يبدو أن ابن خلدون رحمه الله قد اقتبس فكرة كلامه من شيخه أبي عبد الله المقري
فقد قال المقري [ كما في المعيار المعرب 2/ 479 ]:
(( ولقد استباح الناس النقل من المختصرات الغريبة أربابها، ونسبوا ظواهر ما فيها إلى أمهاتها، وقد نبه عبد الحق في تعقيب التهذيب على ما يمنع من ذلك لو كان من يسمع، وذيلت كتابه بمثل عدد مسائله أجمع، ثم تركوا الرواية فكثر التصحيف، وانقطعت سلسلة الاتصال، فصارت الفتاوى تنقل من كتب لا يدرى ما زيد فيها مما نقص منها؛ لعدم تصحيحها وقلة الكشف عنها، ولقد كان أهل المائة السادسة، وصدر السابعة لا يسوغون الفتوى من تبصرة الشيخ أبي الحسن اللخمي؛ لكونه لم يصحح على مؤلفه، ولم يؤخذ عنه، وأكثر ما يعتمد اليوم ما كان من هذا النمط، ثم انضاف إلى ذلك عدم الاعتبار بالناقلين، فصار يؤخذ من كتب المسخوطين كما يؤخذ من كتب المرضيين، بل لا تكاد تجد من يفرق بين الفريقين، ولم يكن هذا فيمن قبلنا، فلقد تركوا كتب البراذعي على نبلها ولم يستعمل منها على كره من كثير منهم غير التهذيب الذي هو المدونة اليوم لشهرة مسائله، وموافقته في أكثر ما خالف فيه ظاهر المدونة لأبي محمد. ثم كلّ أهل هذه المائة عن حال من قبلهم من حفظ المختصرات وشق الشروح والأصول الكبار، فاقتصروا على حفظ ما قل لفظه ونزر حظه، وأفنوا عمرهم في حل لغوزه وفهم رموزه، ولم يصلوا لرد ما فيه إلى أصوله بالتصحيح، فضلا عن معرفة الضعيف والصحيح، بل حل مقفل وفهم أمر مجمل، ومطالعة تقييدات زعموا أنها تستنهض النفوس، فبينا نستكثر العدول عن كتب الأئمة إلى كتب الشيوخ، أتيحت لنا تقييدات للجهلة بل مسودات المسوخ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فهذه جملة تهديك إلى أصل العلم وتريك ما غفل عنه الناس. ))