بيان تحريم الصدقة الواجبة على آل البيت
قال الجصاص رحمه الله في (أحكام القرآن): " وقال مالك لا تحل الزكاة لآل محمد، والتطوع يحل. وقال الثوري: لا تحل الصدقة لبني هاشم ولم يذكر فرقا بين النفل والفرض. وقال الشافعي: تحرم صدقة الفرض على بني هاشم وبني المطلب ويجوز صدقة التطوع على كل أحد إلا رسول الله r".أهـ
وقال ابن عبد البر رحمه الله في (التمهيد):" أما الصدقة المفروضة فلا تحل للنبي r ولا لبني هاشم ولا لمواليهم لا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك، إلا أن بعض أهل العلم قال: إن موالي بني هاشم لا يحرم عليهم شيء من الصدقات وهذا خلاف الثابت عن النبي r".أهـ
وقال ابن قدامة رحمه الله في (المغني):"لا نعلم خلافا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة".أهـ
وقد تقدم النقل عنه في موالي بني هاشم: أنهم لا يعطون منها.
وقال العيني رحمه الله في (شرح أبي داود):"قال الخطابي: أما النبي r فلا خلاف بين المسلمين أن الصدقة لا تحل له، وكذلك بنو هاشم في قول أكثر العلماء".
ثم قال رحمه الله: ذكر في " شرح الآثار" للطحاوي، عن أبي حنيفة: لا بأس بالصدقة كلها على بني هاشم، والحرمة في عهد رسول الله r للعوض وهو خمس الخمس، فلما سقط ذلك بموته حلت لهم الصدقة.
وذكر في غيره: أن الصدقة المفروضة والتطوع محرمة على بني هاشم في قول أبي يوسف ومحمد، وعن أبي حنيفة روايتان فيها، قال الطحاوي: وبالجواز نأخذ" أهـ.
وقال ابن حزم رحمه الله في (المحلى): ولا يحل لهذين البطنين ـ بني هاشم وبني المطلب ــ صدقة فرض ولا تطوع أصلا، لعموم قوله r:"لا تحل الصدقة لمحمد ولا لآل محمد". فسوّى بين نفسه وبينهم"أهـ ـ
وقال الصنعاني رحمه الله في (سبل السلام) عند حديث عبد المطلب :" وهو دليل على تحريم الزكاة على محمد r وعلى آله، فأما عليه r فإنه إجماع وكذا ادعى الإجماع على حرمتها على آله أبو طالب وابن قدامة، ونقل جوازٌ عن أبي حنيفة، وقيل: إن منعوا خمس الخمس.
والتحريم هو الذي دلّت عليه الأحاديث، ومن قال بخلافها قال متأولا لها ولا حاجة للتأويل، وإنما يجب التأويل إذا قام على الحاجة إليه دليل".أهـ
وقال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار) : "قال ابن قدامة: لا نعلم خلافا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة، وكذا قال أبو طالب من أهل البيت، حكي ذلك عنه في البحر، وكذا حكى الإجماع ابن رسلان.
وقد نقل الطبري الجواز عن أبي حنيفة، وقيل عنه: تجوز لهم إذا حرموا سهم ذوي القربى، حكاه الطحاوي ونقله بعض المالكية عن الأبهري منهم. قال في الفتح: وهو وجه لبعض الشافعية.
وحكى فيه أيضا عن أبي يوسف أنها تحل من بعضهم لبعض لا من غيرهم، وحكاه في البحر عن زيد بن علي والمرتضى وأبي العباس والإمامية. وحكاه في الشفاء عن ابني الهادي والقاسم العياني.
قال الحافظ: وعند المالكية في ذلك أربعة أقوال مشهورة: الجواز، المنع، وجواز التطوع دون الفرض، عكسه. والأحاديث الدالة على التحريم على العموم ترد على الجميع. وقد قيل: إنها متواترة تواترا معنويا".أهـ
وقال رحمه الله في (السيل الجرار): " أقول: الأدلة المتواترة تواترا معنويا قد دلت على تحريم الزكاة على آل محمد وتكثير المقال وتطويل الاستدلال في مثل هذا المقام لا يأتي بكثير فائدة"أهـ
وقال صديق خان رحمه الله في (الروضة الندية) : أقول: الأحاديث القاضية بتحريم ذلك عليهم قد تواترت تواترا معنويا، ولم يأت من خادع نفسه بتسويغها بشيء ينبغي الالتفات إليه، بل مجرد هذيانٍ هو عن الحق بمعزل".أهـ
قال أبو أيوب عفا الله عنه: قد تقدم تحرير القول بأن آل البيت الذين تحرم عليهم الصدقة هم بنو هاشم فقط، وأن بني المطلب وإن شاركوا بني هاشم في خمس الخمس فإنهم لا يشاركونهم في تحريم الصدقة عليهم، وأن أزواج النبي r من آله، وأن موالي بني هاشم لهم حكم مواليهم فتحرم عليهم الصدقة.
وسيأتي تحرير القول في أن الصدقة المحرمة عليهم تشمل الفريضة والتطوع لا فرق بين ذلك، وأن من فرّق فلا حجة له على ذلك وليس له برهان ثابت.
وسيأتي تحرير القول أيضا في أن الصدقة تحرم على بني هاشم ومواليهم سواء أعطوا من خمس الخمس أو لم يعطوا، هذا ما دلت عليه الأدلة وقرره العلماء المحققون، وهو الأحوط لمن استبرأ لدينه وعرضه، وخاف سخط الله ومقته، وبالله التوفيق.
من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)