على خلاف بين أهل العلم، وسبب الخلاف في هذه المسألة حديث رواه الترمذي عن سَمُرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن لكل نبي حوضًا، وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردةً، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردةً) . الترمذي (2443) وصححه الألباني في الصحيحة (1589) .
وهذا الحديث اختُلِف في وصله وإرساله ، ومن ثَمَّ في صحته وضعفه ، فمَن أثبته قال : إن الحوض ليس خاصًّا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومَن ضعَّفه قال بالخصوصية .
قال الحافظ ابن حجر :
المُرسَل أخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح عن الحسن ؛ فالحديث مرسل ، فمَن يعمل بالمرسل من الفقهاء ، فقد رأى أن الحديث صحيحٌ وثابت ، والاستدلال به جائز ، ومَن كان لا يقبلُ المُرسَل ، أو لا يعمل به، أو لم يَثبُت لديه هذا الحديث - وهو مذهب المحدِّثين - فلا يثبت، وعليه فلا يُثبِت لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - حوضًا إلا أن يصح النقل من غير هذه الطريق.
وقال أيضًا جمعًا بين القولين : فإن ثبت فالمختصُّ بنبينا - صلى الله عليه وسلم - الكوثر يصب ماؤه في حوضه، فإنه لم ينقل نظيره لغيره ، فوقع الامتنان عليه به في الصورة المذكورة .
قلتُ: يشير إلى حديث عن أنس - رضي الله عنه - قال: بَيْنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا ؛ إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفع رأسه متبسمًا، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: ((أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورة))، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3] ، ثم قال : ((أَتَدْرُون ما الكوثر؟))، فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه نهرٌ وَعَدَنِيه ربي - عز وجل - عليه خيرٌ كثير، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيتُه عدد النجوم، فيُختَلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول: ما تدري ما أحدثتْ بعدك)) . مسلم (921)، وأبو داود (4749)، وأحمد (12322).