قال أبو فهر رحمه الله:
"ما ظنّك إذا كان شيء مثل لويس عوض، وأشباه له كثر، قد استُخدموا لينبثّوا في كلّ ناحية من حياتنا الأدبيّة والثقافية والاجتماعية، وكلٌّ منهم في لباس يتنكّر فيه، ليؤدّي مهمّة هو مكلّف بها طبقا لدراسة مخطّطة، تأتي في مواقيت بعينها، مندسّة في الانتفاضات الكبرى، لتقضي أربها من القضاء على كل انتفاضة أو تحويلها عن صحيح أهدافها أو تعويقها عن السير في الطريق الذي كان ينبغي أن تسير فيه إلى غايتها؟ أمن العبث عندئذ أن أقف متمهّلا أدلّك على مواطئ أقدام الفتّاك والخبثاء، وعلى مسارب كالتي وصفها المتنخّل الهذلي إذ يقول:
كأنّ مزاحِفَ الحيّات فيه ... قُبيلَ الصُبحِ آثارُ السياطِ
وإنها لحيّات ليل مظلم لا يُشفى لها لديغ.."
أباطيل وأسمار، الصفحة 200.
ذكرى أبي فهر
1. كأنك لم تَبِت في حِفظِ ثَغرٍ، ... أبا فِهرٍ، بميدان الرباطِ
2. ولم تَقذِف بها في الأزْم نفسا ... تَقَحَّمُ في المهالكِ والوِراطِ
3. تُجشّمُها المكارِهَ كالحاتٍ ... وتجلو الرانَ عن وَضَحِ الصِراطِ
4. إذا النهج السويّ انبثّ فيه ... ثعابينُ الخِلابة والغِلاطِ
5. فمِن مترصّدٍ بين الثنايا ... وصِلّ بارزٍ للناس ساطي
6. (كأنّ مَزاحِفَ الحيّات فيه ... قُبيلَ الصبح آثارُ السياطِ)
7. نبذتَ إليهمُ رقشاءَ تسعى ... من العُور المذرَّبة السِلاطِ
8. فمِن لَقفٍ هنالك مستحِرّ ... بأبناء اللكيعةِ واستراطِ
9. تركتَ "فتى المبشّر" مسلحبّا ... كما خرّ اللكيمُ على البساطِ
10. إذا سرَّحتُ في "الأسمار" طرفي اغـتبطتُ بفعلكم أيَّ اغتباطِ
11. وكنتَ إذا تنكّبها رجال ... مضيتَ بعزم أروعَ مستشاطِ
12. أنرتَ إلى "ثقافتنا" "طريقا" ... مشى الماشون منه على صراطِ
13. فأبصَرَ في سناكم كلُّ سارٍ ... وقَصَّرَ عن مداكم كلُّ خاطي
14. ومُعضِلةٍ يظلّ القوم منها ...بمشتبِك الطرائق ذي اختلاطِ
15. نفذتَ بصائبات الرأي فيها ... نفاذَ السِلك في سَمّ الخياطِ
16. سقى جدثا حللتَ به وروّى ... ديارَك كلُّ ودق ذي انحطاطِ
17. لكنتَ الليثَ نافَحَ عن حِماه ... "وبعضُ القوم ليس بذي حياطِ"
.