الداعية بين الأُلفة والكُلفة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبعد
قال تعالى : (( فبما رحمة من الله لنت لهم ))
وقال تعالى : لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف .
التأليف من الله تعالى ، فالقلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء ،
والقلوب ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف. والهين اللين السهل قريب من الجنة قريب من الله بعيد عن النار ،
- تحاملنا على الداعية كثيرا ولكنه هو الطبيب ، وحب التكامل من شيم السادة –
لابد للداعية في تعامله مع الناس من أُلفة منتهية النظير مهما رأى منهم .
فهمُّ الداعية أن يحول المفسد إلى فاسد في نفسه فقط بأمر الله تعالى ، ويحول الفاسد إلى صالح ، والصالح إلى مصلح .
وإذا اجتهد فالمصلح أصبح مكلفا وعلم عبء ما يحمله ،
فالكلفة تأتي من داخله ، باعث يناديه من أعماقه فتجده غاديا رائحا يحمل هم الأمة ، يفكر لها يجتهد لنهضتها ، لا ييأس و لا يمل .
فيكلف نفسه فيصلح نفسه ويدعو غيره .
فالألفة بالتحبب للناس ولين الجانب وهذا ليس خنوعا أو ذلا أو مهانة ، ولكن من باب إذا أُلِّف قلبُه كلف نفسه .
وتأليف القلوب من ورائه نية لحب الدين والتضحية له ،
فالداعية عندما يأتي بأحد للمسجد أو يرى إنسانا لم يعتد أن يدخل المسجد وجب عليه أن يلاطفه ويتحبب إليه ويلين معه الكلام ، ويكرمه ولو بسواك أو عطر
فهذه الملاطفة واللين والألفة تؤثر في الناس .
ونتذكر دائما أن ندعو الناس من حيث بدأت أنا ، لا أعامله من حيث انتهيت .
وتذكر أول يوم دخلت المسجد
تذكر كيف عاملك الناس بلطف آنذاك وأنت تعلم الصلاة وتتعلم قراءة القرآن فالمرء لا يولد عالما ، ولم نخرج من بطون أمهاتنا علماء ولكن الآن صرت معلما للقرآن فكن رفيقا .
تعامل مع الناس خاصة الجدد من نقطة الصفر ارفق بهم .فالبداية مهمة للمدعو والانطباع الأول يدوم .
فاحرص أن تكون جذابا للمسجد مجلابا للدعوة بالجدد ولا تكن منفرا منفّرا .
تحضرني قصة رجل أسلم في رمضان ، فقابله شيخ وقال له عليك صيام وصلاة وكذا وكذا ، فقال الرجل أهذا الإسلام إذا لا أطيقه وارتد المسكين ،
وآخر عندما أسلم أصر شيخ المركز الإسلامي أن يختتن فرفض الرجل وقال لا أسلم قال له الشيخ : إذا أنت مرتد تقتل ،
هذه ليست فطنة ولا حكمة الدعوة ، فالداعي يستخدم التدريج مع الناس، والرحمة تملأ قلبه والداعية هو القلب الحاني على الناس جميعا شفيقا رحيما رؤوفا وفقنا الله لما فيه الخير وجعلنا الله من أهله
وصل اللهم على محمد وآله
عادل الغرياني .