س:ما هو فضل ليلة القدر؟
ج: ذكر الله لهذه الليلة الكريمة في سورة «القدر» جملة فضائل فمن ذلك ما يلي:

أن الله سبحانه وتعالى أنزل هذه السورة باسم هذه الليلة تفخيمًا وتعظيمًا لشأنها ثم عظَّم شأنها أيضًا بقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}، ووصفها في آية أخرى بأنها ليلة مباركة، كما قال تعال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}.

أن العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.

أن الملائكة ومعهم جبريل يتنزلون في هذه الليلة.

أن الأمن والسلام يحل في هذه الليلة على أهل الإيمان، وتسليم الملائكة عليهم فيها.

أن من قام هذه الليلية إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ففي «الصحيح» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه».


س: متى هي ليلة القدر؟
ج: فابتداءً هي في رمضان؛ لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.
وجمهور العلماء على ذلك، والجمهور على أنها في العشر الأواخر من رمضان، وذلك لحديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث وفيه: «...فَابْتَغُوهَ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ».
والجمهور أيضًا على أنها في الوتر من العشر الأواخر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَابْتَغُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ»، ولحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ».

والأكثرون أيضًا على أنها في ليلة السابع والعشرين من رمضان؛ لحديث أُبي بن كعب في صحيح مسلم بذلك، لكنه لم يحصل إجماع على تحديد ليلة القدر بالضبط أي ليلة هي.

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»: «وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافًا كثيرًا وتحصل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولًا كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة وقد اشتركتا في إخفاء كل منهما ليقع الجد في طلبهما».

ثم ذكر الحافظ رحمه الله اقوال أهل العلم في ذلك وأدلتهم على ما ذهبوا إليه، فليرجع إليه من شاء.

س: ما معنى قوله تعال:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}؟

ج: معناها - والله أعلم - أن نزول الملائكة من السماء إلى الأرض في هذه الليلة - بل وفي كل ليلة - يكون بإذن ربهم عز وجل.
أما الروح فلأهل العلم في تأويله أقوال، أصحها - والله أعلم - أنه جبريل، وذلك لقوله تعالى:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}.

أما قوله تعالى:{مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} فله معنيان:
أحدهما: أن معنى الآية الكريمة مرتبط بما قبله، فالمعنى: تنزل الملائكة والروح في هذه الليلة بإذن ربهم بكل أمر قضاه الله وقدره في هذه السنة، كما قال تعالى:{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}.
فقوله :{مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} معناه: بكل أمر ف «من» بمعنى «بـ».
الثاني: أ، معنى الآية مرتبط بما بعده، والمعنى من كل أمر وشر هي سالمة، أي ليلة القدر آمنة من كل شر وكل مكروه ففيها تتنزل الرحمات وتحل البركات وتغشى السكينات، فهي خير كلها على المؤمنين، تتنزل الملائكة تسلم عليهم حتى مطلع الفجر، والله أعلم.

س: ما معنى قوله تعالى:{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر}؟

ج: له معنيان:
أحدهما: أن الآية مرتبطة في تفسيرها بما قبلها، فقوله:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} معناه: أن الملائكة تتنزل بالسلام ومنه التحية والتسليم، ومنه الأمن والسلامة، ثم بيَّن وقت انتهائها بقوله تعالى:{هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
الثاني: إن قوله:{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} مرتبط ببعضه فالمعنى غنها سالمة آمنة من أولها حتى مطلع الفجر.
وقوله:{مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي: طلوع الفجر.

من رسالة (( فتاوى الصيام ))