٍ في لِحيَته و غزَارَة في عارِضَيه و كان خفيفَ الجِسْم، و لكنّه لم يَكُنْ بضعيفه و لا معروقه بلْ كان ضخمَ الكراديس بعيدٌ ما بيْن المنكبين.
شمائله :
فقدْ أجمع واصفوه على أنّه كان عذْبَ الرُّوح حُلْو الشّمائل مُحَبَّبا إلى عارفيه و قدْ وصفه أبو بكر عندما قال له "ويْحك يا عُثمان إنّك رجُلٌ حازم ما يخفى عليك الحقُّ من الباطل"
و اشتهر بشمائل السّماحة و الجود و أسْلَم فكان منْ أفقه المُسْلِمين في أحكام الدِّين و أحفظهم للقرآن و السُنَّة و روى عنْ النّبي عليه أفضل الصّلاة و السّلام قرابة مائة و خمسين حديثًا. قال محمّد بنسيرين وهو يتكلّم عنْ الصّحابة"كان أعلمُهم بالمناسك عثمان وبعده ابن عمر"
و كان أقرب الصّحابة إلى مجرى الحوادث فكان من سُفراء الإسلام في غيْر موقف من مواقف الخلاف و الوفاق و اعتمد عليه النّبي عليه السّلام في تدوين الوحي و اعتمد عليه الصِّدِّيق في كتابة الوثائق الهامة و منها الوثيقة التي عهد فيها بالأمْرِ لخليفته الفاروق.
كما أنّ معرفته بالأخبار و الأنساب وسياحته في البِلاد كالشام و الحبشة زوَّدته بزادٍ حسنٍ من مادة الحديث مع ذوي الكمال من الرِّجال قال عبدُ الرّحمان بن حاطب ما رأيتُ أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلّم "كان إذا حدّث لا أتمَّ حديثًا و لا أحسن من عثمان بن عفّان إلاّ أنّه كان رجُلا يهاب الحديث".
4 سيّدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه
صفاته:
قال واصفوه أنّه كان أميْل إلى القِصَر آدم أيْ أسمَرْ شديد الأدمة، أصْلَع مُبيضّ الرّأس و اللّحية طويلها، ثقيل العينَيْن في دعْجٍ و سِعَةٍ، حسَن الوجْه واضح البشاشة أغْيَد كأنّما عُنُقُه إبريق فضّة عريض المنكبين لهما مشاش كمشاش السّبع الضاري لا يتبيّن عضدُه من ساعده قدْ ادمِجَت ادماجًا و كان أبْجر- أي كبير- البطن يميل إلى السِّمنة في غيْرِ إفراطٍ، ضخم عظلة السّاق دقيقُ مُستدقِّّها، ضخم عضلة الذِّراع دقيقُ مُستدقِّها، شثْنَ الكفّين، يتكفّأُ في مشْيَتِه على نحْو يُقارب مِشْيَة النَّبي و يقدُمُ في الحرْبِ فيقدُمُ مُهرولاً لا يلوي على شيئ. فكان كما تدلُّ صفاتُه على قوة جسدية بالغة في المكانة و الصّلابة على العوارض و الآفات.
شمائله :
و كان إلى قوته البالغة، شُجاعًا لا ينهض له أحدٌ في ميدان مُناجزة، فكان لجُرأته على الموت لا يهاب قرْنًا من الأقران بالغًا ما بلغ من الصولة و رهبة الصَّيْت. و كانت النّخوة طبْعًا في عليّ فُطِر عليه، و أدَبًا من آداب الأسرة الهاشمية نشأ فيه.
وقال له النّبي عليه السّلام "أما ترضى أن تكون منِّى بمنزلة هارون من موسى غير أنَّه لا نبي بعدي".