تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أهمية الدعاء للانتصار على الأعداء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    34

    Lightbulb أهمية الدعاء للانتصار على الأعداء

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ففي ظل هذه التطورات الخطيرة التي تحدث في عالمنا الإسلامي وفي ظل هذه الكوارث العظيمة التي تحل بمجتمعاتنا وأهالينا في أنحاء المعمورة ، وفي ظل تكالب الأعداء من كل حدب وصوب، وفي ظل تخاذل الأمم والدول، أضحت الأمة الإسلامية ممزقة مشرذمة لا حول لها ولا قوة ، وإنك لتقف مكتوف الأيدي مبهوتا لا تدري أين تولي ولا بمن تستنصر، ومعلوم أنه إذا أغلقت كل الأبواب فإن بابا واحدا سيظل مفتوحا ألا وهو باب الدعاء دعاء رب الأرض والسماء دعاء الحي القيوم من بيده ملكوت كل شيء ومن بقدرته تحويل الموازين ونصرة المستضعفين، كيف لا والله تعالى يقول :"ادعوني أستجب لكم " هذا في عموم الأحوال وتتأكد الاستجابة في حال الضيق والشدة حتى بلغت أن استجاب الله دعوة غير المسلمين قال تعالى:" وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67)" الإسراء
    هذا وقد أصبحنا نسمع من يهون من شأن الدعاء وينكر على الناس إكثارهم منه ، ويعيب عليهم اللجوء إليه، مع أنهم هذا ما يستطيعون فعله وتقديمه لإخوانهم في مشارق الأرض ومغاربها نعم إعداد القوة المادية أمر مطلوب شرعا ولكن الكلام الآن في ظل هذا الضعف الذي ابتليت به الأمة الإسلامية حتى أضحت تتفرج على جيرانها منتظرة دورها ، وكم استجاب الله من دعوة كان من ورائها الفتح المبين.
    الدعاء في حد ذاته عبادة
    قال النبي صلى الله عليه وسلم" الدعاء هو العبادة "وعليه فدعاء المسلم لإخوانه عبادة يؤجر عليها حتى لو لم يحصل المطلوب ففيها تقرب لله تعالى يحصل رضاه سبحانه، وفيه بيان أن المسلم متذكر لإخوانه مستحضر حالهم محس بمآسيهم .
    الله تعالى يأمر عباده بطلب النصر منه .
    إذا كان النصر من عند الله العزيز الحكيم فقد أمر الله عباده المؤمنين أن يطلبوا منه النصر، وأن يستغيثوا به سبحانه، وأن يلحوا في الدعاء فإنه سبب للثبات والنصر على الأعداء، قال تعالى عن طالوت وجنوده: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:250]، فكانت النتيجة؛ {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} [البقرة من الآية:251].

    قال الله تعالى: {أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة من الآية:286].

    وشأن المولى أن ينصر مولاه، وفيه إيذان بتأكيد طلب إجابة الدعاء بالنصر، لأنّهم جعلوه مرتّباً على وصف محقّق، ألا وهو ولاية الله تعالى للمؤمنين، قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا} [البقرة من الآية:257]. وفي حديث يوم أحد لَمَّا قال أبو سفيان: "لَنا العُزّى ولا عُزَّى لكم"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا تجيبوه، قولوا الله مولانا ولا مولَى لكم»، ووجه الاهتمام بهذه الدعوة أنّها جامعة لخيري الدنيا والآخرة؛ لأنّهم إذا نصروا على عدوهم، فقد طاب عيشهم وظهر دينهم، وسلموا من الفتنة، ودخل الناس في دين الله أفواجاً.

    وقال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:146-148].

    وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:45-46].

    والمعنى: إذا لقيتم جماعة كافرة فاثبتوا لقتالهم، والثبات هو أن يوطنوا أنفسهم على لقاء العدو وقتاله ولا يحدثوها بالتولي والفرار، وكونوا ذاكرين الله عند لقاء عدوكم ذكراً كثيراً بقلوبكم وألسنتكم.

    فأمر الله عباده المؤمنين وأولياءه الصالحين أن يذكروه في أشد الأحوال وذلك عند لقاء العدو وقتاله، وفيه تنبيه على أن المؤمن لا يجوز أن يخلو قلبه ولسانه عن ذكر الله.

    وقيل: المراد من هذا الذكر هو الدعاء بالنصر على العدو، وذلك لا يحصل إلا بمعونة الله تعالى، فأمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يسألوه النصر على العدو عند اللقاء.

    وعن النعمان بن مقرن رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يقاتل في أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر" (أخرجه أبو داود في الجهاد، والترمذي في السير، وقال: "حديث حسن صحيح"، والحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي)، وفي البخاري: "انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات".
    (تهب الأرواح) جمع ريح. (تحضر الصلوات) يعني بعد زوال الشمس وذهاب شدة الحر حتى يطيب القتال ويسهل على المقاتلين]


    وفي فتح فارس قال النعمان رضي الله عنه للجند: "يا أيها الناس، اهتز ثلاث هزات، فأما الهزة الأولى فليقضي الرجل حاجته، وأما الثانية فلينظر الرجل في سلاحه وسيفه، وأما الثالثة فإني حامل فاحملوا فإن قتل أحد فلا يلوي أحد على أحد، وإن قُتلت فلا تلووا عليّ، وإني داع الله بدعوة فعزمت على كل امرئ منكم لما أمَّن عليها، فقال: اللهم ارزق اليوم النعمان شهادة تنصر المسلمين، وافتح عليهم"، فأمَّن القوم، وهز لواءه ثلاث مرات، ثم حمل فكان أول صريع رضي الله عنه وفتح الله على المسلمين.

    وفي الآية مع الأمر بالذكر والدعاء الأمر بطاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم، والأمر بالصبر والثبات، والنهي عن التنازع والفرقة والشتات المؤدي إلى الهزيمة والضعف.

    وقال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9].

    قال أَبُو زُمَيْلٍ: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَاسْتَقْبَلَ نَبي اللَّهِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ»، فَمَازَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِي اللَّهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ}، فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلاَئِكَة ِ"، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: "فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهم إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ فَجَاءَ الأَنْصَارِي فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: «صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ»، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ" (رواه مسلم).

    وفي صحيح مسلم: "باب اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ بِالنَّصْرِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ"، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قَالَ: "دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَحْزَابِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ» .

    قال القحطاني: "إن من أعظم وأقوى عوامل النصر الاستغاثة بالله وكثرة ذكره؛ لأنه القوي القادر على هزيمة أعدائه ونصر أوليائه، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]، وقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60]، وقال: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}.

    وقد أمر الله بالذكر والدعاء عند لقاء العدو، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45]، لأنه سبحانه النصير، فنعم المولى ونعم النصير؛ {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آلِ عمران من الآية:126]، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه في معاركه ويستغيث به سبحانه، فينصره ويمده بجنوده، ومن ذلك قوله: «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، مجري السحاب، هازم الأحزاب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم، وانصرنا عليهم».

    وكان يقول عند لقاء العدو: «اللهم أنت عضدي، وأنت نصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أُقَاتِل».

    وكان إذا خاف قوماً قال: «اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم».

    وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد عليه السلام حين قال له الناس: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ}، وهكذا ينبغي أن يكون المجاهدون في سبيل الله تعالى؛ لأن الدعاء يدفع الله به من البلاء ما الله به عليم" (الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى للقحطاني).

    التحذير من ازدراء الدعاء
    قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى :
    أتهزأ بالدعاء وتزدريه ... وما تدري بما صنع الدعاء
    سهام الليل لا تخطي ولكن ... لها أمد، وللأمد، انقضاء
    نعم صدق والله إنها سهام الليل التي لا تخطي كما جاء في صحيح الجامع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"«اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنكولو بعد حين» .
    إن الدعاء هو سلاح المؤمن وازدراؤه والتقليل من شأنه خطر عظيم لأن الله أمرنا به ووعدنا الاستجابة وهو سبحانه ناصر المستضعفين
    وفي صحيح البخاري:" عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ رَأَى سَعْدٌ - رضى الله عنه - أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ ». تحفة 3935
    قال ابن بطال:" وتأويل ذلك أن عبادة الضعفاء ودعاءهم أشد إخلاصًا وأكثر خشوعًا؛ لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا وزينتها وصفاء ضمائرهم مما يقطعهم عن الله فجعلوا همهم واحدًا؛ فزكت أعمالهم، وأجيب دعاؤهم قال المهلب: إنما أراد (صلى الله عليه وسلم) بهذا القول لسعد الحض على التواضع ونفى الكبر والزهو عن قلوب المؤمنين. ففيه من الفقه أن من زها على ما هو دونه أنه ينبغى أن يبين من فضله ما يحدث له فى نفس المزهو مقدارًا أو فضلا حتى لا يحتقر أحدًا من المسلمين؛ ألا ترى أن الرسول أبان من حال الضعفاء ما ليس لأهل القوة والغناء فأخبر أن بدعائهم وصلاتهم وصومهم ينصرون. وذكر عبد الرزاق، عن مكحول أن سعد بن أبى وقاص قال: (يا رسول الله، أرأيت رجلا يكون حامية القوم ويدفع عن أصحابه ليكون نصيبه كنصيب غيره؟ فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) -: ثكلتك أمك يا ابن أم سعد، وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) . فيمكن أن يكون هذا المعنى الذى لم يذكره البخارىفى حديث سعد الذى رأى به الفضل لنفسه على من دونه والله أعلم .
    قال النووي رحمه الله في رسالة وجهها للسلطان في شأن الفقهاء حين منعهم من التنقل بين المدارس والمساجد
    وقد أحاطت العلوم بما أجاب به الوزير نظام الملك حين أنكر عليه السلطان ترك الأموال الكثيرة في جهة طلبة العلم، فقال: أقمت لك بها جنداً لا ترد سهامهم بالأسحار؛ فاستصوب فعله وساعده عليه.
    وذكر بدر الدين محمود العيني ت٨٥٥هـ - في عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان ،المجلد الرابع ص٢٢٨-٢٢٩
    في عام ٧٠٢هـ اجتمع مشايخ دمشق وفقهاؤها وصلحاؤها وقضاتها بالجامع الأموي ، ووطنوا أنفسهم على الموت ، وكشفوا رؤوسهم يتضرعون إلى الله تعالى ويبكون ، ولم يزالو كذلك إلى أن طلع الفجر ، ولاحت للناس مواكب العدو وجحافله ، وقد رجعوا عن دمشق وركبوا أعالي الغوطة ، ففرحت الناس لذلك وعلموا أن الله قد استجاب دعائهم ورحمهم، فلما رأت أهل دمشق ذلك حمدوا الله تعالى ، واستمروا مقيمين في الجامع مشتغلين بالدعاء والقنوت في الصلوات.


    إنَّ حاجة المسلم إلى ربِّه دائمة، فهو - سبحانه - الرزَّاق ذو القوة المتين، وما يُصيب العباد من النَّعماء والخير، فبفضله، ولا يمسُّهم شيء من الأذى والعَنت، إلاَّ بِعلمه وحكمته، ولا يُرفع إلاَّ بإذنه؛ ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].

    ولا غنى للمسلم عن الضراعة واللجوء إلى خالقه في كلِّ حال وفي كلِّ زمان، أمَّا في زمن الفتن وضِيق الحال، وتقلُّب الأمور، فإن الحاجة تزيد، فالعبد ضعيف بنفسه مَهْما أُوتِي من قوة وبأْسٍ، وإن المتأمِّل في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحواله، ليرى منه - صلى الله عليه وسلم - العجب في تعلُّقه بربِّه واللجوء إليه، والإلحاح على الله بالدعاء والطلب، وعدم اليأس، مع أن دعاءَه مُجابٌ، ورغبته مُحقَّقة، أمَّا عند مُدلهمَّات الأمور، ومفارق الطرق، ومضايق الأحوال، فإن نبيَّنا - صلى الله عليه وسلم - يلجأ إلى ربِّه، ويُلِحُّ عليه في المسألة؛ حتى إنَّ أصحابه - رضي الله عنهم - ليُشفقون عليه ويَرحمونه من شدَّة تضرُّعه وسؤاله؛فكيف بنا وقد لطخنا أنفسنا بصنوف الذنوب والمعاصي واشتدت الأحوال وتأزمت الأوضاع فيجدر بنا أن تلح ونلح في الدعاء عسى الله أن يرفع الضر والبلاء عن إخواننا المستضعفين .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,413

    افتراضي

    الشكوى لله عبادة:
    فالشكوى إلى الله - عزَّ وجلَّ - عبادة المبتلَيْنَ المكروبين، البائِسين المحزونين؛ قال الله - عزَّ وجلَّ - على لسان نبيِّه يعقوب - عليه السلام -: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ ﴾ [يوسف: 86]، وقال عن نبيِّه موسى - عليه السلام -: ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24]، وقال عن نوح - عليه السلام -: ﴿ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا ﴾ [نوح: 5]، وقال عن أيوب - عليه السلام -: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83].
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,557

    افتراضي

    بارك الله فيكم،،
    اللهم كن لإخواننا من أهل السنة في سوريا والعراق واليمن، وسائر ديار الإسلام، اللهم اجعل لإخواننا في سوريا والعراق واليمن من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا وانصرهم على عدوك وعدوهم اللهم هازم الأحزاب منزل الكتاب عليك بالرافضة المعتدين.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •