أولاً: الفوائد العقدية
حقيقة الإيمان
كَانَ الناسُ أُمَّةً وَاحِدَةً عَلَى الْإِيمَانِ وَدِينِ الْحَقِّ دُونَ الْكُفْرِ بِاللهِ وَالشِّرْكِ بِهِ
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 2133].
دَلِيلُ الْقُرْآنِ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً، إِنَّمَا كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً عَلَى الْإِيمَانِ وَدِينِ الْحَقِّ دُونَ الْكُفْرِ بِاللهِ وَالشِّرْكِ بِهِ..
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ -جَلَّ وَعَزَّ- قَالَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا يُونُسَ: { وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُون} [يونس: 19] فَتَوَعَّدَ -جَلَّ ذِكْرُهُ- عَلَى الِاخْتِلَافِ لَا عَلَى الِاجْتِمَاعِ، وَلَا عَلَى كَوْنِهِمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..
وَلَوْ كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ قَبْلَ الِاخْتِلَافِ كَانَ عَلَى الْكُفْرِ ثُمَّ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِانْتِقَالِ بَعْضِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْوَعْدُ أَوْلَى بِحِكْمَتِهِ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ- فِي ذَلِكَ الْحَالِ مِنَ الْوَعِيدِ؛ لِأَنَّهَا حَالُ إِنَابَةِ بَعْضِهِمْ إِلَى طَاعَتِهِ، وَمُحَالٌ أَنْ يَتَوَعَّدَ فِي حَالِ التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَيَتْرُكُ ذَلِكَ فِي حَالِ اجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ.