جزاكم الله خيرا وزادكم من فضله
يقول المنفلوطي في كتابه: (النظرات): (صـ 32 - 33): (أن خير ما ينتفع به الأديب من أدبه أن يترك يوم وداعه لهذه الدنيا صفحة يقرأ فيها الناظرون في تاريخه من بعده من أبنائه وشيعته وذوي رحمه صورة نفسه، ومضطرب آماله، ومسرح أحلامه، فإذا كان كل شأنه في حياته أن يكون مرآة تتقلب فيها مختلفات الصور أو وفيعة تتمسح بها أعواد الأقلام كان خسرانه عظيما لا يقوم به كل ما يربح الرابحون من مال أو يؤثلون من جاه، والتاريخ أضن من أن يحفظ بين دفتيه من مجد الأدباء إلا مجد أولئك الذي يودعون نفوسهم صفحات كتبهم، ثم يموتون وقد تركوها نقية بيضاء من بعدهم، وحياة الكاتب بحياة كتابته في نفوس قرائها، ولا تحيا كتابة كاتب سيعلم الناس من أمره بعد قليل أنه يكذبهم عن نفسه وعن أنفسهم، وأنه روَّاغ متخلّج يأمرهم اليوم بما ينهاهم عنه غدًا، ويرى في ساعة ما لا يرى في أخرى، وأنه يستبكى ولا يبكي، ويسترحم ولا يرحم، ويحرك النفوس وهو ساكن، ويثير الثائرة وهو سالم، فيستريبون به، ويحارون في مصادره وموارده، ثم يحملون أمره على شر حاليه، ثم ينقطع ما بينهم وبينه).
يقول المنفلوطي في كتابه: (النظرات): (صـ 31): (فذلك ما تراه في رسائل النظرات منتثرًا ههنا وههنا قد شعر به قلبي، ففاض به قلمي من حيث لا أكذب الناس عن نفسي، ولا أكذب نفسي عنها، ولو كان بي أن أكذبهم لكذبتهم فيما يرضيهم، وما أعلم أني أتحظاهم به، وأنال به الأثرة الخالدة في نفوسهم).
وفقكم الله
في جامع بيان العلم وفضله: (1/ 249):
292 - وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ بِخَطِّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْحَضْرَمِيُّ، نا أَبُو الطَّاهِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: سَمِعْتُ مُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبِي، وَأَنَا بِالْكُوفَةِ: (يَا بُنَيَّ اشْتَرِ الْوَرَقَ وَاكْتُبِ الْحَدِيثَ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ يَبْقَى وَالدَّنَانِيرَ تَذْهَبُ).
قال الدكتور عبد العزيز الحربي في ختام كتابه: [خاطرات: (صـ 175)]: (هذه التّصانيف التي يكتبها المرء كالآباء والأبناء الذين قال الله فيهم: (لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا) [النساء : 11]
فربما حضرت النّية في أحدها ، وصدق الإخلاص فيه ما لم يصدق في غيره؛ فنال به ثوابَ الدنيا، وحسن ثواب الآخرة، وحسنت عاقبته).
"سنرحل ويبقى الأثر"
"اللهم أحسن خاتمنا ، واجعل عاقبة أمرنا إلى خير ،
وتوفنا على الإيمان ، اللهم توفنا وأنت راض عنا غير غضبان ،
واغفر لنا جميع الذنوب والأخطاء والعصيان ،
وأدخلنا الجنة بغير حساب ولا عذاب ،
إنك على كل شيء قدير".
قال الدكتور رمضان عبد التواب: (ولقد تبين لي بعد ربع قرن من الزمان، في علاج النصوص القديمة، وتحقيقها، ونشرها؛ أن معرفة هذا الفن أمر لا يستغنى عنه كل من عالج نصًا من هذه النصوص القديمة؛ في بحث، أو دراسة، أو نشر؛ وقديمًا قالوا:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ...
وأنا أقول: لا يعرف الشوق إلا من يخوض هذا الميدان الصعب، ميدان تحقيق النصوص، ولقد ظن بعض أدعياء العلم أن تحقيق النصوص ونشرها عمل هين سهل، وما درى هؤلاء أن المحقق الأمين قد يقضي ليلة كاملة في تصحيح كلمة، أو إقامة عبارة، أو تخريج بيت من الشعر، أو البحث عن عَلَم من الأعلام في كتب التراجم والطبقات ...). [مناهج تحقيق التراث: (صـ 3)].
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
هنيئا لمن كان قلمه طوع قلبه وبنانه !!!
قال بعض البلغاء: (أُحذركم من التقعير والتَعمُّق في القول وعليكم بمحاسن الألفاظ والمعاني المستخفة والمستملحة، فإن المعنى المليح إذا كُسي لفظًا حسنًا وأعاره البليغ مخرجًا سهلًًا كان في قلب السامع أحلى ولصدره أملأُ). [جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب: (1/ 19)].
قال البستي:
إذا انقادَ الكلام فقدْهُ عفوًا ... إلى ما تشتهيه من المعاني
ولا تُكـرِه بَيَانَك إن تأبَّى ... فلا إكراه في دين البيـان