روى مسلم عن عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ([1]).
وفي «الصحيحين»، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ([2]).
وفي لفظ عند أحمد: قالت عائشة: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْلِطُ الْعِشْرِينَ بِصَلَاةٍ وَنَوْمٍ، فَإِذَا كَانَ الْعَشْرُ شَمَّرَ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ([3]).
وقولها: «وشد المئزر»: اختلف العلماء في معنى «شد المئزر» فقيل: هو الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته ﷺ في غيره ومعناه: «التشمير في العبادات» يقال: شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له وتفرغت، وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات.
وكان النبي ﷺ يعتكف هذه العشر؛ كي يتفرغ للعبادة.
ففي «الصحيحين»، عَنْ عَائِشَة رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ([4]).
وذلك الاجتهاد من النبي ﷺ في هذه العشر؛ لأن فيها ليلة القدر، التي قال الله تعالى عنها: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)﴾ [القدر: 1- 5].
أي: أن العبادة في هذه الليلة خير من عبادة ألف شهر.
ومن قام هذه الليلة عُفِر له ما تقدم من ذنبه؛ ففي «الصحيحين»، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([5]).
[1])) أخرجه مسلم (1175).
[2])) متفق عليه: أخرجه البخاري (2024)، ومسلم (1174).
[3])) أحمد (25136).
[4])) متفق عليه: أخرجه البخاري (2026)، ومسلم (1172).
[5])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1901)، ومسلم (760).